30-مارس-2020

يطالب مواطنون مصابون بالذئبة الحمراء بحقهم في الحياة عبر توفير دواء "بلاكينيل" (صورة تقريبية/ getty)

 

"وينو الدواء" حملة أطلقتها الراحلة لينا بن مهنّي، وها هي اليوم تستمدّ شرعيّة بعثها من صرخات مواطنين مصابين بمرض الذئبة الحمراء "lupus " يطالبون بحقهم في الحياة عبر توفير دواء "بلاكينيل" (plaquenil 200) الذي يخفف أوجاعهم.

ولئن غادر جسد بن مهني هذه الأرض، وهي التي كانت تعاني من الذئبة، فإنّ روحها ظلّت ترفرف في حملة "وينو الدواء" وفي المجموعة الخاصة "le lupus, parlons en" حيث يلتقي المصابون بهذا المرض ويبثون شكواهم من فقدان دوائهم في الصيدليات.

وإن رحلت لينا فإنها مازالت حيّة في حضور والدها الصادق بن مهنّي الذي لم يدّخر جهدًا لإيصال صوت المصابين بهذا المرض وإيجاد حلّ يجنّبهم البحث عن الدواء، وفي حضور رفيقتها رفيقة المنتصري التي تبذل من وقتها ومجهودها لتوصل صرختهم إلى أبعد مدى.

اقرأ/ي أيضًا: "أحكيلي".. منصّة مساعدة نفسية لمواجهة "الكورونافوبيا"

صرخة من أجل الحق في الحياة

في جهات مختلفة من الجهورية التونسية، تتعرّض حياة مواطنين ومواطنات إلى الخطر بسبب عدم حصولهم على الدواء من الصيدليات التي يتعاملون معها حيث يقطنون، وهم يعانون من أمراض مناعية كما الذئبة تسبب هشاشة العظام وتشوّهها.

وإلى حدّ كتابة هذه الأسطر، مازال المرضى يتساءلون عن دوائهم المفقود في الصيدليات حتّى قبل الإعلان عن الحجر الصحّي العام، الإجراء الذي ازداد معه الأمر تعقيدًا إذ أن أغلب الحالات تعيش في المناطق الداخلية وتبعد عنها المستشفيات التي تضمّ دكاترة في الطب الباطني.

وفي حديثه مع بعض المصابين بمرض الذئبة الحمراء، سجّل "ألترا تونس" الوضعية النفسية السيئة لهؤلاء المواطنين الذين يرتادون الصيدليات يوميًا دون جدوى ليسمعوا نفس الجملة "اتصلوا بالصيدلية المركزية"، وبتكثيف المجهودات والتواصل مع الصيدلية المركزية وجدوا أنفسهم أمام إجراءات جديدة من المستحيل تحقيقها في ظل الوضع الراهن.

سيرين (تعاني من مرض الذئبة الحمراء): البعض ظهرت عليهم أعراض هيجان المرض لأنهم لم يتحصّلوا على الدواء في ظل الحجر الصحي

وفي فترة حجر صحي شامل يمنع فيه تنقل المواطنين إلا بترخيص، يجد هؤلاء المواطنين نفسهم أمام إجراءات تتطلّب وصفة طبّية جديدة وتقريرًا من طبيب أمراض باطنية للحصول على دوائهم، الأمر الذي جعل البعض يلتزم منزله ويستسلم لأوجاعه، في ظل عدم التفاعل معهم.

وفي شهادتها عن فقدان دواء "بلاكينيل"، تقول إحدى المصابات بمرض الذئبة إنّها سلّمت الصيدلية حيث تقطن وصفة طبّية يعود تاريخها إلى غرة فيفري/ شباط الفارط، وهي تعود إلى آخر موعد مع دكتور الطب الباطني بمستشفى الرابطة، وفيها أدوية لمدّة أربعة أشهر في انتظار ان تعوده مرّة أخرى في غرّة جوان/ حزيران المقبل.

وبتوجّه الصيدلانية إلى الصيدلية المركزية، طلبوا منها وصفة طبّية بتاريخ جديد وتقريرًا طبيًا جديدًا، وهو ما جعلها تكفّ عن زيارة الصيدلية منذ أسبوع والاعتكاف بالمنزل نظرًا إلى تدهور حالتها الصحّية واستحالة زيارتها للطبيب في ظل الحجر الصحي الشامل.

 

وبين آلام العظام والمفاصل والخوف من التقاط عدوى فيروس كورونا، في ظل نقص المناعة، وضغط التنقل بين الصيدليات، يعيش المريض بالذئبة الحمراء يومه، حتّى أن أحدهم يقول في حديثه لـ"ألترا تونس" إن الخطر بات يتربص بصحّة المصابين بهذا المرض من كل صوب وإنّه يحمّل مسؤولية تعكّر صحتهم لوزارة الصحّة.

