انتقل محمد بن مسعود للعيش وأسرته في بيت العائلة في مدينة نابل، منذ منتصف شهر ماي/أيار بصفة وقتية طيلة فترة الصيف. وذلك حتى يتمكن من تسويغ منزله المطل على الشاطئ في مدينة قليبية.
يقول محمد لـ"الترا تونس" إنّه منذ خمس سنوات يقوم بتسويغ بيته لفترة وقتية طيلة الصيف للمصطافين بمبلغ 700 دينار للأسبوع الواحد، لكن اليوم بات يقوم بتسويغه بضعف المبلغ.
يفضّل العديد من أصحاب المنازل المطلة على البحر تسويغ منازلهم للمصطافين طالما أنّ الأمر يوفر لهم أرباحًا موسمية، لا سيّما وأنّ العديد من العائلات تفضل كراء منازل قريبة من الشاطئ بتكاليف أقل من الحجز في النزل
ويضيف: "لا أرى في الأمر جشعًا طالما أنّ كل شيء قد شهد ارتفاعًا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما الإقامة بالنزل، إذ قد يدفع الشخص الواحد 200 دينار لليلة واحدة في الفندق، لكن نحن نسوّغ المنزل لعائلة بأكملها مقابل المبلغ ذاته للّيلة الواحدة. وهذا أمر مقبول، خصوصًا أننا نقوم بتسويغ منازل مجهزة بكل ما يحتاجه المصطافون سواءً منهم المقيمون في تونس أو القادمون من الخارج وحتى للسياح الأجانب".
ويفضّل العديد من أصحاب المنازل المطلة على البحر تسويغ منازلهم للمصطافين طالما أنّ الأمر يوفر لهم أرباحًا موسمية، لا سيّما وأنّ العديد من العائلات تفضل قضاء عطلة الصيف على شاطئ البحر وكراء منازل جاهزة بتكاليف أقل من الحجز في النزل لكافة أفراد العائلة.
يشير كريم عوادي إلى أنّه "كان يقوم بتسويغ منزله منذ شهر جوان/يونيو إلى غاية آخر أوت/أغسطس ليجمع قرابة 6 آلاف دينار خلال تلك الفترة. واليوم بات يملك منزلين يقوم بتسويغهما بحوالي 12 ألف دينار خلال فترة الصيف، لا سيما وأنه يسوغ المنزلين بكامل تجهيزاتهما سواءً للتونسيين أو الوافدين من الخارج"، مضيفًا أنّ "أسعار تلك المنازل مهما ارتفع يبقى أفضل بكثير من أسعار الفنادق".
منذ بداية شهر جوان تشهد العديد من المدن الساحلية حركة كبيرة وازدحامًا خصوصًا قرب الشواطئ مع توافد السياح من الدول المجاورة الذين يفضلون تسويغ منازل على الحجز في بعض النزل
ومنذ بداية شهر جوان/يونيو تشهد العديد من المدن الساحلية حركة كبيرة، وازدحامًا خصوصًا قرب الشواطئ مع توافد السياح من الدول المجاورة الذين يفضلون تسويغ منازل على الحجز في بعض النزل. لذا تنتشر منذ شهر ماي/مايو إعلانات البيوت التي يرغب أصحابها في تسويغها للمصطافين، في الصحف والمجلات، إضافة إلى الملصقات على واجهات المحلات التجارية، وفي بعض الشوارع القريبة من البحر، إلى جانب الإعلانات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع المتخصصة، مع تقديم أسعار كراء اليوم الواحد، وقد يشترط أغلبهم ألّا تقل مدة الكراء عن أسبوع، بكلفة تتراوح بين 150 و200 دينار لليلة الواحدة منذ شهر جوان/يونيو إلى شهر أوت/أغسطس، على أن تنخفض الكلفة في شهر سبتمبر/أيلول لتصل إلى 100 دينار لليلة الواحدة.
تختلف طبعًا أسعار تلك المنازل حسب المساحة وقربها من البحر، وحسب ما تتوفر عليه من تجهيزات وأثاث قد يستحقه المصطافون.
وبعض تلك المنازل مخصصة فقط للكراء فترة الصيف، لتبقى مهجورة بقية السنة، لأنّها عادة ما تكون بعيدة عن التجمعات السكانية ولا يتسوغها أصحاب المنطقة في حدّ ذاتها، بل أشخاص يعيشون بعيدًا عن المدن الشاطئية.
كريم عوادي (مؤجّر): أجمع كل صائفة من تسويغ منزلي الشاطئي خلال الفترة المتراوحة بين جوان وآخر أوت قرابة 6 آلاف دينار.. واليوم صار لدّي منزلان أسوّغهما وبالتالي بتُّ أجمع ضعف المبلغ
فيما اعتادت العديد من العائلات المالكة لمنازل قريبة من البحر وخصوصًا المطلة مباشرة على الشاطئ تسويغ منازلها طيلة فترة الصيف، مقابل التعويل على السكن الجماعي لدى بعض الأقارب أو تسويغ بيت صغير وسط المدينة بأقل تكلفة، حتى تحوّل الصيف بالنسبة لهم مناسبة لكسب المال طالما أنّ تسويغ منزل طيلة شهر كامل قد يوفر 3 آلاف دينار وحتى أكثر بكثير.
