"معركة رمادة لا تقل أهمية عن معركة بنزرت، خاضها المقاومون التونسيون ضمن ملحمة الجلاء في تونس، وخلّصت هذه المعركة التراب العسكري من براثن الاحتلال الفرنسي" هذه الكلمات التي كان صدح بها الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة في ذكرى معركة رمادة التي يحييها التونسيون يوم 25 ماي/أيار من كل سنة.
الزعيم الحبيب بورقيبة: معركة رمادة لا تقل أهمية عن معركة بنزرت، خاضها المقاومون التونسيون ضمن ملحمة الجلاء في تونس، وخلّصت هذه المعركة التراب العسكري من براثن الاحتلال الفرنسي
وقال الزعيم بورقيبة في خطابه الشهير بمناسبة إحياء ذكرى معركة رمادة المنطقة التابعة لولاية تطاوين، إن معركة رمادة سنة 1958 "هي إحدى أعظم معارك الجلاء الذي تم تنفيذه على مراحل بعيد تحصل تونس على وثيقة الاستقلال، وأسفرت عن استشهاد عديد التونسيين وكان التونسيون لينتصروا فيها على فرنسا لولا استنجاد الجنود الفرنسيين بطائرات حربية من الجزائر".
-
السياق التاريخي لمعركة رمادة
ولعل هذه الكلمات تؤشّر إلى أن معركة رمادة الخالدة تمثل فعلاً إحدى المحطات الهامة في معركة التحرير الوطني وهي إحدى المنارات التي استبسل فيها أبناء الجنوب التونسي من أجل تقرير المصير والذود عن حرمة البلاد المستقلة حديثًا آنذاك، ومهدت معركة رمادة لمعركتي بنزرت والناظور فيما بعد خلال صائفة 1961.
وبحسب المعطيات التاريخية المتوفرة، فإن المستعمر الفرنسي الغاشم استنجد بطائرات قادمة من الجزائر المحتلة عندئذ لقصف منطقة رمادة الصامدة في تونس، مما أسفر عن استشهاد عديد التونسيين من بينهم مقاومون وجنود ومدنيون.
معركة رمادة الخالدة تمثل إحدى المحطات الهامة في معركة التحرير الوطني وهي إحدى المنارات التي استبسل فيها أبناء الجنوب التونسي من أجل تقرير المصير والذود عن حرمة البلاد المستقلة حديثًا آنذاك
وفي سياقها التاريخي جاءت معركة رمادة ردًا على سلسلة من الاعتداءات الفرنسية التي استهدفت الدولة التونسية المستقلة حديثًا بدعوى ملاحقة المقاومين الذين يساعدون الثوار الجزائريين في حرب الاستقلال.
-
أطوار معركة رمادة
وانطلقت شرارة هذه المعركة عشية السبت 24 ماي/أيار 1958 عندما قررت القوات الفرنسية خرق اتفاقها مع تونس وغادرت عربات عسكرية فرنسية ثكنة رمادة في محاولة لخرق السد لكن القوات التونسية بقيادة المقاوم مصباح الجربوع كانت متمركزة لحراسة السد وتصدت للرتل العسكري، وتم تبادل إطلاق النار معطيًا إشارة اندلاع المعركة.
وبعد اندلاع المعركة تمت مواجهة أولى بوادي "دكوك" ثم مواجهة ثانية قرب الثكنة العسكرية نتجت عنهما محاصرة القوات الفرنسية داخل الثكنة.
انطلقت شرارة معركة رمادة عشية السبت 24 ماي 1958 عندما قررت القوات الفرنسية خرق اتفاقها مع تونس وغادرت عربات عسكرية فرنسية ثكنة رمادة وتصدت لها القوات التونسية بقيادة المقاوم مصباح الجربوع وتم تبادل إطلاق النار
وأطلق الجنرال "مولو" قائد الثكنة العسكرية الفرنسية برمادة آنذاك نداء للاستنجاد بالقائد الأعلى للقوات الفرنسية في صلامبو قائلاً: "الفلاقة التونسيون والجيش التونسي إذا تركناهم نصف ساعة أخرى نصبح كلنا أسرى، وفرنسا ستهزم هزيمة لم تشهدها من قبل في أي مستعمرة".
وعلى إثر هذه الصرخة أمطر الطيران الفرنسي منطقة رمادة بوابل من القنابل، بعد وصول طائرات حربية من الجزائر.
وتكبّد جانب الاحتلال الفرنسي آنذاك خسائر كبيرة، فيما استشهد من الجانب التونسي عديد المقاومين والجنود قدّر بعض المؤرخين أعدادهم بـ 20 شخصًا وقال آخرون إن عدد الشهداء قد يتجاوز 30 شهيدًا في معركة رمادة، ومن ضمنهم القائد مصباح الجربوع أصيل منطقة بني خداش من ولاية مدنين الذي لم يعثر على جثته إلا بعد شهر من تاريخ المعركة.
ولكن الثابت هو أن هذه المعركة جسدت روح التضحية والاستبسال التي أظهرها المقاومون التونسيون في وجه مستعمر غاشم، وآلة احتلال متجبرة.
جسّدت معركة رمادة روح التضحية والاستبسال التي أظهرها المقاومون التونسيون في وجه مستعمر غاشم، وآلة احتلال متجبرة وتكبّد جانب الاحتلال الفرنسي آنذاك خسائر كبيرة كما خلفت عددًا من الشهداء التونسيين
ويحيي التونسيون يوم 25 ماي/أيار من كل سنة ذكرى معركة رمادة التي امتدت طيلة يومي 24 و25 ماي/أيار من سنة 1958، والتي تعدّ إحدى أهم محطات نضال التونسيين في مقاومة المستعمر واستكمال سيادة تونس وإجلاء ما بقي من جنود الاحتلال الفرنسي الغاشم.