27-يناير-2023
السياحة الأيكولوجية

شاب يبعث مشروعًا في السياحة الأيكولوجية بالجنوب التونسي إلا أن القانون التونسي يكبله (الترا تونس)

 

حسان المستوري شاب تونسي متحصل على ديبلوم في الموسيقى، محب لمسقط رأسه دقاش من ولاية توزر ولطالما كان ضد الهجرة ومع البقاء في أرض الأجداد وبعث المشاريع حتى أنه يحاول تقديم أفكار مشاريع مختلفة في جهات مختلفة.

الشاب التونسي من محبي التخييم ويتجول في كامل تراب الجمهورية ودائمًا ما يطلب منه أصدقاؤه أن يوفر لهم مكانًا للتخييم في الجنوب التونسي لأنهم يرغبون في التعرف على الجهة ومن هنا انطلقت فكرة المشروع.

 

صورة
حسان المستوري جعل من واحته مكانًا للتخييم في الجنوب التونسي (الترا تونس)

 

"بدأت الفكرة من مقترحات أصدقائي وقمت بدراسة للمشروع واستغليت ضيعة والدي وقمت بتهيئتها بالأماكن الصحية وقمت بتسييج الأرض لحمايتها وأصبحت جنة بعد أن اعتنيت أكثر بالنخيل وجودة تمورها وكل الغراسات الأخرى واستثمرت من مالي الخاص الذي أجمعه من الفرقة الموسيقية التي كونتها"، يقول حسان المستوري لـ"الترا تونس"، مضيفًا: "نجح المشروع فقد أصبحت استقبل كل الراغبين في التخييم وعملت طيلة سنة ونصف دون أن يكون وضعي قانونيًا". 

حسان المستوري شاب جعل من ضيعة والده مكانًا للتخييم في الجنوب التونسي بعد أن قام بتهيئتها وتسييجها والاعتناء أكثر بنخيلها وجودة تمورها وجعل منها منارة للسياحة الأيكولوجية، إلا أن القانون التونسي يحول دون تواصله

وأردف المستوري قائلًا: "أمام نجاح المشروع ورغبة مؤسسات عمومية وكذلك جمعيات سياحية فرنسية في تنظيم تظاهرات بالمكان والقيام بشراكة مع جمعيات تخييم فرنسية، قررت أن يخرج مشروعي للنور وأن أعمل بصفة قانونية وأقوم بكل الإجراءات اللازمة"، مشيرًا إلى أنه توجه إلى وزارة السياحة التونسية وقدم دراسة للمشروع وكل الوثائق المطلوبة وتحصل إثر ذلك على الموافقة، وفقه.

 

صورة
استغل حسان ضيعة والده وقام بتهيئتها لتتناسب مع فكرة مشروعه (الترا تونس)

 

واستدرك محدث "الترا تونس" قائلًا: "لكن في الوقت  نفسه علمت أن عليّ أن أتحصل على موافقة وزارة الفلاحة التونسية فتوجهت إلى الإدارة الجهوية للفلاحة وطُلب مني تقديم دراسة مشروع والإجابة عن سؤال "ماذا سيضيف هذا المشروع للفلاحة؟"، متابعًا: "قدمت كل الوثائق المطلوبة والتي كلفتني أموالًا ومجهودًا، إلا أنني تسلمت إجابة بالرفض لأن الأرض ذات صبغة فلاحية".

حسان المستوري لـ"الترا تونس": قدمت كل الوثائق المطلوبة والتي كلفتني أموالًا ومجهودًا لوزارة الفلاحة إلا أنني تسلمت إجابة بالرفض لأن الأرض ذات صبغة فلاحية على الرغم من أن مشروعي لن يفقد الأرض صبغتها 

يقول الشاب إنه حاول بكل الطرق تقديم الحجج على أن مشروعه لن يفقد الأرض صبغتها وأن المنشآت المعتمدة فيه متنقلة على غرار الخيام والأكواخ المتنقلة وأن الأرض أصبحت تنتج التمور أفضل من ذي قبل وأن المشروع يدخل تحت السياحة الأيكولوجية"، مستطردًا القول إن "الجميع أبدوا تفهمهم لكنه ليس بإمكانهم أن يغيروا القانون الجاري به العمل والذي يعود إلى الثمانينات"، وفق روايته.

 

 

"لقد أصبتُ بالإحباط"، يقول حسان لـ"الترا تونس"، معقّبًا: "بعد كل التفاؤل والأمل في تواصل هذا المشروع الذي أعمل فيه مع أخي، وبعد كل الوثائق والدراسات والبيروقراطية التي لم تثنني عن الحصول على الترخيص والعمل بصفة قانونية أجد مشروعي مرفوضًا والسبب قانون لم يتغير ولم يتطور".

 

صورة
تحصل حسان على موافقة وزارة السياحة لكنه قوبل بالرفض من طرف وزارة الفلاحة (الترا تونس)

 

ويؤكد محدثنا أن مستشفيات ومؤسسات عمومية مقامة على أراضي فلاحية وبصفة غير قانونية لأن القوانين لم تتغير ولم تحين ولم تراعِ التطور، مؤكدًا أن هذا الإشكال يواجه مئات الشباب ويعطل مشاريعهم في المناطق الداخلية.

