09-سبتمبر-2019

يحتج مديرو التربية اليوم على وضعيتهم المهنية التي تجعلهم يتأرجحون بين الوزارة والنقابات (صورة أرشيفية/ جباري/ أ ف ب)

 

في الوقت الذي لوّح فيه الكاتب العام للجامعة العام للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي بعودة مدرسية صعبة في حال عدم إيفاء الجكومة بتعهّداتها، تسعى الجمعية التونسية لمديري النظار والتربية إلى تنفيذ تحرّكات من أجل المطالبة بسلك إداري مستقل.

ويحتج مديرو التربية اليوم على وضعيتهم المهنية التي تجعلهم يتأرجحون بين الوزارة والنقابات دون أن أي إصلاحات أو صلاحيات، وهو ما يدفع ببعضهم إلى الاستقالة في كثير من الأحيان وخير دليل على ذلك الاستقالات الجماعية لمديري  ونظار إعداديات ومعاهد في أكثر من محافظة.

اقرأ/ي أيضًا: العودة المدرسية.. أزمة في المدارس الخاصة وأولياء حائرون

المدير كبش فداء..

ومن المنتظر أن تنفّذ الجمعية التونسية لمديري ونظار التربية تحرّكات للمطالبة بإطار قانوني واضح لمديري المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية، وستكون هذه التحرّكات بمعزل عن الجامعة العامة للتعليم الثانوي، وفق ما أفاد به رئيس الجمعية محمد بن فرح.

وقال بن فرح، في تصريح لـ"ألترا تونس"، إن موقف الجمعية سيكون صارمًا إذ أنها لن تنخرط في أي تحرّك احتجاجي للنقابات ما لم يكن الحديث عن سلك مستقل للمديرين مضمنًا في اللوائح المهنية، على حدّ تعبيره، مشيرًا إلى أنه ليس من مصلحة الوزارة أو الأطراف الاجتماعية أن يكون للمدير سلك مستقل.

محمد بن فرح (رئيس جمعية مديري ونظار التربية): ضرورة النظر في وضعية المدير لأن صلاحياته الآن تظل حبرًا على ورق

وبيّن أن هذه الخطوة تضمن حسن تسيير المؤسسة التربوية والحفاظ على استقلاليتها وتحسين أدائها، وفق قوله، مضيفًا "المؤسسات التربوية اليوم تعيش حالة غير مستقرة تنعكس على أدائها، وهي تتخبّط في واقع فوضوي رهيب يهدد مستقبل الأجيال ودور المؤسسة التربوية في تنشئتها والسبيل الوحيد إلى عودة المؤسسة التربوية هو إنفاذ القانون في ظل تغول المطالبة بالحقوق على القيام بالواجبات".

وتابع بالقول " سلطة الإشراف دائمًا ما تلجأ إلى حلول ترقيعية وهو ما يجعل أزمة التعليم في تونس تتفاقم في ظل وضعية قانونية غير واضحة تجعل من المدير كبش فداء في الصراعات بين الوزارة والنقابات"، لافتًا إلى أن المديرين يطالبون بسلك مستقل يتم بناء عليه محاسبتهم على الأخطاء الأخلاقية والإدارية والمالية بموجب الوظيفة العمومية لا أن يتم عزلهم وإرجاعهم إلى وضعيتهم الأولى أي أساتذة، ومبرزًا أن النقابات رافضة للتحاور في هذه النقطة، وفق تعبيره.

وبيّن أن الجمعية التونسية لمدير ونظار التربية تحاورت مع وزارة التربية في هذا الخصوص وقدّمت مشروع قانون للوزارة ولكن لم تنظر فيه على اعتبار الأزمة التي شهدتها السنة الماضية والتي كادت تهدد السنة الدراسية، على حد قوله.

وأكّد محدّثنا ضرورة النظر في وضعية المدير لأن صلاحياته الآن تظل حبرًا على ورق في ظل اصطدامه بوضع إداري ونقابي سيء لا يترك له مجالًا لتنفيذ القانون، وق تصريحاته.

خطّة مهمّشة..

من جهتها، اعتبرت مديرة "إعدادية سيدي الهاني" بسوسة منية الديماسي أن خطة المدير مهمشة من سلطة الإشراف، مشيرة إلى وجود إشكال قانوني على اعتبار أن المدير هو أستاذ مكلّف.

ولفتت الديماسي، في تصريح لـ"ألترا تونس"، إلى أنّها لم تواجه أي إشكاليات منذ توليها خطّة الإدارة لكنّها تريد أن تتضح صلاحيات المدير لتمكن من التسيير الجيد للمؤسسة خاصة بعد الانفلات الحاصل بعد الثورة، على حد تعبيرها، مبينة أن مطالبة الجمعية التونسية لمديري ونظار التربية بسلك مستقل خلق بعض التوتر مع النقابات التي من مصلحتها أن يظل المدير بصفة أستاذ مكلّف، الأمر الذي انجرت عنه هرسلة بعض المديرين، حسب تعبيرها.

