22-أبريل-2019

اتهم يوسف الشاهد باعتماد سياسة الترهيب والترغيب ضد عدد من رجال الأعمال (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

"خطاب الشاهد حملة انتخابية وعليه أن يوضّح مسألة تزعّمه لحزب تحيا تونس"

"معركة الفساد "موش جادّة عليّا" والشاهد يستعمل سياسة الترهيب والترغيب مع رجال الأعمال

"تونس تُقحم في معركة طرابلس وأين الدولة ممّا حصل في الجنوب التونسي؟"


حمادي الجبالي شخصيّة مثيرة للجدل فبعد تولّيه رئاسة الحكومة في 2011 وانسحابه من حركة النهضة في 2014 غاب عن الساحة السياسيّة مدّة من الزمن ثمّ عاد للظهور من خلال تقديمه ترشّحه للانتخابات الرئاسيّة القادمة. عن تقييمه للوضع العام في البلاد وعن مبادرته الخاصّة لاختيار "رئيس توافقي" وعن موقفه من حزب "تحيا تونس" والعديد من القضايا الأخرى، كان لـ"ألترا تونس" لقاء خاصّ معه وهذا محتوى الجزء الأوّل:

معركة الفساد غير جادّة

يتحدّث رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي عن الوضع العام للبلاد من خلال قراءة لخطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي نقلته القناة الوطنية الأولى مساء الأربعاء الماضي، إذ يؤكّد أنه "كان خطابًا شعبويًا أراد من خلاله أن يظهر الشاهد في صورة مسؤول الدولة الذي يعمل وحيدًا في حين أنّ الآخرين يقومون بالتشويش عليه" حسب تعبيره. ويضيف الجبالي أنه كان خطابًا متوتّرًا يكيل فيه التّهم لغيره ويحمّل فيه المسؤولية لوضعيّة ورثها عن الترويكا ومرتكزًا فيه فقط على الوعود.

حمادي الجبالي: معركة الفساد غير جادّة ولا تقنع سوى الشخص البسيط فأين محاربة الفساد في الوزارات، في الديوانة وفي الإدارة؟

اقرأ/ي أيضًا: عضو هيئة مكافحة الفساد محمد العيادي: لا نتحمّل مسؤولية تباطؤ القضاء (حوار)

وعن الحرب المعلنة عن الفساد يقول الجبالي :"دعونا من الشعارات.. معركة الفساد غير جادّة ولا تقنع سوى الشخص العادي البسيط فأين محاربة الفساد في الوزارات في الديوانة وفي الإدارة؟ أين رؤوس الفساد الذين أفلسوا البنوك واقترضوا دون خلاص؟ أين الذين يمتنعون عن خلاص الجباية وأولئك الذين يستعملون أجهزة الفساد؟ هل هناك من تحاكم؟ وحتى الذين حوكموا قد خرجوا ولم يبق سوى شفيق الجراية الذي أعتقد جازمًا أنه سيطلق سراحه مع اقتراب الانتخابات".

وفي تقييم لوضع الأحزاب السياسيّة اليوم ومدى تأثير التفكك الذي يعيشه البعض منها على الانتخابات الرئاسية والتشريعيّة، يؤكّد حمادي الجبالي أنه "لا توجد أحزاب في تونس فأغلبها عائلية أو شخصية أو وظيفية مستثنيًا حزب حركة النهضة"، التي قال عنها "النهضة استثناء وأخشى عليها أن تأكل من رأس مالها فهي عبارة عن قاطرة قوية تعيش بقوة الدفع"، مضيفًا أنّ صورة الأحزاب مهترئة جدًا في صلبها وخارجها وهذا ما تسبّب في عزوف الناس عنها والبحث عن بدائل أخرى.

حزب الشاهد يستمد مشروعيّته من الدولة

وفي إبراز لموقفه من حزب "تحيا تونس" ووجهة نظره من ما يُشاع عن استغلال أجهزة الدولة لصالحه، يقول محدّثنا "تمنيت أن يوضّح لنا الشاهد قضيّة تزعّمه لحزب تحيا تونس من عدمه ويفسّر لنا معضلة ترؤسه الحكومة وزعامة الحزب. وهذا لا يطمئنني على حياديّة الدولة والحكومة والإدارة خاصّة وأنّه يقود البلاد نحو انتخابات قادمة".

عبر عن تخوّفه من استغلال يوسف الشاهد لأجهزة الدولة والإعلام (ألترا تونس)

 

ويضيف رئيس الحكومة الأسبق أنّ الوضع اليوم غير مطمئن خاصّة وأن هناك حزبًا بصدد الصعود من صلب الحكومة ويستغلّ مشروعيّته وتأثيره ودعمه من الدولة ويضيف "كيف لنا أن نطمئنّ إذا كان هناك مترشحًا منافسًا يملك أجهزة الدولة وأجهزة القرار ويستغلّ الإعلام والعلاقات الدولية والوزراء والموظفين لصالح حزبه". ويؤكّد أنه قد بلغه من عدد من رجال الأعمال الذين يعرفهم أن حزب الشاهد يستعمل سياسة الترهيب والترغيب معهم إما بالضغط عليهم وتهديدهم أو عن طريق إغرائهم بمناصب.

ويوضّح الجبالي أنّ الوضع اليوم يختلف عن التجارب التي مرّت سابقا فمهدي جمعة في 2014 لم يكن منتميًا لحزب وقتها بالإضافة إلى الباجي قائد السبسي الذي لم يكن على رأس حزب عند توليه منصبه وحتى حركة النهضة وبقيّة الأحزاب تنافست في إطار نزيه "نسبيًا" على حدّ تعبيره.

