24-أكتوبر-2022
احتجاجات

اللافت في تونس هو أن الانقسام الاجتماعي يكون مبادرًا بالحلّ في شكل انتفاض مواطني غالبًا ولكن الانقسام الهووي يكون مانعًا من تنزيله (الشاذلي بن إبراهيم/ NurPhoto)

مقال رأي

 

هناك انتظار للشارع الاجتماعي يشبه انتظار حدث يأتي من خارج المشهد السياسي يكون سببًا في الخروج من المأزق. ويستوي في حالة الانتظار هذه الشارع الديمقراطي وسلطة الانقلاب وما بينهما. فالمدافعون عن الديمقراطية وهم "يحذّرون" من انفجار اجتماعي قد يأتي على الأخضر واليابس فإنّهم يشيرون في حقيقة الأمر إلى العجز عن تجاوز توازن الضعف بينهم وبين الانقلاب. ومن ثم ينتظرون أن يكون دور الشارع الاجتماعي ترجيح الكفّة لفائدة استعادة الديمقراطية. في حين تتوقّى منظومة الانقلاب الاحتجاج الاجتماعي. وقد أدركت أنّ مراكمة السلطة، كلّ السلطة، بين يديها ضاعف من فشلها وأثبت عجزها عن إدارة البلد والخروج إلى "ما بعد الانقلاب". وتدرك أكثر أنّ ما يمدّ في انقلابها هو أجهزة الدولة الصلبة. وهي ليست واثقة من تداعيات الزجّ بهذه الأجهزة في مواجهة الناس ومطالبهم المعيشيّة حين يدخل الشارع الاجتماعي على الخط.   

  • شارعان متوازيان

الحديث عن انتظار الشارع الاجتماعي، لا يعني أنّ هذا الشارع غائب بقدر ما ينبّه إلى أنّ حركته هذه الأيّام موازية لحركة الشارع الديمقراطي. إذ تشهد البلاد احتجاجات حول "الحرقة" المتصاعدة نحو ضفّة المتوسط الشمالية. ففي جرجيس خرجت كلّ المدينة من أجل أبنائها المفقودين لتتعرّف على هويّة من أخرج الموج جثثهم إلى الشواطئ، وتحتجّ على دفنهم في مقبرة الغرباء قبل التثبّت من هويّتهم. 

الحديث عن انتظار الشارع الاجتماعي لا يعني أنّه غائب بقدر ما ينبّه إلى أنّ حركته هذه الأيّام موازية لحركة الشارع الديمقراطي في ظل ما تشهده البلاد من احتجاجات حول "الحرقة" المتصاعدة

ولئن كانت الحرقة ظاهرة سابقة على الثورة ومتواصلة بعدها، فإنّها عرفت مع الانقلاب منعرجًا فعليًّا يرسّخ تونس مجالًا طاردًا باتجاه ضفة المتوسط الشمالية. وقد كانت السلطات الإيطالية أفادت بأنّ ما يقارب الخمسة عشر "حارقًا" وصلوا من تونس إلى إيطاليا منذ شهر جانفي/يناير 2022، لتعرف الهجرة غير النظامية ارتفاعًا حادًّا بالقياس إلى السنة الفارطة. ومن الصعب ألاّ يكون هناك صلة بين سياسات منظومة الانقلاب من ناحية وحالة الإفلاس التي بلغتها الدولة وشبح المجاعة الذي يخيّم على البلاد وتدهور صورة تونس في السوق الماليّة من ناحية أخرى. ولم يَعُد مجديًا إحالة فشل منظومة الانقلاب الشامل على "العشريّة السوداء" بعد سنة ونصف على الانقلاب.  

تحرَّك الشارعان الديمقراطي والاجتماعي منفصلين، حول موضوع "الحرقة". ولم يكن توازيهما أمرًا جديدًا فقد كانت محطّاته واضحة طيلة عشريّة الانتقال. ومن مظاهره تواصل الاحتجاجات الاجتماعيّة رغم اختلاف منظومات الحكم. فكانت الحكومات المتتالية تفسّره بالإحالة على من سبقها. 

