05-مايو-2023
 وزيرة الصناعة والطاقة نائلة نويرة القنجي

وزيرة الصناعة والطاقة (قبل إقالتها): "الحكومة منكبّة على دراسة فرضيات منظومة الدعم وستتوضح تواريخ الزيادات التي قد يتم إقرارها على المحروقات"

 

أعلنت الرئاسة التونسية بشكل مفاجئ، ليل الخميس 4 ماي/أيار 2023، عن أمر رئاسي يقضي بإقالة وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، وذلك دون تقديم أي توضيح لأسباب الإقالة أو من سيعوّض نويرة في منصب مهم في الحكومة التونسية.

إقالة وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، وذلك دون تقديم أي توضيح لأسباب الإقالة أو من سيعوّض نويرة في منصب مهم في الحكومة التونسية

 

 

بالعودة للسويعات الأخيرة قبل إعلان الإقالة، يُمكن فهم ما قد تكون أسباب وسياقات هذه الإقالة لوزيرة عٌرفت بنشاطها مقارنة بوزراء آخرين في حكومة نجلاء بودن.

كان من الواضح أن لا علم للوزيرة السابقة بالإقالة خلال يوم الخميس، كان يومًا حافلاً بأنشطة عدة بالنسبة لها والتي تم الإعلان والحديث عنها مع ممثلي وسائل إعلام، مبدية مواقف من مسائل لاحقة، وهذا ليس غريبًا عن سياسة السلطة الحالية في تونس إذ سبق أن علم مسؤولون بإقالاتهم وهم بصدد مزاولة عملهم أو من قبل وسائل الإعلام كما حصل مع والي صفاقس السابق.

كان من الواضح أن لا علم للوزيرة السابقة بالإقالة خلال يوم الخميس، وهذا ليس غريبًا عن سياسة السلطة الحالية إذ سبق أن علم مسؤولون بإقالاتهم وهم بصدد مزاولة عملهم أو من قبل وسائل الإعلام

 

 

أشرفت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، الخميس، على وضع حجر الأساس لإنشاء مصنع جديد لمعدات السيارات بجهة الفجة، يمتد على مساحة 126 ألف متر مربع بالمنطقة الصناعية "نيو بارك الفجة" ويشغّل 1500 شخص، كما  تم الإعلان للصحفيين.

وتمت تغطية الحدث بشكل موسع من الإعلام المحلي الذي نقل عن الوزيرة المذكورة قولها، مساء الخميس، أن "الحكومة شارفت على الانتهاء من إعداد برنامج توجيه الدعم إلى مستحقيه/رفع الدعم وخاصة فيما يتعلق بالمحروقات".

وزيرة الصناعة والطاقة (قبل إقالتها): "الحكومة منكبّة على دراسة فرضيات منظومة الدعم وستتوضح تواريخ الزيادات التي قد يتم إقرارها على المحروقات"

ونقل عنها القول إن "الحكومة منكبّة على دراسة فرضيات منظومة الدعم وفرضيات توجيهها بصفة محكمة ونحن في مراحلها الأخيرة وخلال الأيام القليلة القادمة ستتوضح تواريخ الزيادات التي قد يتم إقرارها على المحروقات".

حديث الوزيرة عن فرضيات رفع/توجيه الدعم والزيادات الممكنة على أسعار المحروقات، مع العلم وأنها من أساسيات برنامج اتفاق القرض الذي تعمل عليه الحكومة التونسية منذ فترة مع صندوق النقد الدولي، لاقت رد فعل سريع من الرئيس التونسي، وإن لم يسم الوزيرة بشكل مباشر، كما هي عادته في هذا المجال.

إبان إعلان الإقالة مباشرة، نشرت صفحة الرئاسة التونسية بموقع فيسبوك بيانًا بخصوص لقاء جمع قيس سعيّد بنجلاء بودن، رئيسة الوزراء في تونس، وورد في نص البيان أن "الرئيس أكد الدور الاجتماعي للدولة وأن تونس لن تقبل بأي إملاءات من أي جهة كانت، فالحلول يجب أن تنبع من الإرادة الشعبية التونسية وأن تكون تونسية خالصة وفي خدمة الأغلبية المفقرة التي عانت ولا تزال تعاني من البؤس والفقر"، وفق تعبيره.

سعيّد: "ليس من حق أي جهة كانت في تونس أن تتصرف خلاف السياسة التي يحددها رئيس الجمهورية.. من يريد الجلوس على مقعدين اثنين فخير له ألا يتحمّل أية مسؤولية"

وورد فيه أيضًا "وأشار سعيّد إلى أن التصريحات التي تأتي من الخارج لا تلزم إلا أصحابها وليس من حق أي كان أن يلزم الدولة بما لا يرضاه شعبها، كما ليس من حق أي جهة كانت في تونس أن تتصرف خلاف السياسة التي يحددها رئيس الجمهورية.. وشدد على أن من لا يزال في ذهنه أنه يعمل في ظل الدستور السابق فهو مخطئ في التاريخ، ومن يريد الجلوس على مقعدين اثنين فخير له ألا يتحمّل أية مسؤولية".

كان البيان الرئاسي زاخرًا بالرسائل التي فُهمت في علاقة بحديث الوزيرة عن "رفع/توجيه الدعم" والزيادات في أسعار المحروقات، وكلها ضمن برنامج الاتفاق مع الصندوق، والتي اعتبرها سعيّد سابقًا "إملاءات مرفوضة".

 

 

لكن من القراءات التي يمكن تقديمها لهذا البيان الرئاسي أيضًا أن يكون إجابة غير مباشرة بعد توقع إمضاء تونس قريبًا الاتفاق النهائي للقرض مع الصندوق، وهذه التوقعات تلت تصريحات لجهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط آسيا بالصندوق، حين قال الأربعاء إن احتياجات التمويل لتغطية برنامج تونس وُفيت، وأن السلطات نفذت بعض الخطوات اللازمة ولا يزال يتعين تنفيذها أخرى" وإن التمويل اللازم للاتفاق "يوشك أن يكتمل".

جهاد أزعور (صندوق النقد الدولي): السلطات نفذت بعض الخطوات اللازمة ولا يزال يتعين تنفيذها أخرى والتمويل اللازم للاتفاق "يوشك أن يكتمل"

يشار إلى أن إقالة نائلة نويرة القنجي ليست الأولى في حكومة نجلاء بودن، بل ومنذ مستهل هذه السنة تتالت الإقالات من قبل قيس سعيّد، دون تقديم أي توضيحات مباشرة دائمًا وإن كان يُستشف في مناسبات عديدة من السياق المحيط بالإقالة أسبابها المرجحة.

ومن هذه الإقالات نذكر، إقالة نصر الدين النصيبي، وزير التشغيل والتكوين المهني بتاريخ 22 فيفري/شباط 2023، وإقالة وزير الخارجية عثمان الجرندي، في  7 فيفري/شباط 2023، ووزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة رابحي في 7 جانفي/يناير المنقضي، ووزيري التربية والفلاحة على التوالي، فتحي السلاوتي ومحمود إلياس حمزة في ذات الشهر، كما تمت إقالة عدد من كتّاب الدولة والولاة وشخصيات في مناصب حكومية أخرى.