27-يناير-2023
 ثلوج تونس

مندوب السياحة في طبرقة وعين دراهم لـ"الترا تونس": نأمل أن يتحمس البعض للاستثمار في مشاريع كبرى تخدم السياحة في الجهة (ياسين القايدي/الأناضول)

 

اكتست مرتفعات "عين دراهم" شمال غربي تونس حلة ناصعة البياض أضفت على جمالها الساحر طابعًا "أوروبيًا" استقطب آلاف المواطنين المتعطشين لخوض غمار تجربة فريدة وممتعة في مسالك وجبال "عروس الشمال"، مغامرات توثق بصور ومقاطع فيديو وسط الثلوج تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي فتدفع كل من يشاهدها لتكرار نفس التجربة خاصة وأن تساقط الثلوج في تونس يعد نادرًا.

السياحة الثلجية يفترض أن تضفي حركية اقتصادية على منطقة عين دراهم والمناطق المجاورة لها على غرار سائر دول العالم التي تستثمر في هذا النوع من السياحة لكن في تونس ومنذ بداية تراكم الثلوج تعلن السلطات عن منع التنقل إلى هذه المنطقة

"عين دراهم" هي وجهة كل من سئم بشاعة مناظر الجفاف القاحل الذي اجتاح تونس مؤخرًا وملاذ كل من يبحث عن الهدوء والسكينة والأجواء الاستثنائية فيخير البعض السفر على انفراد أو مع العائلة فيما يلجأ البعض الآخر إلى الرحلات المنظمة التي تتيح له فرصة الاستمتاع بالثلوج وسط أجواء المجموعة.

السياحة الثلجية يفترض أن تضفي حركية اقتصادية مهمة على منطقة عين دراهم والمناطق المجاورة لها على غرار سائر دول العالم التي تستثمر في هذا النوع من السياحة الموسمية لكن في تونس ومنذ بداية تراكم الثلوج تعلن السلطات عن منع التنقل إلى هذه المنطقة باستثناء متساكنيها وشاحنات التزويد ويعلل هذا القرار بتراكم الثلوج في الطرقات وصعوبة التنقل.

وعادة ما تواجه هذه القرارات بموجة انتقادات واتهامات بالتقصير في تسهيل عملية إزاحة الثلوج وتسهيل حركة التنقل من وإلى عين دراهم وهو ما يؤثر سلبًا على قطاع السياحة الذي يعد تساقط الثلوج مناسبة هامة لانتعاشه.

وقد دعا أصحاب النزل والإقامات بمنطقة عين دراهم السلط الجهوية لتسهيل مرور الحرفاء خاصة منهم الذين لديهم حجوزات مسبقة، مذكرين بأن المستثمرين في انتظار تساقط الثلوج الحدث الذي يجعل من عين دراهم قبلة للزوار ويساهم في انتعاش تجارتهم.  

  • بياض الثلج ينعش السياحة الداخلية

أكد المندوب الجهوي للسياحة بطبرقة وعين دراهم عيسى المرواني أنه "تزامنًا مع نزول كميات مهمة ومتفاوتة من الثلوج بالمرتفعات وبالمناطق الجبلية بكل من مناطق الفايجة وعين سلطان وبني مطير وعين دراهم شهدت الجهة حركية نشيطة بتوافد العديد من الزوار الراغبين في الاستمتاع بالمناظر الخلابة وبالثلوج وبالتالي شهدت معظم مؤسسات الإيواء السياحي مع نهاية عطلة الأسبوع الأخيرة بجهة عين دراهم خاصة نسبة امتلاء بلغت 100 بالمائة".

مندوب السياحة في طبرقة وعين دراهم لـ"الترا تونس": انتعاشة السياحة في الشمال الغربي التونسي يعود لتوفر مواقع إيكولوجية وبيئية ومراكز استشفائية ومراكز رياضية بمواصفات عالمية

ويضيف محدث "ألترا تونس" أن القطاع السياحي حقق انتعاشة ملحوظة خلال العشرية الثانية من شهر جانفي/يناير الجاري وتطورًا مهمًا على مستوى مؤشراته حيث استقبلت مؤسسات الإيواء السياحي من 11 إلى 20 جانفي الجاري  10170 سائحًا مقابل 2275 سائح للفترة ذاتها من سنة 2022، كما بيّن أن المحطة السياحية طبرقة وعين دراهم حققت أكثر من 16232 ليلة مقضاة مقابل 4205 ليالي في الفترة ذاتها لسنة 2022 أي بزيادة بـ 286 بالمائة وتطور بـ 10.65 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019.

وبيّن المندوب الجهوي أن الحصيلة المحققة خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي/يناير إلى 20 من نفس الشهر هي زيادة بـ 139.4 بالمائة في عدد الوافدين على مختلف مؤسسات الإيواء إذ بلغ عددهم 16470 مقابل 6880 خلال نفس الفترة من سنة 2022 مع زيادة بـ 5.99 بالمائة مقارنة بنفس الفترة لسنة 2019 باعتبارها السنة المرجعية للسياحة قبل جائحة كورونا.

كما لفت المرواني إلى أن الجهة سجلت زيادة في عدد الليالي المقضاة حيث بلغ عددها 28172 ليلة مقابل 12796 في نفس الفترة لسنة 2022، مبينًا أن السياحة الداخلية تحتل المرتبة الأولى من حيث الوافدين ببلوغ 12407 زوار وتصدرت كذلك المرتبة الأولى على مستوى الليالي المقضاة بتسجيل 20029 ليلة.