يفسّره الصف الثوري بدور المنظومة القديمة بواسطة لوبياتها وأذرعها الإعلاميّة والمنظماتية وبعض القوى الوظيفية. وقد أتاحت لها قيادة مرحلة ما بين 14 جانفي/يناير 2011 وانتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 التأسيسية باسم إنقاذ الدولة القيام بترتيبات في الدولة والإدارة انعكست سلبًا على مسار التأسيس وأثّرت فيما أعقبه من مراحل.

في مسار مقاومة الانقلاب وما عرفه من مراحل، صار الشارع الديمقراطي مرادفًا للشارع السياسي سيّما وأنّ الانقلاب لا شارع له

ويفسّره القديم العائد مع انتخابات 2014 بتركة الترويكا وتواطئها مع الإرهاب المستهدف للدولة ولأهم مواردها الاقتصادية (السياحة) وتعطيل كل مصالحة اقتصاديّة تدعم الاستثمار والتوازنات الماليّة. وكان القديم الفائز بالرئاسات الثلاثة قد عَمِل جاهدًا، في سنوات حكمه الخمسة، على إجهاض مسار العدالة الانتقالية باعتباره قاعدة التسوية التاريخيّة المطلوبة لحالة انقسام حادّ بين نمطين اجتماعيين ومنوالين سياسيين أبانت عنهما انتخابات 2014. كانت غايته مصالحة اقتصاديّة بشروطه يكافئ بها من أوصلوه إلى الحكم في 2014 وليس عدالة انتقاليّة ترأب ما يشق البلاد صدوع. 

الشارع الديمقراطي جزء من الشارع السياسي، وقد برز مصطلح الشارع الديمقراطي مع الانقلاب، فكان من الطبيعي ألاّ يبرز من الشارع السياسي في مواجهة الانقلاب إلاّ المدافعين عن دستور الثورة والديمقراطية. وفي مسار مقاومة الانقلاب وما عرفه من مراحل، صار الشارع الديمقراطي مرادفًا للشارع السياسي سيّما وأنّ الانقلاب لا شارع له. فيكون مرادف "انقلاب/ديمقراطية" هو "منظومة انقلاب/ شارع ديمقراطي".

  • حقيقة الانقسام مجدّدًا

هذه التباينات في الحدود بين الشوارع تشير جميعها إلى حقيقة الانقسام الذي تعرفه البلاد. وهو انقسام مضاعف هووي واجتماعي. وإنّ من يخطئ في فهم الانقسام وأثره على بنية المجتمع والدولة سيخطئ حتمًا في فهم ما عاشته البلاد منذ 2011. بل قد لا يتبيّن بما يلزم من الوضوح ما عرفته منذ عهود بعيدة منها ما يتصل بنشأة الدولة التونسيّة وملابساتها. ولذلك أصبح معطى الانقسام أشبه بـ"منوال" و"نموذج تفسير" ومفتاح يغري حامله بالقدرة على فتح جلّ الأقفال.

التباينات في الحدود بين الشوارع تشير جميعها إلى حقيقة الانقسام الذي تعرفه البلاد وهو انقسام مضاعف هووي واجتماعي وسليل عجز الدولة عن تغطية كلّ مجالها السياسي والاجتماعي

وهذا الانقسام سليل عجز الدولة عن تغطية كلّ مجالها السياسي والاجتماعي. ويظهر منه انقسام ساحل وداخل، ومركز وهامش، ومدني وأهلي. والهامش ليس حيّزًا جغرافيًّا بقدر ما هو "مستوى معيشي" يكون لا تخطئه العين ملاصقًا للأحياء المرفّهة في المدن والحواضر. نجده في منزل بوزيّان كما نجده في ضاحية المرسى (حي بوسلسلة والبحر الأزرق). 

