25-مارس-2023
 السفير الفرنسي في تونس

سفير فرنسا بتونس أندريه باران (صورة أرشيفية/أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

 

أكّد سفير فرنسا بتونس، أندريه باران، أنّ بلاده مستعدّة لتغطية حاجيات تونس الإضافية من التمويلات بعنوان سنتي 2023 و2024، وأنّ تمويلات بقيمة 250 مليون يورو متوفرة حاليًا في انتظار صرفها لتغطية الفجوة في ميزانية البلاد.

سفير فرنسا في تونس: فرنسا مستعدة لتغطية الفجوة في ميزانية تونس مقابل التنفيذ الفعلي لمخطط الإصلاحات الذي قدمته السلطات التونسية إلى صندوق النقد

وأضاف الدبلوماسي الفرنسي، لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أنّ فرنسا مستعدّة، أيضًا، لتحفيز المموّلين الدوليين بهدف دعم تونس ومساعدتها على سداد حاجياتها من التمويلات الإضافية، موضحًا أن "هذه المساعدة تبقى رهينة التنفيذ الفعلي لمخطط الإصلاحات، الذي قدمته تونس إلى صندوق النقد الدولي".

واعتبر باران أن "الوضعيّة الاقتصادية وميزانية تونس معرّضة إلى "تعقيدات جمّة"، في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي".

وتابع للوكالة الرسمية التونسية "خلال سنة 2022، قدّرت استثمارات الشركات الفرنسية الموجودة بتونس بـ 187 مليون يورو ممّا يجعل فرنسا أوّل مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس. وتوجد اليوم أكثر من ألف مؤسسة فرنسية بتونس تشغل ما بين 140 و150 ألف شخص. ورغم بعض الصعوبات المرتبطة بمناخ الأعمال، فإنّ أغلب هذه المؤسّسات شهدت نموًّا خلال الفترة المنقضية. كما تعتزم تطوير نشاطاتها خلال السنوات القادمة. وخلال الأزمة الصحيّة المتصلّة بانتشار كوفيد-19 لجأت بعض المؤسّسات إلى التقليص من عدد موظفيها. مع ذلك نجحت هذه المؤسّسات في استعادة مواطن الشغل، التّي ألغتها واستعادة مستوى نشاطها ما قبل الجائحة".

سفير فرنسا في تونس: "الوضعيّة الاقتصادية وميزانية تونس معرّضة إلى "تعقيدات جمّة" في غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي"

وأشار المتحدّث إلى أن المؤسّسات الفرنسية تبقى في مواجهة عدد من الإشكاليات المرتبطة، خاصّة، بالتشريعات الحالية المتعلّقة بالصرف والتزوّد بالمواد الأوّليّة تبعًا للحرب في أوكرانيا. ينضاف إلى ذلك الصعوبات اللوجستية بميناء رادس، الذّي يشكّل معضلة خانقة. ويكبح ذلك ليس، فقط، تطور المؤسّسات الفرنسيّة وإنّما الإقتصاد التونسي ككل".

وتابع "المؤسّسات الفرنسية في تونس منخرطة ضمن مسار المسؤوليّة المجتمعيّة والبيئية، الذّي يحتّم التقليص من البصمة الكربونيّة. عدد كبير من هذه المؤسّسات بصدد إرساء إنتاج الكهرباء باعتماد الطّاقة الفولطوضوئيّة. في حين أن تونس اليوم ليست بالقدرة الكافية للتحكم في تكنولوجيا الطّاقات المتجددة إذ يقتصر إنتاجها من الكهرباء المعتمدة على الطّاقات المتجددة على 3 بالمائة من إجمالي إنتاجها من الكهرباء"، وفق تعبيره.

واعتبر أنّ "الإطار التشريعي المنظم لإنتاج الكهرباء باعتماد الطاقات المتجددة في تونس ليس بالمثالية، التّي تسمح لهذه المؤسّسات بالمرور بسرعة نحو كهرباء خضراء. علاوة على ذلك فإنّ كبار أصحاب القرار الدوليين يفرضون، اليوم، شرط إزالة الكربون على مجمل مزوّديهم. وفي مواجهة هذا الوضع فإنّ المؤسّسات ليس لها أي خيار آخر سوى اللجوء إلى الكهرباء الخضراء ليستجيب إنتاجها إلى المتطلبات الدوليّة. وباستثناء هذه العوائق يمثل عدم وضوح الرؤيا عائقًا بالنسبة لهذه المؤسّسات. ومن شأن إبرام اتفاق مالي مع صندوق النقد الدولي أن يوفر لتونس ضمانات أكثر ورؤيا أوضح في ما يتعلّق بمسارها الاقتصادي والمالي"، حسب قوله.

سفير فرنسا بتونس: خلال سنة 2022، قدّرت استثمارات الشركات الفرنسية الموجودة بتونس بـ 187 مليون يورو ممّا يجعل فرنسا أوّل مصدر للاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس

وقدّر أندريه باران أنّ الوضع الاقتصادي وميزانية تونس معرّضة "لتعقيدات جمّة" في غياب اتّفاق مع صندوق النقد الدولي. قائلًا: "ونحن مقتنعون بعدم وجود خطة بديلة لذلك. إنّ هذا الاتفاق مهم لأنه سيمكن من تعبئة الموارد المالية اللازمة لدعم وتمويل خطة "الإصلاحات"، التّي قدمتها السلطات التونسية. من الصعب دائمًا، تنفيذ الإصلاحات ولكن في مرحلة ما، لم يعد من الممكن قبول تدهور الوضع أكثر".

