09-ديسمبر-2023
وكالة فيتش تصنيف تونس الائتماني

وكالة فيتش تثبت تصنيف تونس الائتماني عند مستوى "CCC-" (فاضل سنة/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

ثبتت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، الجمعة 8 ديسمبر/كانون الأول 2023، تصنيف تونس الائتماني عند مستوى "CCC-"، مرجعة ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها تزايد عدم اليقين بشأن قدرة الحكومة التونسية على تلبية احتياجات تمويل ميزانية الدولة، وزيادات احتياجات التمويل مقابل محدودية آفاق التمويل الخارجي.

وكالة فيتش تثبت تصنيف تونس الائتماني عند مستوى "CCC-"، مرجعة ذلك إلى عدة عوامل أبرزها تزايد عدم اليقين بشأن قدرة الحكومة التونسية على تلبية احتياجات تمويل ميزانية الدولة، ومحدودية آفاق التمويل الخارجي

وقالت وكالة فيتش، في تقرير لها، إنّ العوامل الرئيسية للإبقاء على التصنيف السيادي لتونس عند مستوى "CCC-" تتمثل في: 

 

  • مخاطر تمويل عالية 

وقالت وكالة فيتش إنّ تثبيت تصنيف تونس عند مستوى "CCC-" يعكس تزايد عدم اليقين بشأن قدرة الحكومة التونسية على تلبية احتياجات تمويل الميزانية الكبيرة للدولة، والتي تمت مراجعتها في غياب التقدم في إصلاحات الدعم الرئيسية، وزيادة آجال استحقاق الديون. 

كما ترى الوكالة الدولية أنه من غير المرجح أن يتم التوصل إلى برنامج لصندوق النقد الدولي في عام 2024.

 

  • زيادة احتياجات التمويل المالي: 

وتوقعت فيتش أن تكون احتياجات التمويل المالي لتونس ثابتة عند 16% أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي (أكثر من 8 مليارات دولار أمريكي) سنويًا في الفترة 2023-2025 مقارنة بنسبة 14% (حوالي 6 مليارات دولار أمريكي) في عام 2022، وأعلى بكثير من 2015-2019 متوسط ​​9%. 

وأشارت الوكالة إلى أنّ الحكومة التونسية تعتمد بشكل متزايد على التمويل المحلي القصير الأجل للتعويض عن التمويل الخارجي الشحيح.

 

  • آفاق التمويل الخارجي محدودة: 

وتحدثت الوكالة العالمية على محدودية آفاق التمويل الخارجي لتونس، مذكرة بأنها تلقت في نهاية سبتمبر/أيلول 2023، 1.3 مليار دولار أمريكي (2.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي) من التمويل الخارجي. ويقارن هذا بمبلغ 5.5 مليار دولار أمريكي (11% من الناتج المحلي الإجمالي) المنصوص عليه في قانون مالية عام 2023، بما في ذلك التزامات الشركاء الثنائية الكبيرة، والتي كانت في معظمها مشروطة ببرنامج صندوق النقد الدولي الذي لم يتحقق. 

وكالة فيتش: من المستبعد أن تتمكن تونس من الوصول إلى برنامج صندوق النقد الدولي في عام 2024، مما يحد من آفاق التمويل الخارجي

وتوقعت وكالة فيتش أن يصل التمويل الخارجي إلى حوالي 2 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية العام، مستبعدة في المقابل أن تتمكن تونس من الوصول إلى برنامج صندوق النقد الدولي في عام 2024، مما يحد من آفاق التمويل الخارجي.

 

  • تزايد التعويل على السوق المحلية

وتفترض وكالة فيتش أن الحكمة التونسية في حاجة إلى جمع ما يعادل 12% من الناتج المحلي الإجمالي من التمويل المحلي في الفترة 2023-2024 لتغطية فجوة التمويل.

فيتش: هناك مناقشات سياسية حول تغيير وضع البنك المركزي للسماح بالتمويل المباشر للحكومة وهو ما من شأنه أن يعرّض مصداقية البنك المركزي للخطر ويزيد الضغط على الأسعار وسعر الصرف

واستدركت أنّ القطاع البنكي في تونس يعاني من سيولة محدودة، معقبة أنّ هناك مناقشات سياسية حول تغيير وضع البنك المركزي التونسي للسماح بالتمويل المباشر للحكومة، أي فيما يتعلق باستقلالية البنك المركزي. 