انعكس الانقسام على الاقتصاد والنخبة والسياسة. فكان الاقتصاد الموازي حقيقة ظاهرة لا يمكن لخبير الاقتصاد وللباحث في الاقتصاد السياسي أن يغفل عنها. فإذا تحدّث عن الاقتصاد في تونس دون الانطلاق من معطى انقسامه إلى رسمي ومواز لا يمكنه أن يظفر بتشخيص دقيق لأزمته الحاليّة ولا إلى حلّ ملائم لتجاوزها. وبالقياس تبدو ملاحظة انقسام البلاد إلى مجال سياسي رسمي ومجال سياسي هامشي غائبة رغم أنّ الثورة التي أطاحت بنظام بن علي دشنها المجال السياسي الموازي بانتفاض الهامش المواطني. 

وانعكس الانقسام على الثقافة ومنظومة القيم. فالدولة التي عجزت عن تغطية كلّ مجالها واكتفت بتغطية جزء منه (المجتمع المدني) وتركت بقيّة المجال للعراء ( الداخل أو المجتمع الأهلي). ويحدث أن تتوتّر علاقة الدولة مع "المجتمع المدني" في المركز (أحداث 26 جانفي/يناير 1978) إذا لم يكن من الهامش احتجاج أو تهديد. وإذا ما تحرّك الهامش بمطالبه الاجتماعية ـوهي سياسيّة في جوهرها ـ وجدت المؤازرة الكاملة من "مجتمعها المدني". وهذا ما شهدناه في موقف الاتحاد العام التونسي للشغل في الأيّام الأولى للثورة، وفي موقف الرباعي الراعي للحوار. ويمثّل الحوار الوطني بقيادة الرباعي في حقيقته انقلابًا على "مسار التأسيس" والخروج منه إلى مرحلة "انتقال ديمقراطي" في 2013. وكانت نتيجة الحوار الوطني السياسية المباشرة عودة المنظومة القديمة لتتربّع خمس سنوات من 2014 إلى 2019 على الرئاسات الثلاثة. 

بالقياس تبدو ملاحظة انقسام البلاد إلى مجال سياسي رسمي ومجال سياسي هامشي غائبة رغم أنّ الثورة التي أطاحت بنظام بن علي دشنها المجال السياسي الموازي بانتفاض الهامش المواطني

وتنطق المرحلتان البورقيبية والنوفمبرية بهذه العلاقة بين الدولة ومجتمعها المدني، وبهذا الدور الموكل للمجتمع المدني وللمنظمة الشغيلة خاصة رغم اختلاف السياقات وعناوين الأدوار. واليوم، وفي ظلّ الانقلاب، يُعاد الاتحاد العام التونسي للشغل إلى "موقعه النوفمبري" في إطار ترتيبات منظومة الانقلاب للمرحلة القادمة والأزمة المالية الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية الخطيرة التي تخيّم عليها.                 

  • جدل المجاليْن السياسيَّيْن

حقيقة الانقسام ووجود مجالين سياسيين يفسّران مفردات المشهد السياسي الحالي وتفاعلاتها. فإذا كان الانقسام الاجتماعي سببًا في الثورة ونجاحها في كسر نظام الاستبداد فإنّ الانقسام الهووي (إيديولوجي بالأساس) كان العامل الرئيسي في إجهاض مشروع تأسيس الحرية ومقدّمة الانقلاب على مسار بناء الديمقراطية. فتاريخ الانتقال الديمقراطي في حقيقته لم يكن سوى تاريخَ محاولات الانقلاب على هذا الانتقال. فالمنظومة القديمة لم تقبل بسقف الديمقراطية. وشجّعها تعثّر مسار بنائها والمتنكّرون للديمقراطية من الوظيفيين القدامى والجدد على الانقلاب. وآزروها في استهداف دستور الثورة والإطاحة بالنظام الديمقراطي الناشئ في الذكرى 64 لإعلان الجمهورية.  

تاريخ الانتفاض في بلادنا كان من الهامش، وكان مأمولًا أن ينجح المسار الثوري في 2011 في توحيد البلاد بإعادة بناء الدولة لتغطّي كلّ مجالها، وذلك بمهمّتين متكاملتين: رأب الصدع الهووي ببناء مشترك وطني ورأب الصدع الاجتماعي بتنمية محليّة مستدامة وشاملة يكون من شروطها الخروج من منوال الريع الموروث والمؤسس على نظام الرخص والتمييز الجهوي ورأسماليّة زبونيّة هي صورة من رأسماليّة دولة تابعة.

