10-مارس-2023
بشير العكرمي

هيئة الدفاع عن بشير العكرمي: نحمّل السلطة مسؤولية سلامته الجسدية والنفسية

الترا تونس - فريق التحرير

 

أصدرت هيئة الدفاع عن وكيل الجمهورية الأسبق للمحكمة الابتدائية بتونس والقاضي المعفي بأمر رئاسي، البشير العكرمي، بيانًا الجمعة 10 مارس/آذار 2023، أدانت فيه ما قالت إنه "استهداف ممنهج يتعرض له العكرمي إثر تتبعه من أجل قضايا مفتعلة سبق النظر فيها"، محمّلة السلطة مسؤولية سلامته الجسدية والنفسية، وفقها.

هيئة الدفاع عن بشير العكرمي: استهداف ممنهج يتعرض له منوّبنا إثر تتبعه من أجل قضايا مفتعلة سبق النظر فيها

وندّدت هيئة الدفاع بـ"التنكيل الممنهج الذي يتعرّض له القاضي بشير العكرمي، انتقامًا منه على خلفية ما اتخذه من قرارات قضائية لتتبع جرائم التعذيب والتصدي لتجاوزات أعوان الضابطة العدلية، وسعيًا إلى إخماد صوته وطمس الحقائق التي يحتكم عليها".

كما حمّلت، في السياق نفسه، "مسؤولية سلامة المنوّب الجسدية والنفسية للسلطة السياسية القائمة"، مطالبة القضاة المتعهدين بالالتزام التام بحكم القانون والاحترام الكامل لحقوق المنوب وحريته وحرمته الجسدية والنفسية، وذكرتهم بأن مسؤوليتهم في ذلك تبقى كاملة "ولا يمكن أن يعفيهم من تحملها أو يبرر تخليهم عنها ما يمارس عليهم من ضغوط وترهيب من وزيرة العدل ورئيس الجمهورية".

 

 

وقد حذّرت الهيئة في هذا الإطار، "كلّ من شارك في استهداف المنوب بتلفيق القضايا له والمسّ من سلامته الجسدية والنفسية"، مؤكدة عزمها على "تتبع كل من شارك أو تواطأ في التنكيل به دون وجه حق"، داعية "الشرفاء من المحامين والقضاة والإعلاميين والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إلى مساندة القضاة الشرفاء ودعمهم في معركة استرجاع استقلاليتهم تجاه الجميع وخاصة تجاه السلطة القائمة".

وأكدت هيئة الدفاع أنّ موضوع قضية الحال "سبق التعهد به من قبل الجهات القضائية حيث كان موضوع شكاية جزائية قدمت من نفس الجهة وتمّ حفظها من قبل النيابة العمومية في 2016 وتم تقديمها من جديد في سنة 2020 وحفظت سنة 2021، ليتم القيام بها مجددًا من نفس الجهة على المسؤولية الخاصة ولا تزال القضية إلى اليوم منشورة لدى مكتب عميد قضاة التحقيق، إلا أنّ الشاكين عمدوا إلى تقديم شكاية الحال في نفس الموضوع يوم 6 فيفري/ شباط 2023، في مخالفة للقانون الذي يمنع إثارة التتبع من أجل نفس الفعل مرتين".

هيئة الدفاع عن بشير العكرمي: تغيّب أغلب قضاة التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب عن العمل بداعي وعكات صحية يكشف حقيقة ما يتعرضون إليه من ضغوط من السلطة التنفيذية

ولاحظت هيئة الدفاع عن القاضي بشير العكرمي، أنّ "تغيّب أغلب قضاة التحقيق بقطب مكافحة الإرهاب عن العمل بداعي وعكات صحية يكشف حقيقة ما يتعرضون إليه من ضغوط من السلطة التنفيذية، بعد أن عمدت إلى عزل 57 قاضيًا دفعة واحدة يوم غرة جوان/ يونيو 2022، خارج أي إطار قانوني وفي ضرب لأدنى ضمانات استقلال السلطة القضائية وانتهاك لمبدأ التفريق بين السلط".

وذكّرت الهيئة بأن تلك القرارات استندت في جلها إلى تقارير أمنية، وكانت أغلبها بسبب رفض القضاة المعنيين الرضوخ لتعليمات السلطة التنفيذية، والانخراط في مسار التضييق على الحريات الفردية والعامة، وفقها.

