01-مايو-2020

أكد متابعون أن مستوى المسلسل لا يعكس الضجة التي أثارها حول قضية بثه

 

لا تزال تتصاعد موجة الجدل حول مسلسل "قلب الذيب" والتي كانت قد انطلقت قبيل رمضان على إثر المعركة القضائية بين قناة "الحوار التونسي" من جهة والقناة الوطنية وشركة الإنتاج من جهة أخرى، وهي معركة تواصلت فصولها حتى بعد بدء الشهر المبارك إلى غاية إقرار محكمة الاستئناف بأحقية القناة الوطنية في بث المسلسل.

تركزت الانتقادات لمسلسل "قلب الذيب" حول ما اُعتبر ضعفًا فنيًا وأخطاء تحديدًا في الوقائع التاريخية 

غير أن الجدل، منذ انطلاق بث المسلسل، تركّز حول ما اُعتبر ضعفًا فنيًا وأخطاء تحديدًا في الوقائع التاريخية عدا عن أخطاء الديكور والملابس، بما يخالف الانتظارات من هذا العمل وبما لا يعكس حجم الضجة التي أثارها من تنازع بين قناتين من أجل بثه.

مستشار المسلسل التاريخي ليس مطلعًا

 الانتقادات للمسلسل، الذي يتعرض إلى فترة المقاومة المسلحة منذ عام 1948 ضد المحتل الفرنسي، كانت أساسًا حول توارد الأخطاء التاريخية ومنها أن المقاومة في تونس انطلقت عام 1952 وليس عام 1948. ومن بين الأخطاء أيضًا تصوير المسلسل أن إمدادات السلاح للمقاومة التونسية كانت تأتي من الجزائر وهو مخالف للثابت في الوقائع التاريخية.

اقرأ/ي أيضًا: "فوّهة الحنجرة".. البعد الفني للمقاومة المسلحة زمن الاستعمار

وانتقد مختصون في التاريخ، في هذا الإطار، عدم استعانة المسلسل بأستاذ تاريخ لمراجعة الأحداث التاريخية وتصحيحها، في مقابل الاستعانة بالممثل عزيز باي، الذي يُقدم بأنه حفيد البايات، والذي ظهر اسمه في جنيريك العمل كـ"مستشار تاريخي" والحال أنه ليس مختصًا في التاريخ المعاصر.

ففي هذا الجانب، أكد أستاذ التاريخ المعاصر عدنان منصر، وهو مشارك في مؤلف أكاديمي حول تاريخ المقاومة المسلحة في تونس، أنه "لا تستطيع، بداعي أن العمل فني، قلب الأحداث تمامًا، كوضع التأثيرات في عكس اتجاهها التاريخي، عدم اعتبار زمن انطلاق المقاومة المسلحة، ومكان انطلاقها، وظرفية انطلاقها والفاعلين في انطلاقها".

عدنان منصر (أستاذ التاريخ المعاصر): لا تستطيع بداعي أن العمل فني قلب الأحداث تمامًا كوضع التأثيرات في عكس اتجاهها التاريخي

وأضاف "حتى في العمل الفني، يُحتفظ بالعلامات الأساسية، ويقع الاجتهاد في الصورة، والإخراج، بل وحتى خلق قصة داخل هذه الأحداث الكبرى المتفق عليها، أما العلامات الأساسية فتبقى في مكانها".

وأوضح، في هذا الإطار، أنه "لم تأت تقريبًا قطعة سلاح واحدة من الجزائر" مؤكدًا، في صفحته على فيسبوك، أنه لا يمكن الحديث عن إمداد من الجزائر على الأقل إلا عندما تمركزت المقاومة الجزائرية بسلاحها ببعض المناطق الحدودية وكان ذلك في كل الحالات بعد الاستقلال".

