11-مارس-2020

رواج كبير للأقنعة الطبية منذ بدء انتشار عدوى فيروس "كورونا" (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

قيل "عندما تصل المصيبة إلى ركبة الغني تكون قد اجتازت رقبة الفقير"، وقيل أيضًا "مصائب قوم عند قوم فوائد"، ويبدو أنّ مصيبة انتشار فيروس "كورونا" باتت فائدة لدى العديد من التجار والمهرّبين في تونس.

فلم نسمع قبل انتشار هذا الفيروس، الذي يجتاح العالم، عن ضبط كميات من القفازات أو الكمامات المهربة أو مجهولة المصدر أو تلك المنتهية الصلوحية، ولكن يبدو أن الأقنعة الطبية باتت تنافس اليوم تجارة البنزين والأدوية والسجائر وتشق بدورها عباب الصحراء أو تمّر عبر المسالك العشوائية لتحقق أرباحًا للمهربين والمحتكرين.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تفاعل التونسيون مع فيروس كورونا؟.. قراءة سوسيولوجية ونفسية

مداهمات لحجز مواد طبية في جهات مختلفة

قامت الأجهزة الأمنية والديوانية طيلة الأسابيع الماضية بحجز كميات هامة من المواد الطبية المهرّبة، إذ تمكنت مصلحة حفظ صحة البيئة وحماية المحيط بسوسة بالتعاون مع القوات الأمنية، يوم الثلاثاء 10 مارس/آذار 2020، من حجز 160 ألف قفاز و45 ألف كمامة صحية منتهية الصلوحية منذ سنة 2014، وقد تمّ إعادة تعبئة هذه المواد في علب جديدة تحمل تاريخ صلوحية جديد بهدف تسويقها في العديد من الجهات.

وقبل ذلك تحديدًا بتاريخ 8 مارس/آذار الجاري، أعلنت الديوانة عن مداهمة محلّ بجهة سكرة والعثور داخله على 41 ألف كمامة طبية تحمل علامات أجنبية بعد ورود معلومات حول وجود شبكة لتهريب كميات كبيرة من الكمامات الطبية عبر الحدود التونسية الجزائرية دون إخضاعها للمراقبة الصحية، ثم ترويجها بأثمان باهظة، وبعد رصّد شاحنة قادمة من إحدى المناطق الداخلية إلى حين وصولها إلى أحد المنازل بجهة سكرة.

قيل "عندما تصل المصيبة إلى ركبة الغني تكون قد اجتازت رقبة الفقير"، وقيل أيضًا "مصائب قوم عند قوم فوائد"، ويبدو أنّ مصيبة انتشار فيروس "كورونا" باتت فائدة لدى العديد من التجار والمهرّبين في تونس

وبتاريخ 5 من الشهر الجاري أيضًا، تمكنت فرق المراقبة الاقتصادية بأريانة من حجز 1820 كمامة صحية مجهولة المصدر لدى شركة مختصة في بيع المواد شبه الطبية بمنطقة روّاد من ولاية أريانة. فيما تمكن فريق مشترك للمراقبة يتكون من مصالح التجارة والصحة والحرس الوطني، يوم 2 مارس/آذار، في عملية مداهمة لمخزن بمدينة باجة من حجز قرابة 11 ألف كمامة منتهية الصلوحية منذ سنة 2019، و200 كمامة مجهولة المصدر، وأكثر من 9 آلاف ميدعة طبية مجهولة المصدر، وقرابة 700 قبعة طبية مجهولة المصدر أيضًا.

كما تمكّن أعوان المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة، بتاريخ 28 فيفري/شباط المنقضي، من حجز 30 ألف كمامة طبية واقية بأحد المستودعات العشوائية بجهة أريانة وقع إدخالها من الصين. كما أشارت وزارة التّجارة إلى أنّ الأبحاث الأولية كشفت أنّ هذه الكمامات الطبية، المحجوزة عقب أعمال تفتيش رقابي، كانت في حدود 40 ألف كمامة ما يعني أنه تمّ ضخ 10 آلاف كمامة في السوق التونسية ربما بأسعار مضاعفة. وقد نظّمت الفرق الرقابية بوزارة التجارة حملة رقابة على الاتجار في الكمامات الطبية الواقية عقب تسجيل تشكيات من ارتفاع ثمنها والمضاربة بأسعارها منذ انتشار فيروس "كورونا".