ووسط الشعور بالتمييز في الحق في الصحّة الذي عبّر عنه الكثير من المصابين بهذا المرض، الذي يأتي على المناعة، خرجت المواطنة سيرين ثابت عن صمتها وأعلنت مرضها للعموم في تدوينة على صفحتها بموقع فيسبوك، إذ تقول إنّه لمن العيب أن تسحب وزارة الصحّة دواء يعيش به مرضى الذئبة الحمراء وتوزّعه على المستشفيات دون تحديد قائمة لمرضى جهاز المناعة.

وفي حديثها عن وضع هذه الفئة من المواطنين التي أغفلتها الدولة في حربها على "كورونا"، تشير إلى أن البعض ظهرت عليهم أعراض هيجان المرض لأنهم لم يتحصّلوا على الدواء في ظل الحجر الصحي ولاستحالة تنقلهم نظرًا لكونهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس.

 

وأمام صرخات المصابين بمرض الذئبة الحمراء، الذين أنهكهم السؤال عن دواء "بلاكنيل" الحيوي جدًّا لمرضهم، والمفقود من شدّة التهافت عليه بعد رواج معلومات بخصوص قدرته على علاج فيروس كورونا، أعلنت الصيدلية المركزية أنه سيكون متوفّرًا في الصيدليات بداية من يوم الأحد التاسع والعشرين من مارس/ آذار الجاري، وفق ما أوردته إذاعة موزاييك.

اقرأ/ي أيضًا: كيف استعدت أقسام الاستعجالي لتقبل المصابين بكورونا؟.. أطباء يجيبون

حملة "وينو الدواء" متواصلة

ورغم إعلان الصيدلية المركزية عن توفير الدواء ابتداء من يوم الأحد، إلا أن الناشطة في المجتمع المدني التي تقود حملة "وينو الدواء" زمن الكورونا، رفيقة منتصري، تؤكّد أن الحملة متواصلة إلى حين الإعلان في بلاغ رسمي عن توفير "بلاكينيل" في كل الصيدليات ضمانًا لوصوله لكل المريضات والمرضى.

وفي حديثها مع "ألترا تونس"، تطالب منتصري باتخاذ إجراء مبسط وشفاف يضمن لمرضى المناعة الذاتية حصولهم على دوائهم دون إجبارهم على التنقل للمستشفيات لتجديد وصفاتهم الطبية وجلب تقارير محينة نظرًا لتهديد التنقّل لسلامتهم دون اعتبار أن بعض المناطق معزولة بسبب انتشار فيروس كورونا.

رفيقة (ناشطة في المجتمع المدني) لـ"ألترا تونس": مشكلة مرضى المناعة الذاتية تتمثل في أن الصيدليات التي تعودوا اقتناء الدواء منها وصلتها تنبيهات تتعلق بعدم تسليم الدواء إلا بتوفر وصفة طبية محينة وتقرير

ومشكلة مرضى المناعة الذاتية تتمثل في أن الصيدليات التي تعودوا اقتناء الدواء منهم وصلتها تنبيهات تتعلق بعدم تسليم الدواء إلا بتوفر وصفة طبية محينة وتقرير، إذ تم رفض وصفات بتاريخ فيفري/ شباط ومارس/ آذار 2020، ولم يتمكنوا من الدواء رغم أنهم يستعملونه منذ سنوات، وفق قول منتصري.

ويوميًا، تتلقّى محدّثتنا، وفق قولها، رسائل تصوّر معاناة المصابين بمرض الذئبة الحمراء في رحلة بحثهم عن الدواء وسط صمت الجهات المعنية، الأمر الذي تعتبره جريمة عنوانها "تعريض حياة الآخرين للخطر"، ومن غير المستبعد أن ترفع قضية بالمسؤولين عنها في حال تواصل الوضع على ما هو عليه الآن، على حدّ تعبيرها.

نداء لوزير الصحة ولرئيس الجمهورية

وفي الأثناء توجّه الناشطة في المجتمع المدني رفيقة منتصري نداءات يومية لوزير الصحة ولرئيس الجمهورية من أجل ضمان حق التونسيين والتونسيات ممن يعانون من أمراض تسبب نقص المناعة في الحياة من خلال توفير دوائهم.

وفيما يلي نص النداءين متتاليين:

نداء لوزير الصحة: حياة مرضى الذئبة في خطر... نريد حلا السيد وزير الصحة، هناك فئة من التونسيات والتونسيين ممن يعانون من...

Posted by Menerva Akifar Monta on Tuesday, March 24, 2020

نداء من مواطنات ومواطنين يهمهم الشأن العام إلى السيد رئيس الجمهورية وجميع السلطات العمومية نحن مواطنات ومواطنون شد...

Posted by Menerva Akifar Monta on Thursday, March 26, 2020

 

اقرأ/ي أيضًا:

في زمن الحرب الصامتة.. "الجيش الأبيض" يتحدّى كورونا

أين ذوي الإعاقة من إجراءات مكافحة "كورونا"؟