07-يوليو-2023
كوكو بيتش

يوفر أغلب أصحاب مشاريع "الكوكو بيتش" خدمات على مستوى عالٍ من الجودة

 

تمثّل الشواطئ في فصل الصيف الوجهة السياحية الأمثل للمصطافين التونسيين وللأجانب الذين اختاروا تونس بحثًا عن جمالية الشواطئ ونقاوة المياه. وتعدّ أغلب الشواطئ في تونس من أفضل أنواع شواطئ العالم وأجودها، فبعضها يلتقي مع الغابات والجبال، والبعض الآخر يلامس الواحات والبحيرات مما يضفي عليها طابعًا ورونقًا خاصًا يميزها عن سائر الشواطئ في الدول الأخرى.

مشاريع "الكوكو بيتش" ظهرت في ولاية بنزرت وأخذ عددها يتضاعف حتى بلغت حاليًا 15 مشروعًا على طول الشاطئ المتواجد بين البحر والبحيرة في منطقة غار الملح

ولئن يستمتع المصطافون بقضاء كامل اليوم في البحر وعلى ضفافه، أين تلامس أقدامهم الرمال الفضية وتتعرض بشرتهم لأشعة الشمس الدافئة، فإن الشغف بالاكتشاف يدفعهم للبحث عن مناطق جديدة يخوضون فيها غمار تجارب استثنائية تضاعف متعة تواجدهم على الشاطئ وتلبّي رغباتهم في الحصول على خدمات أجود وأرقى، وفي مناطق يكون الولوج إليها غير متاح للجميع. هذه المواصفات لبّتها ووفرتها مشاريع "الكوكو بيتش" التي ظهرت مؤخرًا في ولاية -محافظة- بنزرت والتي أخذ عددها يتضاعف حتى بلغت حاليًا 15 مشروعًا على طول الشاطئ المتواجد بين البحر والبحيرة في منطقة غار الملح.

هذه الجزيرة لا يمكن الولوج إليها إلا عبر القارب، وهو السر في انجذاب المصطافين إليها الذين يستمتعون برحلة القارب ذهابًا وإيابًا وكذلك باكتشاف ما يصفونه بـ"مالديف تونس" الذي يختلف عن الشواطئ التي يمكن زيارتها عبر التنقل على الأقدام أو بالسيارات.

يوفر أغلب أصحاب مشاريع "الكوكو بيتش" خدمات على مستوى عالٍ من الجودة فيتم نصب "مخيمات خشبية" وشمسيات متناسقة الألوان كما يتم تقديم وجبات ومشروبات وغلال مقابل مبلغ يتراوح بين 60 و75 دينارًا تونسيًا للفرد الواحد

ويوفر أغلب أصحاب مشاريع "الكوكو بيتش" خدمات على مستوى عالٍ من الجودة فيتم نصب "مخيمات خشبية" على حافة البحر وشمسيات متناسقة الألوان مما يضفي على الشاطئ جمالية وخصوصية تجذب الزوار كما يتم تقديم وجبات غداء ومشروبات وغلال مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 60 و75 دينارًا تونسيًا للفرد الواحد فيما تُخفّض التعريفة قليلًا للأطفال.

  • "الكوكو بيتش".. مشاريع تنهض بالسياحة الداخلية

يؤكد بيرم بن حليمة صاحب مشروع "La Casa Coco Beach" أنه انطلق في مشروعه منذ سنة 2018 وكان قد استوحى فكرته من حاجة الناس لتوطين سياحي جديد في مكان هادئ، كما بيّن أن البداية كانت صعبة خاصة فيما يتعلق بالترخيص، لكنّ المشروع كُلّل بالنجاح فيما بعد وتم خلال الثلاث سنوات الأولى استقطاب مصطافين من تونس، لكن مع تدهور الوضع الاقتصادي بالبلاد وتدني المقدرة الشرائية لدى التونسي، تغير الحرفاء وأصبح جلّهم من التونسيين المقيمين بالخارج، وشيئًا فشيئًا تمكّن المشروع من استقطاب سياح من بلدان عربية وخاصة من ليبيا.

صاحب مشروع "La Casa Coco Beach" لـ"الترا تونس": نسعى جاهدين لاحترام الطبيعة، إذ نستعمل بقايا مأكولات المصطافين في إنتاج مواد عضوية 

وأفاد بن حليمة في حديثه لـ"الترا تونس"، بأن "La Casa Coco Beach" كانت ولا تزال سباقة في جميع المجالات، وتمكنت دون غيرها من توفير الماء الصالح للشرب وسط المطعم وكذلك توفير حمامات والعديد من الخدمات الأخرى كالإنترنت وتطبيقة خاصة بتسهيل عملية الحجز ثم فكرت في استغلال الأراضي المتواجدة وراء المطعم لإنتاج الخضر والغلال خاصة وأن ولاية بنزرت مشهورة بالزراعات الرملية وهذا ما جعلها مختلفة عن البقية، ووجهة قارة للبعض في المواسم السياحية، وفقه.

