17-أبريل-2023
محمد عبو الدستور تحيل

عبو: "صار واضحًا لكل عاقل أن قيس سعيّد لن يسلم السلطة ولا انتخابات رئاسية في 2024 إلا إذا ضمن الفوز بها"

 

محمد عبو، هو أول من دعا إلى تفعيل الفصل 80 من دستور 2014 وطالب الرئيس قيس سعيّد باتخاذ إجراءات والقيام بإصلاحات، لكنه سرعان ما أعلن معارضته الشديدة لمساره معتبرًا أنه حاد عن أهدافه.

هو الناشط السياسي والوزير الأسبق والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبو، وهو الذي يدعو المعارضة التونسية إلى التفكير في حل قانوني في وضعية محددة ويشدد على أن لا عودة إلى منظومة ما قبل 25 جويلية 2021، ويرى أن قيس سعيّد لن يتنازل عن السلطة.. هذه المواضيع وغيرها تتطالعون تفاصيلها في هذا الحوار  الخاص لـ"الترا تونس" معه.


  • نحن أمام مسار يبدو وكأنه يواصل شق طريقه دون تعثر: دستور فانتخابات فبرلمان.. أ لا يعتبر محمد عبو أن مقاطعة المعارضة له كانت خطأً استراتيجيًا؟

من حيث المبدأ هذا مسار انقلابي خارج عن الدستور، شرع  فيه قيس سعيّد منذ 22 سبتمبر/أيلول 2021 عندما أعلن أنه أوقف العمل ببعض أبواب الدستور وأنه وضع لجنة لتحدد "الإصلاحات" وكان ذلك إعلانًا واضحًا على أنه سينقلب على الدستور.

محمد عبو لـ"الترا تونس": مشكلة تونس قبل 25 جويلية 2021 هي عدم احترام القوانين بالشكل المطلوب ومع قيس سعيّد أصبحت القوانين دون قيمة أصلًا

وهذا فعلاً ما جسده لاحقًا بوضع دستور جديد وبقطع النظر عن عدد المشاركين فيه هو عملية خارجة عن القانون ولذلك لا يمكن أن تقوم بانقلاب وتأتي بدستور جديد فنعترف به لأن ذلك سيكون أمرًا خطيرًا جدًا.

مشكلة تونس قبل 25 جويلية 2021 هي عدم احترام القوانين بالشكل المطلوب ومع قيس سعيّد أصبحت القوانين دون قيمة أصلًا وبالتالي المشاركة في هذا المسار هي بمثابة مشاركة في انقلاب.

محمد عبو لـ"الترا تونس":  هذا المسار انقلابي خارج عن الدستور والمشاركة فيه تعني المشاركة في انقلاب

  • لكن هناك واقع سياسي ومسار متواصل والمقاطعة لم تغيره، فماهي الحلول برأيكم؟

سعيّد يسعى لفرض الأمر الواقع وهذا صحيح لكن ما يجب الانتباه إليه هو أنه ووفق ما قام به بعد 25 جويلية، لا يمكنه الرجوع فيه، هو بصدد ارتكاب أخطاء وممارسات ستؤدي إلى إسقاطه في أقرب الآجال. لا نعرف متى ولا تكلفة لذلك - لأني لا أريد أن أستهين بما يقوم به - فقد أقول ستكون التكلفة كبيرة ولكن الثابت هو أنه بصدد فعل كل شيء يمكن أن ينهي تجربته.

وهي تجربة عبثية لا ترقى إلى مستوى مناقشتها أصلًا ولا أعتقد أن من يحمل على الأقل الحد الأدنى من المنطق يمكن أن يذهب في مسار قيس سعيّد.

محمد عبو لـ"الترا تونس": سعيّد بصدد ارتكاب أخطاء وممارسات ستؤدي إلى إسقاطه، لا نعرف متى ولا تكلفة ذلك، لكن ستكون التكلفة كبيرة والثابت هو أنه بصدد فعل كل شيء يمكن أن ينهي تجربته

وللتذكير فإن سعيّد جاء بشعارات كبيرة وهي فرض القانون على الجميع وقضاء مستقل وأمن محايد وإدارة محايدة وفتح قضايا جدية ما كان لها أن تفتح قبل 25 جويلية فانقلب على السلطة وذهب في توجهات أقل ما يقال عنها إنها على درجة كبيرة من التفاهة وعدم المعقولية.