إذا كان الانقسام الاجتماعي سببًا في الثورة ونجاحها في كسر نظام الاستبداد فإنّ الانقسام الهووي (إيديولوجي بالأساس) كان العامل الرئيسي في إجهاض مشروع تأسيس الحرية ومقدّمة الانقلاب

وفي كل ما عرفته بلادنا من أزمات كان الحلّ يأتي من الهامش. وكانت نخبة المركز هي من يضيّع هذا الحلّ بإعادة إنتاج الأزمة من خلال رؤيتها للدولة والسياسة. كان هذا في ثورة 1864 الوطنيّة، وهي الثورة التي عاصرت ثورات شبيهة في أوروبا تمكّنت من أن تحقّق خطوات متقدّمة في بناء الديمقراطيّة والتنمية والتكنولوجيا والتقدّم الذهني والنهوض الاجتماعي. وكان أيضًا في ثورة الخبز في 1984 التي انطلقت من أعماق الجنوب المفقّر. ولكنّ ضعف الحركة السياسيّة والحقوقيّة أتاح للنظام المأزوم أن يملي الحلّ رغم أنّه هو المشكل.

وتكرّر هذا في 1987 نتيجة أزمة النظام الهيكليّة وانعكاسات برنامج الإصلاح الهيكلي (أزمة 1986 الماليّة الاقتصاديّة). فكان يمكن للمواجهة التي انحصرت في المجال السياسي الرسمي بين الإسلاميين ونظام بورقيبة رغم الامتداد الشعبي للإسلاميين وحضورهم القوي في الهامش المفقّر  أن تطيح بالنظام، فإنّ افتقاد الإسلاميين للرؤية التي تربط بين النضال السياسي والمضمون الديمقراطي والكفاح الاجتماعي سهّل سرقة تضحيات المسار الكفاحي الذي امتدّ من منتصف مارس 1987 إلى 7 نوفمبر من السنة نفسها. ومكّن انقسام الطبقة السياسية النظام المتهاوي من أن يفرض عنوان المعركة (حرب على تنظيم إرهابي) ويجدّد نفسه بمكوّنات إيديولوجيّة وظيفيّة من اليمين الماركسي أمدّت بن علي  بـ"إيديولوجية حكم" حتّى تباهى بأنّه "أنقذ بورقيبة من بورقيبة". 

  • الحلّ يأتي من الهامش

كانت الحركة السياسية والحقوقية المطالبة بالديمقراطيّة انتهت قبل الثورة إلى ما يشبه النقيضة السياسيّة. إذ كان النضال السياسي مستحيلًا بدون الأدنى من "سميغ" الحريّة، ولكن توفير هذه المساحة لا يتحقّق إلّا بالنضال السياسي. وكانت لحركة 18 أكتوبر/تشرين الأول 2005 الرائدة محاولة للخروج من المأزق بتثبيت مربّع حريّة تقف عليه المعارضة، غير أنّ توتّرها بين المطالبة (العفو التشريعي العام) والمقاومة (لا يصلُح ولا يصلَح) مزّق ما تمّ تدبيجه من ورقات أوليّة حول المرأة والدولة والديمقراطية. وكانت انتخابات 2009 الرئاسيّة سياقًا كافيًا لتذرير قطع هذه الورقات الممزّقة حين سعى بعض رموز الحركة تصريف رصيدها المقاوم في رهاناته الشخصيّة.     

