28-مايو-2021

مختلف ردود الأفعال على تدخل شخصيات ذات خلفية عسكرية لتقديم مقترحات حلول للأزمة الراهنة في تونس (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

تفاعل عدد من السياسيين من مختلف الأحزاب في تونس مع ما جاء في البيان الذي نشرته مجموعة من القيادات العسكرية المتقاعدة، ووجهت من خلاله نداءً لرئيس الجمهورية  قيس سعيّد، دعته فيه إلى إلقاء خطاب توجيهي تجْمِيعِي في جلسة عامّة ممتازة لمجلس نواب الشعب، يحضرها كلّ أعضاء الحكومة ورؤساء المنظمات الوطنيّة. 

واعتبر الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، الجمعة 28 ماي/آيار 2021، أن "دخول بعض القيادات العسكرية المتقاعدة في الشأن السياسي واستعمال رتبتهم للتوجيه والتأثير والضغط على مؤسسات الدولة ظاهرة غير صحية وخطيرة خاصة إذا علمنا بأن هناك جهات سياسية متخفية تدفعهم لهذا الصنيع لغايات لا علاقة لها بمصلحة البلاد واستقرارها"، وفق تقديره.

غازي الشواشي: دخول بعض القيادات العسكرية المتقاعدة في الشأن السياسي واستعمال رتبتهم للتوجيه والتأثير والضغط على مؤسسات الدولة ظاهرة غير صحية وخطيرة

ودعا الشواشي، في تدوينة نشرتها على حسابه بموقع التواصل "فيسبوك"، رئيس الجمهورية إلى "الانتباه والأخذ بزمام الأمور وممارسة صلاحياته كاملة فعلًا لا قولًا كرمز لوحدة الدولة وضامن لاستقلال البلاد وإطلاق الحوار الوطني الموعود بغاية إنقاذ البلاد من الانهيار" وسحب البساط ممن وصفهم بـ"الفوضويين والمخربين والانتهازيين"، حسب تعبيره. 

ومن جهته، قال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، الجمعة، "بعد الأميرال العكروت، ها هي مجموعة من العسكريين المتقاعدين بقيادة أمير اللواء محمد المؤدب تدخل على الخط باستعمال صفتهم العسكرية وتوجه نداءً إلى رئيس الجمهورية لإنقاذ البلاد"، مستطردًا: "بدأنا نقترب من المحظور واللعب بالنار"، وفق توصيفه.

عصام الشابي: من يريدون دخول غمار السياسية عليهم التخلي عن صفاتهم ورتبهم والمشاركة كمواطنين لا كفيالق عسكرية وإلا فإننا سنحفر قبر الديمقراطية بأيدينا

وأضاف، في تدوينة نشرها على صفحته بموقع التواصل فيسبوك"، "الانقاسامات بدأت تتسرب إلى المتقاعدين من الجيش الذين باتوا، على غرار غيرهم من التونسيين، يمارسون هواية الاصطفاف السياسي وهم يدّعون العمل على إنقاذ البلاد"، معتبرًا أن "هذه التحركات لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة طبيعية لاستسهال الحديث عن الانقلابات والدعوة إلى إقحام المؤسسة العسكرية في حسم الخلافات ولتنازع الصلاحيات حول المؤسسة الأمنية والتأويل الخاطئ للفصل 80 من الدستور".

وتابع الشابي: "إما ان نقف جميعًا في وجه هذا المنزلق الخطير وندعو هؤلاء وغيرهم ممن يعتزمون دخول غمار السياسة إلى التخلي عن صفاتهم ورتبهم والمشاركة في الحياة السياسية كمواطنين لا كفيالق عسكرية، حتى وإن كانوا متقاعدين، وإلا فإننا سنحفر قبر الديمقراطية بأيدينا"، حسب تعبيره.

وكانت مجموعة من القيادات العسكرية المتقاعدة قد وجهت، في ساعة متأخرة من مساء الخميس 27 ماي/ آيار 2021، نداءً لرئيس الجمهورية  قيس سعيّد، دعوه فيه إلى إلقاء خطاب توجيهي تجْمِيعِي في جلسة عامّة ممتازة لمجلس نواب الشعب، يحضرها كلّ أعضاء الحكومة ورؤساء المنظمات الوطنيّة. 