ولفت المتحدث إلى أنه حريص على توفير الحماية لحرفائه خاصة في القوارب التي تنقل المصطافين وبالتالي يتم توفير قبطان ومساعد، وعند وجود اضطرابات جوية وأمواج يتم الولوج إلى "لاكازا" عبر البحيرة، مشددًا على أن أهم عنصر وجب العمل عليه هو حماية الحريف.

صاحب مشروع "La Casa Coco Beach" لـ"الترا تونس": نحن بصدد العمل على استقطاب سياح من الخارج، ونتحصل سنويًا على ترخيص من الوالي لاستغلال هذا الملك العمومي البحري

كما بيّن بيرم بن حليمة أنه لا يمكن افتتاح أي موسم سياحي واستغلال ملك عمومي بحري إلا بترخيص وأنه يتحصل سنويًا على ترخيص من الوالي بعد إتمام الإجراءات اللازمة معربًا عن طموحه في أن يصبح المعرف الجبائي "الباتيندا" موسميًا لتنتفع الدولة وكذلك ليضمن صاحب المشروع وجوده في السنة المقبلة وتفادي المخاوف من رفض إسناده الرخصة، خاصة وأن "لاكازا" بصدد العمل على استقطاب سياح من الخارج والدليل على ذلك هو أن موقعها الإلكتروني والتطبيقة التي أنشأتها مترجمة بكل اللغات.

وعن الحفاظ على الجانب البيئي، أكد بن حليمة أن "لاكازا" تستعمل بقايا مأكولات المصطافين في إنتاج مواد عضوية تستعمل للخضر والغلال، أما بالنسبة للمواد البلاستيكية فبلدية "غار الملح" متكفلة بجمعها، مضيفًا: "بالنسبة لنا في (لاكازا) هذا مورد رزق ونسعى جاهدين لاحترام الطبيعة".

  • "مستوطنات الكوكو" وتداعياتها على التوازن البيئي

تمكنت "مشاريع الكوكو بيتش" بفضل فكرتها المميزة وخدماتها ذات الجودة العالية من إنعاش السياحة الداخلية واستقطاب سياح من الخارج عبر التسويق للوجهة الشاطئية التونسية كما ساهمت في خلق مواطن شغل جديدة للشباب سواء أصحاب مشاريع أو يد عاملة، إلا أن استفحال ظاهرة "الكوكو" والطفرة في أعدادها غذّت المخاوف من تداعياتها على التوازن البيئي خاصة وأنها متمركزة في مكان يتسم بالهشاشة.

خبير بيئي لـ"الترا تونس": "مشاريع الكوكو بيتش" متمركزة في منطقة مصنفة رطبة لديها خصوصيات إيكولوجية مهمة ومن شأن المنشآت المبنية عليها أن تؤثر سلبًا على المكان وتشكل خطرًا بيئيًا

وبيّن الخبير البيئي حمدي حشّاد أن "مستوطنات الكوكو بيتش"، كما يسميها، متمركزة في منطقة مصنفة رطبة لديها خصوصيات إيكولوجية مهمة وتمثل موطنًا لتعشيش العديد من الطيور البحرية وكذلك لبيض وتفقيس بعض الكائنات البحرية الأخرى، مضيفًا أن الشريط الساحلي الذي تتمركز فيه "مشاريع الكوكو" بسيط ومتكون في ظروف معينة ومن شأن المنشآت المبنية عليه أن تؤثر سلبًا على المكان وتشكل خطرًا بيئيًا.

وتساءل حشاد في حديثه لـ"الترا تونس" عن الجهات التي مكّنت مالكي هذه المشاريع من تراخيص لممارسة أنشطة من هذا النوع متحدثًا عن وجود نوع من التواطؤ مع الزحف السرطاني للاستثمارات البحرية في مكان كان في السابق منطقة محمية ومنطقة مخصصة للحياة البحرية، وأصبح يتعرض حاليًا إلى زحف وهجوم للمصطافين مما ساهم في تدهور الكثبان الرملية الموجودة في المنطقة الشيء الذي يمكن أن يتسبب في تقدم مياه البحر وتدمير النظام الإيكولوجي الموجود في تلك المنطقة.

