في عمادة جبل تليل الصالحي التابعة لمعتمدية الفحص من ولاية زغوان، مدينة المياه العذبة عبر التاريخ، يشكو المواطنون، الذين لا يزالون يتمسكون بالعيش في منطقتهم محتفظين بأراضيهم وماشيتهم، من العطش، فالبئر الارتوازية الوحيدة التي هناك على ملك الدولة تسقيهم لكنها شحت، وفق ما أكده العم بشير الحطاب لـ"الترا تونس".
"لم نجد من يسمعنا فنحن ما يقارب الـ600 عائلة نعاني العطش في منطقة بها أعذب المياه في تونس، ونريد حلًا لأزمتنا، فماشيتنا هلكت خصوصًا وأننا نشهد معدلات قياسية لدرجات الحرارة خلال فصل الصيف وبات الاستحمام أمنية نتمنى تحقيقها في 2022"، على حد قوله.
الناطق باسم متساكني جبل تليل الصالحي: نحن ما يقارب الـ600 عائلة نعاني العطش في منطقة بها أعذب المياه في تونس وبات الاستحمام أمنية نتمنى تحقيقها في 2022
ويضيف العم بشير متحسرًا: "في الوقت الذي نعاني فيه العطش يستغل أحد المستثمرين مياه الجهة من خلال تعبئتها وبيعها، وهذا ما يجعل المائدة المائية مستنزفة ولا يمكنها أن تلبي حاجياتنا".
واتهم محدثنا السلطات الجهوية بـ"الصمت وتجاهل هذه المشكلة في وقت تباع فيه أجود انواع المياه المستخرجة من الجهة فيما يظل أبناء المنطقة يعانون العطش والحاجة للتنظيف والاغتسال ولماشيتهم".
ودعا محدثتنا، وهو ممثل عن كل متساكني الجهة والناطق باسمهم، إلى "ضرورة أن تضطلع الدولة بمسؤولياتها ويتم حل الإشكال والبحث فيه".
كما يطالب المتساكنون بضرورة فتح ملف المستثمرين الذين يعلبون الماء ويبيعونه حتى تكون العملية شفافة إلى جانب ضرورة المحافظة على حق الأجيال القادمة في الثروة المائية، "إن كنا اليوم نعاني العطش وقلة الماء فما هو المستقبل الذي ينتظر الجيل القادم؟" يتساءل العم بشير الحطاب.
تشكيات متساكني منطقة جبل تليل الصالحي من معتمدية الفحص هي واحدة من جملة 1590 مشكلة تتعلق بالماء تم الإبلاغ عنها خلال سنة 2022 بحسب ما نشره المرصد التونسي للمياه.
الناطق باسم متساكني جبل تليل الصالحي: "في الوقت الذي نعاني فيه العطش يستغل أحد المستثمرين مياه الجهة من خلال تعبئتها وبيعها، وهذا ما يجعل المائدة المائية مستنزفة ولا يمكنها أن تلبي حاجيات المتساكنين
"الترا تونس" توجه للسلطات الجهوية بجملة هذه الإشكاليات التي طرحها سكان المنطقة، فأكد والي زغوان محمد العش في حديثه معنا أن "هذا الملف طرح خلال جلسة في 31 ماي/أيار 2022، كما قمنا بجلسة أخرى في معتمدية الفحص في 6 جوان/يونيو 2022"، وفقه.
وبين أن "منطقة التليل الصالحي تابعة لمجمع التنمية الفلاحية بالخنيسية وهو يزوّد ما يقارب 250 عائلة بالماء الصالح للشرب فيهم 225 عائلة يتمتعون بالربط الخاص و25 عائلة بالحنفية العمومية".
أما الإشكال الموجود على مستوى هذا المجمع فيتمثل في تكلس القنوات و"لحل هذا الإشكال فقد تعهد مندوب الفلاحة بالجهة بتوفير 800 متر للقنوات من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة"، حسب والي الجهة.والي زغوان لـ"الترا تونس": هناك عائلات قاموا بربط عشوائي على مستوى شبكة المياه وهو ما ساهم في ضعف تدفق المياه.. ولا يتم استعمال الماء في الشرب فقط بل يقع استغلاله في سقي الزراعات
وأضاف محدثنا أن "هناك إشكالية أخرى تتمثل في ضعف تدفق الماء بما يقارب 3.5 ليترات في الثانية بعد أن كان في مستوى 5 و6 ليترات في الثانية"، وفق تأكيده.
وأبرز والي زغوان محمد العش أن "الـ25 عائلة المتمتعة بالحنفية العمومية قاموا بربط عشوائي على مستوى الشبكة، وهو ما ساهم في ضعف تدفق المياه"، وفقه، مشيرًا إلى أن "الإشكال الكبير هو أن معدل استهلاك الفرد في حدود 104 ليترات يوميًا وهو ما يطرح عديد نقاط الاستفهام بخصوص كون هذا الماء لا يتم استعماله للشرب فقط بل يتم استغلاله لسقي الزراعات"، حسب تصوره.
أما فيما يتعلق بالمستثمر، فقد شدد الوالي محمد العش على أن "مندوبية الفلاحة مدت الولاية بملف كامل وأكدت تقاريرها العلمية أن البئر الذي يستغله هذا المستثمر لا يؤثر على تدفق المياه للمواطنين وبالتالي البئر العميقة الخاصة بالمجمع المائي".
والي زغوان لـ"الترا تونس": المستثمر بالجهة يستغل بئرًا على ملك الدولة بصفة قانونية وتحت صيغة الكراء ولا يؤثر على تدفق المياه للمواطنين
وأشار إلى أن المستثمر يستغل بئرًا على ملك الدولة بصفة قانونية وتحت صيغة الكراء وهي حاليًا خارج الاستغلال، على حد روايته، لافتًا إلى أنه "تقدم بطلب لحفر بئر في أرضه ولم يتحصل بعد على الموافقة لأن مطلبه قيد الدرس على مستوى مندوبية الفلاحة والوزارة"، وفقه.
وبين والي زغوان أن "اللجنة المحلية ستجتمع خلال الأيام القادمة لحل هذه الإشكاليات التي تحول دون تزويد المواطنين بالماء الصالح للشرب وستنطلق بإصدار قرارات إزالة للربط العشوائي وتحرير محاضر عدلية لكل الذين قاموا بربط غير قانوني في القنوات"، على حد قوله.