16-فبراير-2022

كانت الحكومة قد نشرت برنامج "الإصلاحات" التي من بينها ما يتعلق بمنظومة الدعم (صورة توضيحية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

استعرض المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية السيناريوهات المتوقعة للأثر الاقتصادي لرفع الدعم عن المواد الغذائية، التي تعتزم الحكومة التونسية انتهاجه في إطار برنامج "الإصلاحات" الذي أعدته والذي نشرته مؤخرًا وزارة المالية.

وأوضح، في دراسة نشرها بتاريخ 10 فيفري/شباط 2022، أنه للأخذ بجميع التفاعلات الاقتصادية (المباشرة وغير المباشرة) لهذا "الإصلاح"، تم "تطوير نموذج توازن عام واستخدامه كأداة محاكاة لتحليل سيناريو الاستهداف، سيناريو سريع (علاج بالصدمة) وسيناريو بديل أكثر امتدادًا في الزمن".

تظهر الدراسة أن نتائج تأثير الاستهداف السريع للمواطنين برفع الدعم ستعكس "شدة الصدمة الأولية على الطلب، ليس فقط بالنسبة لفئات الدخل المنخفض، لكن أيضًا بالنسبة للفئات الأخرى غير المستفيدة من الدخل التعويضي"

فيما يتعلق بالسيناريو الأول، تظهر نتائج المحاكاة أنه، "بحلول عام 2030، فإن الآثار التراكمية على الناتج المحلي لا تتعافى إلا في نهاية الفترة"، وفق الدراسة التي أشارت إلى أن ذلك "يعكس شدة الصدمة الأولية على الطلب، ليس فقط بالنسبة لفئات الدخل المنخفض، ولكن أيضًا بالنسبة للفئات الأخرى غير المستفيدة من الدخل التعويضي".

ومن ناحية أخرى، بالنظر إلى التلاحق بين الأسعار والأجور، لفتت الدراسة إلى أن "الإصلاح يميل أيضًا إلى إعاقة الأنشطة كثيفة العمالة نسبيًا عن طريق زيادة التكاليف لا سيما بالنسبة للأجور المنخفضة، إذ تكون نسبة الإنفاق الغذائي مرتفعة"، خالصة إلى أنه "نتيجة لذلك يمكن أن يكون للإصلاح آثار سلبية غير مباشرة على التشغيل".

تظهر الدراسة أن "الاستهداف التدريجي أفضل من العلاج بالصدمة لأنه يقلل الاضطرابات الأولية في العرض والطلب"

وبخصوص السيناريو الثاني، أشارت الدراسة إلى أن المحاكاة البديلة تظهر أن "الاستهداف التدريجي أفضل من العلاج بالصدمة لأنه يقلل الاضطرابات الأولية في العرض والطلب"، حسب تصورها.

وأكدت الدراسة أنه "في المجمل، هناك عنصران يحددان بقوة النتائج المتوقعة. يتعلق الأول بحدة التلاحق بين الأسعار والأجور، إذ أنه كلما كان هذا التلاحق أقوى كلما لوحظ تحول هيكلي نحو نموذج إنتاج أقل كثافة بالنسبة للعمالة"، وفقها.

دعت الدراسة إلى "الاستخدام الأمثل للهامش الضريبي الناتج عن رفع الدعم" معتبرة أنه "إذا تم تخصيصه في الخدمات الأساسية (التعليم، الصحة..)، فمن المرجح  أن يخفف من التأثير السلبي للاستهداف على الاستهلاك"

أما العنصر الثاني فيتعلق بـ"الاستخدام الأمثل للهامش الضريبي الناتج عن الإصلاح"، وفق دراسة معهد القدرة التنافسي، التي اعتبرت أنه "إذا تم تخصيص هذا الهامش للاستثمار العام في الخدمات الأساسية (التعليم، الصحة، وغيرها) أو في خدمات أخرى لتعزيز الإنتاجية، فمن المرجح أن يولد ذلك فائضًا في الدخل ويدعم القدرة الشرائية خاصة بالنسبة للفئات المحتمل استبعادها من نظام تعويض الدخل"، متوقعة أن "من شأن ذلك أن يخفف من التأثير السلبي للاستهداف على استهلاك وادخار تلك الفئات (الطبقات الوسطى) ويساعد بالتالي على استعجال التأثيرات الديناميكية الإيجابية على الإدخار العمومي والناتج المحلي"، وفق ما جاء في الدراسة.