حسان المستوري لـ"الترا تونس": بعد كل الجهود والأمل في تواصل هذا المشروع وبعد كل الوثائق والدراسات أجد مشروعي مرفوضًا والسبب قانون لم يتغير ولم يتطور

ويتساءل: "متى يتم تطوير القانون؟ ومتى يتم فعلًا تشجيع الشباب على الاستثمار على أرض الواقع لأن الإعلام يقدم  شعارات وأحلام لا يتم تنفيذها على أرض الواقع؟"، مستطردًا أن "البعض يضطر للعمل بصفة غير قانونية لأن التوجه للصيغ القانونية صادم بسبب تخلف القانون وجموده"، حسب تقديره.

 

صورة
ظل مشروع حسان يعمل طيلة سنة ونصف بشكل غير قانوني  (الترا تونس)

 

ويتابع الشاب التونسي حديثه لـ"الترا تونس تونس" قائلًا: "نحن نحب هذه الأرض وأنا لم أطلب مليمًا من الدولة فالأرض على ملك والدي الذي قام بتسويغها لي وأنا أعمل ليلًا نهارًا لجمع المال وإنجاز المشروع بلا قروض، وأقوم بمشروع سياحي إيكولوجي محافظ على البيئة والأرض يعرّف بمنابع جمال هذه الجهة وأقوم بالتسويق لربوع الجريد على كاهلي وبمجهودي  الشخصي، فلِمَ يتم رفضي؟".

حسان المستوري لـ"الترا تونس: أنا أحب هذه الأرض ولم أطلب مليمًا من الدولة فالأرض على ملك والدي وأقوم بمشروع سياحي إيكولوجي محافظ على البيئة والأرض وأقوم بالتسويق لربوع الجريد، فلِمَ يتم رفضي؟

ويتأسف المستوري وهو يبوح بأنه لأول مرة وجد نفسه يقول إن "من حق الشباب أن يهاجر فلا شي يشجع على البقاء ومحاولة الاجتهاد والعمل في ظل البيروقراطية والمصاعب المادية والاجتماعية خاصة في مناطق داخلية منسية"، متسائلًا: "ما الذي يجب عليّ فعله؟ أن أتجه إلى العاصمة؟ أن أعتصم وأحتج؟ أن أطالب بعمل في الوظيفة العمومية؟ أن أركب قوارب الهجرة غير النظامية؟".

ويختم محدث "الترا تونس" حديثه بالقول متحسّرًا: "لماذا كلما حاولنا أن نحلق في سماء هذا الوطن الذي نحبه يتم قص أجنحتنا وتحطيم أحلامنا؟".

 

صورة
حرص حسان على الاعتناء أكثر بالنخيل وجودة تمورها وكل الغراسات الأخرى (الترا تونس)

 

من جانبه،  أكد والي توزر محمد أيمن البجاوي لـ"الترا تونس" أن "المشكل قانوني ويتعلق بالأراضي الفلاحية، وتم رفعه أكثر من مرة لوزارتيْ الفلاحة والسياحة إذ أن القانون  يمنع منعًا باتًا أن توضع بناءات حتى الخفيفة منها في الواحات باعتبارها منطقة سقوية محجرة".

والي توزر لـ"الترا تونس": المشكل قانوني ويتعلق بالأراضي الفلاحية إذ أن القانون يمنع منعًا باتًا أن توضع بناءات حتى الخفيفة منها في الواحات باعتبارها منطقة سقوية محجرة.. هذا القانون يمثل عائقًا حقيقيًا أمام المستثمرين

وشدد الوالي على أن "هذا القانون يمثل عائقًا حقيقيًا أمام المستثمرين في تنفيذ مشاريعهم، مبينًا أنهم قاموا بالاتصال بوزارتي الفلاحة والسياحة لمحاولة تنقيح هذا القانون خصوصًا وأن هناك عدد من الواحات القديمة المهملة في توزر والتي يمكن أن تكون مناطق جاذبة للسياحة الإيكولوجية عوض أن تظل في هذه الوضعية المهمشة.

وبين والي توزر أن جلسة عقدت منذ سنة بين وزارتي الفلاحة والسياحة من أجل النظر في هذا الموضوع، مشيرًا إلى أنه بالإمكان تنقيح القانون وحل الإشكال خاصة وأننا نعتمد المراسيم في هذه المرحلة.

 

صورة
يقول حسان إن المشروع نجح وأصبح يستقبل الراغبين في التخييم قبل أن يتم رفض مطلبه (الترا تونس)

 

وأكد والي الجهة أنه اتصل بالشاب حسان المستوري هاتفيًا وطلب منه أن يتصل بالولاية وتقديم  ملفه لدائرة الإحاطة بالمستثمرين بولاية توزر لإيجاد حل حتى وإن كان القانون واضحًا في مسألة تحجير استعمال المناطق الفلاحية السقوية.

ويضيف محدث "الترا تونس" أنه سبق أن طالب وزارتي السياحة والفلاحة بإفراد توزر بمقرر خاص من أجل استعمال الواحات في المشاريع السياحية والإيكولوجية من أجل إعادة الروح للواحات القديمة المهملة والمحافظة عليها، على حد قوله.