22-يناير-2020

تهوى ريم لطاش سياقة الدراجات النارية منذ صغرها

 

وأنت تعبر طرقات ولايات تونس العاصمة سواء سيرًا على الأقدام أو ممتطيًا وسلة نقل أيا كانت، تشدّ انتباهك دراجات برتقالية اللون، هي "التاكسي سكوتر" الخدمة التي أطلقتها شركة "أنتيڨو" في تونس في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.

دراجات نارية بلون واحد تحمل كلّها شعار الشركة، ويلبس سوّاقها زيًا موحّدًا يميّزهم وسط الطريق، هم سواق يوزعون البسمة عادة عند انتظار إشارة المرور غير عابئين بببعض التعليقات المستفزّة التي رافقت انطلاقتهم الأولى.

ريم لطاش (سائقة "تاكسي سكوتر") لـ"ألترا تونس": بعض النساء في تونس لا يحبذن أن يكون سائق الدراجة النارية رجلًا في حين أنهن يمكن أن يخضن التجربة في حال قدّمت إمرأة خدمة النقل

اقرأ/ي أيضًا: المرأة أو الرجل: من الأفضل في قيادة السيارات؟

صور كثيرة تعترضك في الفضاء الأزرق توثّق لحظة تمتع مواطنين تونسيين بخدمة "أنتيڨو"، لحظة يتقاسم فيها السائق والحريف ارتداء الخوذة والابتسام، صور بعضها يمتد في الخيط الأبيض وبعضها الآخر في الخيط الأسود، وهو ما يعكس لجوء التونسيين إلى هذه الخدمة آناء الليل وأطراف النهار.

ومن بين الصور التي قد تشدّك واقعًا أو افتراضًا تلك الخاصة بسائقة "التاكسي سكوتر"، امرأة "تزاحم" الرجال في مجال يعتقدون أنهم الأقدر فيه وهو سياقة الدراجات من الحجم الثقيل وتتسلّح بابتسامتها من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوصول.

ريم لطّاش هي سائقة من بين السواق المتحصّلين على شهائد في سياقة الدراجات النارية والخاضعين إلى أربعة اختبارات، وهي اليوم تؤمن تنقل تونسيين داخل ولايات العاصمة وتفتك مكانها في الطريق بين زملائها سواق "التاكسي سكوتر" وبقية سواق التاكسي العادي.

خضعت ريم طياش لأربعة اختبارات لتتحصّل على شهادة لسياقة "التاكسي سكوتر"

 

والحريف إذا ما دخل تطبيقة "أنتيڨو" وسجّل مكان وجوده والمكان المراد الذهاب إليه ستقدّم له التطبيقة تكلفة السفرة التي تقل عن سعر سيارة التاكسي الفردي، وإمكانية التمتع بالخدمة عن طريق سائقة متاحة أيضًا بالنسبة للنساء اللواتي لا يحبّذن امتطاء درّاجات نارية يقودها سواق.

وفيما تقود المرأة الدراجة النارية في بعض الجهات دون أن تثير الاستغراب، فهي مازالت في العاصمة تلفت الأنظار وترسم ملامح تمزج بين الدهشة والغرابة على وجوه البعض فما بالك لو كانت المرأة تتكسّب من قيادة الدرّاجة النارية.

وتجربة ريم لطاش مع شركة "أنتيڨو" لا تخلو من الفرادة على اعتبار أن امتهان المرأة لسياقة الدراجات النارية في تونس أمر غير مألوف وخاصة أن فكرة "التاكسي سكوتر" في حدّ ذاتها حديثة العهد ولم يمض على الانطلاق فيها وقت طويل.

ومن يخبر عشق لطّاش للدراجات النارية خاصة منها كبيرة الحجم لن يستغرب انتدابها في مشروع النقل الجديد من نوعه في تونس، إذ أنّ علاقتها بهذا العالم ليست وليدة اليوم فجذورها تمتدّ في طفولتها إذ كانت طفلة الستة عشر سنة تستأجر الدراجات النارية لتطفئ بعضًا من ولعها، وفق حديثها مع "ألترا تونس".