وترى فيتش، في هذا الصدد، أنّ ذلك من شأنه أن يعرّض مصداقية البنك المركزي للخطر ويزيد الضغط على الأسعار وسعر الصرف.

 

  • إصلاحات محدودة وآفاق برنامج صندوق النقد الدولي: 

وأشارت الوكالة الدولية إلى أنّ الحكومة التونسية، لئن نفذت تدابيرًا تتعلق بالإيرادات وتوصلت إلى اتفاق بشأن الأجور يقلل الضغوط المالية على كتلة الأجور، إلا أنها لم تحرز تقدمًا فيما يتعلق بإصلاح نظام الدعم على الرغم من أنه يمثل إجراءًا مسبقًا آخرَ لبرنامج صندوق النقد الدولي.

واستطردت في هذا الصدد أنّ "هناك معارضة سياسية واضحة لزيادة أسعار المواد الغذائية ومنتجات الطاقة الخاضعة للدعم"، خالصة إلى أنه "نتيجة لذلك، توقفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج القرض"، مستبعدة أن تتقدم الإصلاحات في عام 2024، في سياق الانتخابات الرئاسية المنتظرة، وفق ما جاء في التقرير.

 

  • الديون المرتفعة: 

وتوقعت وكالة فيتش أن ترتفع قيمة الدين لتونس إلى حوالي 83% من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 2024-2025 بعد أن كانت في حدود 80% في عام 2023، مشيرة إلى أنّ مسار الديون لا يزال حساسًا للغاية للصدمات المالية -في سياق التعرض الشديد لتقلبات أسعار السلع الأساسية الدولية- وانخفاض قيمة العملة.

وأشارت الوكالة إلى أنّ الإدارة المشددة لسوق الصرف الأجنبي وتنظيمه أدت إلى إبقاء سعر الصرف مستقرًا على نطاق واسع في الفترة 2022-2023، مستدركة أنّ ندرة التمويل الخارجي قد تزيد الضغط على العملة، كما أن الانخفاض الحاد في قيمة العملة من شأنه أن يزيد بشكل كبير من قيمة الدين نظرًا لارتفاع الديون بالعملة الأجنبية.

 

  • تراجع النمو الاقتصادي

وتوقعت الوكالة أن يراجع ال​نمو الاقتصادي لتونس إلى مستوى 0.9% بعد أن كان في حدود 2.4% في عام 2022، وذلك نتيجة الانكماش الحاد في إنتاج القمح، متأثراً بنقص الأمطار. 

كما توقعت أن يظل النمو مقيدًا بسبب ارتفاع المخاطر السيادية التي تؤثر على بيئة الأعمال ومعنويات المستثمرين، وارتفاع معدلات التضخم (من المتوقع أن يبلغ متوسطه 9.3% في عام 2023).

 

 

وتعاني تونس من أزمة على المستوى المالي، خاصة فيما يتعلق بتوفير موارد مالية لتعبئة ميزانية الدولة، لاسيما وأنها تجد فيه صعوبات للحصول على تمويلات خارجية، في الوقت الذي يصرّ فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد على تأكيد ضرورة تعويل تونس على ذاتها.

وكان قيس سعيّد كان قد دعا، في 8 سبتمبر/أيلول 2023 خلال زيارة أداها إلى مقرّ البنك المركزي التونسي، إلى ضرورة "مراجعة وتطوير" القانون المتعلّق بضبط النظام الأساسي للبنك الصادر سنة 2016.

وانتقد الرئيس ما جاء في الفصل 25 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلّق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي والذي ينصّ في النقطة الرابعة على أنّه "لا يمكن للبنك المركزي أن يمنح لفائدة الخزينة العامة للدولة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض أو أن يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة. ولا ينطبق هذا التحجير على عمليات المساعدة المالية التي يمنحها البنك المركزي، حسب الشروط المبينة بهذا القانون، لفائدة البنوك والمؤسسات المالية التي تملك الدولة بصفة مباشرة أو غير مباشرة مساهمات في رأس مالها".

وبالتالي فإنّ الرئيس يدعو إلى مراجعة القوانين بشكل يسمح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر من خلال شراء سندات حكومية، وهي خطوة سبق أن حذر منها محافظ البنك المركزي التونسي لكنه لم يبد أي موقف خلال زيارة الرئيس الأخيرة.

وقد رأى مختصون في الشأن الاقتصادي أنّ خطاب قيس سعيّد من مقرّ البنك المركزي التونسي قد يعكس توجهًا لتمويل مباشر من البنك المركزي لميزانية الدولة، وهو ما حذروا منه.