خبير بيئي لـ"الترا تونس": التواطؤ والزحف السرطاني لهذه الاستثمارات البحرية يساهم في تدهور الكثبان الرملية ما يمكن أن يتسبب في تقدم مياه البحر وتدمير النظام الإيكولوجي الموجود

واعتبر المتحدث أن ظاهرة "الكوكو بيتش" بصدد المساهمة في خوصصة الشواطئ وفتح المجال أمام أفراد للاستثمار على حساب الملك العام واحتلال شواطئ كانت في السابق مجانية ومتاحة لجميع التونسيين، ملقيًا اللوم على عاتق البلديات التي ساهمت في انتشار مبدأ الاستثمارات السرطانية على حد تعبيره.

من جانبه، أكد الأسعد الدوفاني مدير التصرف في الملك العمومي البحري والتنسيق بين الجهات بوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، أن استغلال الشواطئ يخضع لترخيص وقتي وفقًا لمقتضيات الأمر عدد 1847 لسنة 2014 المتعلق بالإشغال الوقتي للملك العمومي البحري، وعلى كل شخص يرغب في الحصول على ترخيص تقديم مطلب في الفترة الممتدة بين غرة جانفي/ يناير و31 مارس/ آذار يعرض على لجنة وطنية، وإذا قُبل يتحصل على الموافقة من طرف الوزير المكلف بالبيئة.

مسؤول بوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي لـ"الترا تونس": استغلال الشواطئ يخضع لترخيص وقتي، فلا وجود لشواطئ خاصة قانونيًا، لكن هناك "وضعيات استغلال خاصة"

وأضاف الدوفاني في حديثه لـ"الترا تونس"، أنه بالنسبة إلى الأشخاص الطبيعيين وجب تقديم ما يفيد الموافقة على ممارسة النشاط، أي موافقة إدارية مبدئية من طرف السلطات المختصة على المستوى الجهوي، ويكون دور الوكالة هو إسناد الترخيص من الناحية العقارية ومن الناحية البيئية للتثبت من مدى جاهزية المكان لممارسة النشاط من عدمه.

وشدد المتحدث على أنه لا وجود لشواطئ خاصة قانونيًا، لكن هناك "وضعيات استغلال خاصة"، لافتًا إلى أن "مشاريع الكوكو بيتش" تندرج في إطار خدمات ترفيهية تم بعثها من قبل أشخاص بحكم قربهم المحلي من المكان وتحصلوا على موافقة مبدئية من طرف البلدية على أساس تبنيها للملف على المستوى المحلي في انتظار أن تتحصل البلدية على ترخيص في الإشغال الوقتي وفقًا للأمر المتعلق بالإشغال الوقتي.

مسؤول بوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي: أهم مظهر من مظاهر الإضرار بالبيئة هو البناء بالصلب الذي يمثل تهديدًا حقيقيًا للبيئة البحرية

ويرى المتحدث أن أهم مظهر من مظاهر الإضرار بالبيئة هو البناء بالصلب الذي يمثل تهديدًا حقيقيًا للبيئة البحرية، لكن في الإشغالات الحالية لـ"مشاريع الكوكو" تحرص الوكالة على عمليات تنظيم وتهيئة ورفع الإحداثات وإزالتها في فصل الشتاء لإخلاء الموقع ليحدث توازن بيئي، مشيرًا إلى أنه على مستوى حركية الرمال بتفاعلها مع البحر، هي في حاجة إلى وجود فضاء طبيعي يخلو من أي إحداثات تضايقها في تحركاتها لتفادي تراكم الكثبان الرملية.

  • التمعش من الملك العام يحرم "الزوالي" متنفسه الوحيد

مع دخول فصل الصيف، يتوافد التونسيون بالآلاف على مختلف شواطئ البلاد بحثًا عن المتعة وهربًا من ارتفاع درجات الحرارة في المنازل، وتعتبر الشواطئ المتنفس الوحيد لأغلب العائلات التي لا تقدر على مجابهة تكاليف السفر أو الإقامة في النزل، لكنها الآن باتت صعبة المنال بالنسبة لهذه العائلات التي تجبر في معظم الشواطئ على دفع معاليم الشمسيات والأكل مقابل السباحة في البحر، وكأن الملك البحري العمومي أصبح خاصًا لهؤلاء الذين تزدهر تجارتهم في فصل الصيف في تجاهل تام لأحكام وبنود القانون عدد 73 لسنة 1195 المتعلق بالتصرف في الملك العمومي البحري.

