24-ديسمبر-2022
تزايد الضرائب في قانون المالية لسنة 2023 في تونس

قدرت الحكومة التونسية حجم مداخيلها للسنة 2023 بنحو 46.4 مليار دينار من بينها 40,5 مليار دينار كمداخيل جبائية (صورة توضيحية/Getty)

 

صدر قانون المالية لسنة 2023 أخيرًا في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية)، مساء الجمعة 23 ديسمبر/كانون الأول 2022، في شكل مرسوم رئاسي، بعد أن كان يمر خلال السنوات الماضية منذ منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول، من الحكومة التونسية إلى البرلمان ولجانه أين يُناقش ويتعرف عليه الإعلام والباحثون ويتداولون حوله لأكثر من شهر بالنقد والاقتراح ثم تتم المصادقة عليه في جلسة عامة شهيرة غالبًا، كأقصى حد يوم 10 ديسمبر/كانون الأول كما كان ينص على ذلك دستور 2014.

لم يلق قانون المالية للسنة 2023 نفس المسار المذكور أعلاه وتلقى التونسيون وإعلامهم قانون/مرسوم المالية للسنة الجديدة على صفحات الرائد الرسمي "جاهزًا" بعد أن تمت المصادقة عليه من الرئيس التونسي قيس سعيّد.

قدرت الحكومة التونسية حجم نفقات الدولة للسنة القادمة بنحو 53,9 مليار دينار محددة المداخيل المرخص في استخلاصها بنحو 46.4 مليار دينار من بينها 40,5 مليار دينار كمداخيل جبائية

وكما كان منتظرًا وتجاوبًا مع ما يطلق عليه "إصلاحات صندوق النقد الدولي" أملًا في الحصول على تمويل قرض من الصندوق مع بداية السنة الجديدة، جاء القانون زاخرًا بإجراءات لتعبئة التمويلات وتخفيض تداول الأموال نقدًا وإقرار ضرائب جديدة وتخفيض نفقات الدعم، وهو ما اتضح أيضًا في تقرير الميزان الاقتصادي، الذي نشرته وزارة الاقتصاد والتخطيط التونسية.

وقدرت الحكومة التونسية في القانون حجم نفقات الدولة للسنة القادمة بنحو 53,9 مليار دينار محددة المداخيل المرخص في استخلاصها بنحو 46.4 مليار دينار من بينها 40,5 مليار دينار كمداخيل جبائية، مع تقديرات للعجز بزهاء 7,5 مليار دينار.

وعلى مستوى تقرير الميزان الاقتصادي، الذي نشرته وزارة الاقتصاد والتخطيط التونسية، يوم الجمعة أيضًا، تأمل الحكومة أن تحقق تراجعًا في عجز ميزانية الدولة لسنة 2023 إلى 5.5 % من الناتج المحلي لتنحصر في حدود 8890 مليون دينار مقابل 7.7 % في عام 2022.

تأمل الحكومة  التونسية أن تحقق تراجعًا في عجز الميزانية مستندة على ارتفاع منتظر في المداخيل الجبائية وتراجع لنفقات الدعم

وتفسر الحكومة التونسية ما تأمله من تراجع في عجز ميزانية الدولة للسنة 2023 بـ"ارتفاع منتظر في المداخيل الجبائية بنسبة 12.5 % مقابل تراجع نفقات الدعم بنسبة 26.4 % وانخفاض نفقات العمليات المالية بـ56.5 %".

ولتغطية هذا العجز، السلطات التونسية مطالبة بتعبئة موارد اقتراض بقيمة 24.1 مليار دينار متأتية بنسبة 66.2 % من الاقتراض الخارجي دون تقديم أي توضيحات عن مصدر هذه القروض خاصة في ظل تأخر نظر صندوق النقد الدولي في ملف القرض الموجه لتونس.