 

 

  • لكنك وثقت به؟

نعم نحن دائمًا نثق في الكثير من الناس في تونس ونصدم فيهم وليس قيس سعيّد أكبر صدمة ولا هو الوحيد. قبل 25 جويلية، وحسب قراءتي ويشاركني فيها عدد من التونسيين، فإن الإصلاحات في تونس بالشكل الاعتيادي لا يمكن أن تقع لأن هناك من وضع نفسه في كل الأماكن الحساسة: القضاء، الداخلية، الإدارة وبالتالي منع كل محاسبة.

وفي تصوري دولة دون قانون ودون ردع ودون فرض انضباط يكون بفرض القانون على الجميع لا يمكن أن تتطور إطلاقًا. وستبقى الديمقراطية ـ وهي الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي - ولكنها ديمقراطية فاسدة ولا تخلق مناخًا نحو الأفضل على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وهذه مشكلتنا قبل 25 جويلية 2021.

محمد عبو لـ"الترا تونس": كان على سعيّد أن يعمل على تفكيك منظومة الفساد وفقًا لما يسمح به الفصل 80 لبضعة أشهر على أن لا يخرج عن الدستور وهو ما لم يحصل

وكان من  المفروض أن قيس سعيّد بعد 25 جويلية وعلى بساطة ما يطرحه من أفكار إلا أنه لم يكن مرتبطًا بمنظومة الفساد وطالما لم يكن مرتبطًا بها فكان عليه أن يعمل على تفكيكها وفقًا لما يسمح به الفصل 80 لبضعة أشهر على أن لا يخرج عن الدستور وهو ما لم يحصل.

  • رغم الأزمة الاقتصادية الحادة في تونس، لا تحركات احتجاجية شعبية إزاء هذا الوضع، ما تفسيرك لذلك؟ هل هو دعم للرئيس؟

إذا كان الصمت الشعبي يعني دعمًا لقيس سعيّد فعلينا أن نعتبر أن صمت الشعب في عهد بن علي كان أيضًا دعمًا له. الصمت لا يعني ذلك والدليل أن هناك حالة من الهجرة السرية وهي كبيرة جدًا كما أن البطالة ارتفعت وأزمة المالية كبرت ولم يحدث في تاريخ تونس أن شهدنا هذه الأزمة وهي تذكرنا فقط بالسنتين الأخيرتين من حكم بورقيبة.

محمد عبو لـ"الترا تونس": إذا كان الصمت الشعبي يعني دعمًا لسعيّد فعلينا أن نعتبر أن صمت الشعب في عهد بن علي كان أيضًا دعمًا له، الصمت لا يعني ذلك والدليل أن هناك حالة من الهجرة السرية الواسعة

فلم نعرف مثل هذه الأوضاع في السابق وحتى في مسألة الحصول على القروض، فلم تكن تعترضنا مشاكل من هذا النوع مع صندوق النقد الدولي. ما حصل مع قيس سعيّد لم يحدث في تاريخ تونس المعاصر بعد الاستقلال.

والناس لا يتحركون لاعتبارات عديدة منها: الصدمة والخوف والانتظار، ربما هذا الانتظار طال ولكنه سيؤدي لنتائج وبأكثر حدة. وأعتقد أن تحليل هذا الصمت ضروري سوسيولوجيًا وسيكولوجيًا فنحن لا نعرف في أي لحظة يتحرك الجمهور.

فأنا أذكر أننا يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، لم نستطع تجميع 20 شخص للوقوف أمام وزارة العدل والمطالبة بإرجاع القضاة الذين وقع إبعادهم وبالصدفة في اليوم نفسه شخص يحرق نفسه في سيدي بوزيد وتحصل ثورة في تونس.

وبالتالي ليس هناك علم صحيح لنعرف متى تتحرك الجماهير وصمتها لا يعني أنها مع قيس سعيّد فلو كان هناك فعلاً قبول لكانت نسب المشاركة في الانتخابات عالية ولكن بحسب السلطة ذاتها شارك 11 بالمائة فقط وبالتالي لا أعتقد أن التونسيين سعداء بوضعهم الاقتصادي السيء.

