الترا تونس - فريق التحرير
نشر أمين عام حزب التيار الديمقراطي، نبيل حجي، الخميس 4 أفريل/نيسان 2024، تدوينة مطوّلة على صفحته الرسمية على فيسبوك، تحدّث فيها عن موقفه من الانتخابات الرئاسية 2024 في تونس، فقال إنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد "لن يقبل بإجراء انتخابات رئاسية لا يضمن مسبقًا الفوز بها"، وفقه.
نبيل حجي: قيس سعيّد نجح في إكساء حالة العبث المؤسساتي المحيطة بكل ما أتاه منذ 25 جويلية 2021 كساءً ديمقراطيًا بمجرد الإيحاء بتداول سلس على السلطة
واستغرب نبيل حجي من أن "يخوض الجميع اليوم في الحديث عن انتخابات رئاسية لا يعلم عنها أحد شيئًا"، لافتًا إلى أنه "تم استدراج الجميع من سياسيين وإعلاميين ومحللين إلى المربّع الذي رسمه لهم من يمسك بالسلطة والمتنافس المفترض الأبرز على كرسيّ الرئاسة" وفق قوله.
وأشار حجّي إلى أنّنا لا نعرف عن هذه الانتخابات الرئاسية، سوى "جملة يتيمة مبهمة صرّح بها الرئيس التونسي قيس سعيّد حين قال إنّ (الانتخابات ستتمّ في موعدها)"، مضيفًا أنّ هذه الجملة "كانت كافية لينساق الجميع للحديث وحتى للإعلان عن الترشح لهذه الانتخابات المجهولة موعدًا وقانونًا. نجح بكلّ بساطة في رفع الحرج عنه، وتسليط الضغط على المعارضة" على حد تعبيره.
نبيل حجي: المناخ السياسي لعقد الانتخابات الرئاسية يتميّز بهيئة انتخابات منصّبة، قضاء مركّع، محكمة دستورية غائبة، إعلام عموميّ مسخّر للسلطة، موصد في وجه المعارضة، معارضة وإعلام تحت سطوة المرسوم 54
واعتبر نبيل حجّي أنّ ذلك ساهم في أن "الحديث عند المعارضة تحوّل عن مرشحيها وتحالفاتها واستعداداتها وبرامجها، وحشرت في زاوية المسؤول عن الفعل وعن تغيير الواقع، في حين بقي قيس سعيّد، وهو الفاعل الوحيد وصاحب القرار الرسميّ في العمليّة الانتخابيّة برمّتها وبما يحيط بها، في منأى عن كلّ ضغط" وفق تقديره.
ولاحظ حجّي أنّ الرئيس سعيّد "نجح في إكساء حالة العبث المؤسساتي المحيطة بكل ما أتاه منذ 25 جويلية/يوليو 2021 كساءً ديمقراطيًا بمجرد الإيحاء بتداول سلس على السلطة. ساعدته في ذلك ما يسمى بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والتي لا تملك في الحقيقة من أمر الانتخابات الرئاسية قرارًا".
وذكّر أمين عام حزب التيار الديمقراطي، أنه "منذ 25 جويلية/يوليو 2021، لم تحدّد الهيئة العليا 'المستقلة' للانتخابات أيًّا من المواعيد الانتخابية. فقد حدّد الرئيس موعد وقانون الاستفتاء على دستوره وموعد وقانون الانتخابات التشريعية وموعد وقانون الانتخابات المحلّية. ولن تشذّ الانتخابات الرئاسية عن هذا القاعدة" وفق تخمينه.
نبيل حجي: أغبط من يعتقد أن من أمسك بكلّ السلط ونسف برلمانًا ودستورًا ونظام حكم وأخضع جميع المؤسسات تقريبًا، قد يتنازل ببساطة عن الحكم
وتساءل نبيل حجّي: "أي مؤشر أدلّ على عبثية انتخابات لا نعلم عنها شيئًا اليوم، قد نُدعى لها بعد أقل من شهر؟ باعتبار أنّه نظريًا، بحكم دستوري 2014 و2022 وبحكم القانون الانتخابي الساري المفعول، يكون الدور الأول من الانتخابات الرئاسية بين 25 جويلية/يوليو و20 أكتوبر/تشرين الأول 2024. إذ تفصلنا إذن عن هذه الانتخابات بين أربعة وسبعة أشهر، ويفصلنا عن صدور أمر دعوة الناخبين بين أقل من شهر واحد وأربعة شهور"، وفقه.
-
نبيل حجّي حول المناخ السياسي للانتخابات الرئاسية في تونس
وعن المناخ السياسي لعقد الانتخابات الرئاسية، أشار نبيل حجّي إلى أنّه يتميّز بـ"هيئة انتخابات منصّبة، قضاء مركّع، محكمة دستورية غائبة، إعلام عموميّ مسخّر للسلطة، موصد في وجه المعارضة، إعلام خاص مرهّب، معارضة وإعلام تحت سطوة المرسوم 54 والملاحقات القضائية، مرشحون مفترضون وراء قضبان السجون أو قيد التحقيق والاتهام، ورأي عامّ عاد لاجترار خوفه التاريخي من نقد أو معارضة السلطة".
