01-يوليو-2022
الزكراوي

الزكراوي لـ"الترا تونس": أصبتُ بخيبة أمل كبيرة حين قرأت مشروع الدستور الجديد

 

اعتبر أستاذ القانون في الجامعة التونسية الصغير الزكراوي في حوار له مع "الترا تونس"، أن مشروع الدستور الجديد الذي سيقدّم للاستفتاء يوم 25 جويلية/ يوليو 2022، كُتب خِلسة ضاربًا عرض الحائط بالعقد الاجتماعي والتشاركية، مشيرًا إلى أنه كُتب بصياغة رديئة وأنه يكرس لسلطة الرئيس، داعيًا الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى تفسيره للشعب.

الصغير الزكراوي لـ"الترا تونس": هناك ارتدادات إلى الوراء في مشروع الدستور الجديد ولا يمكن وصف النظام الذي تم إدراجه بالرئاسي

  • تم الخميس 30 جوان/يونيو 2022 إصدار مشروع الدستور الجديد المزمع تقديمه للاستفتاء يوم 25 جويلية/ يوليو الجاري، لو تقدمون لنا قراءة في فصوله؟

لا بدّ أولًا أن نتفق على أن الدستور هو عقد اجتماعي، ومن المفروض أن يجمع لا أن يُقسّم، لكن ما لاحظناه منذ البداية، أن هناك عدة أطراف غير منخرطة في المسار، وبالتالي رافضة لهذا الدستور.

أما من حيث محتوى الدستور، فإنني أصبت بخيبة أمل كبيرة لما قرأت مشروع هذا الدستور الجديد لعدة أسباب، أولها أنني لم ألاحظ أن هناك إضافات، بل بالعكس هناك ارتدادات إلى الوراء وتراجع باسم المحافظة على وحدة الدولة.

فمثلًا، تم إلغاء باب كامل وهو باب السلطة المحلية، وأنا أيضًا كنت مع تقليص عدد الهيئات المستقلة ولكن لست مع حذفها، وكان يفترض أن يتم التقليص لا الإلغاء بصورة كاملة.

أما فيما يتعلق بالمحكمة الدستورية، فقد تم إقصاء الجامعيين وكان من المفروض أن يكونوا مكونًا أساسيًا، وهذا يكشف أن لرئيس الجمهورية موقفًا من النخب والجامعيين ويتعامل معهم بمنطق استعلائي إقصائي.

أما فيما يتعلق بالنظام السياسي وهو جوهر المسألة، لأن 25 جويلية/ يوليو كان نتاجًا للعطالة التي أصابت النظام السياسي، فقد لاحظنا أن النظام الذي تم إدراجه في الدستور لا يمكن وصفه بالرئاسي، فهو يقوم على الوظائف وليس فصل السلط، وهي بالأساس صيغة لتبخيس القضاء على اعتبار أن القضاة غير منتخبين.

هذا نظام، يكون فيه رئيس الجمهورية هو حجر الزاوية وقلب الرحى، إذ استأثر بأهم الصلاحيات، فيما تقوم الحكومة فقط بمساعدته، فهو يختار رئيسها ويتشاور معه لاختيار أعضائها، وهي مسؤولة أمامه، وبالتالي ليس هناك توازن بين السلط ونرى أنه مفقود.

الصغير الزكراوي لـ"الترا تونس": التوازن بين السلط مفقود في مشروع الدستور الجديد، والرئيس فيه هو حجر الزاوية إذ استأثر بأهم الصلاحيات لنفسه

  •  تم تقسيم الوظيفة التشريعية إلى مجلسين، هل هذا سيدعمها أم العكس؟

أنا أرى أن هذا الدستور فيه لبنة النظام القاعدي، من خلال تقسيم الوظيفة التشريعية إلى غرفتين: الأولى للمجلس النيابي والثانية للمجلس الوطني للأقاليم، وإذا ما قارننا الصلاحيات بين رئيس الجمهورية والمجلس النيابي فلا مجال للمقارنة بينهما، وهناك فارق كبير، فالرئيس أصبح هو المشرّع الرئيسي.

     وما يؤكد تكريس البناء القاعدي هو سحب الوكالة في الفصل 61 وربما سنتبيّن مع القانون الانتخابي الجديد -الذي سيوضح عدة مسائل غامضة في مسودة مشروع الدستور- ما إذا تم تكريس الاقتراع على الأفراد بدورتين في اتجاه وضع لبنات للنظام القاعدي كما قلت.

    الصغير الزكراوي لـ"الترا تونس": يحتوي مشروع الدستور الجديد على لبنات النظام القاعدي، وأصبح الرئيس هو المشرّع الرئيسي

    • العميد الصادق بلعيد تحدث عن باب كامل للمسالة الاقتصادية في مشروع الدستور فأين هو؟

    فعلًا هذا سؤال أطرحه، أين العميد الصادق بلعيد الغائب منذ أيام؟ فقد تحدث عن إضافة جديدة لن نجدها في كل الدساتير والمتعلقة بالمسألة الاقتصادية، وأنه تم تخصيص باب كامل لها، لكننا لم نجد لها أي أثر، هناك فقط بعض الأحكام المتفرقة لكن لا وجود لباب كامل.

    • هل كفل مشروع الدستور الجديد الحريات؟

    الحريات مكفولة بموجب الدستور، ولكن طالما أن رئيس الجمهورية يتمتع بكل الصلاحيات فهو يقول: "اهذوا كما تشاؤون".

    • استغرب البعض من الصيغة التي كتبت بها التوطئة فما رأيكم فيها؟

    التوطئة كُتبت كتابة رديئة وسيئة ولا يمكن أن تُكتب بهذه الصيغة. إنه دستور المرور بالقوة، وعلى قيس سعيّد أن يخرج ويقدّم هذا الدستور ويوضّح الجوانب المضيئة فيه.

    الصغير الزكراوي لـ"الترا تونس": هذا دستور على المقاس وهو دستور المرور بالقوة، والكثيرون يسألون: أين الدولة المدنية في مشروع هذا الدستور؟

    • هل هذا هو الدستور الذي حلم به قيس سعيّد؟

     نعم، إنه دستور على المقاس، ودوّن فيه الرئيس قيس سعيّد أفكاره منذ كان طالبًا، ومن بينها مثلًا المجلس الأعلى للتربية الذي وقعت دسترته، فهذه فكرته. وكذلك أنّ رئيس الجمهورية هو قطب الرحى في النظام السياسي، فضلًا عن المرجعية العربية الإسلامية وتكريس مقاصد الإسلام، وهو ما قد يرضي البعض ولكن البعض الآخر يسأل: أين الدولة المدنية في هذا الدستور؟

    • سيتم الإعلان عن هذا الدستور رسميًا بعد صدور النتائج النهائية للاستفتاء من قبل هيئة الانتخابات، ولم تتم الإشارة إلى مآله إذا كانت نتيجة الاستفتاء "لا"، ألا يبدو الأمر غريبًا؟

     نعم هناك غموض، ولهذا أقول: كان على الرئيس سعيّد أن يخرج منذ البارحة ليتحدث مثلًا في السيناريو المطروح إذا ما كانت نتيجة الاستفتاء "لا"، بالإضافة إلى ضرورة توضيحه لعديد النقاط الأخرى. أنا أقول إن هذا الدستور كُتب خِلسة.