محمد عبو لـ"الترا تونس": أنا أيضًا في رفض تام لما كان قبل 25 جويلية لكن هذا الرفض لا يجب أن يصل إلى حدود النقمة على البلاد والقبول بما يحصل

لكن لا بد أن لا  نغفل أيضًا جانباً آخر وهو الذي يخص جزءًا من التونسيين الذين ليس لديهم ما يخسرون وآخرون يرون أن قيس سعيّد  بما يرتكبه من أخطاء أفضل من المنظومة السابقة وهذا موقف عاطفي وفيه جانب من النقمة على السابق. فأنا أيضًا في رفض تام لما كان قبل 25 جويلية لكن هذا الرفض لا يجب أن يصل إلى حدود النقمة على البلاد.

فيمكن أن ترفض منظومة معيّنة، وحاول البعض وأنا منهم دفع قيس سعيّد في اتجاه  أن يقوم بإجراءات لمدة زمنية قصيرة للقضاء على منظومة الفساد، ولكن عندما ينقلب قيس سعيّد من المفروض أن لا يبقى معه أحد إلا الفوضويين ولسوء الحظ من يبدون في الصورة من المدافعين هم فوضويون وبعض الأشخاص الذين لديهم مصالح ما.

 

 

  • لكن البعض يقول "لو لم نكن تحت حكم قيس سعيّد لكنا تحت رحمة نبيل القروي"، ما تعليقكم؟

هذه من مهازل تونس بعد الثورة.. فعلًا هذا ما أتذكره دائمًا عندما نتلقى اللوم، فأقول "ماذا اخترتم؟ التونسيون اختاروا شخصين لا يمكن الثقة في أي منهما ولكن على كل حال إن كان لابد من الاختيار فاختيار قيس سعيّد لكن ليس الذي انقلب اليوم بل قيس سعيّد سنة 2019 قد يبدو غير كفء لكن على كل حال لم يكن معروفًا إلا بصورة الشخص البعيد عن منظومة الفساد وكان يجب أن يكون الاختيار عليه حينها".

هذه مشكلة الشعب التونسي في اختياراته، أقول هذا ليسًا تجريمًا له في المطلق وبنوع من التعالي بل هناك تفسير لهذه المسألة فوسائل الإعلام وبعض السياسيين لعبوا دورًا في حملات التشويه إلى جانب انتشار الأخبار الزائفة. فوجد الشعب في النهاية أنه يختار بشعبوية لأن القاسم المشترك بين قيس سعيّد ونبيل القروي هي الشعبوية وقد اختار الناس الشعبوية.

محمد عبو لـ"الترا تونس": وسائل الإعلام وبعض السياسيين لعبوا دورًا في حملات التشويه إلى جانب انتشار الأخبار الزائفة، فوجد الشعب في النهاية أنه يختار بشعبوية وهي القاسم المشترك بين سعيّد والقروي

  • أ ليست الطبقة السياسية هي المسؤول الأول عن هذه الاختيارات بضرب وتشويه بعضها البعض؟

قد أكون غير موضوعي في إجابتي عن هذا السؤال ولكن عندما يتحدث بعض الناس بكلام متزن عن فساد مثلاً لبعض الأحزاب السياسية فهذا لا يعني تشويهًا بل يعني كشف الحقيقة للتونسيين.

ولا أنكر أن هناك من يشوّه من خلال ذكر معطيات خاطئة حول أشخاص أو أحزاب  لكن في المقابل هناك معطيات أخرى صحيحة فهل كان علينا حتى لا ينقلب قيس سعيّد أن نقول إن من كانوا في الحكم على درجة كبيرة من النزاهة؟

لقد كانوا على درجة من الابتزاز لأصحاب المؤسسات والتمويل الأجنبي وشراء جزء من المؤسسات الإعلامية والتأثير في شبكات التواصل الاجتماعية وغير ذلك وهذا ما قلناه.

  • الآن، لا يزال الاتحاد العام التونسي للشغل يطرح مبادرة حوار سيعرضها على رئيس الجمهورية رغم أن سعيّد أعلن صراحة رفضه لأي مبادرة، فما فائدة إصرار الاتحاد؟

في تصوري، لن يستجيب قيس سعيّد لأي مبادرة حوار فهو يعتقد الآن أنه يحكم ويتصور أنه قادر على تغيير ما في البلاد وهذا أمر غريب لأنه من الواضح أنه ذاهب بالبلاد إلى الهاوية.