وأعلنت هيئة الدفاع أن "السلطة التنفيذية عمدت الأسبوع الماضي إلى منع قاضي التحقيق بالمكتب 23 بقطب مكافحة الإرهاب من العمل وذلك بتغيير أقفال مكتبه، تبعًا لاتخاذه قرارًا في إبقاء أحد المظنون فيهم بحالة سراح خلافًا لرغبة السلطة في إيداعه بالسجن، والتي عبر عنها رئيس الجمهورية حرفيًا بقوله إنّ (من يتجرأ على تبرئتهم فهو شريك لهم)".

هيئة الدفاع عن بشير العكرمي: تمّ منع قاضي تحقيق من العمل وذلك بتغيير أقفال مكتبه، تبعًا لاتخاذه قرارًا في إبقاء أحد المظنون فيهم بحالة سراح خلافًا لرغبة السلطة في إيداعه بالسجن

ولفتت الهيئة إلى أن عدد قضاة التحقيق المباشرين حاليًا وبصفة فعلية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب لا يزيد عن اثنين: "أحدهما تمّ قبول تجريحه في نفسه بعد تكليفه بنيابة قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثامن، والثاني مجرّح فيه بدوره لأنه سبق له أيضًا الإدلاء بشهادة ضدّ المنوب أمام تفقدية وزارة العدل" وفق بيانها.

وقد أوضحت هيئة الدفاع عن القاضي البشير العكرمي ملابسات هذه القضية وحيثياتها كما يلي:

  • "بتاريخ الأحد 12 فيفري/ شباط 2023 تمت مداهمة منزل المنوب واقتياده إلى مقر وحدة الإرهاب ببوشوشة دون سبق استدعاء وفي غير حالة تلبس، في خرق صارخ للقانون وانتهاك جسيم لأدنى الضمانات القانونية، وذلك استنادًا إلى شكاية صادرة عن عوني أمن تابعين لنفس الفرقة الأمنية التي قامت بالمداهمة والتي باشرت الأبحاث في الشكاية،
  • عونا الأمن اللذان تقدما بالشكاية هما محل تتبع من أجل جرائم التعذيب، وذلك على خلفية قيام المنوب سنة 2015 بصفته قاضي التحقيق في قضية الاعتداء الارهابي بمتحف باردو، بسحب الملف من الوحدة الأمنية المعنية وتعهيد وحدة أخرى مختصة أيضًا بالقضايا الإرهابية، تبعًا لمعاينته ٱثار تعذيب على المظنون فيهم وثبوت زيف الاعترافات التي انتزعت منهم تحت التعذيب، وهو القرار الذي مكّن لاحقًا من كشف كامل الحقيقة في الملف المذكور وإيقاف الضالعين الحقيقيين في الجريمة، وثبوت براءة من انتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب،
  • المنوب يخوض إضرابًا عن الطعام منذ مداهمة منزله واحتجازه خارج إطار القانون يوم 12 فيفري/ شباط وحتى الآن.

هيئة الدفاع عن بشير العكرمي: منوّبنا يخوض إضرابًا عن الطعام منذ مداهمة منزله واحتجازه خارج إطار القانون يوم 12 فيفري وحتى الآن

  • ظلّ المنوب محتفظًا به طيلة 5 ايام ليتمّ إنهاء الاحتفاظ به من قبل النيابة العمومية يوم 17 فيفري/ شباط والإذن بإطلاق سراحه، وذلك بعد أن قدّم لسان الدفاع للنيابة العمومية ما يفيد نشر قضايا ضدّ الشاكيين من أجل التعذيب والتدليس، إلاّ أنّه بالتوازي مع ذلك اتخذت النيابة في ذات الوقت قرارًا بإيواء المنوب وجوبيًا بمستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية.
  • يوم الخميس 23 فيفري/ شباط تفاجأت عائلة البشير العكرمي ومحاموه باتصال من قسم الطب النفسي الشرعي بمستشفى الرازي تدعو فيها رئيسة القسم العائلة للحضور من الغد الجمعة 24 فيفري/ شباط لاستلام المنوب والعودة به للمنزل بعد أن تمّ رفع قرار الإيواء الوجوبي المتخذ بشأنه من قبل رئاسة المحكمة الابتدائية بتونس.
  • يوم الجمعة 24 فيفري/ شباط يتمّ تطويق مستشفى الرازي مع انتشار أمني مكثف داخله انتهى إلى اقتياد المنوب عنوة، وهو بحالة سراح قانونًا، يتم اقتياده من جديد ليلًا إلى مقر وحدة البحث في الجرائم الإرهابية ببوشوشة.
  • يتم الاحتفاظ مجددًا بالمنوب بموجب شكاية ثانية مقدمة من حزب (الوطد) بتاريخ 7 فيفري/ شباط 2023 للنيابة العمومية بقطب مكافحة الإرهاب وتمت إحالة الشكاية على الوحدة المذكورة يوم 8 فيفري/ شباط أي قبل أربعة أيام من مداهمة منزل المنوب وإيقافه، وتلك الوحدة تولت سماع وكيل الشاكي يوم السبت 18 فيفري/ شباط 2023 على الساعة منتصف النهار أي بعد إنهاء الاحتفاظ بالمنوب في القضية الأولى وإيوائه وجوبيًا بالمستشفى، علمًا وأن الشكاية الثانية هي أيضًا موضوع قضية منشورة لدى التحقيق بموجب قيام ذات الحزب على المسؤولية الخاصة بعد أن تمّ حفظ شكايته ضد المنوب في مناسبتين (2016 + 2021)، ويمنع قانونًا فتح بحث جديد بشأنها وتعهيد الضابطة العدلية بالبحث فيها إلا في إطار إنابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق المختص.

