03-مارس-2020

عودة النقاش حول جودة الأكلة المدرسية للتلاميذ خاصة في المدارس الريفية (صورة توضيحية/مارتين بورو/أ.ف.ب)

 

طفا جدل الأكلة المدرسية على السطح من جديد، إثر حادثة "البرتقال المتعفّن" في مدرسة الشحيمات الشمالية بمنطقة أولاد الشامخ التابعة لولاية المهدية حيث نفّذ الإطار التربوي وقفة احتجاجية بحضور النقابة الأساسية للتعليم الابتدائي على خلفية ما وصفوه بتجاوزات ديوان الخدمات المدرسية.

عاد الجدل حول الأكلة المدرسة بعد نشر معلم في المهدية لصور برتقال متعفّن ما يثير  موضوعسوء الخدمات المقدّمة للتلاميذ خاصة في الأرياف

وكان المعلم بمدرسة الشحيمات نبيل حميدة قد نشر تدوينة على حسابه على فيسبوك تحدّث فيها عن تعفّن البرتقال الذي زوّد به ديوان الخدمات المدرسية المؤسسة التربوية التي يعمل صلبها، ما أثار إشكاليات تزويد المدارس التي تخلو من فضاءات مجهزة للحفظ الصحي للوجبات.

اقرأ/ي أيضًا: المدارس في الأرياف.. حيوانات مفترسة وجدران آيلة للسقوط

جدل متجدّد

جدل الأكلات المدرسية التي يؤمنها ديوان الخدمات المدرسية منذ بعثه سنة 2016 لا ينفكّ يتجدّد مع تواتر الأنباء عن تعفن بعض المواد الغذائية وعن سوء الخدمات المقدّمة للتلاميذ خاصة في المدارس الريفية، وهو الأمر الذي أكّده المربّي نبيل حميدة في حديثه مع "ألترا تونس".

وأخبرنا أنّ الإطار التربوي في مدرسة الشحيمات تفطّن، بتاريخ 24 فيفري/شباط 2020، إلى تعفّن كميات من البرتقال المبرمجة ضمن وجبة التلاميذ عبر انتشار رائحتها الكريهة في المكان المخزنة به، مشيرًا إلى أنّ الفضاء غير ملائم للحفظ الصحي للوجبات.

تدوينة المعلّم في حسابه على فيسبوك حول تعفّن البرتقال

 

ويشير محدّثنا إلى أن الإطار التربوي وجّه عريضة إلى السلطات المعنية بما فيها النقابة الأساسية للتعليم الابتدائي من أجل فتح تحقيق في حادثة البرتقال وإيجاد حلّ جذري لمشكلة تخزين كمّيات المواد الغذائية المخصصة للوجبات المدرسية لتلاميذ المدرسة.

ويلفت إلى أنّ مدير المدرسة والإطار التربوي تواصلوا مع مصالح الصحة ليحل ناظر المستشفى المحلي بأولاد الشامخ وإطارات طبية لأخذ عينات من اللمجة، معربين عن استغرابهم من ظروف الحفظ الذي يتم في مكتب المدير سابقًا وهو مكان تحفظ فيه أيضًا الكتب القديمة وأدوات التنظيف، وفق قوله.

نبيل حميدة (المعلم): طالبنا بإحداث مطعم مدرسي مجهز وتوفير المستلزمات الضرورية لحفظ الأكلة المدرسية في أجواء صحية وتحسين اللمجة

وإثر الكشف عن تعفن كميّات البرتقال المخزّنة، انعقد المجلس البيداغوجي بمدرسة الشحيمات الشمالية بحضور المدير والإطار التربوي من أجل تباحث الوضع الذي وصفوه بالخطير والذي يهدّد صحة التلاميذ وتدارك التجاوزات الحاصلة في حقّهم، وفق حديث نبيل حميدة.

ويقول حميدة: "نحن طالبنا بإحداث مطعم مدرسي مجهز وتوفير المستلزمات الضرورية لحفظ الأكلة المدرسية في أجواء صحية وتحسين اللمجة المقدّمة إلى التلاميذ إلى جانب فتح تحقيق في حادثة "البرتقال المتعفّن" علمًا وأن مدير المدرسة رفض التخزين في أكثر من مناسبة لعدم أهلية الفضاء".

احتجاج الإطار التربوي في مدرسة الشحيمات الشمالية

 

ويؤكّد أن الإطار التربوي سيمضي في خطوات تصعيدية في حال لم يتم إيجاد حل جذري لمشكل تزويد التلاميذ بالأكلة المدرسية وتحسين الوجبة المقدّمة لهم وإعادة النظر في ملف المطاعم المدرسية، وهو الأمر الذي يسري أيضًا على مدرسة أولاد حمد بشربان التابعة لولاية المهدية.

