27-فبراير-2022

مؤسسة مجموعة "ملكات السياقة" لـ"الترا تونس": أغلب الفتيات يمارسن هذه الهواية رغم رفض عائلاتهن

 

ملابس جلديّة موحّدة، خوذات واقية مثيرة، أصوات محرّكات مزمجرة، ودرّاجات ناريّة كبيرة قد تجاوز في حجمها حجم سائقها.. مشهد قد يجلب انتباه أي مارّ على الطريق لما فيه من دلالات عن القوّة والجرأة والإثارة. وبديهيًا، سيُخيّل للمراقب أنّ الراكبين هم فئة معيّنة من الرجال، اختاروا هذه الرياضة الميكانيكية شغفًا قد يصل حدّ الهوس، ليذهل عندما ينزع أحدهم الخوذة، فيكتشف أن هناك امراة خلف مقود الدراجة، متحدية بذلك الصورة النمطية للمجتمعات العربيّة.

خديجة حسايني (مؤسسة مجموعة Queen bikers) لـ"الترا تونس": انضممت لمجموعة من الشبان للتعلم، وهذا المجال يحتاج الكثير من التضحية والمال، خاصّة وأنّ المعدّات باهظة الثمن والصيانة مكلفة

هذه الصورة النمطية، تتعرّض لها دوريًا مجموعة ملكات السياقة "Queen bikers Tunisia"، كلّما اجتمعن لممارسة أكثر الرياضات إثارة، سياقة الدرّاجات الناريّة. قد تطالهنّ نظرات استغراب أو اعجاب وقد تصل أحيانًا إلى الاستهزاء بقدرتهنّ على مجاراة نسق الإثارة.

"الترا تونس" كان له لقاء مع عدد من عناصر المجموعة، تجدون تفاصيلها فيما يلي.

"قبيل دقائق من موعد أذان المغرب، أقوم بسرقة سيّارة والدي وأذهب إلى الطريق الرئيسي لانتظار مجموعات الدراجات النارية العائدة من جبل الرصاص، فكنت أستمتع بمشاهدة مركباتهم اللمّاعة وسماع دويّ المحرّكات، وكلّي أمل في أن أصبح جزءًا من هذا العالم" هكذا تحدّثت مؤسسة مجموعة "Queen bikers"، خديجة حسايني (27 سنة) لـ"لترا تونس" عن أولى مغامراتها مع عالم الرياضات الميكانيكية، حيث كان والدها يعاقبها كلما تفطّن لمحاولاتها للاقتراب من هذا العالم.

منذ صغرها، كانت خديجة تحب كل الأنشطة التي تمنحها الأحاسيس العالية والمثيرة، أولى درّاجاتها كانت من نوع سوزوكي A128، وقد أسمتها كيكي نظرًا للعلاقة المتينة التي تربطهما.

اقرأ/ي أيضًا: اقتحمن عالم الفروسية فتألقن.. قصص فارسات تونسيات

تشاركنا خديجة ذكرياتها قائلة: "كنت أذهب للملعب الرياضي القريب من المنزل لأتعلم التوازن لأني لم أركب حتى دراجة هوائية من قبل! من ثمّ انضممت لمجموعة من الشبان تعلمت منهم النظام وطريقة التعامل مع الدراجة وسياقتها".

وعن الصعوبات، تؤكد محدثتنا أن هذا المجال يحتاج الكثير من التضحية والمال، خاصّة وأنّ المعدّات باهظة الثمن والصيانة مكلفة، مشيرة إلى أن أغلب الفتيات يمارسن هذه الهواية رغم رفض عائلاتهن.

وتمنت خديجة حسايني أن تكبر المجموعة أكثر فأكثر لتتمكن من محو الأفكار السائدة.

ومن جهة أخرى، نشأت شيماء بن عمّو (28 سنة) على أصوات محركات الدراجات التي غذّت فيها عشقًا لم تكن تعلم أنه سيصنع عالمها في المستقبل. فمنذ كانت طفلة، كانت تراقب والدها الذي كان يؤثث البيت بالمعدّات الميكانيكية، كما كانت تلازم ورشة عمّها الذي يقوم بصيانة درّاجات أبناء الحي.

تقطن شيماء في منطقة بني خيار من ولاية نابل، وكانت غالبًا ما تحبّذ التجوال مع والدها بالدراجة النارية على الخروج مع العائلة بالسيّارة.

شيماء بن عمّو (عضوة مجموعة "ملكات السياقة") لـ"الترا تونس": عندما كبرت بدأت عائلتي بمنعي من ممارسة هذا النشاط، وكنت أجمّع المال الذي كان مخصصًا لدروس الدعم من أجل تحصيل ثمن درّاجة ناريّة

وفي حديثها لـ"الترا تونس" عن بداياتها تقول شيماء بن عمّو: "أولى الدراجات التي ركبتها كانت من نوع Quad 110 وقد اشتراها والدي لأخي الصغير فكنت أوصله بها للمدرسة وأحدث الفوضى على امتداد الطريق من خلال الحركات البهلوانية التي كنت أقوم بها".

وتضيف محدّثتنا أنها عندما دخلت المدرسة الإعدادية كانت تكتري "سكوتر" من أخيها الكبير، وكانت الجولة الواحدة تكلفها دينارًا.

عندما كبرت شيماء، بدأت عائلتها بمنعها من ممارسة هذا النشاط، إذ أكدت أن والديها كانا يخافان عليها من السياقة، إلّا أنها تمردت على العائلة، فجمّعت المال الذي كان مخصصًا لدروس الدعم من أجل تحصيل ثمن درّاجة ناريّة، وأضافت: "كنت أكذب على عائلتي بخصوص دروس الدعم، وأستغل هذا المال في المتاجرة بالأكسسوارات والخوذات.. كنت أحرم نفسي حتى من ملابس العيد فقط لتكون عندي دراجتي الخاصة، ولم يكن الأمر سهلًا لأنها كانت باهظة الثمن" وفقها.

والدة شيماء كانت الوحيدة التي تدعم ابنتها، لذلك هي من ساعدتها على شراء أول دراجة متخصصة في السباقات.

اقرأ/ي أيضًا: فيديو: رقبي السيدات في تونس.. شغف وتحديات

ومع مرور الوقت، تحولت الهواية إلى إدمان، وكثيرًا ما كانت شيماء تتعرض للمضايقات الجندرية أثناء سياقتها، وعندما تحاول الدفاع عن نفسها، يقع هرسلتها بعبارات من قبيل "طفلة وتحل فمك وتحكي؟"، أو يحرّضون والدها ضدّها قائلين "بنتك طير وطيّر كيف الولد".

وتختم عضوة مجموعة "ملكات السياقة" بقولها: "في نهاية المطاف، اقتنعت عائلتي بالأمر وأصبحت أمتهن سياقة الدراجات النارية وتحصلت على بطولة تونس في اختصاص moto cross بالإضافة إلى عديد الميداليات في مسابقات ralley routier"، وفقها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

درصاف القنواطي: حكمة تونسية تدخل تاريخ كرة القدم

للنساء في تونس نصيب من سياقة "التاكسي سكوتر"

نورس الخلصي.. تحدي تونسية في عالم الكيك بوكسينغ