02-يوليو-2019

عائلات تسوّغ منازلها بالقرب من الشواطئ لتحقيق أرباح موسمية (نيكولا فوكو/Getty)

 

هل خطر ببالك أن تهجر بيتك الواقع بضع خطوات من البحر والحال أنّ آلاف العائلات تبحث عن شقة تلامس ضفافه؟ وهل فكّرت في تحقيق بعض الأرباح المالية طيلة الفترة الصيفية عبر تسويغ سكنك الأصلي؟

نعم، يفضل العديد من مالكي الشقق والمنازل في المناطق الساحلية المال على البحر، يسكنون بيوتهم طيلة السنة لكن يهجرونها صيفًا لتسويغها بمبالغ باهظة. في نفس الوقت، تفضل عدة عائلات قضاء عطلة الصيف على شاطئ البحر بكراء بيوت جاهزة بتكاليف أقل من الحجز في النزل لكافة أفراد العائلة.

اعتادت عديد العائلات التي تملك بيوتًا قرب الشواطئ في المدن الساحلية على مغادرتها صيفًا لتسويغها بمبالغ مرتفعة للعائلات المصطافة

تبدأ في هذه الفترة استعدادات العائلات لكراء منزل على مقربة من شاطئ البحر، وتنتشر بكثافة إعلانات كراء منازل وشقق بالمناطق الشاطئية والساحلية في الصحف والمجلات، إضافة إلى الملصقات على واجهات المحلات التجارية، عدا عن الإعلانات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع المتخصصة.

وتتعلق أغلب العروض بشقق مفروشة مؤثثة يجد فيها المصطاف كل ما يحتاجه دون عناء، يعرضها أصحابها مرفقة بالصور مع تحديد مبالغ كرائها. وتختلف أسعار الشقق حسب حالة العقار ومساحته ونوعية أثاثه وموقعه من البحر. وقد تطورت البناءات بشكل ملفت للانتباه من حيث المعمار ونوعية الأثاث والتجهيزات خلال السنوات الأخيرة.

وعادة ما تكون الشقق المعروضة للكراء خلال الفترة الصيفية مخصصة للكراء طيلة السنة، إلاّ أنّ العديد من العائلات، اعتادت خلال كل عطلة صيفية، أن تغادر بيوتها القريبة من شاطئ البحر لتسويغها بمبالغ مرتفعة مقابل التعويل على السكن الجماعي لدى بعض الأقارب، أو الأصدقاء، أو كراء بيوت وسط المدينة بأقلّ تكلفة.

يشير رفيق ضيف الله (53 سنة) لـ"ألترا تونس" إلى أنّه يسوّغ منزله الواقع قرب شاطئ قليبية الذي يعيش فيه مع زوجته فقط وذلك طيلة فصل الصيف بمبلغ يصل إلى 1500 دينار في الشهر

يشير رفيق ضيف الله (53 سنة)، لـ"ألترا تونس" إلى أنّه يملك منزلًا قرب شاطئ قليبية يعيش مع زوجته فقط بعد سفر ابنيه، يلجأ إلى تسويغه صيفًا طيلة ثلاثة أشهر بمبلغ يصل إلى 1500 دينار في الشهر لحاجته للمال، فيما يقضى هذه الفترة في بيت ابن عمّه.

ويقول رفيق إنّه يترك كلّ أثاث بيته ولا يحمل معه سوى ملابسه وأشياءه الثمينة، وغالبًا ما يجد بيته على ما هو عليه خلال عودته، وهو الأمر الذي شجّعه على كراء منزله كلّ صيف إلى العائلات الراغبة في قضاء عطلة الصيف على شاطئ قليبية الذي يعدّ من أكثر الشواطئ التونسية التي تشهد إقبالًا كبيرًا.

تختلف أسعار الشقق حسب حالة العقار ومساحته ونوعية أثاثه وموقعه من البحر (فريديرك سلطان/Getty)

 

وما بين الحاجة والرغبة في الاسترزاق، تختلف مبررّات الأسر التونسية التي تقطن قرب الشواطئ لتأجير منازلها خلال موسم الاصطياف، في ظاهرة تزداد انتشارًا في المناطق الساحلية، وتحوّلت إلى فرصة لكسب المال في فصل الحرارة، منذ بداية  شهر جوان/يونيو وحتى نهاية شهر أوت/أغسطس، خاصة مع تزايد الطلب على الشقق المفروشة في ظلّ ارتفاع تكلفة الحجوزات في النزل القريبة من البحر والتي تكون غالبًا من فئة خمس نجوم.

وتؤجر أسر شققها بكامل تجهيزاتها في الصيف فقط، فيما تؤجر بعضها طابقًا من طوابق البيت، أو حتى غرفة أو غرفتين لفائدة المصطافين. وبات تسويغ الشقق خلال فصل الصيف فرصة موسمية لعديد العائلات لتحقيق الربح المادي لمواجهة غلاء المعيشة، لا سيما وأنّ أسعار التسويغ عادة ما تكون باهظة على اعتبار قربها من البحر وتوفر كلّ التجهيزات الضرورية فيها.

 تختلف مبررّات الأسر التونسية التي تقطن قرب الشواطئ لتأجير منازلها خلال موسم الاصطياف في ظاهرة تزداد انتشارًا في المناطق الساحلية وتحوّلت إلى فرصة للكسب المادي

عبد الله (49 سنة) يؤجر هو الآخر الطابق الأرضي من منزله خلال الصيف في مدينة سوسة رغم أنّه يقطنه طيلة السنة، ولكنه يستغلّ الفترة الصيفية لتحقيق بعض المال وفق قوله. ويضيف، في حديثه معنا، أنّه يُسوّغ الطابق الأرضي بكامل تجهيزاته بمبلغ ألف دينار شهريًا أو حتى 500 دينار أسبوعيًا، وهو ما يحقق له مداخيل مالية تساعده على توفير مصاريف العودة المدرسية. وبين أنه يسوغ منزله غالبًا إلى عائلات تونسية فقط تفاديًا لأي مشاكل قد يتعرّض إليها إذ قام بتسويغه إلى أجانب.

الأمر نفسه يتكرر في كل الولايات الساحلية التونسية، فإذا كان فصل الصيف فرصة للاصطياف والترفيه لعائلات، فهو فرصة أيضًا لتحقيق ربح موسمي لعائلات أخرى التي تنطلق رحلة بحثها عن بيوت بديلة وسط المدينة بأقل تكليفة منذ شهر ماي/آيار، ليتمكنوا من تسويغ بيوتهم على شاطئ البحر للمصطافين خلال الأشهر الموالية.

وتصل كلفة كراء شقة مفروشة على البحر أحيانًا حوالي 100 دينار لليوم الواحد في بعض المناطق، مما يكلّف الأسرة الواحدة ألف دينار خلال عشرة أيام فقط. ورغم أنّها تبقى تكلفة أقل بكثير مما قد تدفعه عائلة بأكملها في إحدى النزل، إلا أنّ العديد من العائلات التونسية ليس بمقدورها، في نهاية المطاف، تسويغ شقة قرب البحر.