10-فبراير-2023
لقاء قيس سعيّد وفيصل المقداد على هامش احتفالات الذكرى 60 لاستقلال الجزائر

لقاء قيس سعيّد وفيصل المقداد على هامش احتفالات الذكرى 60 لاستقلال الجزائر

 

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الخميس 9 فيفري/شباط 2023، قرار الترفيع في مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي في دمشق. يأتي هذا القرار بعد بيان للخارجية التونسية، ليل الأربعاء 8 فيفري/شباط الجاري، تضمن "استعداد تونس لتعزيز تمثيلها الدبلوماسي بدمشق"، وذلك إبان اتصال هاتفي جمع وزير الخارجية التونسي الجديد نبيل عمّار بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، إثر الزلزال الذي ضرب مناطق سورية.

قيس سعيّد يقرر الترفيع في مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي في دمشق بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سنة 2012

يقول قيس سعيّد، في "بيان ترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي في دمشق" إنه سيعززه دون تقديم تفاصيل عما يقصده تحديدًا في البداية، ثم يضيف في فقرة لاحقة أن "السفير يُعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام" فيما يبدو توجهًا لإرسال سفير.

وهذا التوجه قد أٌرسلت إشارات عدة تدعمه منذ فترة لكن الزلزال الذي ضرب مناطق في شمال سوريا وموجة التعاطف والتضامن في الشارع التونسي كانت أساسًا الحجة والتوقيت "المناسب"، أما خطوات التقارب بين النظامين فليست جديدة.

أٌرسلت إشارات عدة سابقًا تدعم التوجه نحو ترفيع التمثيل الدبلوماسي التونسي بدمشق، لكن الزلزال الذي ضرب مناطق في شمال سوريا وموجة التعاطف والتضامن في الشارع التونسي كانت أساسًا الحجة والتوقيت "المناسب"

خلال الحملة الانتخابية التي سبقت الانتخابات الرئاسية 2019، التزم المترشح حينها قيس سعيّد الصمت، على الأقل علنيًا، إزاء الموقف من الثورة السورية وقرار قطع العلاقات مع النظام الذي تم اتخاذه من الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي سنة 2012.

إثر ذلك ولأشهر، اكتفى سعيّد بتكرار عبارة "عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى" دون خطوات واضحة نحو النظام السوري، لكن ما بعد 25 جويلية/يوليو 2021، ومع سيطرة الرئيس التونسي على كل السلطات في البلد تقريبًا، تتالت الإشارات والخطوات في اتجاه تقارب النظامين.

قبل انتخابه رئيسًا، التزم سعيّد الصمت، على الأقل علنيًا، إزاء الثورة السوريةوقرار قطع العلاقات مع النظام، ولا تٌعرف عنه مواقف واضحة في هذا السياق

  • سبتمبر 2021: اللقاء الأول بين مسؤولين من تونس والنظام السوري منذ قطع العلاقات الدبلوماسية

يوم 24 سبتمبر/أيلول 2021، التقى وزير الخارجية التونسي حينها عثمان الجرندي بوزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد بحضور نائب الوزير بشار الجعفري، وهو اللقاء الأول بين مسؤولين من البلدين منذ سنة 2011 وإثر قطع العلاقات الدبلوماسية.

وكان هذا اللقاء على هامش مشاركة الجرندي في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت بنيويورك من 20 إلى 27 سبتمبر/ أيلول 2021، وهي أعلى هيئة بالأمم المتحدة وأكبر تجمع لرؤساء الدول والاجتماع الحضوري الأول للجمعية بعد جائحة كورونا وكان من المتوقع أن يحضره الرئيس التونسي قيس سعيّد لكنه تغيّب.

في سبتمبر 2021، كان أول لقاء بين مسؤولين من تونس ومن النظام السوري منذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية

وورد في بيان صادر عن الخارجية التونسية، مساء السبت 25 سبتمبر/ أيلول الجاري، أن "اللقاء مثل مناسبة لاستعراض علاقات الأخوّة العريقة بين تونس وسوريا والشعبين الشقيقين وتطورات الأوضاع في سوريا ومسار التسوية السياسية للأزمة" وفقها.

وأكد الجرندي، في هذا السياق، أنّ "تونس لا تدّخر جهدًا من أجل الإسهام الفاعل في إعادة الأمن والاستقرار في سوريا بما يضع حدًا لمعاناة الشعب السوري ويساهم في تحقيق تطلعاته، وبما يمكّن سوريا من الحفاظ على وحدتها وسيادتها واستقلالها، واستعادة دورها ومكانتها الطبيعية في الفضاء العربي وعلى الساحتين الإقليمية والدولية"، وفق تعبيره.

