31-مايو-2022
سفيان حمودي أ ف ب

منصر: لو تماشى تقرير لجنة البندقية مع ما أراده سعيّد لما كان له هذا الموقف (صورة أرشيفية/ سفيان حمودي/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أفاد أستاذ التاريخ المعاصر، والذي شغل سابقًا، خطة مدير الديوان الرئاسي، عدنان منصر، الثلاثاء 31 ماي/ أيار 2022، أنّ آخر خطاب لقيس سعيّد بخصوص لجنة البندقية، يأتي في إطار الكلام نفسه عن وكالات التصنيف والمراقبين الدوليين، وهو سياسيًا تصريح فيه مخاطر عالية في فترة حساسة جدًا، وقال: "لجنة البندقية تمثل جزءًا من مجلس أوروبا، والاتحاد الأوروبي هو من طلب رأي هذه اللجنة بخصوص مدى دستورية المسار السياسي في تونس"، وفقه.

عدنان منصر: تونس حاليًا تعيش فترة من انتكاسة الحياة الديمقراطية، والمؤشرات على ذلك كثيرة، وبدأت يوم أعلن سعيّد تحكّمه في كل السلطات، وعندما حلّ البرلمان

وأضاف منصر: "إذا كان هناك رفض لتدخل هذه اللجنة، فيجب أن يكون الرفض مبدئيًا، وليس رفضًا حين لا يتماشى مع رغبة الرئيس، فاللجنة قامت باجتماعات مع أعضاء في الحكومة ووزير الخارجية نفسه، والسلطات التونسية نفسها طلبت سابقًا رأي لجنة البندقية في بعض المسائل الدستورية والقانونية، وأعتقد أنه لو كان تقرير لجنة البندقية متماشيًا مع ما أراده الرئيس، لما كان له هذا الموقف" على حد تعبيره.

وقال عدنان منصر إن تونس حاليًا تعيش فترة من "انتكاسة الحياة الديمقراطية"، والمؤشرات على ذلك كثيرة وفقه، وقد بدأت "يوم أعلن سعيّد تحكّمه في كل السلطات، وعندما حلّ البرلمان دون أن يكون له ما يسمح بذلك دستوريًا وقانونيًا، وحين توسّع في تأويل الفصل 80 لدرجة أنه لم يعد يتحدث عنه مطلقًا" على حد وصفه.

واستنكر منصر ما وصفها بـ"الفوضى التشريعية والقانونية" الحاصلة، كما انتقد "مشكل النزاهة الكبير، إذ رأى 38% من المشاركين في الاستشارة الإلكترونية، أن دستور 2014 يحتاج بعض التعديلات فقط، وأنّ 36% رأوا ضرورة سن دستور جديد، ورغم قوله إنه سيلتزم بهذه الاستشارة، فإنّ سعيّد ذهب في قراره الخاص، ما يعني أنها كانت مجرّد تعلّة، ولا شيء يوحي بأن سعيّد سيغيّر سلوكه" وفق تقديره.

وعبّر منصر عن أنه كان يأمل أن يسفر ما حدث في 25 جويلية/ يوليو 2021، عن تصحيح للمسار، "لكننا اليوم في عملية استيلاء كاملة على السلطة دون آفاق أو وعود بتحسّن الأمور، ودون تشريك للمنظمات الوطنية التاريخية التي لها وزن في المجتمع، بل هناك ممارسات قائمة على مغالطات، مثل صدور مرسوم يحتوي أسماء منظمات كانت قد أعلنت رفضها المشاركة" وفق وصفه.

عدنان منصر: الوضعية حرجة وحساسة جدًا، ولا يوجد مؤشر واحد يمكن أن نأمل منه أن يؤسس الرئيس نظامًا ديمقراطيًا، إذ هناك عملية اهتراء واضحة ومتواصلة لشعبية سعيّد

واعتبر منصر أنّ الوضعية "حرجة وحساسة جدًا، كما لا يوجد مؤشر واحد يمكن أن نأمل منه أن يؤسس الرئيس نظامًا ديمقراطيًا"، وأضاف: "سعيّد يعتقد أنه يستند إلى مساندة شعبية لكنه حين دعا أنصاره إلى الشارع رأينا وزنهم، إذ هناك عملية اهتراء واضحة ومتواصلة لشعبية الرئيس، وكان يفترض أن نجد مئات الآلاف لا بضع المئات، وهذا الاهتراء يقابله الرئيس بالاعتماد على القوة الصلبة للدولة أي الأجهزة الأمنية والعسكرية" وفق قوله.

وأشار أستاذ التاريخ المعاصر إلى أنّ "الرئيس يعتمد على المزاج الشعبي وليس على الإرادة الشعبية"، متسائلًا: "ما هي قدرة نظام منغلق على نفسه -في ظرف الأزمة المحلية والإقليمية- على الاستمرار؟ الخطر الأكبر أن يؤدي هذا الانغلاق إلى نظام سلطوي استبدادي لا يترك لخصومه سوى حل العنف، لأنّ العنف يحصل عندما تنغلق أبواب الحوار" وفق تصوّره.

عدنان منصر: الخطر الأكبر أن يؤدي هذا الانغلاق إلى نظام سلطوي استبدادي لا يترك لخصومه سوى حل العنف

ولم يستبعد منصر فرضية الاحتراب الأهلي، واعتبره "خطرًا موضوعيًا، قد يقودنا إليه سعيّد برفضه الحوار"، وقال: "لا أعتقد أني سأشارك في الاستفتاء، لأن هذا المسار هو مسار لإتمام بعض الشكليات الدستورية لترسيخ نظام تسلّطي واستبدادي، وما حدث في اتحاد الفلاحة كان يمكن أن يحدث في اتحاد الشغل أيضًا لو أنّ سعيّد وجد أشخاصًا داخله يقومون بتقسيمه من الداخل".

وتساءل منصر: "هل تحترم المؤسسة الأمنية والعسكرية الدستور الآن؟ لا أعتقد إلى حد الآن أنها محايدة، والجيش في لحظة معينة يعطي الأولوية لاستقرار البلاد ومنع الفوضى، لكن ليس هذا الطريق السليم، ولا أعتقد أن عبارة (بيان رقم 1) تلتها تجربة ديمقراطية" على حد تعبيره.


الأزمة السياسية

 

وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية حادة منذ استحواذ الرئيس التونسي، منذ 25 جويلية/يوليو الماضي، على السلطة التنفيذية بإقالته رئيس الحكومة حينها هشام المشيشي ثم حله البرلمان والانطلاق في الحكم بمراسيم في خطوة وصفها خصومه "بالانقلاب"، ويعتبرها "تصحيحًا للمسار"، وسط انتقادات داخلية وخارجية من التوجه لترسيخ حكم فردي.

ومن المنتظر أن تقوم ما أسماها سعيّد "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، تحت إشرافه بصياغة دستور جديد لتونس، سيتم طرحه فيما بعد للاستفتاء في 25 جويلية/يوليو القادم ثم إجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر/ كانون الأول.