24-نوفمبر-2022
جرجيس

أيوب عمارة: "ملف مفقودي جرجيس في عمقه يتعلق بتكريس ثقافة الإفلات من العقاب" (حسن مراد/DeFodi Images)

الترا تونس - فريق التحرير

 

نظمت مجموعة من النشطاء الحقوقيين، مساء الأربعاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بتونس العاصمة، تضامنًا مع أهالي جرجيس في تحركاتهم من أجل "كشف الحقيقة" على خلفية غرق مركب للهجرة غير النظامية وفقدان راكبيه في ظروف اعتبروها "مسترابة" ودفن عدد منهم من قبل السلط دون إجراء تحاليل جينية على جثثهم ودون إعلام عائلاتهم.

رفع المتظاهرون صورًا للمفقودين وشعارات تندد بتعاطي السلط مع الملف وتطالب بكشف الحقيقة، على غرار "الحقيقة لعائلات المفقودين"، "لا عدالة= لا سلام"، "جثث عائمة وأرواح هائمة.. عبث الدفن ودولة الاحتقار"

ورفع المتظاهرون صورًا للمفقودين وشعارات تندد بتعاطي السلط مع الملف وتطالب بكشف الحقيقة، على غرار "جرجيس 18/18 من أجل كشف الحقيقة"، "لا عدالة= لا سلام"، "جثث عائمة وأرواح هائمة.. عبث الدفن ودولة الاحتقار"، "الحقيقة لعائلات المفقودين" وغيرها من الشعارات.

وقال الناشط السياسي أيوب عمارة، في كلمة له خلال الوقفة التضامنية، إن "أهالي جرجيس لم يطالبوا لا بتنمية ولا بتشغيل ولا بمستشفى ولا بمدرسة.. هم لم يطلبوا سوى الحقيقة".

وأضاف عمارة: "لا أمل لي في رئيسٍ على بعد 80 كيلومترًا من جرجيس يفتتح القمة الفرنكوفونية من أجل التطبيع الثقافي، بينما أهالي جرجيس يضربون بالغاز المسيل للدموع"، مردفًا القول: "الآن لم يعد مطلب أهالي جرجيس كشف الحقيقة فحسب، وإنما أيضًا رد الاعتبار إليهم"، على حد قوله.

أيوب عمارة: "لا أمل لي في رئيسٍ على بعد 80 كيلومترًا من جرجيس يفتتح القمة الفرنكوفونية من أجل التطبيع الثقافي، بينما أهالي جرجيس يضربون بالغاز المسيل للدموع"

واستطرد قائلًا إن "أهالي جرجيس يقولون للرئيس التونسي قيس سعيّد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين وهذه الدولة المجرمة إن أبناءهم قُتلوا بفعل فاعل، لأن طريقة دفنهم في جنح الظلام تدل على أنها محاولة لإخفاء معالم الجريمة"، حسب ما نقله.

وخلص الناشط السياسي أيوب عمارة، في هذا الصدد، إلى أن "ملف مفقودي جرجيس في عمقه يتعلق بتكريس ثقافة الإفلات من العقاب"، وفق تقديره.

ومن جهته، ندد رئيس جمعية "الأرض للجميع" عماد السلطاني، في كلمة له خلال الوقفة ذاتها، بتعاطي السلطة مع الملف، معلقًا: "أهالي جرجيس لم يجدوا إلا التجاهل من هذه الدولة.. كانوا يعتقدون أنهم سيجدون من يصغي إليهم لكنهم جوبهوا بالغاز المسيل للدموع".

رئيس جمعية "الأرض للجميع": عندما توفيت ملكة بريطانيا سارع الرئيس إلى سفارة المملكة بتونس لتقديم العزاء، لكنه لم يكلف نفسه عناء تقديم العزاء لعائلات المفقودين من أبناء بلده

كما استنكر ما اعتبره "تقصير" الرئيس في التعامل مع ملف المفقودين، قائلًا: "عندما توفيت ملكة بريطانيا سارع إلى سفارة المملكة بتونس لتقديم العزاء، لكنه لم يكلف نفسه عناء تقديم العزاء لعائلات المفقودين من أبناء بلده"، وفق تعبيره.

يذكر أن عددًا من متساكني جرجيس، الجمعة 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في مسيرة سلمية سيرًا على الأقدام في اتجاه جزيرة جربة قبل يوم من انطلاق القمة الفرنكوفونية المنعقدة 19 و20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في حركة احتجاجية رمزية للمطالبة بانعقاد مجلس وزاري خاص بملف مفقودي جرجيس، إلا أن قوات الأمن اعترضت طريق المسيرة على مستوى مفترق طريق الزيتون الذي يسبق الجسر الفاصلة بين مدينة جرجيس وجزيرة جربة، وعمدت إلى استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، كما اعتقلت عشرات الشباب المحتجين، ليتم إطلاق سراحهم بعد ساعات من الإيقاف وفق ما أكده نشطاء بالمنطقة.

وفي تعليقه على ذلك، كان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد قال، في تصريح إعلامي، "صبرًا قليلاً يا أهل جرجيس وعزاء لعائلات الشهداء"، مضيفًا "أعتبرهم من الشهداء لأنهم ضحايا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية"، مستدركًا القول: "لكن هناك من يعمل من أجل مآرب أخرى.. من يريد أن يُتاجر ببؤس ومصائب وأحزان المواطنين ليصل إلى مآرب سياسية يعلمها الجميع فلن يصل إليها"، وفق تعبيره.

يشار إلى أن جرجيس تشهد طيلة الأسابيع الأخيرة سلسلة من التحركات احتجاجية، إثر فقدان 18 من أبنائهم بعد غرق قارب للهجرة غير النظامية منذ 21 سبتمبر/أيلول 2022 والتفطن لدفن جثامين عدد منهم في مقبرة "الغرباء" دون إجراء تحاليل جينية لها.