بالنسبة لغيره، سواء لاتحاد الشغل أو لآخرين، ففي تصوري أن مسألة الإصرار على الحوار في غير طريقها فهو لن يوافق. وعلى كل حال، لا بد من الإقرار بأن قيس سعيّد غير قابل للإصلاح بقطع النظر عما كنا نعتقد قبل 25 جويلية أو 22 سبتمبر من سنة 2021 لكن صار واضحًا لكل عاقل أن قيس سعيّد لن يسلم السلطة.

محمد عبو لـ"الترا تونس": في تصوري مسألة الإصرار على الحوار من قبل الاتحاد في غير محلها فسعيّد لن يوافق.. صار واضحًا لكل عاقل أن قيس سعيّد لن يسلم السلطة

فالأصل أن الناس لا بد أن تتفق على جملة من التحركات والإجراءات وتمش معيّن لإنهاء حالة العبث ولكن إنهاءها لابد أن يكون بشرط وهو وضع ضمانات لعدم عودة منظومة الفساد وهنا لا أقصد الأحزاب بل الأشخاص الذين شاركوا في منظومة الفساد وارتكبوا جرائم، لابد أن يحاسبوا في حال سقط قيس سعيّد.

فأنا منذ أشهر توقفت عن المطالبة بالمحاكمات لأن قضاء تحت تأثير الخوف من العزل كما الحال الآن لا يمكن أن يحاكم الفاسدين ولكن هذا لا يعني  انتهاء المحاسبة لاحقًا.

لا يجب أن نعود بخفي حنين من تجربة قيس سعيّد المريرة على تونس فرب ضارة نافعة فقد تكون نافعة إذا تمكنا من الاستفادة منها بخلق أسس دولة محترمة بعد سقوطه. والمسألة في رأيي ليست أيديولوجية ولا مسألة برامج اقتصادية واجتماعية بل هي فرض دولة القانون والمؤسسات.

محمد عبو لـ"الترا تونس": لا بد أن نتفق على جملة من التحركات والإجراءات وتمش معيّن لإنهاء حالة العبث ولكن إنهاءها لابد أن يكون بشرط وهو وضع ضمانات لعدم عودة منظومة الفساد

  • الأحزاب التي وحدتها معارضة قيس سعيّد، هل بإمكانها أن تتفق على مرشح واحد في الانتخابات الرئاسية 2024؟

لنتفق أولاً، ما يجب أن تتفق عليه الأحزاب هي العودة إلى الشرعية دون عودة منظومة الفساد وبعد ذلك فلترشح شخصيات مختلفة أو تتفق على مرشح واحد وهذا أمر يعنيهم  فليس هناك طريقة للحكم غير الصناديق ولا نقاش في هذا الأمر.

الأمر لا يتعلق بترشيح زيد أو عمر لأنه لن تكون هناك انتخابات أصلاً فطالما لم يضمن سعيّد الانتخابات لصالحه في سنة 2024 فلن يجريها.

محمد عبو لـ"الترا تونس": لن تكون هناك انتخابات رئاسية في تونس. طالما لم يضمنها سعيّد لصالحه في سنة 2024 فلن يجريها

ما يجب فعله هو البحث في كيفية العودة إلى الشرعية وكيفية ضمان أن تحصل محاكمات لمن أوصلوا البلاد لـ25 جويلية، يومها صفق جزء من الشعب لهذه الإجراءات فالناس لم يصفقوا عن عبث، هناك عقلاء أيضًا صفقوا لاعتقادهم أنه لم تكن هناك إمكانية للإصلاح خارج الإجراءات الاستثنائية.

ومن المفروض أن يقع إبعاد الأشخاص الذين اشتهروا بصورة سيئة داخل مختلف الأحزاب وأذكر منها حركة النهضة لكن ليست وحدها فهناك أشخاص معروفون ولديهم قضايا وشبهات فساد وكان من المفروض إبعاد كل هؤلاء حتى يسهل التقاء المعارضة فيما بينها وليطمئنوا التونسيين بأن الوجوه التي ارتبطت بالفساد لن تعود. لكن هم يصرون على المحافظة على قياداتهم لأسباب يعرفونها وهذا أصبح يعيق تجميع المعارضة إلى جانب طبعًا الأسباب الإيديولوجية والحسابات الحزبية.

محمد عبو لـ"الترا تونس": كان من المفروض إبعاد كل الشخصيات التي عرفت بسمعة سيئة حتى يسهل التقاء المعارضة فيما بينها وليطمئنوا التونسيين بأن الوجوه التي ارتبطت بالفساد لن تعود

وفي اعتقادي أن هذه مسألة مبدئية وهي تعيق الالتقاء من أجل تحديد موقف مشترك  فعلى سبيل المثال، هناك مشكلة لا يريد التونسيون طرحها وهي قضية خطيرة جدًا  وهي فرضية "حالة الشغور" في الحكم.