مؤسس حملة "الزوالي_يحب_يعوم" لـ"الترا تونس": عديد الشواطئ في تونس تعاني من مشكلة "التملك" حيث يتم استغلال المساحات العامة من قبل بعض أصحاب المشاريع والمطاعم

ونظرًا لتزايد وارتفاع حالات الاستيلاء على الملك العمومي البحري وتملكه وحرمان التونسي من الاصطياف بشكل مجاني، تم إطلاق حملات مناهضة لاستغلال الشواطئ لردع المخالفين ودفع السلطات المعنية نحو إيجاد حلول عاجلة كفيلة بضمان حق المواطن في الاصطياف.

ويؤكد المدوّن محجوب هلال مؤسس حملة "الزوالي_يحب_يعوم" عن صفحة "Bizerte24" أن العديد من الشواطئ في تونس وبنزرت خصيصًا تعاني من مشكلة "التملك" حيث يتم استغلال المساحات العامة سواء بشكل قانوني أو غير قانوني من قبل بعض أصحاب المشاريع والمطاعم وهو ما من شأنه أن يقيّد حرية العائلات والمواطنين في الاستمتاع بالشواطئ العامة والسباحة فيها بحرية.

 

 

كما بيّن في حديثه لـ"الترا تونس" أنه يتلقى شكاوى من المواطنين بشأن غياب مساحات مجانية للاسترخاء والاستمتاع بالشاطئ نتيجة طفرة الشمسيات التي تحجز أجزاء كبيرة من الشاطئ، معتبرًا أنه على السلطات المعنية التدخل واتخاذ إجراءات للحفاظ على حقوق المواطنين في الوصول إلى الشواطئ بحرية وبصفة مجانية وذلك من خلال تنظيم واستغلال المساحات العامة وفرض رقابة صارمة على من كل من يحاول انتهاك القوانين واستغلال الممتلكات العامة بشكل غير قانوني.

ولفت المتحدث إلى أن حملة "الزوالي_يحب_يعوم" حققت صدى لدى المواطنين وأنها ستستمر في تعزيز الوعي والضغط على السلطات المعنية لاتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة هذه الظاهرة مع إمكانية التوجه نحو تنظيم مظاهرات سلمية وجمع التوقيعات لدعم الحملة. أما بخصوص ظاهرة "الكوكو بيتش" في شواطئ بنزرت، فقد اعتبر محجوب هلال أنها غير مؤمنة وتنطوي على انتهاكات للقوانين والتراتيب العامة ووجب على السلطات التدخل لمكافحة هذه الظاهرة وفرض رقابة صارمة على الأماكن التي تقوم بتنظيمها.

بدوره اعتبر الأسعد الدوفاني أن الإدارة تعمل مراعاة الجانب الاقتصادي والاجتماعي وكذلك البيئي من خلال تحديد عدد التراخيص وترك فراغ عقاري من شأنه أن يضمن وجود فضاءات للعموم لأنه حسب القانون لا يمكن الاستحواذ على الشاطئ.

مسؤول بوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي: هناك بعض التجاوزات من قبل المستغلين للشواطئ، لكن  القانون ينص على أن الترخيص يقتضي بالضرورة تخصيص 50% من الشاطئ لفائدة العموم

كما أقر المتحدث بوجود بعض التجاوزات من قبل المستغلين للشواطئ، لكن الإدارة بصدد العمل على تطبيق القانون تبعًا لمقتضيات الأمر المتعلق بالإشغال الوقتي والذي ينص بصفة صريحة على أن الترخيص يقتضي بالضرورة تخصيص 50% من الشاطئ لفائدة العموم، أي أن الإدارة مجبرة بعدم تجاوز 50% من مساحة الشاطئ عند تقديم الرخصة لأي شخص، سواء كان مؤسسة سياحية أو شخصًا طبيعيًا، ويكون بذلك الجزء المتبقي على ذمة الاستعمال العمومي وهو حق مكتسب للمواطن التونسي.

ولفت مدير التصرف في الملك العمومي البحري والتنسيق بين الجهات بوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي إلى أن بعض التجاوزات يعللها أصحابها بالضغوطات الأمنية التي تفرض عليهم اتخاذ إجراءات خارج نطاقهم لكن هذه الحالات تبقى استثناء ويتم حلها في إطار إداري بالتنسيق مع مختلف المتدخلين، "ومع ذلك، لا يمكن أن تصبح هذه الأسباب تعلة لمنع المصطافين من السباحة" وفقه.

جدير بالذكر أن السياحة في تونس قائمة على الشواطئ التي تعتبر المحفز الأول للسياح الأجانب لزيارة تونس وبذلك يتضاعف عددهم مع حلول فصل الصيف وترتفع عدد الليالي المقضاة في النزل.