تبلغ من العمر 22 عامًا، هي إحدى المصابات بفيروس كورونا في تونس وواحدة من مواطني قرية "القلعة" التابعة لولاية قبلي جنوبي غرب تونس، حيث ظهرت أول حالة إصابة في الولاية ليعلن بعد ذلك غلق مداخل القرية وعزلها.
"أنا طالبة في علوم الصحة أكمل سنتي الأخيرة ولهذا السبب كنت متشددة جدًا في عملية التعقيم وشديدة الحرص في الالتزام بكل نصائح وزارة الصحة لكن حدث ما حاولت تجنبه واُصبت بفيروس كورونا"، هكذا تحدثت الفتاة عبر الهاتف لـ"ألترا تونس".
اقرأ/ي أيضًا: طبيبة تونسية في إيطاليا تروي لـ"ألترا تونس" تجربتها في مواجهة كورونا
كيف أُصيبت بالعدوى؟
المصابة التي بدأت تتماثل للشفاء اخترق فيروس كورونا جسدها بعدوى من ابنة عمتها المصابة دون أن تعلم بالفيروس والتي اُصيبت بدورها من أخ زوجها العائد من فرنسا والذي لم تظهر عليه بدوره أي علامات مرضية.
"كنت أعاني من كل أعراض الكورونا من حمى وألم في الحلق، اعتقدت أنني مصابة بالزكام خصوصًا وأنني لم ألتق أحدًا من الخارج ولم نكن نعلم بوجود مصاب في القرية" مبينة أنها التزمت بالتعقيم تجنبًا لنقل عدوى الزكام، كما كانت تظن، لوالديها.
المُصابة بفيروس كورونا: سعدت لأنني الوحيدة المُصابة في العائلة، ولم يصب أبي أو أمي أو زوجة أخي فهي أم لطفلين في حاجة لها
وتضيف أن ابنة عمتها وعائلتها كانت تعاني أيضًا من ذات الأعراض ليُعلن بعد يومين عن أول حالة إصابة بفيروس كورونا وهي حالة شقيق زوج ابنة العم، "أدركنا وقتها أن المرض لم يكن مجرد زكام بل كورونا".
تقول الفتاة إن عائلتها خضعت للتحليل وتبيّن أنها الوحيدة التي أصيبت بالفيروس داخل العائلة، فيما ضرب الفيروس أيضًا عائلة ابنة عمتها وزوجها وابنتها وأفرادًا آخرين من العائلة.
"سعدت لأنني الوحيدة المُصابة في العائلة، ولم يصب أبي أو أمي أو زوجة أخي فهي أم لطفلين في حاجة لها"، هكذا عبرت محدثتنا بنبرة فرح.
وبينت أنها التزمت بكل تعليمات الحجر الصحي واستقرت في طابق علوي لوحدها في بيت أخيها حتى تستطيع أن تستعمل "بيت الراحة" بمفردها. ويوضع الأكل أمام باب الغرفة في أطباق وكؤوس بلاستيكية معدة للاستعمال مرة واحدة.
ويتواصل معها أهلها بالهاتف وهم ملتزمون بدورهم بالحجر الصحي رغم عدم ظهور علامات عليهم، كما تتواصل مع أصدقائها عبر فيسبوك مبينة أن رسائل عدة تأتيها من كل من في القرية ومن خارجها يشجعونها ويدعون لها بالسلامة.
وأخبرتنا الفتاة أنها تقضي يومها بين الصلاة وقراءة القرآن والتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
انتقادات لتعامل السلط الجهوية
الشابة المصابة أكدت أن السلط الجهوية لم تكن متعاونة مع المواطنين قائلة: "طُلب منّا أن نتناول دواء -دوليبران-، وحينما سألنا كيف نأتي به بما أننا في الحجر الصحي، قيل لنا تصرفوا". تتساءل محدثتنا: "أيعقل أن نتصرف ونحن مصابون بكورونا وأهلنا وأقاربنا كلهم في الحجر الصحي؟ الم يكن من الأجدر أن تقوم الإدارة الجهوية للصحة بتكليف من يوزعه علينا في بيوتنا وسندفع ثمنه؟ المهم ألا نغادر بيوتنا".
الشابة المُصابة لـ"ألترا تونس": طُلب منّا أن نتناول دواء "دوليبران" وحينما سألنا كيف نأتي به بما أننا في الحجر الصحي، قيل لنا تصرفوا
وقالت إن الادارة الجهوية للصحة في قبلي لم تطلب من الوزارة تكثيف التحاليل في الجهة التي تحولت إلى بؤرة وباء مضيفة أن الغريب، وفق تعبيرها، أن بعض المسؤولين اتهموا في الإعلام المواطنين برفض الخضوع للتحليل.