وإثر الجدل الحاصل في مدرسة الشحيمات الشمالية، تحرّك الإطار التربوي بمدرسة أولاد حمد من أجل وضع حدّ لما وصفوه بتجاوزات ديوان الخدمات المدرسية من خلال تزويدهم ببرتقال غير صالح للأكل ومواد تفتقر لشروط الصحّة، وفق ما ورد في عريضة تحصلت "ألترا تونس" على نسخة منها.

توضيح ديوان الخدمات المدرسية

وفي توضيح بخصوص ما جدّ في مدرسة الشحيمات، يقول المنسق الجهوي لديوان الخدمات المدرسية بالمهدية عبد الكريم حاج الزين لـ"ألترا تونس" إن الديوان أنجز استشارة لتزويد المطاعم المدرسية بالمواد الغذائية وفق برنامج أكلة موحّد يشمل المدارس الابتدائية ويراعي خصوصية كل منها في علاقة بفضاءات الخزن.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يكره أبناؤنا المدرسة؟

وفي السياق ذاته، قال محدثنا إنه أجرى اجتماعات دورية مع مديري المدارس بما فيها مدرسة الشحيمات الشمالية لتحديد النقائص ومنها غياب فضاء لتخزين الأكلة المدرسية، مؤكّدًا أن الديوان أقر بأن الفضاء المعد للخزن غير موائم لشروط الحفظ ولا التزود اليومي، وفق قوله.

وعن حادثة "البرتقال المتعفّن"، يشير إلى أنّ لجنة قبول الوجبة المدرسية المكونة من مدير المدرسة وحارسها تسلمت بتاريخ 17 فيفري/شباط 2020 صناديق برتقال كان من المفترض توزيعه على التلاميذ في نفس اليوم أو اليوم الموالي ولكن لم يتم توزيعه إلا في حدود يوم الاثنين 24 فيفري/شباط، مما أدى إلى تعفنه على اعتبار أن الفضاء غير مهيئ للحفظ.

ويضيف أنّ المزوّد تسلّم البضاعة التالفة وعوضّها بأخرى وأحضرها إلى المدرسة دون مقابل وأنّ الديوان قرر تزويد المدرسة بشكل يومي، لافتًا إلى أن اجتماًعا انعقد مع النقابة الأساسية للتعليم الابتدائي بأولاد الشامخ خلص إلى أن تعفّن البرتقال ليس من مسؤولية ديوان الخدمات المدرسية وإنما من مسؤولية المدير، وفق قوله.

عبد الكريم حاج الزين (المنسق الجهوي لديوان الخدمات المدرسية بالمهدية): الديوان طرح استراتيجية لتجهيز المدارس الابتدائية بمبرّد وإصلاح المبرّدات المعطلة

وفيما يتعلّق بغياب فضاء للخزن، بيّن المنسق الجهوي لديوان الخدمات المدرسة بالمهدية أنّه اقترح على مدير المدرسة أن يخزّن المواد الغذائية والغلال في إعدادية الشحيمات التي تبعد حوالي 50 مترًا عن المدرسة وبها مطعم مدرسي مجهّز بمبرّد وقد قبل مدير الاعدادية بالمقترح فيما رفضه مدير المدرسة الابتدائية، وفق قوله.

وبخصوص مطلب المطعم المدرسي، يقول محدّثنا إن الأمر يفوق طاقته كمنسق جهوي لديوان الخدمات المدرسية وأنه يجب أن يتم بطرق قانونية لا بإثارة البلبلة ونسبة أشياء غير صحيحة للديوان، مشيرًا إلى أنّه ينزه كل الأطراف ولكن ما حصل غير مقبول، وفق تعبيره.

ويؤكّد عبد الكريم حاج الزين، في ختام حديثه معنا، على ضرورة تكاتف الديوان والمديرين والإطار التربوي من أجل تجاوز الإشكاليات وضمان مناخ سليم وصحي للتلاميذ، مبيّنًا أن الديوان طرح استراتيجية لتجهيز المدارس الابتدائية بمبرّد وإصلاح المبرّدات المعطلة في بعض المدارس.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التعليم الديني الموازي في تونس.. لماذا الإقبال عليه؟ وماهي مخاطره؟

المجلس الأعلى للتربية ...هل أصبح الإنجاز ممكنًا لإصلاح المنظومة التربوية؟