"التحالف مع الشاهد أخطر من التحالف مع السبسي"

حول تصريحه السابق والذي قال فيه إن التحالف مع الشاهد أخطر من التحالف مع السبسي، فسّر حمادي الجبالي موقفه قائلًا " لست مطمئنّا للعبة السياسيّة في تونس فبكل هذه المعطيات وهذه العقلية فإن الوضع خطير جدًا سواء كان تحالفًا يخصّ النهضة أو غيرها من الأحزاب. والأجواء ملوّثة للأسف، يكفي فقط أن يكون الشاهد واضحًا ويعترف بأن رئاسته لحزب تحيا تونس تلزمه الانسحاب من رئاسة الحكومة التي يجب أن تكون على الحياد مع الجميع".

كما يؤكّد أن الوضع تنقصه كثير من الشفافيّة والمصداقيّة وأنّ التحالفات يجب أن تكون واضحة وأن تتمحور حول قضايا وبرامج واضحة وليس "نتحالفوا أنا مع الباجي والّا ضد الباجي.. نخلّيك تسقط الحكومة وإلّا ما تسقطهاش".

حمادي الجبالي:  بلغني من عدد من رجال الأعمال أن حزب الشاهد يستعمل سياسة الترهيب والترغيب مع رجال الأعمال

وعن القضايا الإيديولوجية المطروحة على الساحة من هويّة ومساواة في الميراث والحريات الفرديّة، يقول محدّثنا إنّ "المواطن التونسي لا تعنيه هذه القضايا خاصّة مع تدهور قدرته الشرائيّة التي لم تشهدها البلاد يومًا بالإضافة إلى نقص في المواد الأساسيّة" على حد قوله. ويضيف الجبالي:"لا يوجد إلى حدّ اليوم الحد الأدنى من الفاعلين السياسيين أو الاجتماعيين الذين يبحثون عن حلول حقيقيّة لهذه المشاكل و"المواطن التونسي ليس قضيّتهم" والدليل برنامج قرطاج 1 وقرطاج 2 الذي انتفضّ بسبب اختلاف حول نقطة من جملة 63".

وأردف الجبالي ضاحكًا "ويني قفّة الزوالي التي صدّعت بها رؤوسنا أيام حكم الترويكا؟ أين الإعلام من حالة الغليان التي يشهدها الشارع اليوم؟ لماذا يقع التعتيم حول التحركات الشعبيّة التي تشهدها البلاد؟".

ويفسّر رئيس الحكومة الأسبق هذا الوضع، وفقه، أن "إثارة القضايا الإيديولوجية في ظاهرها تملّص من الإسلام السياسي والمحرّمات ولكن في آخر الأمر سيكون هناك حسابات أخرى مثل الذي وقع في 2014 مع الباجي قائد السبسي حيث كان المشروع الأساسي الذي جمعهم هو التحالف ضدّ النهضة"، على حدّ قوله.

ويتابع قائلًا "أعتقد أن الأمر كان مفيدًا وقتها للتوازن السياسي الذي كان مطلبًا مجتمعيًا حيث ساهم الأمر في لمّ شمل اليسار وإعادة الاعتبار للدساترة رغم أنهم اجتمعوا حول مشروع "الضد" وهم الآن يعيدون إنتاج نفس التجربة".

اقرأ/ي أيضًا: حوارـ غازي الشواشي: الشاهد وظّف "أساليب غير ديمقراطية" لتكوين كتلته البرلمانية

تونس تٌقحم في معركة طرابلس

"تونس تُقحم في معركة طرابلس وأين الدولة والأحزاب من هذه المسألة الخطيرة"، هكذا عبّر الجبالي عن الحادثة التي وقعت في الجنوب التونسي (دخول وفد فرنسي مسلّح من ليبيا إلى تونس عبر معبر راس جدير) وتساءل عن غياب موقف لرئاسة الجمهوريّة "لماذا كلّ هذا التكتم حول الحادثة رغم خطورتها فليس من العادي إقحام تونس في هذه الصراعات.. دخول عناصر مسلّحة ودعم لوجستي واستعلاماتي ومخابراتي و"ساتيليت" لصالح حفتر.. أين رئيس الدولة من هذا؟ لماذا لم يعقد مجلس أمن قوميّ عاجل مثل الذي عقده بسبب ما يسمى الجهاز السريّ للنهضة؟ أين الأحزاب التي عوّدتنا أن تقلب الدنيا على عقبها بسبب أبسط الأشياء وتلك التي تدّعي أنها تبحث عن مصلحة البلاد؟".

حمادي الجبالي: لماذا لم يُعقد مجلس أمن قوميّ عاجل حول حادثة المجموعة الفرنسية المسلحة مثل الذي عقده قائد السبسي بسبب الجهاز السريّ للنهضة؟

ويختم الجبالي الوضع قائلًا إنّ "خليفة حفتر والرئيس المصري السيسي على عجلة من أمرهم فمفهوم الثورة يخيفهم ولا بدّ من إخمادها في السودان مع حسم القضية في ليبيا قبل أن تتضح الأمور في الجزائر، ومن ثم سيكون الدور على تونس"، على حدّ قوله.

 

يتبع

 

اقرأ/ي أيضًا:

جمال مسلم: منع شبان من السفر على خلفية تدوينات.. وللحقوق نقول "توة" (حوار-1/2)

جمال مسلم: رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان لن تكون احتياطي أي حزب! (حوار 2/2)