27-فبراير-2021

قفز معدل البطالة إلى 16,2% في نهاية سبتمبر (Getty)

 

دعا صندوق النقد الدولي السلطات التونسية إلى خفض فاتورة الأجور والحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين. وأوصى، في ذات السياق، بضرورة أن يكون خفض العجز المالي للبلاد هو هدف سياسة المالية العمومية وما يتعلق بها من إصلاحات. 

وتأتي هذه الدعوة في نشرية إعلامية بموقعه الإلكتروني، بتاريخ 26 فيفري/ شباط 2021، إثر اختتام مجلسه التنفيذي مشاورات المادة الرابعة للعام 2021 مع السلطات التونسية.

يُذكر أن المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي تنص على إجراء مناقشات ثنائية مع البلدان الأعضاء تتم في العادة على أساس سنوي. ويقوم فريق من خبراء الصندوق بزيارة البلد العضو، وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد. وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعِد الخبراء تقريرًا يشكل أساسًا لمناقشات المجلس التنفيذي في هذا الخصوص.

اقرأ/ي أيضًا: 50 عامًا من الليبرالية المتونسة انتهت إلى تقييد كلّي للاقتصاد التونسي

وأشار الصندوق، في ذات النشرية، إلى أن الدين العام التونسي من الأرجح أن يبلغ مستوى غير مستدام ما لم يُعتمَد برنامج قوي وموثوق للإصلاح يحظى بتأييد واسع النطاق، داعيًا كذلك السلطات إلى تعزيز عدالة النظام الضريبي وجعله أكثر دعمًا للنمو وعلى اتخاذ إجراءات لتسوية المتأخرات المتراكمة في نظام الضمان الاجتماعي.

صندوق النقد: الدين العام التونسي من الأرجح أن يبلغ مستوى غير مستدام ما لم يُعتمَد برنامج قوي وموثوق للإصلاح يحظى بتأييد واسع النطاق

وشدد صندوق النقد الدولي على ضرورة تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات العمومية التونسية بغية تخفيض التزاماتها الاحتمالية. وحثوا السلطات على اعتماد خطة للحد من مخاطر هذه المؤسسات على المالية العمومية والنظام المالي، وتعزيز الحوكمة المؤسسية، وتحسين إعداد التقارير المالية والشفافية.

وأكد أن السياسة النقدية ينبغي أن تركز على التضخم عن طريق توجيه أسعار الفائدة قصيرة الأجل، مع الحفاظ على مرونة سعر الصرف، حاثين السلطات على تجنب التمويل النقدي للميزانية. وأشار الصندوق على السلطات التونسية بتنفيذ خارطة طريق لاستهداف التضخم وإعداد خطة تدريجية تقوم على شروط لتحرير الحساب الرأسمالي، مع مراقبة سلامة القطاع المالي عن كثب.

وأكد أن تشجيع نشاط القطاع الخاص "يمثل مطلبًا حيويًا من أجل زيادة النمو الممكن وجعله أكثر توليدًا لفرص العمل وأكثر احتواء لشرائح المجتمع". وأشار، في ذات السياق، إلى ضرورة تركيز جهود الإصلاح على إلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال. 

صندوق النقد يدعو السلطات إلى تجنب التمويل النقدي للميزانية وينصح بتنفيذ خارطة طريق لاستهداف التضخم وإعداد خطة تدريجية تقوم على شروط لتحرير الحساب الرأسمالي، مع مراقبة سلامة القطاع المالي عن كثب

مع العلم أنه من المتوقع إجراء مشاورات المادة الرابعة القادمة مع تونس على أساس الدورة الاعتيادية البالغة 12 شهرًا.

اقرأ/ي أيضًا: عن الدعم الحكومي للشركات والاقتصاد.. إعادة إنتاج الأزمة؟

ويصف الصندوق في نشريته، الوضع الحالي في تونس بـ"تفاقم أوجه الهشاشة الاجتماعية-الاقتصادية بسبب أزمة جائحة كوفيد-19" مع استحسان تحرك السلطات على مستوى السياسات لمواجهة الأزمة، مذكرًا أن مخاطر التطورات السلبية تهيمن على الأوضاع في ظل توقعات بتعافي النمو بدرجة محدودة في عام 2021. 

وأشار خبراء الصندوق إلى أن الأولوية العاجلة تتمثل في إنقاذ الأرواح والأرزاق وتحقيق الاستقرار الاقتصادي لحين انحسار الجائحة. وذكروا أنه ينبغي للسياسة الاقتصادية أن تركز كذلك على استعادة الاستدامة المالية وبقاء الدين في حدود يمكن الاستمرار في تحملها، وتشجيع النمو الشامل.

صندوق النقد: مخاطر التطورات السلبية في تونس تهيمن على الأوضاع في ظل توقعات بتعافي النمو بدرجة محدودة في عام 2021 

يذكر أن تقديرات الصندوق تُشير إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في تونس بنسبة قدرها 8,2% في عام 2020، وهو أكبر هبوط اقتصادي شهدته تونس منذ استقلالها. وقفز معدل البطالة إلى 16,2% في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، مما أضر بشكل غير متناسب بالعمال ذوي المهارات المتدنية والنساء والشباب، وأجج اضطرابات اجتماعية. 

وتباطأ التضخم نتيجة الانكماش في الطلب المحلي وانخفاض أسعار الوقود الدولية. وانخفض عجز الحساب الجاري إلى 6,8% من إجمالي الناتج المحلي، مدفوعًا بانخفاض الطلب على الواردات واستمرار تدفق تحويلات المغتربين، رغم الصدمة القوية التي أصابت الصادرات وانهيار عائدات السياحة.

وسجل عجز المالية العمومية ومستوى الدين العام ارتفاعًا حادًا في عام 2020. وتشير التقديرات إلى أن عجز المالية العمومية (باستثناء المنح) بلغ 11,5% من إجمالي الناتج المحلي. وانخفضت الإيرادات نتيجة انخفاض الحصيلة الضريبية، وفق الصندوق. 

تُشير تقديرات الصندوق إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في تونس بنسبة قدرها 8,2% في عام 2020، وهو أكبر هبوط اقتصادي شهدته تونس منذ استقلالها

وأدى التوظيف الإضافي (40% منه تقريبًا في قطاع الصحة، لأسباب من بينها مكافحة جائحة كوفيد-19) إلى رفع كتلة أجور القطاع العام إلى 17,6% من إجمالي الناتج المحلي، لتصبح ضمن أعلى الكتل في العالم. وتم تعويض ارتفاع النفقات بانخفاض نفقات الاستثمار ودعم الطاقة. ونتيجة لارتفاع عجز المالية العمومية والانكماش في إجمالي الناتج المحلي، تشير التقديرات إلى ارتفاع الدين العام المركزي إلى قرابة 87% من إجمالي الناتج المحلي، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.

وتتوقع المؤسسة المالية العالمية أن يتعافى نمو إجمالي الناتج المحلي مسجلاً 3,8% في عام 2021 مع بدء انحسار آثار الجائحة، غير أن قدرًا كبيرًا من المخاطر المعاكسة يحيط بهذا التوقع، نظرًا لعدم اليقين المحيط بمدة الجائحة ومدى حدتها وتوقيت إجراءات التلقيح. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الاقتصاد التونسي وجائحة الكورونا: الأزمة الفرصة (2/1)

الاقتصاد التونسي وجائحة الكورونا: الأزمة الفرصة (2/2)