كما دعوه إثر ذلك إلى دعوة كل من رئيسي مجلس النّواب والحكومة لاجتماع عاجل بقصر الجمهورية بقرطاج، يُعْقَد في غضون 48 ساعة من تاريخ الخطاب بمجلس النواب، يُخصَّص لِطَيِّ صفحة القطيعة واستعادة الاتّصالات الطبيعيّة بين الرئاسات الثلاثة وتدارس رهانات المرحلة ومتطلّباتها، على أن يتمّ التوصّل في ذات الاجتماع إلى حلّ يُمَكِّن الوزراء الحائزين على ثقة مجلس النواب، باستثناء الذين تعلّقت أو تتعلّق بهم قضايا فساد جارية، من أداء اليمين في غضون 3 أيام من تاريخ الاجتماع، حتى تستكمل الحكومة تركيبتها الطبيعيّة.

ونادت القيادت العسكرية رئيس الجمهورية أيضًا بدعوة مجلس الأمن القومي للاجتماع بحضور رؤساء كل من البرلمان والحكومة والمنظمات الوطنية، في جلسة تُخَصَّصُ للتّشاور حول تراتيب إطلاق حوار، حول أهمّ أولويات البلاد لإنقاذها من الوباء والانهيار الاقتصادي. 

يُذكر أن المستشار السابق للأمن القومي في عهد الرئيس الباجي قائد السبسي الأميرال كمال العكروت كان قد نشر تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل فيسبوك، الثلاثاء 25 ماي/ آيار 2021 تحمل عنوان ''بيان إلى الرأي العام''، وصف من خلالها، وفق تقديره، الوضع الراهن في البلاد داعيًا إلى "تخليص البلاد من منظومة استبداد بعض الأحزاب بمقدّرات البلاد بمنطق الغنيمة واحتكار القرار الوطني، وإعادة السيادة للشعب للتعبير عن إرادته الحرّة"، وفق توصيفه.

وورد في تدوينة العكروت أنه يرى عدم وجود "أي مُؤشرات للإصلاح"، مشيرًا لـ"انشغال المسؤولين على مؤسسات الدولة بالصراعات الهامشية على حساب المصالح العليا للوطن والشعب".

عبد اللطيف المكي: مبادرة العكروت فيها انحياز سياسي وحزبي وليست مواقف عامة ومن شأن ذلك أن ينعكس سلبًا على صورة الجيش الوطني الباسل

وفي تعليقه على ذلك، نشر القيادي بحركة النهضة عبد اللطيف المكي، صباح الجمعة 28 ماي/آيار 2021 تدوينة على صفحته الخاصة بفيسبوك، وجه فيها رسالة إلى الأميرال كمال العكروت قائلًا: "رغم أنني لا أشجع على انخراطك مباشرة في الحياة السياسية فالتجربة الديمقراطية في بلادنا لا تزال ناشئة، فتخيل أن يقوم ضابط أو ضباط متقاعدون مثلك ويبادرون بما يعارض ما بادرت به وينحازون ضد انحيازك، ألا ينعكس ذلك سلبًا على صورة الجيش الوطني الباسل؟".

وأضاف المكي، في ذات الإطار، أن مبادرة العكروت "فيها انحياز سياسي وحزبي وليست مواقف عامة"، مطالبًا إياه بـ"التحفظ والاكتفاء بالمواقف العامة دون انحياز سياسي واضح"، حسب قوله.

واعتبر أن استبدال الطبقة السياسية الحالية لا يكون إلا بالدعوة إلى حوار وطني يحدد فيه المشاركون مكمن المصلحة الوطنية أو بالدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها"، على أن يكون هذان الحلان تحت الدستور والقانون، وفق تقديره.

واستطرد أن غير هذين المسارين لن يكون إلا دفعًا نحو صيغ مجهولة وغير منضبطة قد يكون أفضلها أسوأ مما نحن فيه، خالصًا إلى أنه "وقت الأزمات السياسية لا تنفع المواقف الحادة"، على حد توصيفه. 

وتتتالى مؤخرًا بشكل لافت التحركات والدعوات من شخصيات ذات خلفية عسكرية لتقديم مقترحات حلول للأزمة الراهنة في تونس، على اختلاف هذه المقترحات، والتي لا يبدو أنها تصب في ذات التوجه لكنها تثير جدلًا خاصة حول توظيف الصفة العسكرية لهذه الشخصيات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قدموا حلولًا للأزمة السياسية: قيادات عسكرية متقاعدة توجه نداء لقيس سعيّد

مستشار أمني سابق: حان زمن تخليص البلاد من استبداد بعض الأحزاب