الترا تونس - فريق التحرير
بعد صدوره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، تتالت تفاعلات السياسيين مع مشروع الدستور الذي سيقع الاستفتاء عليه يوم الاثنين 25 جويلية/ يوليو 2022، إذ اعتبره كثيرون منهم "نتاج صياغة فردانية لا يمثل الإرادة الشعبية"، وفقهم.
"الترا تونس" رصد فيما يلي بعض تفاعلات السياسيين مع مشروع الدستور التونسي الجديد:
فقد تساءل مدير الديوان الرئاسي سابقًا (في عهد المنصف المرزوقي)، عدنان منصر، بقوله: "فيما عدا مركزة السلطة في يد شخص واحد، ودون أي رقابة جدية، ما هو فضل الدستور الجديد عن الذي سبقه؟ لقد أغلق بعناية وبصفة تامة كل إمكانية أمام "الشعب" لتغيير توجهه العام إلا برضا الرئيس والمجلس النيابي الذي سيكون مجرد صنيعة له" وفقه.
عدنان منصر: لقد أغلق الدستور الجديد بصفة تامة كل إمكانية أمام الشعب لتغيير توجهه العام إلا برضا الرئيس والمجلس النيابي الذي سيكون مجرد صنيعة له
وأضاف منصر: "إذا كانت هذه النقيصة أحد أسباب 25 جويلية/ يوليو 2021، وهي التي دفعت إلى تفعيل متعسف للفصل الثمانين، فكيف سيكون الحل مع هذا الدستور الأكثر مغاليقًا؟ بهذه الطريقة، هل تصبح المركزة المطلقة ضمانة استقرار فعلًا؟ هذا ببساطة دستور يفرض أن أي تغيير لن يكون من داخل المؤسسات بل من خارجها".
وشدّد عدنان منصر على أنّ الدستور بهذا المعنى "يناقض الفكرتين الأساسيتين اللتين توضع الدساتير من أجلهما: كونه عقدًا اجتماعيًا، وكونه يضبط التداول على السلطة بشكل سلمي عبر المؤسسات. بعدم وجود هذه المؤسسات، أو بعدم جدية وجودها، لا يمكن الحديث عن جمهورية، ولا عن دستور، ولا عن استقرار" حسب تقديره.
وقد دوّن الناشط السياسي عبد الوهاب الهاني، من جهته، أنّ "مشروع الدستور الرئاسي تم إعداده خارج الصيغ والآليات الدستورية وخارج النواميس التشاركية وخارج الإرادة الشعبية وفي الغرف الخفية الخلفية المظلمة.. ويغرق في شخصنة الديباجة والأبواب والفصول لغة ومصطلحات وتدابير حسب أهواء رئيس الجمهورية وقراءاته الفردانية الشاذة للتاريخ وللمبادئ القانونية وللفقه الدستوري" وفق قوله.
عبد الوهاب الهاني: مشروع الدستور الجديد لا يمثل الإرادة الشعبية، وتم إعداده بعيدًا عن التشاركية وفي الغرف الخفية.. تونس مقبلة على مزيد تعميق الأزمة
وأبرز الهاني أنّ "مشروع الدستور لا يمثل الإرادة الشعبية ولا الهوية التاريخية والحضارية للبلاد ولا الضمير الجمعي للتونسيين والتونسيات ولا المعايير الدولية للفصل بين السلط ولا حماية القانون والقضاء للحقوق والحريات ولا المساءلة الديمقراطية ولا الديمقراطية التمثيلية ولا التشاركية.. تونس مقبلة على مزيد تعميق الأزمة بمسار استفتائي رئاسي لا دستوري على مشروع دستور لشخصنة الحكم بأسوأ بكثير مما شهدته في تاريخها سابقًا" على حد وصفه.
وفي السياق نفسه، كتب عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" جوهر بن مبارك"، أنّ ما كتب في مشروع الدستور من "هذيان شاهق في التوطئة وتصفية الحسابات السياسية مع خصوم سعيّد، دعاية منه لنظامه ولذاته لم يتجرأ قبله أي ديكتاتور على تضمينها في الدستور، إهدار ضمانات أساسية للحريات، نظام سياسي منقول حرفيًا عن دستور بن علي يضرب في مقتل مبدأ التوازن ويؤسس لنظام السلاطين البالي"، وفقه.
سمير ديلو: لم أجد أيّ أثر لسطر واحد من مخرجات عمل اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لصاحبها إبراهيم بودربالة
واستنكر بن مبارك "الثنائية في السلطة التشريعية بالإضافة إلى مجلس جهوي دون صلاحيات عدا التعقيد والتعطيل في المصادقة على مشاريع القوانين ذات الصبغة الاقتصادية"، وقال: "دستور الانقلاب مرفوض شكلًا و أصلًا دون تفاصيل، نعم لدستور البلاد 2014، لا لدستور المنقلب البالي"، حسب رأيه.
وأشار المحامي سمير ديلو، بدوره إلى أنه لم يجد "أيّ أثر لسطر واحد من مخرجات عمل اللّجنة الاقتصاديّة والاجتماعيّة لصاحبها إبراهيم بودربالة".
أما القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام، فقد قال إنّ "دستور قيس سعيّد كفيل بأن ينقض في جملته وتفصيله، بمجرد قراءة ديباجته قبل الولوج الى أبوابه وفصوله، لأن ديباجته تقوم من أصلها على على سردية انقلابية بامتياز" وفقه.
ولفت عبد السلام، إلى أنّ ذلك عائد إلى "اعتبار 25 جويلية/ يوليو مسارًا تصحيحيًا بينما هو انقلاب مكتمل الأركان، وأيضًا لاعتبار الاستشارة الوطنية، التي لم يشارك فيها بأكثر من 5% من عموم الناخبين، مرجعية عليا في هذا الدستور المزعوم، في الوقت الذي هي أقرب إلى أن توصف بالخدعة الوطنية" على حد وصفه.
وشدّد عبد السلام على أنّ "هذا النص يكاد يلخص في جانبين اثنين، هما ترسيخ السردية الانقلابية، وفرض نظام رئاسوي يتيح لسعيّد تعيين رئيس الحكومة (وبصورة متخفية طبعًا كل وزرائها) وجعل مجلس نواب الشعب مجرد وظيفة تابعة لقرطاج، أي إن ما يمارسه سعيّد واقعًا الآن من اغتصاب للسلطات والصلاحيات وعبث بالمؤسسات، سيحوله إلى دستور وقوانين" وفقه.
وقد تفاعل القيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني بقوله إنّ "الفصل 139 من مشروع دستور قيس سعيّد، ينصّ على أنّ الدستور يدخل حيز التطبيق ابتداء من تاريخ الإعلان النهائي عن نتيجة الاستفتاء من قبل هيئة الانتخابات، بما يعني، حتى لو تم التصويت بـ"لا" فسيدخل هذا الدستور حيز التنفيذ في كل الحالات"، وفقه.
وبالنسبة إلى أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، فقد علّق بجملة مفادها أنّ "التصويت بنعم على دستور (جماهيرية سعيّد) جريمة في حق الوطن" وفق تقديره.
ويشار إلى أنّه صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، الخميس 30 جوان/ يونيو 2022، مشروع الدستور المستفتى عليه يوم الاثنين 25 جويلية/ يوليو 2022، الذي تضمن توطئة و142 فصلًا موزّعة على 10 أبواب.
ويمكنكم الاطلاع على مشروع الدستور كاملًا، عبر هذا الرابط.