لتغطية عجز ميزانيتها، السلطات مطالبة بتعبئة موارد اقتراض بقيمة 24.1 مليار دينار متأتية بنسبة 66.2 % من الاقتراض الخارجي دون تقديم أي توضيحات عن مصدر هذه القروض خاصة في ظل تأخر نظر صندوق النقد في ملف قرض تونس

وقد بٌنيت هذه التقديرات وفق جملة من الفرضيات، كما ورد في تقرير الميزان الاقتصادي لسنة 2023، ومنها تطور الموارد الذاتية للدولة وبشكل خاص موارد الجباية (12.5 %) من خلال تطور مرتقب للضريبة على الشركات (8.7 %) والأداء على القيمة المضافة (12.5 %). جدير بالذكر أن خدمة الدين العمومي ستسجل زيادة بنسبة 44.4 % مقارنة بـ2022 باعتبار ارتفاع نفقات تسديد أصل وفائدة الدين العمومي.

ووفق ذات التقرير، ورد أن السلطات التونسية تطمح لتحقيق نسبة نمو اقتصادي بـ1.8 % خلال سنة 2023، مستندة على "فرضيات حذرة وواقعية تأخذ في الاعتبار طبيعة المرحلة على المستوى الوطني وارتفاع المخاطر على الصعيد الدولي"، وفقها.

 

 


ونقدم أسفله نقاطًا لافتة من قانون المالية 2023 في تونس:

  • إحداث ضريبة بنسبة 0,5 % على الثروة العقارية

أقر قانون المالية لسنة 2023 ضريبة جديدة بنسبة 0,5 % على العقارات التي تساوي أو تفوق قيمتها التجارية الحقيقية 3 مليون دينار، أطلق عليها "الضريبة على الثروة العقارية". وتوظف هذه الضريبة، في غرة جانفي/يناير من كل سنة، على مكاسب كل شخص طبيعي من العقارات التي تساوي أو تفوق قيمتها التجارية الحقيقية 3 مليون دينار بما في ذلك العقارات الراجعة بالملك لأبنائه القصر الذين هم في كفالته.

ضريبة جديدة بنسبة 0,5 % على العقارات التي تساوي أو تفوق قيمتها التجارية الحقيقية 3 مليون دينار، أطلق عليها "الضريبة على الثروة العقارية"

وتطبق الضريبة على الثروة العقارية، مع مراعاة اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي المبرمة مع البلدان الأخرى عند الاقتضاء وذلك:

  • على العقارات الكائنة بالبلاد التونسية بصرف النظر عن مكان إقامة المطالب بالضريبة
  • والعقارات سواء كانت كائنة بالبلاد التونسية أو بالخارج إذا كان المطالب بالضريبة مقيمًا بالبلاد التونسية طبقًا للتشريع الجبائي الجاري به العمل.

ولا تخضع للضريبة على الثروة العقارية الأملاك المتعلقة بالمسكن الرئيسي للمطالب بالضريبة والعقارات المخصصة للاستعمال المهني باستثناء العقارات المسوغة لفائدة الغير.

 

 الضريبة على الثروة العقارية

 

  • إحداث خط لتمويل الشركات الأهلية

تضمن قانون المالية لسنة 2023 أيضًا إحداث خط لتمويل الشركات الأهلية، وهي النوع الجديد من الشركات في تونس المحدثة وفق مرسوم رئاسي ولقيت نقدًا واسعًا من المعارضة على اعتبار أن  الرئيس قيس سعيّد يسعى من خلالها "لخلق حاضنة اقتصادية له ليرتكز عليها لكسب السلم الاجتماعي وتمييز أنصاره".

إحداث خط لتمويل الشركات الأهلية، يخصص لإسناد قروض بشروط تفاضلية مع اعتماد قدره 20 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل

يتعلق الأمر بإحداث خط لتمويل الشركات الأهلية الجهوية أو المحلية المنصوص عليها بالمرسوم عدد 15 لسنة 2022 المؤرخ في 20 مارس/آذار 2022 ، يخصص لإسناد قروض بشروط تفاضلية وذلك خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي/يناير إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023.

ويخصص اعتماد قدره 20 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل لفائدة هذا الخط. ويعهد بالتصرف في خط التمويل إلى البنك التونسي للتضامن بمقتضى اتفاقية تبرم في الغرض مع وزارة المالية والوزارة المكلفة بالتشغيل تضبط شروط وإجراءات التصرف.

