13-أكتوبر-2018

يحتفي التونسيون بعيد الجلاء يوم 15 أكتوبر من كلّ عام

الترا تونس – فريق التحرير

 

يحتفل التونسيون يوم 15 من أكتوبر/ تشرين الأول من كلّ عام بعيد الجلاء، وهو اليوم الذي غادر فيه آخر جندي فرنسي الأراضي التونسية في الخامس عشر من شهر أكتوبر/ تشرين الأول 1963.

ولئن كانت الذاكرة الجمعية لجلّ التونسيين تحتفي بمغادرة آخر جندي فرنسي الأراضي التونسية ذات 15 أكتوبر/ تشرين الأول، فكثيرًا ما يغيب عن ذاكرة العديد منهم تفاصيل معركة استبسل فيهم تونسيون وقدموا أرواحهم لإجبار المستعمر الفرنسي على مغادرة وطنهم. معركة بدأت أحداثها فعليًا يوم 8 فيفري/ شباط 1958 إثر عدوان فرنسي استهدف قرية ساقية سيدي يوسف التي تقع قرب حدود الجزائر وأسفر عن وقوع عشرات الشهداء من تونسيين وجزائريين.

أعلن الديوان السياسي للحزب الدستوري إثر اجتماعه يوم 4 جويلية 1961 عن فشل المفاوضات حول جلاء قاعدة بنزرت من طرف الجيش الفرنسي، داعيًا إلى ضرورة خوض الحرب لاستعادة بنزرت

إثر ذلك قرّرت الحكومة التونسية يوم 17 جويلية/ تموز 1958 العمل على إجلاء بقايا الجيوش الفرنسية عن قاعدة بنزرت بالوسائل الدبلوماسية، إلا أن الأوضاع تأزمت مجددًا في تموز 1961. ففي 30 جوان/ حزيران 1961 انطلق الطرف الاستعماري الفرنسي في إجراء أشغال توسعة للمطار العسكري بثكنة سيدي أحمد ببنزرت لتقوم قوات الحرس الوطني التونسي بالتصدي لهذه الأشغال وإعادة الأسلاك الحديدية إلى مكانها الأصلي.

هذه الخطوة أغضبت الطرف الفرنسي الذي عبّر عن انزعاج فرنسا الشديد من العملية للوزير الأول آنذاك الباهي الأدغم ووزير الخارجية الصادق القادم. وفي خطوة تصعيدية، أعلن الديوان السياسي للحزب الدستوري إثر اجتماعه يوم 4 جويلية/ تموز 1961 عن فشل المفاوضات حول جلاء قاعدة بنزرت من طرف الجيش الفرنسي، داعيًا إلى ضرورة خوض الحرب لاستعادة بنزرت.

 

 

وفي اليوم الموالي الموافق لـ5 جويلية/ تموز 1961، بدأت عملية التعبئة الشعبية في كامل أنحاء الجمهورية ووقع إيفاد مئات المتطوعين من الشباب والكشافة والمقاومين إلى بنزرت.

ويوم 13 جويلية/ تموز من العام نفسه أعلنت فرنسا رفضها المفاوضات تحت التهديد في حين أكد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في خطبة ألقاها أمام 100 ألف متظاهر يوم 14 جويلية/ تموز ضرورة الجلاء، ليعلن شارل ديغول في اليوم الموالي رسميًا عدم استعداد بلاده للتفاوض حول الانسحاب من بنزرت.

وفي 19 جويلية/ تموز 1961، قامت قوات الجيش التونسي صحبة آلاف من المتطوعين بحصار القاعدة وسارت المعركة في البداية لصالح التونسيين وتمّ اقتحام مركز التموين الفرنسي، ونجحت المدفعية التونسية في تحطيم سبع طائرات فرنسية في مدارج مطار سيدي أحمد ومقتل وجرح العديد من المظليين الفرنسيين القادمين من الجزائر وجرت محاولات لاقتحام ترسانة ثكنة منزل بورقيبة.

صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 أوت 1961 بالأغلبية المطلقة على ضرورة فتح التفاوض بين تونس وفرنسا من أجل تحقيق الجلاء عن بنزرت

ولكن الجيش الفرنسي أرسل تعزيزات للقوات الفرنسية المتواجدة بتونس وحوصرت المياه الإقليمية التونسية بالبوارج الحربية وحاملة الطائرات "كليمونسو" وبارجة ثقيلة والوحدات المظلية. وقامت القوات الفرنسية بشن هجوم معاكس وتمكنت من احتلال جزء كبير من المدينة فتعرّض بورقيبة لانتقادات شديدة من معارضيه. وقد حثّ الحبيب بورقيبة على مواصلة القتال يوم 21 جويلية/ تموز 1961 على الاستبسال في القوات وتحوّلت المواجهات إلى حرب شوارع حقيقية وكثّف الطيران الحربي الفرنسي قصفه للمدينة وتضاعف عدد القتلى خاصة من المدنيين.

وبعد تواصل الاشتباكات طيلة يومي 21 و22 جويلية/ تموز 1961، أصدر مجلس الأمن القرار عدد 164 القاضي بوقف إطلاق النار. ووصل في هذا السياق يوم 25 جويلية/ تموز 1961 وصل الأمين العام للمتحدة آنذاك داغ همرشولد إلى بنزرت وانعقد في 21 أوت/ آب 1961 اجتماع في الأمم المتحدة للنظر في قضية بنزرت وانتهى بإصدار قرارات لفائدة تونس. وصوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 27 أوت/ آب 1961 بالأغلبية المطلقة على ضرورة فتح التفاوض بين تونس وفرنسا من أجل تحقيق الجلاء عن بنزرت.

وإثر مفاوضات حثيثة، توصّل الطرفان التونسي والفرنسي يوم 18 سبتمبر/ أيلول 1961 إلى اتفاق ينصّ على سحب كلّ القوات الفرنسية من مدينة بنزرت. في الرابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته تمّ الإعلان عن موعد جلاء الفرنسيين عن التراب التونسي وخروجه من بنزرت.

وانتهت هذه الأحداث، والتي تُعرف بأحداث بنزرت أو معركة بنزرت والتي أسفرت عن مقتل 630 تونسيًا و155 جريحًا أغلبهم من المدنيين، بجلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي التونسي يوم 15 أكتوبر/ تشرين الأول 1963.