يذكر أن وزارة المالية، الثلاثاء 8 فيفري/شباط 2022، أنه في إطار "التحكم في التوازنات الكبرى" تتركز المجهودات على تسريع نسق تنفيذ جملة من "الإصلاحات"، من بينها ما يتعلق بمنظومة الدعم، وذلك من أجل "الحد من تدهور الوضعية المالية لأهم المشآت والتحكم في مديونيتها"، وفقها.

يتضمن البرنامج "الإصلاحي" للحكومة "تغيير النظام الحالي لدعم الأسعار نحو نظام جديد يرتكز على دعم الأجور والتحويلات النقدية المباشرة، وتفعيل النظام الجديد لدعم المواد الأساسية بصفة تدريجية خلال الفترة 2023-2026"

وقالت وزارة المالية إن إصلاح منظومة الدعم يتم من خلال "إعادة صياغة سياسات الدعم وآليات التعويض أساسًا عبر المرور من دعم الأسعار إلى الدعم المباشر مما يمكّن من توفير اعتمادات إضافية موجهة للاستثمار العمومي باعتباره محركًا أساسيًا لاستقطاب الاستثمار الخاص ودفع النمو الاقتصادي خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية والتدخلات الاجتماعية الموجهة وتطوير قطاعات التعليم والصحة العمومية".

1- دعم المحروقات:

اعتبرت وزارة المالية أن "دعم المحروقات شهد ارتفاعًا هامًا يفسر أساسًا بارتفاع الطلب الداخلي مع تسجيل ارتفاع في سعر الصرف وارتفاع أسعار النفط بالأسواق العالمية"، مشيرة إلى أن ما أسمته "برنامج الإصلاح" يهدف إلى بلوغ الأسعار الحقيقية في أفق سنة 2026 مع اتخاذ إجراءات موازية لحماية الفئات الهشة ويرتكز على توسيع القاعدة الضريبية وتطوير التصرف في القطاع الطاقي وذلك من خلال:

  • مواصلة تطبيق التعديل الآلي للأسعار بالنسبة لمنتجات الوقود الثلاثة
  • الرفع التدريجي لدعم المنتجات الحساسة عن طريق تعديل جزئي للأسعار في مرحلة أولى ثم رفع الدعم كليًا مع تخصيص تحويالت مباشرة لفائدة المستحقين
  • إرساء التعديل الآلي للأسعار بصفة دورية ومحددة حسب الاستهلاك بالنسبة للكهرباء والغاز.

2-دعم المواد الأساسية:

قالت وزارة المالية إن "دعم المواد الأساسية شهد ارتفاعًا يعود إلى ارتفاع أسعار الحبوب والزيوت النباتية في الأسواق العالمية مقابل عدم تعديلها بالسوق الداخلية منذ سنة 2008"، مما يستوجب تركيز برنامج "إصلاحي" عبر:

  • إعداد دراسة خلال سنة 2022 حول مدى نجاعة وقابلية برنامج "الإصلاح" المقترح للتنفيذ على أرض الواقع بتغيير النظام الحالي لدعم الأسعار نحو نظام جديد يرتكز على دعم الأجور والتحويلات النقدية المباشرة،
  • تفعيل النظام الجديد لدعم المواد الأساسية بصفة تدريجية خلال الفترة 2023-2026، مع آلية استهداف قادرة على تحقيق العدالة اللازمة في توزيع التحويلات لمستحقيها الفعليين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تضمّن التحكم في الأجور ومراجعة منظومة الدعم.. الحكومة تنشر برنامج "الإصلاحات"

تونس.. عندما تتوفّر المواد الأساسية في وثائق السلطات وتغيب عن قفة المواطن!