 

 

  • تطبيق خطية بنسبة 20 % عند الخلاص نقدًا لمبالغ تساوي أو تفوق 5 آلاف دينار

يتضمن قانون المالية الجديد تطبيق خطية بنسبة 20 في المائة عند الخلاص نقدًا لمبالغ تساوي أو تفوق 5 آلاف دينار، في محاولة كما ذكر في شرح الأسباب بالمرسوم لـ"مزيد ترشيد الأموال نقدًا".

يترتب عن الخلاص نقدًا لمبالغ تساوي أو تفوق 5000 دينار، خطية تساوي 20% من المبالغ المدفوعة مع حد أدنى بـ2000 دينار، وفق قانون المالية لسنة 2023

ويترتب عن الخلاص نقدًا لمبالغ تساوي أو تفوق 5000 دينار بعنوان اقتناء أصول أو خدمات أو بضائع تطبيق خطية تساوي 20% من المبالغ المدفوعة مع حد أدنى بـ2000 دينار . وتطبق الخطية على المبالغ التي يتم خلاصها نقدًا ابتداء من غرة جانفي/يناير 2023 بصرف النظر عن تاريخ طرح الأعباء أو الاستهلاكات أو الأداء على القيمة المضافة.

 

تطبيق خطية بنسبة 20 بالمائة عند الخلاص نقدا

 

  • دعم تمويل المشاريع للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل

يتضمن قانون المالية لسنة 2023 إجراء لدعم تمويل المشاريع في إطار التمكين الاقتصادي للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، إذ تم التنصيص على إحداث خط تمويل لفائدة الفئات الضعيفة ومحدودة الدخل يخصص لإسناد قروض دون فائدة لا تتجاوز 5 آلاف دينار للقرض الواحد لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية وذلك خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي/يناير إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023 .

إسناد قروض دون فائدة لا تتجاوز 5 آلاف دينار للقرض الواحد لتمويل أنشطة في كافة المجالات الاقتصادية وذلك دعمًا لتمويل المشاريع للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل

ويتم تسديد القرض على مدة أقصاها 6 سنوات منها سنة إمهال. ويخصص اعتماد قدره 10 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل لفائدة هذا الخط.

ويعهد بالتصرف في هذا الخط التمويلي إلى البنك التونسي للتضامن بمقتضى اتفاقية تبرم للغرض مع وزارة المالية والوزارة المكلفة بالتشغيل تضبط شروط وإجراءات التصرف.

  • دعم تمويل المشاريع الصغرى لفائدة حاملي الشهائد العليا

من الإجراءات المضمنة في قانون المالية لسنة 2023، إجراء يهدف لدعم تمويل المشاريع الصغرى لفائدة حاملي الشهائد العليا من خلال تخصيص اعتماد إضافي قدره 20 مليون دينار على موارد الصندوق الوطني للتشغيل لفائدة البنك التونسي للتضامن للترفيع في المبلغ الأقصى للقروض المسندة من قبل البنك لحاملي الشهائد العليا من 150 ألف دينار إلى حدود 200 ألف دينار للقرض الواحد.

  • إتاحة التمديد الاختياري في سن التقاعد في بعض الحالات

أتاح قانون المالية لسنة 2023 لأعوان الوظيفة العمومية العاملين في القطاعات المرهقة التمديد الاختياري في سن التقاعد بمدة تصل إلى 3 سنوات، ويخص الإجراء العملة الذين يقومون بأعمال مرهقة بالإضافة إلى الأسلاك النشيطة وهي أنشطة حدد فيها سن التقاعد بـ57 سنة سابقًا كما يشمل كذلك العسكريين بمختلف أصنافهم.

كما يتيح التعديل الجديد لأساتذة التعليم العالي والأساتذة المحاضرين للتعليم العالي بالمؤسسات الجامعية ومؤسسات البحث العلمي المدنية والعسكرية والأساتذة الاستشفائيين الجامعيين والأساتذة المحاضرين المبرزين الاستشفائيين الجامعيين، اختيار الترفيع في سنّ إحالتهم على التقاعد بمدة تصل إلى 5 سنوات على أن لا تتجاوز سن التقاعد 70 سنة. وورد في توضيح هذا التوجه أن الحكومة تريد الضغط على كتلة الأجور.

