06-يناير-2019

مبادرات شبابية للتحفيز على القراءة

في الوقت الذي تراجعت فيه مؤشرات القراءة في تونس، إذ لم تتجاوز نسبة القراءة 0.58 كتابًا في السنة للفرد الواحد، تطل مبادرات شبابية ترنو إلى بعث الروح في القراءة التي صارت في غياهب الهجر.

وكانت بعض المدن التونسية فضاء انبثقت منه مبادرات شبابية تقطع مع الصور النمطية التي ترسخ فكرة أن الشباب لا يهتمون بالكتاب مقابل إقبالهم على الإنترنت، هم شباب ينظرون إلى الواقع من زاوية مغايرة.

مبادرات شبابية بإنشاء مكتبات للقراءة في محطات النقل والشارع بهدف تشجيع القراءة في تونس

هم شباب يؤمنون بالثقافة رافدًا للتغيير ويرون في المطالعة والقراءة ملاذًا ومنفذًا من الآفات المجتمعية، هم يؤمنون بأن الكتب مطية للتغيير لذلك سعوا إلى زرع المكتبات في الشوارع.

"شانطي المحطة" بالقلعة الخصبة

في منطقة سيد أحمد الصالح الواقعة في القلعة الخصبة من ولاية الكاف، بعث شباب المنطقة ركنًا ثقافيًا خاصًا بالمطالعة في الفضاء العام.

وينضوي الركن الثقافي في محطة الحافلات على الطريق الوطنية 17 بالقلعة الخصبة، وهو وليد بادرة من شباب المنطقة بالاشتراك مع دار الشباب سيد أحمد الصالح والمندوبية الجهوية للشباب والرياضة بالكاف.

ركن للقراءة في محطة الحافلات بالقلعة الخصبة في ولاية الكاف

اقرأ/ي أيضًا: الشبكة العربية للأبحاث والنشر في تونس.. "نهدف لخلق حالة تكامل مع القارئ"

وتندرج المبادرة التي تجسّدت بإمكانيات بسيطة ومحدودة في إطار مشروع "شانطي المحطّة" الذي أطلقه الناشط برهان الدين الزغلامي سنة 2015، لكنه توقف لغياب التمويل، وفق ما أفادت به حنان الحاجي الإطار في دار الشباب سيد أحمد الصالح.

وتقول الحاجي لـ"الترا تونس"، في حديثها عن الركن الثقافي الخاص بالمطالعة، إن "شانطي المحطة" توقف عند تركيز محطة للحافلات، ليتواصل في الأيام الماضية بتأثيث المحطة بمقاعد مريحة لكبار السن وذوي الإعاقة، على اعتبار أن المنطقة نائية ووسائل النقل غير متوفرة فيها مما يجعل ساعات الانتظار تطول.

والفكرة، التي كانت حلم جسدها شباب المنطقة بإمكانيات بسيطة وكثير من الشغف والطموح، تحولت معها البراميل والحشايا إلى مقاعد مريحة أدخلت البهجة على نفوس من دأب على انتظار وسائل النقل واقفًا.

مبادرة ركن القراءة تأتي في إطار مشروع "شانطي المحطّة"

ويات الركن الثقافي الذي رأى النور بعد 4 سنوات من إطلاق بادرة "شانطي المحطة" قبلة للأطفال الذين يتصفحون الكتب والقصص إذا ما مروا بالمحطة، وفق ما تؤكد محدثتنا.

وتضيف، بخصوص إمكانية تعميم المبادرة في فضاءات عامة أخرى، أن القائمين على المبادرة يطمحون إلى ذلك، ولكن قلة الإمكانيات تحول أحيانًا دون طموحهم.

اقرأ/ي أيضًا: النّشر في الفضاء المغاربي.. أحلام معلّقة

"جرجيس تقرأ".. 

فيما يحتفي فيه شباب القلعة الخصبة بركنهم الثقافي، يحتفي الشاب غسان بورڨيبة بمرور 3 أشهر على تركيزه مكتبة للعموم في جرجيس. ففي المدينة العتيقة، علّق الشاب مكتبته المصنوعة من خشب وزجاج لم تمسسه أيادي العابثين، رغم تخويفه من ذلك، وفق حديثه لـ"الترا تونس".

مكتبة "جرجيس تقرأ" في المدينة العتيقة في جرجيس

وعن ميلاد فكرة بعث مكتبة للعموم في الشارع، يقول محدّثنا إن الفكرة انطلقت منذ 3 سنوات من خلال نشاط استهدف إحدى المدارس بريف جرجيس أهدى خلاله كتبًا وقصصًا للأطفال فاستحسنوا الهدية مما جعله ينشئ مكتبات في 4 مدارس ريفية.

وصاحب بادرة "جرجيس تقرأ" شغوف بالقراءة والمطالعة، استلتهم فكرة مكتبة الشارع من زيارته إلى باريس، وجسّدها في المحطة لكن الأمر لم يدم طويلًا نتيجة لتعقيدات إدارية، وفق قوله.

غسان بورقيبة (صاحب مبادرة "جرجيس تقرأ"): عديد الأشخاص يقبلون على المكتبة ويطالعون الكتب الموجودة فيها ويودعون فيها قصصًا وكتبا أخرى

و"جرجيس تقرأ" مكتبة للعموم مركزة في المدينة العتيقة بجرجيس، وضع فيها غسان بورڨيبة ما تيسر من الكتب كاتبًا على خشبها باللغة الفرنسية "lisez, déposez, prenez" أي "اقرؤوا، ضعوا، وخذوا".

وعن التفاعل مع هذه البادرة، يقول محدّثنا إن عديد الأشخاص يقبلون على المكتبة ويطالعون الكتب الموجودة فيها ويودعون فيها قصصًا وكتبا أخرى، مشيرًا إلى تفاعل الأطفال معها من خلال تركهم رسائل شكر.

رسالة شكر من طفل على مبادرة "جرجيس تقرأ"

وبشعار التثقيف وإعادة إشعاع المطالعة، يطمح الشاب غسان بورڨيبة إلى تعميم الفكرة في جرجيس وكامل ولاية مدنين، ويحلم ببعث مكتبة عمومية متنقلة، وفق حديثه.

وفي ظل انخفاض مستوى القراءة، تعد مبادرة "شانطي المحطة" في القلعة الخصبة في ولاية الكاف ومبادرة "جرجيس تقرأ" في جرجيس، خطوة شغوفة لاستمالة العازفين عن القراءة وترغيبهم فيها من جديد من خلال توفير الكتب والقصص في الفضاءات العامة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لغات أوروبا الشرقية تغزو تونس: شباب يتحدّى عائق اللغة من أجل المال والجمال

حينما ننتصر إرادة التحدي.. قصة شاب يعاني "الديسلكسيا" يجتاز الباكالوريا بنجاح