اقرأ/ي أيضًا: رغم الاستعدادات لموسم الفيضانات.. المواطنون متخوّفون!

منية الديماسي (مديرة مدرسة إعدادية) لـ"ألترا تونس": تم اتهام بعض المديرين بالوشاية فقط لأنهم قاموا بمهامهم الإدارية

وأشارت إلى أنّه تم اتهام بعض المديرين بالوشاية فقط لأنهم قاموا بمهامهم الإدارية ورفعوا التقارير اليومية إلى الوزارة، ملاحظة أنه من الضروري إفراد المديرين بسلك خاص حتّى لا يتأرجح الأستاذ بين الإدارة وزملائه وحتّى يتمكّن من التسيير الجيّد للمؤسسة في ظل تفاقم أزمة التعليم العمومي، ومؤكّدة ضرورة التمسّك بهذا المطلب في التفاوض مع وزارة التربية.

وتابعت بالقول "طيلة 3 سنوات دراسية قضيتها في إعدادية سيدي الهاني لم أواجه إشكالًا كبيرًا في علاقتي بالنقابة أو الوزارة، وأقوم بمهامي الإدارية ولا أدافع عن الخطأ ولكن التجارب تتمايز من من جهة إلى أخرى فبعض الزملاء تعرضوا إلى الهرسلة من الوزارة ومن النقابة".

ولفتت محدّثتنا إلى أن المدير يواجه عدّة ضغوطات يومية ويعمل لساعات طويلة دون وجود قانون يضبط امتيازات هذه الخطة أو سلم التأجير، على حدّ قولها.

إرهاق وضغوطات..

أما عضو الهيئة المديرة للجمعية التونسية لمديري ونظار التربية رتيبة صالحي اعتبرت أن المدير هو الحلقة الأضعف في المنظومة التربوية، مشيرة إلى أنّه يتعامل مع كل الجهات من إدارة ونقابات وأساتذة وتلاميذ وأولياء.

وقالت صالحي، في تصريح لـ"ألترا تونس"، إنّ كثرة المسؤوليات المنوطة بعهدة المدير تمنعه من التفرغ نحو تطوير المؤسسة ومزيد العناية بالجوانب الثقافية والترفيهية، لافتة إلى أن المدير لا يتمتع بعطلة صيفية واضحة ومحددة، وفق تقديرها.

رتيبة صالحي (عضو جمعية مديري ونظار التربية): حاجة المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية إلى هيكلة تنظيمية جديدة في ظل ما يتعرّض له المدير من ضغوطات مختلف النقابات

وأشارت محدّثتنا التي تشغل خطّة مديرة إعدادية سيدي علي بن عون بسيدي بوزيد إلى أنّ التوقيت الإداري الأسبوعي غير واضح الملامح  وأن المدير على ذمة المؤسسة كامل اليوم مما يسبب له التعب والإرهاق، وفق تعبيرها.

وأضافت " المدير محروم من بعض المنح والامتيازات التي يتمتع بها غيره من الموظفين وأجره ضعيف بالمقارنة مع العمل اليومي المرهق، وهو المسؤول الأول، قانونًا، على الشؤون  المالية والبيداغوجية والإدارية وكل ما يحدث في المؤسسة التربوية من عنف أو سرقة أو تحرش جنسي أو تقصير في الخدمات أو تجاوز في أي مجال من مجالات الحياة المدرسية.

وأكّدت حاجة المدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية إلى هيكلة تنظيمية جديدة في ظل ما يتعرّض له المدير من ضغوطات مختلف النقابات ما جعله "ضعيفًا دون إرادة أو مبادرة"، على حدّ تعبيرها.

وتابعت بالقول " المدير مطالب بالإعداد والإنجاز والمتابعة والتدقيق والمراقبة والإمضاء على جميع الوثائق المتداولة داخل المؤسّسة أو الصادرة عنها دون استثناء، مما يُرهق كاهله، أما عن بقية الأعوان العاملين في المؤسّسة التّربوية فكأنّهم "متفرّجون" ".

رغم الدور الهام الذي يؤديه المدير في المؤسسة التربوية، يبدو أن هذا المنصب مازال متجاهلًا من قبل سلطة الإشراف والأطراف المعنية، الأمر الذي يجعل المديرين يعملون في ظروف صعبة وتحت ضغوطات كبيرة ويدفعهم في نهاية المطاف إلى الاستقالة من مناصبهم، في ظل غياب خطة شاملة تُعنى بهم وبتحسين ظروف عملهم وبالتالي لتطوير المؤسسات التربوية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"في بيتهم وحش".. قصص عن اغتصاب أطفال من ذوي القربى

قصص أمّهات يكرهن البحر... العدوّ الذي ابتلع فلذات الأكباد