لكن الحقيقة كما تقول الشابة هي أن سيارة الإسعاف كان يرافقها شبان على دراجاتهم النارية بهدف تصوير الخاضعين للتحليل بهواتفهم الجوالة، وهو ما أثار استياء سكان القرية ورفضهم.
اقرأ/ي أيضًا: كيف استعدت أقسام الاستعجالي لتقبل المصابين بكورونا؟.. أطباء يجيبون
وبخصوص الحديث عن رفض المُصابين التحول لمركز للحجر الصحي بالمنستير، أوضحت أن السبب هو قدوم الحافلة بشكل فجئي، "لم نكن مستعدين كما أن بعضنا تماثل الشفاء وينتظر التحليل، فما دواعي نقلنا؟ ثم إننا لا ندري أصلًا إلى أين سنذهب في المنستير".
تضيف أنه بعد نقل المصابين وعائلاتهم إلى المنستير، لم يتم تقديم وجبة الغذاء إلا على الساعة الثامنة والنصف ليلًا رغم وصولهم منذ الثانية بعد الزوال مبينة أن سفرتهم انطلقت منذ الثامنة صباحًا.
وأكدت محدثتنا أن المقيمين في مركز الحجر الصحي اكتشفوا أيضًا أنهم دون أغطية في طقس بارد وبعضهم يعاني آلام المفاصل وأوجاع الكورونا.
كما عابت على السلط الجهوية عدم اتخاذها لقرار غلق المنطقة بشكل جدي وتنفيذ الحجر الصحي بطريقة صارمة، مشيرة إلى أن الحياة تمارس بشكل عادي في ولاية قبلي وأن الصفوف والازدحام أمام المراكز التجارية أكثر حتى من الأيام العادية.
الدعم والمساندة
وبيت المصابة بفيروس كورونا التي بدأت تتماثل للشفاء، في المقابل، أن لجنة التصرف المتكونة من سكان القرية المتطوعين يقومون بتوفير أماكن للإقامة في الحجر الصحي لمن لا تتوفر له الشروط داخل عائلته وذلك بفتح بيوت المقيمين في الخارج والتي وضعوها على ذمة أهل القرية.
قامت لجنة التصرف المتكونة من سكان متطوعين من قرية "القلعة" بتوفير أماكن للإقامة في الحجر الصحي لمن لا تتوفر له الشروط داخل عائلته
كما تقوم هذه اللجنة المتطوعة بتوزيع لوازم التعقيم والحاجيات اليومية الغذائية على كل البيوت التي تخضع للحجر الصحي.
وعبرت الفتاة عن سعادتها الشديدة وامتنانها للمعهد العالي الخاص لعلوم الصحة بسوسة حيث تدرس، مبينة أن مديرة المعهد الهام المستيري هاتفتها للاطمئنان على حالتها وقد وفروا لها الأخصائي للنفساني الدكتور توفيق السايحي لمتابعتها.
وأكدت أيضًا أن رئيس قسم الاستعجالي بمستشفى سهلول الدكتور العجمي شواش يتواصل معها ويتابع حالتها ويرشدها، مبينة أن وقوف هؤلاء الأشخاص إلى جانبها ساهموا في تجاوزها للمحنة.
رسالة أخيرة
في ختام حديثها لـ"ألترا تونس"، أكدت الشابة ذات 22 عامًا والتي أصيب بفيروس كورونا عن طريق عدوى أفقية أنها بدأت تتماثل لشفاء داعية الجميع إلى عدم الاستخفاف بالفيروس مبينة أنها اُصيبت به رغم اتخاذها لكل احتياطاتها.
ودعت الشباب بالخصوص إلى احترام التراتيب الصحية من أجل صحتهم وصحة أهلهم وذويهم مشددة على ضرورة احترام المناطق الموبوءة خوفًا من أن يتحول فيروس كورونا إلى وصم اجتماعي.
وعبرت، في النهاية، عن رجائها أن يساهم هذا الوباء في كشف ما تعانيه ولاية قبلي من نقائص على المستوى الصحي في ظل غياب مستشفى محترم لمواطنين الجهة المنسيين على حد تعبيرها.
اقرأ/ي أيضًا:
أنيس السحباني مخترع "روبوت" الداخلية يتحدث لـ"ألترا تونس" عن مشاريعه (صور)