ويلجأ العديد من التونسيين وحتى الوافدين على تونس إلى تسويغ بيت قرب الشاطئ نظرًا لارتفاع كلفة الإقامة في نزل لمدة أسبوع أو بضعة أيام، لا سيّما وأنّ ثمن الليلة الواحدة في النزل للفرد تبلغ ما يناهز 200 دينار أو أكثر فيما لم يكن يتجاوز سعر الليلة الواحدة في منزل مطل على البحر خمسين دينارًا للأسرة بأكملها.
إذ تشير رقية علوي إلى أنّها وزوجها تعودت سنويًا على تسويغ بيت مطل على البحر في منطقة قليبية لمدة أسبوع، وكانت تسوغ المنزل بـ80 دينارًا لليلة الواحدة أو 100 دينار، لكنها تفاجأت هذا العام بارتفاع الأسعار إلى الضعف، ما جعل حتى التفكير في تسويغ منزل قرب البحر هذا العام أمرًا صعبًا.
رقية علوي لـ"الترا تونس": تعودت سنويًا على تسويغ منزل مطلّ على البحر لكنني صدمت هذه السنة بتضاعف كلفة الإيجار ما جعل حتى فكرة استئجار منزل قرب البحر هذا العام أمرًا صعبًا
وتقول رقية إنها تبحث في الإعلانات التي تنتشر خصوصًا على فيسبوك ولاحظت ارتفاع الأسعار مقارنة بالعام الماضي خصوصًا في المناطق التي تشهد إقبالًا كبيرًا على غرار المعمورة والهوارية وقليبية وحتى سلقطة بمحافظة المهدية، على الرغم من كونها منازل عادية وحتى التجهيزات التي فيها عادة ما تكون أقل من العادية".
نفس الأمر واجهه عبد الحميد عامري الذي عدل عن فكرة تسويغ منزل مطل على البحر هذا العام، إذ يشير إلى أنّه "عادة ما يقضي إجازة العمل طيلة أسبوعين في إحدى المدن الساحلية، ليقوم بكراء منزل وعائلته وبعض رفاقه لتقاسم تكاليف الكراء. وكان يكتري بيتًا لمدة أسبوعين بحوالي 1500 دينار، لكنه لاحظ هذا العام أنّ سعر الفترة نفسها بلغ 3 آلاف دينار في كل المناطق الشاطئية، على الرغم من أنّ البيوت بسيطة وتجهيزاتها عادية لا ترتقي لمستوى ما يتوفر في الفنادق، جعله يعدل عن الفكرة وخيّر الذهاب إلى البحر كل يوم بسيارته والعودة آخر اليوم"، معتبرًا أنّ ذلك "أفضل بكثير من ناحية التكلفة".
نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك: " أسعار المنازل المعدّة للكراء قرب الشواطئ شهدت ارتفاعًا كبيرًا، خاصة وأنّه في ظل غياب قوانين تنظم قطاع كراء المنازل بصفة عامة فإنّ أصحابها يتحكمون في التسعيرة"
من جهتها، أشارت نائب رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك ثرية التباسي إلى أن أسعار المنازل المعدّة للكراء قرب الشواطئ شهدت ارتفاعًا كبيرًا خلال هذا العام.
وأكدت، في تصريح لـ"الترا تونس"، أنّ القطاع غير منظم لذا يتحكم أصحاب المنازل في كلفة الكراء، نظرًا لغياب قوانين تنظم قطاع كراء البيوت بصفة عامة وليس فقط المنازل القريبة من البحر، وفقها.
وأكد أحمد بالطيب رئيس الجامعة الوطنية لوكالات الأسفار، في تصريح لإذاعة "إكسبرس" (محلية) في 10 جويلية/يوليو 2024، تسجيل تراجع في نسق الحجوزات بالنزل بنسبة تتراوح بين 10 و15% منذ بداية جويلية/يوليو، وقال: "شهدنا تراجعًا كبيرًا مقارنة بما عرفناه السنة الفارطة" وفقه.
رئيس جامعة وكالات الأسفار: تسجيل تراجع في نسق الحجوزات في النزل ومن بين أسباب ذلك ارتفاع الأسعار بنحو 40% باعتبار أنّ شهري جويلية وأوت يمثلان ذروة الموسم
وتابع بالطيب في تصريحه لإذاعة "إكسبراس أف أم" (محلية)، "لم نقل في البداية إنه موسم ناجح، بل قلنا إننا ننتظر موسمًا واعدًا بعد تطور أرقام بداية الموسم التي كانت ذاهبة في نسق تصاعدي، حيث ارتفعت العائدات بـ8%، والحجوزات بين 6 و7%، وفق قوله.
وأضاف رئيس جامعة وكالات الأسفار، أنّ تراجع نسق الحجوزات ناتج عن عدة أسباب منها: تغير الأسعار باعتبار أن جويلية/يوليو وأوت/أغسطس هما ذروة الموسم، وبالتالي فإنّ الأسعار تفوق بشكل عام 40% مقارنة بشهر جوان/يونيو، وفقه.