21-نوفمبر-2020

أصدر الكاتب التونسي 4 روايات أولّها "الأخدود الذي كان نهرًا"

رصد الكاتب التونسي عادل حامدي في روايته "الأخدود الذي كان نهرًا"، وهي باكورة أعماله، تفاصيل الحياة ومختلف مشاهدها عبر عينيْ الطفل "دُولة ولد الهمامي" في مراوحة بين ذكريات الماضي و الحاضر الآني. وربما اقتبس الكاتب الشخصية في أولى أعماله من واقع عاشه، أو من طفولته البعيدة خاصة أنه فقد السمع منذ بلغ عمر الثانية عشر، وتبدلت حياته منذ ذلك التاريخ، ولم يعش بقية طفولته كغيره من أترابه.

هو ابن القيروان الذي لم يُكمل تعليمه ودفعه واقعه الجديد حيال وضع من العزلة بعد أن فقد السمع، فأدمن في ذلك الواقع القراءة منذ فقدان السمع بحثًا عن التعويض عما فقده وعن الفهم، واكتشاف الحياة والعالم مثلما يقول. ولا يعرف، هل يلعن سوء حظه بفقدانه السمع، أم يشكر حسن حظه لأنه فقد السمع بعد أن تعلم القراءة والكتابة، وجعله تعليمه يكتشف الواقع في الكتب ويسمع أصواته عبر كل ما يقرأه من كتب منذ سنوات.

عادل الحامدي: لم أصر كاتبًا ولست أعتبر نفسي كذلك بعد، بل أقول دائمًا إنني أحاول الكتابة والتأليف

اقرأ/ي أيضًا: حوار| لطفي الشابي: الرواية احتضنت الشعر والدولة غير بريئة في دعمها للكاتب

عاش عادل الحامدي في بيئة فقيرة، لكن حتى الفقر لم يمنعه من المطالعة وقراءة الصحف ومطالعة كل كتاب يظفر به. كتب في سنوات مراهقته بعضًا من محاولات الشعر، لكن يقول لـ"ألترا تونس" إنّ قسوة الحياة وراء وأد تلك التجربة إلا أنّه يشعر اليوم بالدهشة حين يفكر أنّه في شبابه لم يخطر بباله أن يتجه إلى الكتابة أو يستطيع تأليف أربع روايات، وأنه حقق حلما لم يراوده كثيرًا خاصة في فترة الشباب.

يبلغ محدثنا اليوم من العمر 55 عامًا، ألف خلال السنوات الثلاث الأخيرة تقريبًا أربع روايات: "الأخدود الذي كان نهرًا"، و"وحيد الساق"، إضافة إلى "أرغفة الذل" و"سبب الحياة...سبب الموت". ربما هي روايات خيالية لكن حاول أن يترجم فيها أفكاره، ومآسيه، وفرحه، بقصص مليئة بتناقض الحياة، الحياة التي ربما أحبها ولكن شعر دائمًا بظلمها.

من روايات الكاتب التونسي عادل الحامدي

 

ومع ذلك يقول عادل الحامدي "لم أصر كاتبًا ولست أعتبر نفسي كذلك بعد، بل أقول دائمًا إنني أحاول الكتابة والتأليف". وعن شخصيات وأبطال رواياته الأربعة تلك وقصصهم والأحداث فيها، يشير محدّثنا إلى أنّها "مزيج من شخصيات واقعية وأخرى خالية، أي شخصية أنحتها من واقع ومن خيال معا، انطلق بها من الواقع وأخضعها لروح الفن. وأضيف لها ما أرى أنّ الواقع يفتقر إليه، فهي ترمم شروخه. لهذا الكتابة هي إعادة خلق للعالم".

يعمل عادل الحامدي منذ سنوات في القيروان في حرفة النسيج لصناعة منسوجات يدوية مختلفة. ويقول إنّه "لا يرى فرقًا بين الكتابة والنسيج، فكلاهما نوع من النسج. هذه بالخيوط والأخرى بالكلمات والأحرف. فأنا ساج في الحالتين، ولكن أوفق بين العمل والكتابة".

عادل الحامدي: إن أسوء شعور قد يراود كاتبًا روائيًا أن يداخله الإحساس بالغمط والظلم، لأن النقاد لم يلتفتوا إليه أو رفضوا الكتابة ونقد منجزه الأدبي

لم يُهتم إعلاميًا كثيرًا بمسيرة الكاتب عادل الحامدي على الرّغم من إثرائه للمكتبة التونسية بروايات ربما تحاكي حياة شخصيات واقعية عدّة في المجتمع التونسي. ولم يُحتفى به بعد في محافل تُعرّف ببعض الكتاب والمؤلفين التونسيين. ويقول محدّثنا عن مدى الاحتفاء اليوم بالكاتب التونسي وبإصداراته، إنّ "الروح النمطية والميل للقوالب الجاهزة في كل شيء جعل أغلب الكتاب غير مرغوب فيهم، باعتبار أنّ أغلب ما سيقولونه مُتوقع سلفًا. والمسؤول أساسًا على هذا الوضع هو الكاتب الذي لا يسعى لتجديد نفسه وتثوير رؤاه باستمرار".

ويقول الكاتب في ختام حديثه مع "ألترا تونس": "إن أسوء شعور قد يراود كاتبًا روائيًا أن يداخله الإحساس بالغمط والظلم، لأن النقاد لم يلتفتوا إليه أو رفضوا الكتابة ونقد منجزه الأدبي. النقاد مرتبطون بدور النشر ولهم حساباتهم الخاصة بشأن الكتابة عن هذا وتجاهل ذاك، فلا اهتمامهم أو لا مبالاتهم يمثلان معيارًا لمدى جودة العمل. ما يحتاج الكاتب للتركيز عليه هو مدى الإنصاف الذي يوفره له إقبال القراء العاديين على عمله، فان لم يجد بينهم اهتمامًا أو رغبة، فأحرى أن يشعر بمدى تقصيره في إنتاج أثر استثنائي جدير بإقبالهم واهتمامهم. فالأثر الجيد يجد طريقه دومًا".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أجمل الذّنوب".. جدل حول جنس المؤلف وتغريبة للطلبة التونسيين

رواية "مأزق تشايكوفسكي" لشوقي برنوصي: تأمّلات في الذات والمجتمع