23-يونيو-2023
دينار عملة صعبة نقود فلوس

مرصد الاقتصاد: التضخم يرجع أساسًا إلى انخفاض قيمة الدينار مما يجعل أسعار السلع المستوردة أكثر ارتفاعًا (ياسين محجوب/ NurPhoto)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أفاد المرصد التونسي للاقتصاد، الأربعاء 21 جوان/يونيو 2023، بأن الدينار التونسي فقد، من سنة 2011 إلى سنة 2022، ما يعادل 52% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي، وفقه.

وأضاف، في تقرير له تحت عنوان "الإصلاحات النقدية تحت مظلة صندوق النقد الدولي: تخفيض قيمة الدينار كحالة دراسية"، أن هبوط الدينار يحيل على ظاهرة اقتصادية لها تأثير على حياة المواطن اليومية، فسواء تعلق الأمر بالغاز أو الوقود أو حتى الخبز المصنوع من القمح اللين المستورد، فإن قيمة العملة الوطنية هي في صلب حقيقة توفر السلع في السوق المحلية، حسب تقديره.

مرصد الاقتصاد: هبوط الدينار يحيل على ظاهرة اقتصادية لها تأثير على حياة المواطن اليومية، فسواء تعلق الأمر بالغاز أو الوقود أو حتى الخبز، فإن قيمة العملة الوطنية هي في صلب حقيقة توفر السلع في السوق المحلية

وأكد المرصد أن "التغيير في قيمة الدينار على مدى العقد الماضي كان في كثير من الأحيان نتيجة لسياسة مقصودة من السلطة النقدية التونسية، ونعني بذلك البنك المركزي التونسي".

 

صورة

 

وأشار، في ذات الصدد، إلى أن "سعر صرف الدينار التونسي كان موضوع سلسلة من الإصلاحات "الموجهة" بتوصيات من صندوق النقد الدولي في إطار برنامجي الإصلاح اللذيْن التزمت بهما تونس معه سنة 2013 ثم سنة 2016"، وفق ما جاء في تقرير المرصد.

 

 

وتابع: وفق خطاب صندوق النقد الدولي في المراجعة الأولى المتعلقة بآلية تسهيل الصندوق الممدد في جويلية/يوليو 2017، قال إن "من شأن زيادة مرونة سعر الصرف وتشديد السياسة النقدية أن يحسن عجز الميزان التجاري ويخفف الضغوط التضخمية ويزيد معدل تغطية الاحتياطات الدولية"، لكن النتائج لم تثبت دائمًا صحة هذه النظرية إذ أن الفترة الممتدة بين 2016 و2018 شهدت تفاقمًا للعجز على مستوى الميزان التجاري والحساب الجاري". 

مرصد الاقتصاد: تونس تعتمد بشكل كبير على الواردات وبالتالي فإن التخفيض في قيمة الدينار أدى  إلى زيادة كلفة شراء المواد الخام وكذلك كلفة الإنتاج بالنسبة للشركات ما أدى إلى تأثير عكسي على سعر المنتجات المصدرة

وأضاف المرصد التونسي للاقتصاد أن "البلاد تعتمد بشكل كبير على الواردات من المواد الخام الضرورية (الطاقة، الحبوب، المواد الصيدلية) والمواد شبه المصنعة لإنتاجها الصناعي"، مشيرًا إلى أنه "نتيجة لذلك، أدى التخفيض في قيمة العملة إلى زيادة كلفة شراء المواد الخام اللازمة وكذلك كلفة الإنتاج بالنسبة إلى الشركات، مما أدى إلى تأثير عكسي على سعر المنتجات المصدرة".

كما أشار إلى أن "التضخم ارتفع بشكل رئيسي مع تحرير الدينار في أفريل/نيسان 2016، ثم تسارع بعد فك ارتباط الدينار في مارس/آذار 2017"، مستطردًا أنه وفقًا لحساباته فإن "معامل الارتباط بين التضخم وسعر صرف الدينار التونسي مقابل اليورو بين جانفي/يناير 2013 ومارس/آذار 2016، كان منخفضًا (0.25)، بينما أصبح قويًا جدًا بين أفريل/نيسان 2016 وماي/أيار 2018 (-0.91). وتظهر هذه الأرقام أن التضخم يرجع أساسًا إلى تحرير الدينار وانخفاض قيمته، مما يجعل أسعار السلع المستوردة أكثر ارتفاعًا"، وفق ما جاء في التقرير ذاته. 

 

 

يشار إلى أن تونس تعيش أزمة مالية وتشهد تراجعًا في مخزون البلاد من العملة الصعبة، الأمر الذي جعل الدولة عاجزة في عديد الأحيان عن خلاص مزوّديها الأجانب، مما خلق أزمة نقص في بعض المواد الأساسية في الأسواق التونسية في فترات متواترة على غرار الزيت النباتي، الحليب، السكر، الفرينة، الدقيق، المحروقات، وغيرها من المواد التي تُفقد من الأسواق من فترة إلى أخرى.

يُذكر أن الحكومة التونسية قد توصلت لاتفاق مبدئي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لدعم إجراء بعض "الإصلاحات" كما سمتها الحكومة نفسها سابقًا، والتي تشمل خفض الدعم وتقليص أجور موظفي القطاع العام وإعادة هيكلة الشركات الحكومية.

بقي هذا الاتفاق المبدئي معلقًا وسط تأكيدات وزراء تونسيين أن تفعيله وشيك إلى أن ثبتت بعد فترة معارضة الرئيس التونسي قيس سعيّد الشديدة له، وفق تصريحات وبيانات قدمها، وقد وصف "شروط/إصلاحات" الصندوق بـ"الإملاءات المرفوضة"، مما أثار مزيد الغموض حول مآلات القرض.

ويعتقد مختصون اقتصاديون أنه ودون هذا القرض، ستواجه تونس أزمة كبيرة في ميزان المدفوعات. ومعظم ديون تونس داخلية لكن هناك مدفوعات مستحقة عليها لسداد قروض خارجية في وقت لاحق من هذا العام، وتقول وكالات التصنيف الائتماني إن تونس قد تتخلف عن السداد.