  • التشجيع على استعمال السيارات الكهربائية

يقر قانون المالية لسنة 2023 تخفيض نسبة المعاليم الديوانية إلى 10 %، ونسبة الأداء على القيمة المضافة إلى 7 % الموظفة على أجهزة شحن العربات السيارة الكهربائية. ويهدف هذا الإجراء إلى التشجيع على استعمال السيارات التي تعمل باستخدام الطاقة الكهربائية والنهوض بالاقتصاد الأخضر، وفق ما ورد في شرح الأسباب بالقانون.

يقر قانون المالية لسنة 2023 تخفيض نسبة المعاليم الديوانية إلى 10 % ونسبة الأداء على القيمة المضافة إلى 7 % الموظفة على أجهزة شحن العربات السيارة الكهربائية

التشجيع على استعمال السيارات الكهربائية

 

  • إرساء تسبقة على مبيعات المشروبات الكحولية

ورد في قانون المالية للسنة 2023، أنه يتعيّن على مصنعي ومعبئي الخمور والجعة والمشروبات الكحولية توظيف تسبقة بنسبة 5% على مبيعاتهم من هذه المنتجات. وتحتسب التسبقة المذكورة على المبلغ المضمن بالفاتورة باعتبار كل الآداءات.

توظيف تسبقة بنسبة 5% على مبيعات مصنعي ومعبئي الخمور والجعة والمشروبات الكحولية

ويتم التصريح بالتسبقة ودفعها خلال الشهر الموالي للشهر الذي تم فيه توظيفها وذلك في الآجال المحددة بالنسبة إلى الخصم من المورد.

  • إعفاء كلي أو جزئي بعنوان توريد أو اقتناء التجهيزات والمعدات وشاحنة واحدة للتونسيين بالخارج

ينتفع التونسيون المقيمون بالخارج بالإعفاء الكلي أو الجزئي بعنوان توريد أو اقتناء التجهيزات والمعدات وشاحنة واحدة تندرج تحت البند التعريفي 8704 لإنجاز مشاريع أو المساهمة في مشاريع في إطار التشريع المتعلق بتشجيع الاستثمارات الجاري بها العمل، وفق قانون المالية 2023.

ويشمل هذا الإجراء الإعفاء من دفع المعاليم والأداءات المستوجبة عند التوريد وتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة وبالمعلوم على الاستهلاك، وبالمعاليم الموظفة على رقم المعاملات إذا اقتضى الأمر عند الاقتناء بالسوق المحلية للتجهيزات والمعدات، كما يشمل هذا الإجراء دفع 10 % من مبلغ المعاليم والأداءات المستوجبة على الشاحنة.

حذف المعاليم الموظفة على مسحوق الحليب المجفف والزبدة لفائدة الصندوق العام للتعويض وذلك للحث على استعماله وتفادي فقدان هذه المادة من السوق

  • إجراءات لدعم تزويد السوق بمادة الحليب.. عودة مسحوق الحليب المجفف

ورد في قانون المالية لسنة 2023 في تونس أنه "يخضع الحليب المجفف والزبدة وغيرها من المواد الدسمة المشتقة من اللبن إلى معاليم توظف لفائدة الصندوق العام للتعويض، ونظرًا للأزمة التي تمر بها منظومة الألبان وأمام التراجع الحاد لتزويد السوق بالحليب الطازج وللارتفاع غير العادي للأسعار على المستوى العالمي، تقرر في قانون المالية حذف المعاليم الموظفة على مسحوق الحليب المجفف والزبدة لفائدة الصندوق العام للتعويض وذلك للحث على استعماله لصنع مشتقات الحليب وتوجيه أكثر قدر ممكن من الحليب الطازج المقبول لصنع الحليب المعقم وتفادي فقدان هذه المادة من السوق خلال الفترة القادمة".

في الأثناء، تعيش تونس وضعًا اقتصاديًا وماليًا صعبًا وتحتاج لتمويلات ضخمة، متأتية من توسع الجباية داخليًا والأمل في عدد من القروض الخارجية، لتغطية نفقات ميزانيتها للسنة 2023 وهو ما يحاط بغموض كبير خاصة في ظل صمت صندوق النقد حول قرضه المنتظر.