نبيل حجي: التركيز على الترشح أو الترشيح للانتخابات، سيلهي المعارضة على الرهان الأهم وهو الضغط على السلطة للالتزام علنيًّا وعاجلًا ورسميًا بإجراء انتخابات رئاسية في 2024، معلومة التاريخ، سليمة المناخ
وقال الناشط السياسي: "أغبط من يعتقد أن من أمسك بكلّ السلط ونسف برلمانًا ودستورًا ونظام حكم وأخضع جميع المؤسسات تقريبًا، قد يتنازل ببساطة عن الحكم، دون أن تتغيّر موازين القوى في الأثناء، ودون بوادر ضغط في هذا الاتجاه. لذلك أبقى مقتنعًا بأنّ قيس سعيّد لن يقبل بإجراء انتخابات لا يضمن مسبقًا الفوز بها. يكفي أن نتذكّر تصريحه بأنه (ليس مستعدًّا لأن يسلّم وطنه لمن لا وطنيّة له)" وفق قوله.
وتابع حجّي: "غريب أن لا يرفض ولا يستنكر، في الحدّ الأدنى، أحد احتكار المتنافس الأبرز تاريخ الانتخابات، ورزنامتها وقواعد "اللعبة" الانتخابية، وأن يقبلوا باحتفاظه لنفسه حتى باختيار تاريخ الإعلان عنها".
وفي السياق ذاته، اعتبر حجّي أنّ "التركيز واللهث أحيانًا، على الترشح أو الترشيح للانتخابات اليوم، سيلهي المعارضة على الرهان الأهم: الضغط على السلطة للالتزام علنيًّا وعاجلًا ورسميًا بإجراء انتخابات رئاسية في 2024، معلومة التاريخ، سليمة المناخ، تسن قواعدها على أساس تشاركي بين كل الأطراف السياسية والمدنية المعنية بهذه الانتخابات. بالإضافة للتعهّد والالتزام الواضح من قبل الرئيس قيس سعيّد على أنّ ترشحه سيكون لعهدة ثانية وأخيرة (إن فاز بها)".
-
نبيل حجّي: هل المشاركة في الانتخابات الرئاسية انخراط وتبييض لمسار قيس سعيّد؟
في إجابته على هذا السؤال، يقول حجّي: "قد يرى بعض الرافضين أن مجرد المشاركة في هذه الانتخابات هو انخراط وتبييض لمسار قيس سعيّد. وهذا مجانب للواقع، لأن الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في 2024 يتأسس على قاعدة دستور 2014. لكنّ الخلل، بل الخطر الحقيقي على أي انتخابات قادمة، وعلى الديمقراطية عمومًا، هو القبول بتحديد الحاكم، بمفرده، لقواعد الحكم والتداول على السلطة. أن نشرّع، مسبقًا، له أو لمن سيفوز عليه التحكّم غدًا في قواعد لعبة.. قد تكون أكثر سوءًا وانحرافًا".
نبيل حجي: من الغريب أن يكون برنامج جميع من أعلنوا عن ترشحهم فقط "وضع حدّ لحكم قيس سعيّد وإخفاقاته"، لا أحد تحدث عن تعديل الدستور في اتجاه التقليص من صلاحيات الرئيس أو فرض رقابة حقيقية عليه
كما استغرب أمين عام حزب التيار، أن يكون برنامج جميع من أعلنوا عن ترشحهم فقط "وضع حدّ لحكم قيس سعيّد وإخفاقاته، التي لا تخفى عن أيّ مواطن، دون طرح أي تصورات للإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يلتزمون بتطبيقها إذا ما فازوا بهذه الانتخابات. ولعلّ أبرز المفارقات أن لا يعد أي من المعارضين لقيس سعيّد، الذين أعلنوا عن ترشحهم، بمشروعه (أو نيته) لتعديل الدستور في اتجاه التقليص من صلاحيات الرئيس أو فرض رقابة حقيقية عليه".
-
نبيل حجّي: ماذا نريد من هذه الانتخابات الرئاسية القادمة؟
اعتبر حجّي أنّه أخطأ العنوان من يرى في الانتخابات فرصة أخيرة، فهي كغيرها محطة وليست هدفًا، وفق قوله. "محطة في طريق هدف أهمّ وأصعب، هو: استرجاع ديمقراطية حقيقية تثمر منجزًا اقتصاديًا واجتماعيًا غاب منذ ثورة 2011 ودفع شرائح واسعة من التونسيين إلى اليأس والكفر بالديمقراطية والارتماء في أحضان كلّ مغامر بمصير البلاد".
