الترا تونس - فريق التحرير
بعد إثارة الملف في البرلمان مؤخرًا، يتواصل تسليط الضوء على مطلب رفع الحصانة عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد المقدّم من النيابة العمومية والذي ما زال محلّ نظر لدى المجلس الأعلى للقضاء، بعد انخراط عدد من الجمعيات والقضاة والحقوقيين مؤخرًا في الدعوات المُطالبة بالمضي في رفع الحصانة وكشف الحقيقة بخصوص الشبهات المُثارة.
اعتبرت جمعية القضاة أنه لا مبرر مطلقًا لتأخر مجلس القضاء العدلي مدة شهرين للبت في مطلب رفع الحصانة عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب
ويتعلق مطلب رفع الحصانة بشبهات تتحدث عن تورّط رئيس المحكمة وهو أيضًا بصفته رئيس الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع، وعضو في المجلس الأعلى للقضاء في المسار الإجرائي لقرارات تعقيبية صدرت بالنقص دون إحالة.
وتعلقت القرارات المشبوهة بقضايا تهريب وغسيل الأموال تهم مستحقات مالية كبيرة للدولة. وقد أصدر المجلس الأعلى للقضاء، في وقت سابق، تتبعات تأديبية انتهت إلى تسليط عقوبات ضد عدد من القضاة وصلت إلى حد عزل اثنين منهم.
اقرأ/ي أيضًا: مطلب رفع الحصانة عن رئيس محكمة التعقيب.. من كواليس القضاة إلى دائرة الضوء
وقد شملت التحقيقات الجارية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، ما جعل وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الابتدائية البشير العكرمي يطالب بتاريخ 14 سبتمبر/أيلول 2020 من المجلس الأعلى للقضاء رفع الحصانة عنه لمواصلة التحقيقات القضائية.
وشهد هذا الملف اهتمامًا بالغًا طيلة الأيام الماضية بعدما أثاره عدد من نواب البرلمان، إضافة لتداول نشطاء لتسريبات لمطلب رفع الحصانة المقدّم من النيابة العمومية إضافة لتسريب من الشكاية المقدّمة من رئيس محكمة التعقيب ضدّ وكيل الجمهورية السابق لدى التفقدية العامة التابعة لوزارة العدل.
جمعية القضاة تدعو المجلس الأعلى للقضاء لتحمّل مسؤولياته
في بلاغ الجمعة 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عبّرت جمعية القضاة التونسيين عن عميق انشغالها لتعطل عمل المجلس الأعلى للقضاء على الملفات المُثارة بما أفضى إلى تعذر عقد اجتماعاته لتجنب البت في مطلب رفع الحصانة و بما أدى إلى انتشار هذه القضية وتداول تقارير المجلس حولها في العلن وعلى نطاق واسع "وهو ما أساء أيما إساءة إلى وضع القضاء ويهدد بهز الثقة العامة فيه بشكل غير مسبوق".
وطالب مجلس القضاء العدلي بتحمل مسؤولياته في عدم عرقلة سير الأبحاث والكشف عن الحقيقة كاملة لتحميل المسؤوليات لمن يتحملها بالنجاعة والسرعة المطلوبتين بالنظر إلى حساسية المواقع القضائية المعنية بالقضية في علاقة بنزاهة القضاء وذلك في كنف علوية القانون على الكافة مع ضمان حق الدفاع.
ولاحظت الجمعية أنه لا مبرر مطلقًا لتأخر مجلس القضاء العدلي مدة شهرين للبت في مطلب رفع الحصانة المرفوع إليه بما فتح الباب على مصراعيه أمام تأويلات توحي بالتغطية على هذا الملف، وفق قولها.
وحذرت من العواقب الوخيمة التي قد تنجر عن تخلي المجلس الأعلى للقضاء على مسؤولياته في الحسم المؤسسي في المسألة واتخاذ كل الإجراءات القانونية المستوجبة بكل جدية تكريسًا لمبدأ المساءلة طبق الضمانات القانونية حماية لنزاهة القضاء من خطورة هذه القضية.
وأكدت جمعية القضاة متابعتها للموضوع ضمانًا لاتخاذ الأبحاث مسارها الطبيعي وكشف الحقيقة كاملة وترتيب المسؤوليات عليها.
أنا يقظ: حصانة القاضي ليست حصانة مطلقة
بدورها، دعت منظمة "أنا يقظ" المجلس الأعلى للقضاء إلى رفع الحصانة عن الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب الطيب راشد، وأيضًا وكيل الجمهوريّة السابق بالمحكمة الابتدائية بتونس بشير العكرمي باعتبارهما "محلّ الشبهة إلى حين الانتهاء من البت في التهم الموجهة اليهما".