توفر شركة "انتيغو" إمكانية التمتع بالخدمة عن طريق سائقة متاحة بالنسبة للنساء اللواتي لا يحبّذن امتطاء درّاجات نارية يقودها سواق

اقرأ/ي أيضًا: "عواطف" عميدة سائقات التاكسي: أشجع من الرجال

وفي مرحلة من حياتها، تحوّل ولع محدّثتنا بقيادة الدراجات النارية إلى مهنة إذ كانت الانطلاقة بالعمل في توصيل الأكلات عبر إحدى التطبيقات، باستخدام دراجتها الخاصة إلى أن تناهى إلى مسمعها الحديث عن مشروع "أنتيڨو" وراقتها الفكرة وكان أن خاضت الاختبارات ونجحت فيها.

وفي حديثها عن مشروع "التاكسي سكوتر"، تخبرنا محدثتنا أنّ فكرة تشغيل نساء لسياقة الدراجات النارية هي من بين مميزاته ذلك أنّ بعض النساء في تونس لا يحبذن أن يكون سائق الدراجة النارية رجلًا في حين أنهن يمكن أن يخضن التجربة في حال قدّمت إمرأة خدمة النقل.

وانتداب سائقات لتأمين خدمات "تاكسي سكوتر" فرصة للنساء اللاتي ترغبن في استغلالها لكنهن يتراجعن لأن سائقها رجل والأمر قد يجعلهنّ عرضة لتعليقات جارحة ومستفزّة من مجتمع مازال البعض فيه يمارس الوصاية على النساء، وفق حديثها.

وفي ردّها عن سؤال "ألترا تونس" عمّا إذا كانت عرضة إلى بعض التعليقات الجارحة أو المستفزّة خلال أدائها لعملها، تشير محدّثتنا إلى أنّها مسالمة بطبعها وتبتسم على الدوام وتتقبل التعليقات بصدر رحب وهو ما يجعل صاحب التعليق يراجع موقفه ويبادلها الابتسامة.

تؤكد ريم لطاش (سائقة "تاكسي سكوتر") أنها لم تر سوى علامات الفرح مرتسمة على وجوه النساء حينما تصادفهن في الطرقات أو حينما تسدي لهن خدمة النقل

ومن تعليق ينم عن دونية أو تقزيم للمرأة إلى تبادل للحديث عن ولعها بالدراجات النارية وامتهانها لقيادتها، هي نهاية التعليقات المستفزّة في الغالب باستثناء الصادرة عن أولئك الذين يختزلون المرأة في أعمال المنزل ويرفضون أن تكون المرأة ندّا لهم ويزعجهم أن تنافسهم، حسب حديثها.

وبغض النظر عن هذه التعليقات القليلة والتي تجيد التعامل معها، تشير إلى إنّها لم تر سوى علامات الفرح مرتسمة على وجوه النساء حينما تصادفهن في الطرقات أو حينما تسدي لهن خدمة النقل، ولم تسمع سوى جميل العبارات من سواق التاكسي في الفردي خلال عملها.

وعن ردود أفعال الحرفاء والحريفات التي أمنت تنقلهن، تقول محدثتنا إنهم يخوضون التجربة بفضول وتنتهي برضاهم عن الخدمة، ويحدث في بعض الأحيان أن يتخوّف حريف من قيادتها للدراجة النارية ولكنه في النهاية يبدي إعجابه بطريقتها في القيادة.

وإن كان الهدف من مشروع شركة "أنتيقو" الإسهام في معضلة النقل التي يشكو منها التونسيون في ظل تفاقم أزمة النقل العمومي وسوء خدمات التاكسي العادي أحيانًا، فإنّه يكرّس أيضًا المساواة وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في قيادة "التاكسي سكوتر".  

 

اقرأ/ي أيضًا:

نساء مستقلات: لقد أصبحنا الرجال الذين كنا نريد أن نتزوج!

أصدقاء وما هم بأصدقاء.. عن أحكام النقل في تونس