ورغم تأكيد العديد من المختصين على أنّ الكمامات غير ضرورية للحماية من فيروس "كورونا"، وأنّ الأمر يتطلب الالتزام بالنظافة واتخاذ الاجراءات الوقائية عبر تجنّب الأماكن المزدحمة والابتعاد عن كلّ من تبدو عليه أعراض الأنفلونزا، إلاّ أنّ أسعار الكمامات والأقنعة الطبية ارتفعت بشكل كبير في تونس، بمجرد الإعلان عن تسجيل أول حالة مصابة بفيروس "كورونا" بل وباتت مفقودة في أغلب الصيدليات.

ارتفاع أسعار الأقنعة بأكثر من 4 مرات

وأكد، بدوره، نوفل عميرة عن النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة لـ"ألترا تونس" أنّ توزيع الأقنعة الطبية شهد اضطرابًا كبيرًا خلال الأسابيع الأخيرة إلى جانب ظهور عمليات احتكار وترفيع أسعار الأقنعة أكثر من أربع مرات أحيانًا وبات سعر بعضها 800 مليم بعد أن كان 150 مليم فقط، فيما بلغ سعر أنواع أخرى 8 دنانير، وفق تأكيده. كما أشار محدثنا إلى غياب أرقام عن مخزون الأقنعة الطبية الموزعة على القطاع الخاص عبر المسالك القانونية.

اقرأ/ي أيضًا: "سوسيولوجيا النكتة".. عندما أضحى فيروس "كورونا" مادّة للنكات

من جهته، أشار خليل عموص، الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية، في تصريحات إعلامية سابقة، إلى أنّ الصيدلية المركزية اتفقت خلال لقاء عقد يوم 26 فيفري/شباط المنقضي مع وفد من الصيادلة الخواص، على توعية المواطنين بعدم اقتناء الكمامات الصحية دون موجب تلافيًا لأي اضطراب محتمل في التزويد.

محجوز مجهول المصدر وغير صالح للاستعمال 

وتحدث أحد أعوان أجهزة الديوانة لـ"ألترا تونس" أنّ السوق الداخلية تشهد اضطرابًا في بيع وتوزيع الأقنعة الطبية وافتقادها في بعض الأوقات، مما دفع بأغلب الجهات الرقابية إلى تشديد الرقابة في مختلف الجهات وخاصة على الحدود مع الجزائر لضبط أي عمليات تهريب للأقنعة، مؤكدًا أن غالبًا ما تكون هذه المواد قادمة من خارج الحدود ومجهولة المصدر وغير حاملة لتاريخ يحدّد صلوحيتها.

نوفل عميرة (نقابة الصيدليات الخاصة) لـ"ألترا تونس":  ظهور عمليات احتكار وترفيع أسعار الأقنعة أكثر من أربع مرات أحيانًا وبات سعر بعضها 800 مليم بعد أن كان 150 مليم فقط

وأشار محدثنا إلى أن أجهزة الديوانة ضبطت، طيلة الأيام المنقضية، بالتنسيق مع بعض الأجهزة الأمنية كميات كبيرة من الأقنعة الطبية أو القفازات مجهولة المصدر وأخرى منتهية الصلوحية موجهة للتوزيع في السوق الداخلية عبر مسالك عشوائية.  

وشدّد على ضرورة توعية المواطن التونسي بعدم اقتناء أي أقنعة طبية مجهولة المصدر لاسيما وأنّ بعضها منتهية الصلوحية وغير صالحة للاستعمال، وفق تأكيده.

الرقابة على البيع الإلكتروني؟

ولم تفلت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بدورها الفرصة أيضًا لتعرض بعض الأقنعة الطبية للبيع مع تحديد السعر والعنوان ورقم الهاتف للتواصل، مما يطرح تساؤلًا عن مصدر هذه الأقنعة ومدى صلوحيتها للاستعمال، وكيفية مراقبة البيع عبر الفضاء الافتراضي ضمانًا لحفظ الصحة العامة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تاريخ الأوبئة الأكثر فتكًا بالتونسيين

الأكلة المدرسية في تونس.. برتقال متعفّن ومعلّم يحتج