عند وفاة الرئيس السابق المرحوم الباجي قايد السبسي، كان الحل سهلاً: شهادة طبية تثبت الوفاة ورغم عدم وجود محكمة دستورية، وقع إعلان الوفاة وطبق الدستور في إجراءات بسيطة وسلسة.

لكن اليوم، الدستور الجديد ينص على أن رئيس المحكمة الدستورية هو الذي يمسك السلطة عند الشغور النهائي وقيس سعيّد لا يريد أن يعيّن محكمة دستورية فهو لا يعنيه ما سيحصل بعده لكننا كشعب لدينا وطن ندافع عنه ومن المفروض أن تجلس الأحزاب وتتفق فيما بينها على الحل الدستوري لهذا الأمر.

فلا نتحدث عن ترشيح زيد أو عمر أو الاتفاق على شخص معيّن ورأيي أن الأحزاب لن تتفق بحسب معرفتي بها، فحتى في الحروب هناك من يبحث عن ربح شخصي فهي عقلية تونسية معروفة وموجودة في كل العالم بدرجات مختلفة.

محمد عبو لـ"الترا تونس": الدستور الجديد ينص على أن رئيس المحكمة الدستورية هو الذي يمسك السلطة عند الشغور النهائي وسعيّد لا يريد أن يعيّن هذه المحكمة فهو لا يعنيه ما سيحصل بعده لكننا كشعب لدينا وطن ندافع عنه

وبالتالي فإن ما يجب أن تتفق عليه هو تحديد اللجنة القانونية أو معايير اختيار اللجنة القانونية التي تحدد كيف نخرج من تلك المرحلة فهذه في تصوري مسألة تتعلق بأمن الدولة التونسية لا عبث في ذلك ولا أعتقد أنه من المفروض أن يعبث قيس سعيّد فيجد المعارضة أكثر منه عبثية.

فبعد كل ما حصل مؤخرًا، لم تجتمع المعارضة لتقول هذا تصورنا للحل الدستوري في حالة حصول شغور، لا يجرؤون على ذلك ولا يهتمون وبالتالي  فهو عدم اهتمام بمؤسسات البلاد من قبل قيس سعيّد ومعارضيه أيضًا وهو أمر محيّر.

فمن المفروض أن يجتمعوا في أقرب وقت لإيجاد حل دستوري وتفويض الاختيار للجنة قد تتكون من رجال قانون، يمكن أن تكون أيضًا مكونة من عمداء كليات الحقوق أو أساتذة القانون العام. المهم أن يتفقوا بطريقة من الطرق دون حسابات حزبية.

 

 

  • يقول مؤيدو الرئيس إنه يقاوم الفاسدين وإن شخصية كرجل  الأعمال كمال اللطيّف فشلت كل الحكومات في إلقاء القبض عليها ولكن الرئيس قام بذلك، ما تعليقكم؟

في حكومة إلياس الفخفاخ، لو توفر ملف ضد كمال اللطيّف لتم إيقافه بالقضاء، هذا ما أؤكده لكم. أما مسألة أن الجميع يحمون كمال اللطيّف، فهذا غير صحيح وقلت سابقًا كشهادة إنه حتى في زمن حكم الترويكا، كان هناك توجه لإيقافه لكن لم يكن هناك ملف جدي في تلك الفترة.

وبالتالي تقديم المسألة على أنها إنجاز تاريخي فيه الكثير من المبالغة، ثم ليس هذا المهم فكمال اللطيّف طالما يحمل الجنسية التونسية فهو خاضع للقانون ولا بد من إجراءات قانونية يتم احترامها، فعندما توقفه دون وجود ملف حقيقي ففي تصوري هذا عبث مهما كان اسم الشخص وإن كان من أكبر الخصوم.

