"مازالت الدقلة في عراجينها" يقول العم عبد القادر الفرجاني (فلاح) ماسكًا بأحد "شماريخ" العرجون، مضيفًا: "لقد عبث عنكبوت الغبار بصابة هذه السنة بعد انتشاره بسبب قلة الأمطار وفي وقت غابت فيه الدولة لمداواة المحصول".
محصول هذه السنة 2021-2022 من التمور قدرته وزارة الفلاحة بحوالي 368.5 ألف طن مقابل 344.6 ألف طن في الموسم المنقضي أي بزيادة بنسبة 7% لكن الإشكاليات مازالت تراوح مكانها بل تزداد من سنة إلى أخرى.
"التمور محور حياتنا في واحات قبلّي فلا مصانع ولا استثمارات، نعمل طيلة السنة حتى نجني المحصول ونعيش به باقي السنة" يقول العم عبد القادر، مستطردًا: "وها هو الموسم الجني قد انطلق لكن السوق تشهد كسادًا فالتجار غائبون.. نسأل عنهم فيقال إن البنوك لم تمتعهم بالقروض اللازمة "باش يخرصوا (شراء الصابة على رأس النخيل)".
عبد القادر الفرجاني (فلاح) لـ"الترا تونس": لقد عبث عنكبوت الغبار بصابة هذه السنة بعد انتشاره بسبب قلة الأمطار وفي وقت غابت فيه الدولة لمداواة المحصول
فيما يتحدث آخرون عن محاولة لضرب الأسعار وإجبار الفلاح على بيع المنتوج بأبخس الأثمان على حد تعبير محدثنا، متسائلًا عن مواصلة تجاهل الدولة لقطاع التمور فقد بقي مطلب إنشاء ديوان للتمور حلمًا وحبرًا على ورق ومجرد وعود.
ويؤكد عبد القادر الفرجاني أن الدولة لا تبحث عن أسواق خارجية بل تعتمد على الأسواق التقليدية رغم جودة التمور التونسية وأنها تتجاهل منتوجًا أساسيًا في التصدير ومصدرًا للعملة الصعبة.
يقول محدث "الترا تونس: "دون امتيازات ولا تشجيعات يجاهد الفلاح في الجنوب متكفلًا بكل المصاريف أولها الماء، بل تم الترفيع في الساعة الواحدة ب 10 دنانير"، مستغربًا مثلًا أن يتم توظيف معلوم الإذاعة والتلفزة في فاتورات ري الواحات، قائلًا: "هل النخيل تشاهد التلفزيون وتستمع للراديو حتى يتم إثقال كاهل الفلاح بهذا المعلوم؟".
وبعد تحرير سعر البلاستيك والدعوة إلى استعمال الناموسية الصينية يواجه الفلاح المحتكرين ويصارع داخل السوق السوداء ليقتني على كاهله هذه الأغلفة لحماية منتوجه وتغيب الدولة لتنظيم القطاع ومراقبة التجاوزات.
الفرجاني لـ"الترا تونس": يتحدث كثيرون عن محاولة لضرب الأسعار وإجبار الفلاح على بيع المنتوج بأبخس الأثمان فيما تواصل الدولة تجاهل قطاع التمور وبقي مطلب إنشاء ديوان للتمور حبرًا على ورق ومجرد وعود
وفي حال ظهور الأوبئة كعنكبوت الغبار فإن الدولة لا تقوم بمداواة المحصول ولا تتابع وضع الواحات بل إن الفلاح يبحث عن الدواء ويدفع للحصول عليه ويدفع لمن يقوم بالمداواة وهنا يواصل العم عبد القادر الفرجاني تساؤلاته: "أي دور لمراكز البحث في وزارة الفلاحة؟".
اقرأ/ي أيضًا: ناصر غريرة.. عن إبداع تحويل مخلّفات النخيل إلى تحف وأثاث
وينتقد الفلاح بولاية قبلي، التي تحتل المرتبة الثانية (2021) في إنتاج التمور بـ26.5 ألف طن، تمتيع قطاعات اقتصادية أخرى كالنزل مثلًا بامتيازات ودعم في حين يحرم قطاع التمور وفلاحو الجنوب أساسًا من هذا الدعم رغم الدور الاقتصادي المهم الذي يلعبه.
كساد في سوق التمور لم تسلم منه حتى واحات جمنة النموذجية فما تزال دقلتها معلقة تنتظر جمعها. وفي هذا الإطار، استنكر رئيس جمعية واحات جمنة الطاهر الطاهري "غياب الدولة وإهمالها وتجاهلها لهذه الوضعية التي تعانيها واحات لا مصدر رزق فيها سوى التمور".
رئيس جمعية واحات جمنة الطاهر الطاهري لـ"الترا تونس": على الدولة أن تتدخل لتسويق التمور ومنح التجار القروض اللازمة لاقتناء المحاصيل، كما عليها التدخل لمداواة النخيل بطائرات خاصة متوفرة لدى وزارة الفلاحة
وحمل الطاهري، في تصريح لـ"الترا تونس"، المسؤولية للاتحاد الجهوي للفلاحين بقلبي "نظرًا لتغيبه وعدم تجديد مكتبه وعدم تفرغ رئيس الاتحاد لمشاكل القطاع خاصة وأنه خصم وحكم فهو في النهاية تاجر والفلاح في قبضة يده"، وفقه.
وطالب الطاهري الدولة بالتدخل لتسويق هذا المنتوج ولمنح التجار القروض اللازمة لاقتناء المحاصيل. كما طالب بالتدخل لمداواة النخيل بطائرات خاصة متوفرة لدى وزارة الفلاحة بدل أن يترك الفلاح وحيدًا في مواجهة كل مصاعب الواحة، حسب قوله.
كما طالب رئيس جمعية واحات جمنة بأن تمنح الدولة تعويضات وتشجيعات للفلاح على غرار فلاحي الشمال، مشددًا على ضرورة تفعيل صندوق الجوائح الذي تم تقديمه في مجلس نواب الشعب لحماية الفلاح ودعمه.
جملة من الإشكاليات والانتقادات توجهنا بها للمدير العام للمجمع المهني المشترك للتمور سمير بن سليمان، الذي طلب منا التواصل مع وزارة الفلاحة للحصول على إذن للحديث وقمنا بذلك وحاولنا مرارًا التواصل معه مرة أخرى لكنه لم يرد.
اقرأ/ي أيضًا:
النخلة في الجنوب التونسي.. منبع حياة بيعها عار وغراستها خير وبركة