وتابع "الإصلاحات، التّي ستقوم بها تونس ستكون في مصلحة اقتصادها وليس في مصلحة صندوق النقد الدولي أو الشركاء الدوليين. ولا بد من التأكيد على أن الصندوق لم يوجد لفرض أي شيء، إنه موجود لدعم برنامج الإصلاحات، الذّي تمّت بلورته ودعمه وتقديمه من قبل الحكومة التونسية. فاليوم، هذه الإصلاحات معروفة لدى الجميع. وهي تتعلّق بإصلاح المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الأجور وإصلاح نظام الدعم".

سفير فرنسا بتونس: نحن مقتنعون بعدم وجود خطة بديلة لذلك قرض الصندوق مهم لأنه سيمكن من تعبئة الموارد اللازمة لدعم وتمويل خطة "الإصلاحات"

وقال: "فيما يتعلّق بالمؤسسات العمومية، يتوقع الصندوق أن تسن السلطات التونسية قانون حوكمة المؤسسات العمومية وقد تمت المصادقة عليه من قبل المجلس الوزاري لكنه لم يصدر بعد. ويرغب صندوق النقد الدولي من تونس أن تمضي قدمًا في الرفع التدريجي لدعمها للوقود من أجل بلوغ الأسعار الفعليّة. ونذكر بقوانين المالية 2022 و 2023، إذ تعهدت الحكومة بمراجعة أسعار الوقود بالزيادة بنسبة 3 بالمائة شهريًا. ومع ذلك، لم تحدث أي زيادات منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022".

وتابع: "لا أعلم إن كان يمكن الحديث عن خطر الانهيار ولكن يوجد انشغال كبير بما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية في تونس. لا أحد يأمل أن تتردى الأوضاع أكثر في البلاد. ومثلما سبق وذكرت يمكن للوضع الحالي أن يتحسن إذا تم تنفيذ الإصلاحات اللازمة. فالمقرضون مستعدون لدعم تونس ولكنهم يريدون التأكد من أن برنامج الإصلاحات سيتم تنفيذه على أرض الواقع.  لهذا لابد من وجود إرادة سياسية على أعلى المستويات الممكنة للمساعدة على تنفيذ الإصلاحات المرجوة. ومن الجدير بالتذكير في هذا الصدد أن تونس سبق وأبرمت اتفاقي تمويل مع صندوق النقد الدولي (2014 و2017) ولكن تعذر استكمالهما بسبب عدم الوفاء ببعض الالتزامات".

سفير فرنسا بتونس: "لا أعلم إن كان يمكن الحديث عن خطر الانهيار ولكن يوجد انشغال كبير بما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية في تونس. لا أحد يأمل أن تتردى الأوضاع أكثر في البلاد"

وكشف أندريه باران "أعلمنا السلطات التونسيّة منذ أشهر أنّنا على استعداد لتوفير الحاجيات المالية الإضافية التي تحتاجها البلاد. فميزانية الدولة لسنة 2023 في تونس تظهر فجوة مالية تقدر بما بين 1،5 و 1،8 مليار دولار يجب سدها. ويعتزم صندوق النقد الدولي توفير 1،9 مليار دولار خلال أربع سنوات وهذا يعني أن القسط الأول، الذي يمكن صرفه، يقدر ب500 مليون دولار وأن هذا المبلغ لا يمكنه وحده سد الفجوة المالية في الميزانية".

وأردف: "نحن نمتلك اليوم حوالي 250 مليون يورو في انتظار صرفها ويمكن تقسيمها كالآتي: 50 مليون يورو يمكن صرفها مباشرة بعد المصادقة على القانون المتعلّق بالشركات العمومية و200 مليون يورو يبقى صرفها رهين التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. بالإضافة إلى هذه التمويلات، فرنسا مستعدة لتقديم دعم إضافي ونحن مستعدون كذلك لجعل المقرضين الدوليين يساهمون في تغطية حاجيات التمويل الإضافية لتونس".

سفير فرنسا في تونس: ميزانية تونس لسنة 2023 تظهر فجوة مالية تقدر بما بين 1،5 و 1،8 مليار دولار يجب سدها وفرنسا أعربت عن استعدادها لذلك

وختم حديثه لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، "هذا يبقى رهين إيفاء السلطات التونسية بتعهداتها إزاء صندوق النقد الدولي ومن بينها المصادقة على القانون الخاص بحوكمة المؤسسات العمومية ورفع الدعم تدريجيًا عن المحروقات. وكما سبق وذكرت لا بد من إرادة سياسية قويّة لتنفيذ الإصلاحات، التي إذا تم تنفيذها على أرض الواقع تصبح المجموعة الدولية أكثر استعدادًا لتقديم الدعم لتونس".