هيئة الدفاع عن بشير العكرمي: قاضي التحقيق بالنيابة قام بالتجريح في نفسه باعتبار أنه سبق له الإدلاء بشهادة ضدّ المنوب أمام تفقدية وزارة العدل

  • تمّ تمديد فترة الاحتفاظ بالمنوب في مناسبتين آخرهما يوم الاثنين الماضي ليتمّ إنهاء الاحتفاظ به يوم الأربعاء 8 مارس/ آذار 2023، وعرض محضر البحث على النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والتي أذنت بفتح بحث تحقيقي لدى مكتب التحقيق الثامن بقطب مكافحة الإرهاب. إلاّ أنّه بمجرد صدور قرار فتح البحث التحقيقي تفاجأ هيئة الدفاع بتغيب قاضي التحقيق بالمكتب الثامن المتعهد، ويقع إعلامها بأنه أصيب بوعكة صحية، تولت على إثرها رئاسة المحكمة الابتدائية بتونس في نفس اليوم إمضاء مذكرة عمل تم بمقتضاها تعيين قاضي التحقيق بالمكتب 40 لينوب عن قاضي التحقيق المتعهد.
  • قام قاضي التحقيق بالنيابة بالتجريح في نفسه باعتبار أنه سبق له الإدلاء بشهادة ضدّ المنوب أمام تفقدية وزارة العدل، وتولى التمديد في أجل الاحتفاظ بالمنوب ليومين نهايتهما الجمعة 10 مارس/ آذار.
  • أيّدت يوم الخميس 9 مارس/ آذار رئاسة محكمة الاستئناف بتونس مطلب التجريح المثار من قبل القاضي المعوّض، لثبوت ما يوجب التجريح طبق القانون" وفق نص البيان.

 

 

وكانت المحامية إيناس حراث، قد أعلنت في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة 24 فيفري/شباط 2023، أنه النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت من جديد بالاحتفاظ بالبشير العكرمي.

وللإشارة فإن البشير العكرمي كان قانونيًا في حالة سراح، وتم وضعه في حالة إيواء وجوبي بمستشفى الأمراض النفسية والعقلية الرازي بناء على قرار قضائي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بتونس في 17 فيفري/شباط 2023. 

وكانت عائلة البشير العكرمي تنتظر مغادرته مستشفى الرازي الجمعة، بعد انقضاء الفترة القانونية المحددة، وإعطائه شهادة طبية تفيد بأن يظلّ خاضعًا للمراقبة الطبية المستمرة، وفق ما أكده محاميه أنور أولاد علي الجمعة في تصريح لـ"كشف ميديا".

وقالت المحامية إيناس حراث في تدوينة نشرتها ليلة الجمعة على فيسبوك: "بعد إخراج الحماية المدنية وسيارة الإسعاف التي تم استدعاؤها للغرض والمحامين وعائلة البشير العكرمي من مستشفى الرازي، قامت وحدة مكافحة الإرهاب باعتقاله ونقله في سيارة أمنية عادية إلى مركز الاحتفاظ ببوشوشة رغم حالته الصحية الكارثية ورغم معارضة الأطباء"، وفقها.

وذكّرت المحامية بأن "البشير العكرمي في إضراب جوع منذ أسبوعين وعاجز عن المشي"، متسائلة: "يبقى السؤال لماذا وصلت الرغبة في التنكيل به إلى تعمد صرف سيارة الإسعاف ونقله في سيارة أمنية عادية وهو في تلك الحالة الخطيرة؟ وما الذي جد بين قرار السراح الذي اتخذ في شأنه يوم الجمعة الماضي واليوم ليقع الإذن بالاحتفاظ به من جديد ومن نفس الجهة التي اتخذت قرار التسريح؟"، حسب ما ورد في نص التدوينة.