مندوب السياحة في طبرقة وعين دراهم لـ"الترا تونس": نتطلع لبعث مشاريع سياحة "ثلجية" بالجهة خاصة بمنطقة عين دراهم على غرار محطة للتزحلق على الجليد بما يمكن من استقطاب عدد من السياح لتعاطي هذا النشاط

ويعزي المندوب الجهوي للسياحة بطبرقة وعين دراهم هذه الانتعاشة، خلال حديثه لـ"الترا تونس" إلى ما توفره الجهة من مقومات سياحية ومن مواقع إيكولوجية وبيئية ومراكز استشفائية ومراكز رياضية بمواصفات عالمية إلى جانب الروافد الثقافية والأثرية التي تمثل أبرز عناصر استقطاب الزوار والوفود السياحية وهو ما ينعكس إيجابيًا على تطوير المؤشرات السياحية وتحسين المردودية وضمان ديمومة المؤسسات السياحية وتحقيق استدامة للقطاع، وفقه.

ويرجح عيسى المرواني أن تتواصل هذه الصحوة والانتعاشة في الفترة المقبلة مع استمرار تراكم كميات متفاوتة من الثلوج في ظل وجود العديد من الحجوزات من قبل وكالات الأسفار والزوار الراغبين في القدوم إلى الجهة للاستمتاع بطبيعتها عادًا هذه المؤشرات إيجابية على أمل  أن تتواصل في الفترة القادمة لتؤسس لانطلاق موسم سياحي واعد واستثنائي لولاية جندوبة، وفقه.

مندوب السياحة في طبرقة وعين دراهم لـ"الترا تونس": نأمل أن يتحمس البعض للاستثمار في مشاريع كبرى على غرار "التيليفيريك" والتزحلق على الجليد لتكون مشاريع ذات قيمة مضافة تدعم القدرة التنافسية للوجهة

وأعرب المندوب الجهوي للسياحة عن تطلعه لبعث مشاريع سياحة ثلجية بالجهة خاصة بمنطقة عين دراهم على غرار محطة للتزحلق على الجليد بما يمكن من استقطاب عدد من السياح لتعاطي هذا النشاط ويكون لها انعكاس جد إيجابي على كل المؤشرات، ويأمل المتحدث أن يحفز الترويج لصورة طيبة للجهة وما توفره من منتوجات متنوعة وثرية باعثي المشاريع للاستثمار في مشاريع كبرى على غرار "التيليفيريك" والتزحلق على الجليد لتكون مشاريع ذات قيمة مضافة تدعم القدرة التنافسية للوجهة وتجعل منها وجهة للسياح على مدار الفصول الأربعة من السنة.

  • الثلج بعيون أهالي "عين دراهم"

لا شك في أن تساقط الثلج على جبال ومرتفعات عين دراهم وتراكمها على أغصان الأشجار وفوق أسطح المنازل الهرمية يجعل من المنطقة لوحة فنية تفتن كل من يتأملها إلا أن هذه الثلوج تعري العديد من النقائص التي تعاني منها الجهة وتتحول إلى مصدر تعب وشقاء لأهالي الجهة الذين يجدون صعوبة في التزود بوسائل التدفئة وفي التنقل في المسالك الريفية الجبلية التي لا تطالها جرافات إزالة الثلوج.

الثلوج في الشمال الغربي التونسي تعري العديد من النقائص التي تعاني منها الجهة وتتحول إلى مصدر تعب وشقاء للأهالي الذين يجدون صعوبة في التزود بوسائل التدفئة وفي التنقل في المسالك الريفية الجبلية التي لا تطالها جرافات إزالة الثلوج

ولئن تسعى السلطات المحلية والجهوية إلى التدخل على وجه السرعة لإنقاذ كل من يطلب المساعدة كما تؤمن مراكز إيواء احتياطية في حال تطور الوضع إلى الأسوأ فإن هذه التدخلات تظل عاجزة عن تلبية احتياجات أهالي المنطقة الذين ينادون بحلول جذرية تقطع مع معاناتهم بصفة مستدامة.

عماد حمدي، أصيل مدينة عين دراهم، يؤكد أن نزول الثلوج بالمنطقة هي بشرى سارة للأهالي وخاصة الفلاحين الذين يعتبرون الثلج دليلًا ومؤشرًا على أن السنة ستكون "خضراء" وينبئ بوفرة في المحصول الزراعي، مضيفًا أن تساقط الثلج هو فرصة هامة لتنشيط الدورة الاقتصادية بالجهة من خلال الإقبال المهم للسياح القادمين من كافة مناطق البلاد.

عماد حمدي، أصيل مدينة عين دراهم لـ"الترا تونس": تتحول مناسبة تساقط الثلوج من نعمة إلى نقمة في الشمال الغربي وذلك بسبب انقطاع الكهرباء والماء وتعطل حركة السير في كل الاتجاهات ومن الضروري تلافي هذه الإشكاليات في المستقبل

وأعرب محدث "ألترا تونس" عن أسفه لتقصير السلطات بالجهة في استغلال تساقط الثلوج، إذ تتحول هذه المناسبة من نعمة إلى نقمة وذلك بسبب انقطاع الكهرباء والماء وتعطل حركة السير في كل الاتجاهات كما اقترح تلافي هذه الإشكاليات في المستقبل من خلال العمل على تهيئة البنية التحتية وإنجاز مشاريع استثمارية مثل "التليفريك" وغيره لتشجيع السياحة الداخلية وتحريك الدورة الاقتصادية في الجهة في ظل تراجع السياحة الخارجية.