نبيل حجي: فوز مرشّح آخر على سعيّد لن يكون بالضرورة انتصارًا للديمقراطية، فقد سبق أن دعما قيس سعيّد كمرشح شعبوي مجهول التوجّهات، فكان أخطر من منافس معلوم المخاطر
ولفت إلى أنّ "إزاحة قيس سعيّد من الحكم، ليس هدفًا في حد ذاته، يجب أن يكون الهدف بناء واقع مختلف بعد قيس سعيّد. إذ يجب أن تهيّأ لواقع ديمقراطي سليم يمهّد لإصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي"، مؤكدًا أنّ "فوز قيس سعيّد بانتخابات على مقاسه لن يكون بالضرورة انتصارًا له، سيكون أشبه بهزيمة، يجب الاستعداد للمراكمة عليها ومواصلة النضال من أجل فرض واقع أفضل" على حد تعبيره.
كما أنّ فوز مرشّح آخر على سعيّد "لن يكون بالضرورة انتصارًا للديمقراطية أو حلًاّ لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية"، وقال: "خبرنا ذلك مع الباجي قائد السبسي، وخبرناه بشكل أوضح مع قيس سعيّد: دعمنا مرشحًا شعبويًا مجهول التوجّهات، فكان أخطر من منافس معلوم المخاطر".
-
نبيل حجّي عن فكرة توحيد المعارضة على برنامج ومرشّح مشترك
يقول نبيل حجّي في هذا الإطار، إنّ "فكرة توحيد المعارضة على برنامج ومرشّح مشترك لمنافسة قيس سعيّد فكرة مغرية نظريًّا. لكن عن أيّ معارضة نتحدّث؟ كلّ المعارضة؟ بما في ذلك الشخصيات المستقلّة؟ هل هذا ممكن في ظل التناقضات التي تشقّ المعارضة من ناحية التوجهات والتصورات السياسية والمجتمعية والاقتصادية والاجتماعية، والصراعات السابقة التي لا تزال ترمي بظلالها على أي تنسيق ممكن؟".
نبيل حجي: الاتفاق الواسع بين المعارضة في اتجاه برنامج ومرشّح مشترك، أمر صعب الإدراك في بضع شهور. لكنّ توحيد جزء من المعارضة يبقى ممكنًا وفق جملة من الشروط
وأشار إلى أنّ "غياب (وربما رفض) القيام بالمراجعات والاستخلاصات من فشل عشر سنوات، فضلًا عن الأنا المتضخم لدى بعض الشخصيات التي لا يمكن أن ترى في غيرها مرشّحًا جدّيًا. كل هذه العوامل تجعل الاتفاق الواسع في اتجاه برنامج ومرشّح مشترك أمرًا صعب الإدراك في بضع شهور. لكنّ توحيد جزء من المعارضة لم يتورط في تدمير مسار الانتقال الديمقراطي، يجمعه الحد الأدنى من القواسم المشتركة، يبقى ممكنًا ومفيدًا سواء لخوض غمار هذه الانتخابات أو للمراكمة على هذا المشترك لمواصلة النضال وإقناع التونسيين، في قادم المحطات، بتوجّه عقلانيّ قابل للتحقيق".
وخلُص نبيل حجّي إلى أنّ "الرهان ليس بالضرورة توحيد المعارضة وراء مرشّح مشترك لمنافسة قيس سعيّد. إذ على المعارضة أن تتّحد قبل ذلك في المطالبة وفرض توفير مناخ تشاركي سليم لهذه الانتخابات. ليس بالضرورة في وحدة عضويّة، بل أيضًا بالسير على حدة وبتوجيه المطالب في اتجاه واحد. إن فشلت في ذلك، عليها أن تتوحّد في المقاطعة. لا فقط مقاطعة التصويت، بل مقاطعة الترشّح أيضًا" وفق تقديره.
نبيل حجي: على المعارضة أن تتّحد في المطالبة بفرض توفير مناخ تشاركي سليم لهذه الانتخابات، فإن فشلت في ذلك، عليها أن تتوحّد لا فقط في مقاطعة التصويت، بل مقاطعة الترشّح أيضًا
وشدّد نبيل حجّي في الختام على أنّ حزبه "معنيّ بكلّ استحقاق انتخابي ديمقراطي تشاركي نزيه، سواء بالترشّح أو بالدعم. لكنّ معركة هذه الانتخابات الرئاسية والتي ستليها، لا تخاض فقط في الصندوق، بل أساسًا في الطريق إليه" على حد تعبيره.
يذكر أنّ رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر كان قد قال، في 30 جانفي/يناير 2024، إن الانتخابات الرئاسية في تونس ستجرى في موعدها، أي في الأشهر الثلاث الأخيرة من العهدة الرئاسية الحالية، مرجحًا أن يتمّ إجراؤها في شهر سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول 2024.
يشار إلى أنّه إلى حدّ الآن، لم يقدّم ترشّحه للانتخابات الرئاسية المرتقبة في تونس، سوى منذر الزنايدي الذي أكد "استعداده للمحطات السياسية والانتخابية القادمة"، فيما تواصل أحزاب أخرى ترشيح رؤسائها وهم داخل السجن، مثل الحزب الجمهوري الذي أعلن ترشيح أمينه العام عصام الشابي، والحزب الدستوري الحر الذي تمسّك بترشيح رئيسته عبير موسي.