ومع ثورة الحرية والكرامة التي مثّلت خطوة نوعيّة في الحركة الديمقراطيّة توفّرت شروط الاختيار الحر بعد كسر بنية نظام الاستبداد الثلاثيّة المانعة لكل انتخابات حرّة وشفافة. وكان الانتفاض المواطني يلوّح من الهامش المفقّر للطبقة السياسيّة في المجال السياسي الرسمي بالحل. وما زال لقاء ثوّار المجال السياسي الرسمي بناشطي المجال السياسي الرسمي من ممثلي الأحزاب والعائلات السياسيّة الكبرى في القصبة 1 و2 يلفّه الغموض. فلم يُطرح بجديّة السؤال عن سبب اتجاه الثوّار إلى المركز. فهل اقتنعوا بترجمة شعارهم "عصابة السرّاق" من قبل الطبقة السياسيّة التقليديّة في المجال السياسي الرسمي إلى "الشعب يريد إسقاط النظام"؟. وهو الشعار الذي رفع في العاصمة يوم هروب بن علي. 

اتجاه الثوّار إلى القصبة بما تحمله من رمزيّة الحكم واستمراره عبر قرون يشير إلى أنّ الهامش بدوره يعتقد في أنّ الحلّ عند الدولة (في المركز)، وأنّ طرد عصابة السرّاق منها سيغيّر من سلوكها. ولكنّ السرقة في حقيقتها حالة تنتجها بنية الدولة. ومن أسباب ثبات هذه البنية طبيعتها المركزيّة. من هذه الزاوية أخطأ الثوّار وجهتهم. ولا يمكن المزايدة عليهم فقد رفعوا سقفًا للحريّات معمّدًا بدماء رفاقهم. ولكنّه مساءلة للعقل الجمعي في نوع من "الوعي المابعدي".  

الظاهرة اللافتة في مشهدنا السياسي بمركزه وهامشه هو أنّ الانقسام الاجتماعي يكون مبادرًا بالحلّ في شكل انتفاض مواطني غالبًا ولكن الانقسام الهووي يكون مانعًا من تنزيله بسبب الخلافات المستحكمة داخل الطبقة السياسية

 توجّه الثوّار نحو المركز تلمّسًا للحلّ، هو نفسه توجّه أحزاب تنتمي إلى الثورة بمطلب تأشيرة إلى وزارة الداخليّة بعد هروب بن علي، وغير بعيد منه تقدّم خصوم الانقلاب بمطالب تراخيص للوقفات الاحتجاجيّة إلى وزارة داخليّة الانقلاب. وإنّ تقييم رصينا للحراك المواطني الذي انطلق في يوم 18 سبتمبر/أيلول في مواجهة الانقلاب ويتواصل مع جبهة الخلاص الوطني ُيمكّن من ملاحظة الفرق بين العنوان (مقاومة) والأسلوب (معارضة). وإنّ الهدف الأول الذي يرتسم لحظة اعتبار ما قام به قيس سعيّد انقلابًا هو تحرير البرلمان المؤسسة الأصليّة في النظام الديمقراطي الجديد. 

كان الحلّ دائمًا يأتي من الهامش، ولكنّ حالة الانقسام وفشل سنوات الانتقال العشرة في توحيد المجال السياسي يمنعان تصريف الحل لفائدة الديمقراطيّة ومسارها. والظاهرة اللافتة في مشهدنا السياسي بمركزه وهامشه هو أنّ الانقسام الاجتماعي يكون مبادرًا بالحلّ في شكل انتفاض مواطني غالبًا ولكن الانقسام الهووي يكون مانعًا من تنزيله بسبب الخلافات المستحكمة داخل الطبقة السياسيّة في المركز وعجزها عن إيجاد مشترك بينها. 

ولذلك فإنّ الانتظار الفعلي للشارع الاجتماعي يجب أن يُستعَدّ له بتحقيق التوافقات الضروريّة والأدنى الديمقراطي في مواجهة الانقلاب. وهذا ما ينتظر حصوله بين الجبهة والخماسي وتوسّعه إلى سائر الطيف الديمقراطي والمنظماتي. وتمثّل هذه الخطوة استعدادًا لما سيكون من ترتيبات مع منظومة الانقلاب إذا قرّرت التخلّي عن واجهته أمام احتداد الأزمة وتوسّع الاحتجاجات الاجتماعية وقضاء حاجتها منه في تجريف شروط الديمقراطيّة.  

 

  • المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"