محمد عبو لـ"الترا تونس": الملف الذي أدخل من أجله كمال اللطيّف السجن وتم إدراج اسم برنار هنري ليفي فيه هو لتشويه بقية الموقوفين وتحريك الغوغاء ليعتقدوا  أن هناك فعلًا ملف مهم

فالملف الذي أدخل من أجله كمال اللطيّف السجن وتم إدراج اسم برنار هنري ليفي فيه هو لتشويه بقية الموقوفين وتحريك الغوغاء ليعتقدوا أن هناك فعلًا ملف مهم. وهو في الحقيقة ملف أتفه من التفاهة ولا يمكن الحديث فيه وحتى كقضاة سيخجلون يومًا ما عندما تقع محاكمتهم ويٌسألون كيف أصدرتم أحكامًا في قضايا تافهة كهذه  قائمة على فكرة أن فلان قال قد سمعت داخل الجالية التونسية في بلجيكا إن أحدهم يقول كذا فتقع الإيقافات.

القضية على درجة عالية من التفاهة وحتى نظام بن علي لم يكن يجرأ عليها فقد كان على الأقل يضع سيناريوهات. فإيقاف كمال اللطيّف ليس غايته معاقبته بل تحريك الناس لتشويه البقية وهم أبرياء لذلك فأنا أدعم فكرة أنهم "معتقلون سياسيون".

  • هل تراهن المعارضة التونسية اليوم على الانهيار الاقتصادي لإسقاط حكم قيس سعيّد؟

عندما تحرك التونسيون سابقًا لم تحركهم المعارضة ومخطئ من يقول عكس ذلك فقد تحرك الشارع عندما حصل حدث ما أو نقمة اقتصادية واجتماعية وإحساس بالحاجة للكرامة في مرحلة من المراحل.. سقط النظام أيضًا بمساعدة بعض الأشخاص من السلطة وهم تونسيون أيضًا.. هذا ما حصل.

محمد عبو لـ"الترا تونس": مخطئ من يعتقد أن المعارضة قادرة على تحريك الشارع.. فالشارع سيتحرك من تلقاء نفسه، أما المعارضة فدورها أن تطمئن الناس بأن منظومة الفساد لن تعود  وأن الدستور هو الحل وأن دستور 2014 تم تشويهه ظلمًا

واليوم مخطئ من يعتقد أن المعارضة قادرة على تحريك الشارع.. فالشارع سيتحرك من تلقاء نفسه، أما المعارضة فدورها أن تطمئن الناس بأن منظومة الفساد لن تعود  وأن الدستور هو الحل وأن دستور 2014 تم تشويهه ظلمًا وسيسأل عنه  كثير من السياسيين حتى خارج منظومة قيس سعيّد فقد علقوا فشلهم وأخطاءهم عليه.

فعندما حكمت حركة النهضة وحزب نداء تونس كان حديثهم أن المشكلة في الدستور والقانون الانتخابي لكن الحقيقة أن الدستور بريء من كل ذلك.. أعتقد أن على المعارضة اليوم أن تعمل على إقناع التونسيين بذلك أما تحريك الشارع، فالشارع لن ينتظر السياسيين.

  • راهن كثيرون عليك ووثقوا فيك لكنك انسحبت من الساحة الحزبية ألا يبدو هذا هروبًا؟

من يريد الهروب يترك الساحة السياسية ويعود لعمله.. ما أردت أن أقوله هو أن المسألة الحزبية تتضمن الكثير من التعقيدات على المستوى الشخصي وعلى مستوى الأهداف.. وقد رأيت  بعد خروجي من حكومة الفخفاخ أن أقدم الاستقالة من حزب التيار الديمقراطي وفقًا لقاعدة أساسية: لا يمكن لمواقفي أن تلزم غيري ولا أريد أن ألتزم بمواقف غيري.

محمد عبو لـ"الترا تونس": أريد أن أبقى مستقلاً عن الجميع وأقول ما أؤمن به.. عندما أكون متحررًا من دوافع انتخابية وحزبية، أقول للشعب الحقيقة أكثر وبشكل أدق

الحسابات السياسية موجودة في كل حزب ورجحت أن أكون فردًا أحاول أن أسعى بما استطعت عبر وسائل الإعلام وبعض الاتصالات في حدود إمكانياتي وإن كنت ارفض حتى حضور الاجتماعات الكبرى واللجان.

أريد أن أبقى مستقلاً عن الجميع وأقول ما أؤمن به ولا يهمني إرضاء بقية الناس وهذا لا يعني عدم اهتمامي بالتونسيين ولكن بالعكس، هذا احترام لهم فعندما أكون متحررًا من دوافع انتخابية وحزبية، أقول لهم الحقيقة أكثر وبشكل أدق.