وذكّرت أن ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي وتحت قبّة مجلس نوّاب الشعب حول شبهات فساد وتلاعب بالملفات هي "ادعاءات خطيرة" مشيرة بالخصوص إلى حساسيّة مركزهما في النظام القضائي التونسي من حيث الواقع والرمزيّة، وفق تعبيرها.
ونوّهت بأنّ الحصانة التي أفرد فيها القانون بعض الوظائف ليست حصانة مطلقة بل هي حصانة تهدف إلى تمكينهم من الاضطلاع بمهام دون خوف من التبعات التعسفيّة، داعية المجلس الأعلى للقضاء والنيابة العموميّة إلى إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب وإلى إخضاع كلّ من تعلّقت به شبهة إلى المسائلة التأديبيّة والجزائيّة.
وأكدت المنظمة أنه لا مجال لاستقلال القضاء مادام هناك قضاة تتعلق بهم مثل هذه الشبهات ولازالوا يباشرون مهامهم دون أي مساءلة أو محاسبة ما من شأنه إحباط عزائم كل من يحاول الإصلاح والتأسيس لقضاء عادل، وفق نص بلاغها.
ودعت "أنا يقظ"، في ختام بلاغها، المجلس الأعلى للقضاء للسعي لاستعادة ثقة المواطن التونسي في السلطة القضائيّة من خلال البتّ في مطالب رفع الحصانة الموجّهة له في أقرب الآجال وحثّ القضاة إلى التسريع في البتّ في القضايا المتعلّقة بالشخصيّات العامّة وكبار موظفي الدولة.
عبد الرؤوف العيادي: قدمت ملفًا حول الشبهات المتعلقة بالقاضي منذ سنتين!
في ذات الإطار، كشف المحامي والحقوقي عبد الرؤوف العيادي، في فيديو على حسابه على فيسبوك، أن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد معروف بشبهاته منذ عهد الاستبداد حينما كان يعمل في تفقدية وزارة العدل، مشيرًا إلى أنه تحصل على ملف حول شبهاته من هيئة الحقيقة والكرامة.
عبد الرؤوف العيادي: الرئيس الأول لمحكمة التعقيب معروف بشبهاته منذ عهد الاستبداد حينما كان يعمل في تفقدية وزارة العدل
وقال إنه أعلم المجلس الأعلى للقضاء والهيئة الوطنية للمحامين بالملف والمؤيدات المتعلقة بشبهات رئيس محكمة التعقيب، وذلك منذ اقتراح اسمه لرئاسة المحكمة قبل سنتين، مطالبًا حاليًا باستقالته.
وأكد أن القضية ليست معركة بين الرئيس الأول وووكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي لأن المجلس الأعلى للقضاء هو من كلف النيابة العمومية بالبحث على ضوء أبحاث التفقدية، معتبرًا أن الرئيس الأول أراد استمالة قوى سياسية دون أن يجيب عن الاتهام الموجه له أو يبرر مصدر أمواله.
وتحدث أن خسائر الدولة في قضايا التهريب، موضوع القرارات القضائية الصادرة محل الجدل، تبلغ 6 مليار دينار، مبينًا أن القاضي مشبوه يملك عقارات عديدة تمت عملياتها القانونية بين سنتيْ 2018 و2019.
ودعا العيادي النخب والفاعلين إلى إيلاء الملف الأولوية الوطنية القصوى معتبرًا أن سكوت القضاة والمحامين يعدّ تواطؤًا، داعيًا رئيس الجمهورية قيس سعيّد للتدخل ودعوة المجلس الأعلى للقضاء للبت في الموضوع.
قيادي سابق في جمعية القضاة يتفاعل
في ذات الإطار، دعا القاضي والقيادي السابق في جمعية القضاة التونسيين حمادي الرحماني إلى استقالة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، مؤكدًا أنه تعلقت به شبهات "لم يختلقها فيسبوك بل شهد عليه فيها زملاؤه وتمت فيها أبحاث جادة لا مفتعلة و جدية".
وذكّر، في حسابه على فيسبوك، أن الشبهات اقترنت بملفات عُزل فيها قاضيان عينهما هو شخصيًا وفي "ملابسات مريبة" للبت في ملفات التهريب وانتهت بالنقض بدون إحالة، مؤكدًا أن هذه الشبهات تستدعي الاستقالة الآلية ووضع النفس على ذمة العدالة، وفق تعبيره.
وقال "إن الاستقالة هي العمل الوحيد الذي ينقذ شرف الدولة وينقذ صورة العدالة حتى لا "يجرجر" المتورطون "الكبار" ورموز الدولة والعدالة الى المحاكم تحت أنظار الكاميرا".
اقرأ/ي أيضًا:
هذه قرارات رئيس الحكومة لفائدة القضاة
نظام تأجير خاص طبقًا للمعايير الدولية.. هل يتحقق مطلب القضاة؟