وبيّن أن "معظم هذه الأسلحة كان من مخلفات الحرب العالمية الثانية، وهي أساسًا ألمانية (بندقية الموزر) وأحيانًا بريطانية وأمريكية، أخفيت بإحكام وأفلتت من عمليات تجميع الأسلحة التي قامت بها السلطات بعد نهاية الحرب" مبينًا أن جزءًا من السلاح قدم قبيل الاستقلال الداخلي من ليبيا.

 

لا تستطيع، بداعي أن العمل "فني"، قلب الأحداث تماما، وضع التأثيرات في عكس اتجاهها التاريخي، عدم اعتبار زمن انطلاق...

Publiée par ‎عدنان منصر - Adnen Manser‎ sur Samedi 25 avril 2020

 

 

ملاحظات سريعة في موضوع سلاح المقاومة التونسية: أولا، لم تأت تقريبا قطعة سلاح واحدة من الجزائر، على الأقل لفترة متأخرة...

Publiée par Adnen Mansar sur Mercredi 29 avril 2020

 

بدوره، تحدث أستاذ التاريخ المعاصر عادل بن يوسف، في تصريح لإذاعة "أي اف ام" عن تعدد الأخطاء التاريخية في "قلب الذيب" منها عدم صحة مشهد إعدام مواطن تونسي في ساحة عامة عام 1948 مبينًا أن تنفيذ حكم الإعدام في حق المتورطين في قضايا وطنية بالساحات الوطنية توقف بداية من سنة 1925. ومن الأخطاء الأخرى الحديث عن مقاومة مسلحة في إطار الحركة المنصفية بعد عزل المنصف باي في حين أن هذه الحركة لم تشهد مقاومة مسلحة وفق تأكيده.

ويبدو أن تصاعد الانتقادات للأخطاء التاريخية للمسلسل دفعت لإضافة جملة في بداية المسلسل أن "هذا العمل درامي ولا يمت للواقع بصلة".

أخطاء في الديكور والملابس

"قلب الذيب" وهو أول عمل من إخراج بسام الحمراوي تضمن أخطاء في الديكور والملابس رصدها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

أستاذ التاريخ المعاصرعادل بن يوسف تحدث عن تفاصيل دقيقة في اختيار الملابس لا تتوافق مع المرحلة التاريخية أو المكان، إذ بين أن أقمصة شخصية الممرض الهادي (الممثل عزيز الجبالي) لا تتماشى مع فترة الخمسينيات، كما أن يافطات المحلات والشبابيك والأبواب لا تمت إلى واقع تلك الفترة الزمنية بأية صلة، شأنها في ذلك الفساتين وأحذية الكعب العالي وحقائب اليد التي لم تصبح موضة إلا بعد فترة الخمسينيات والستينات وفق تأكيده.

اقرأ/ي أيضًا: هل تحوّلت الدراما التونسية إلى خطر يهدّد المراهقين؟

وأضاف أنه تمت الإشارة إلى أن المسلسل تم تصويره في جهة القصرين، فيما ظهر الممثلون يرتدون الكذرونة وهي من خصوصيات الساحل التونسي ولا تتماشى مع المكان.

ومن الأخطاء المرصودة أيضًا ظهور شباك عصري مصنوع من الألومنيوم بشكل واضح في خلفية أحد المشاهد، عدا عن ظهور عبوات أرشيفية حديثة في مشهد آخر.

في جانب آخر، أشار مشاهدون إلى استعمال عبارات عصرية في الحوارات لا تتوافق مع تلك الفترة التاريخية، إضافة لوجود مشاهد غير واقعية منها أكل أحد المقاومين لعقرب في الجبل إضافة لاستعمال كلب من نوع "هيسكي" وكأنه ذئب وهو ما أثار موجة سخرية على مواقع التواصل.

 

اقرأ/ي أيضًا:

معركة طبلبة 23 جانفي 1952.. حين وقع المحتلّ في كمائن القرية الثائرة

المدن العتيقة في الدراما والسينما: تيمة نجاح وأكثر من ديكور