وأورد البيان التونسي أن وزير النظام السوري المقداد قد تعرض خلال اللقاء "لتطوّرات الأوضاع في سوريا ومجمل التحدّيات"، معربًا عن "تقديره واحترامه لتونس وللجهود التي تبذلها بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن في دفع مساعي الحلّ للأزمة السورية"، وفقه.

 

 

  • ديسمبر 2021: سعيّد يصرح "النظام شأن داخلي يهم الشعب السوري فقط أما نحن فنتعامل مع الدولة"

قال الرئيس التونسي قيس سعيّد، خلال لقاء إعلامي بحضور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، في قصر قرطاج، إنه يجب التفرقة بين الدولة والنظام، مضيفًا "أن النظام شأن داخلي للشعوب يهم الشعب السوري فقط، أما نحن فنتعامل مع الدولة". وأشار إلى أن بعض الأطراف أرادت إسقاط الدول وليس النظام، وسوريا عانت كثيرًا من مساعي التفكيك على مدار التاريخ.

سعيّد (في ديسمبر 2021): يجب التفرقة بين الدولة والنظام، النظام شأن داخلي للشعوب يهم الشعب السوري فقط، أما نحن فنتعامل مع الدولة

ويندرج تعليقه في سياق حديث الرئيس الجزائري عن القمة العربية التي انعقدت لاحقًا في الجزائر، إذ قال تبون حينها "إما أن تكون جامعة أو سيكون هناك نظر آخر"، في تلويح لتوجهه نحو دعوة نظام بشار الأسد خلال القمة وهو ما لم يحصل.

 

 

  • جويلية 2022: سعيّد يوجه تحية للأسد ويشيد بـ"الإنجازات المشتركة"

ذكرت وزارة خارجية النظام السوري، الثلاثاء 5 جويلية/يوليو 2022، أن فيصل المقداد، وزير خارجية النظام السوري قد التقى الرئيس التونسي قيس سعيّد، على هامش احتفالات الذكرى 60 لاستقلال الجزائر.

خارجية النظام السوري تنقل في جويلية 2022 أن سعيّد طلب من المقداد خلال لقائهما نقل تحياته إلى بشار الأسد معتبرًا أن "الإنجازات التي حققتها سوريا وكذلك الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد قوى الظلام والتخلف تتكامل مع بعضها"

وقالت، في بيان نشر على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، إن "سعيّد طلب من المقداد نقل تحياته إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد"، ونقلت عن سعيّد، في ذات البيان، أنه "أوضح أن الإنجازات التي حققتها سوريا وكذلك الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد قوى الظلام والتخلف تتكامل مع بعضها لتحقيق الأهداف المشتركة للشعبين الشقيقين في سوريا وتونس"، في تماهٍ كامل مع سردية النظام السوري، الذي يرى أن قمع الاحتجاجات في سوريا منذ عام 2011 وقتل وإخفاء مئات آلاف المدنيين حسب تقارير موثقة، لم يكن سوى حربًا ضد الإسلاميين.

وكان المقداد قد حضر استعراضًا عسكريًا أقيم في العاصمة الجزائرية في إطار مراسم الاحتفالات الرسمية بالذكرى 60 لعيد الاستقلال، وهو ذات الاستعراض الذي حضره رؤساء دول ووزراء خارجية ومسؤولين من عدة دول ومن ضمنهم الرئيس التونسي.

 

 

لتأتي في فيفري/ شباط 2023 خطوة الترفيع في مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي في دمشق.

عربيًا، لا تبدو خطوة الرئيس التونسي معزولة إذ سبقتها خطوات مماثلة منها مثلًا إعادة الإمارات فتح سفارتها في دمشق في ديسمبر 2018 وزيارة الأسد الإمارات في مارس 2022 في أول رحلة خارجية له إلى دولة عربية منذ 2011

عربيًا، لا تبدو خطوة الرئيس التونسي معزولة إذ سبقتها خطوات مماثلة منها مثلًا إعادة الإمارات فتح سفارتها في دمشق في ديسمبر/كانون الأول 2018 بعد أكثر من 6 سنوات من إغلاقها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قام وزير خارجية الإمارات بزيارة مفاجئة إلى دمشق وقام بمناقشة العلاقات وسبل تعزيزها مع نظام الأسد، ثم في مارس/آذار 2022، زار الأسد الإمارات في أول رحلة خارجية له إلى دولة عربية منذ 2011.

وتتداول تقارير عديدة مساعي دول عربية أخرى تعزيز علاقاتها مع نظام الأسد أيضًا لكن جامعة الدول العربية لا تزال تجمد عضوية سوريا.

سبق أن قررت الحكومة التونسية سنة 2015، برئاسة مهدي جمعة، فتح مكتب في دمشق لإدارة شؤون التونسيين في سوريا، لكن دون إعادة كاملة للعلاقات في أعلى مستوياتها حينها

ومع العلم أن تونس أغلقت سفارتها في دمشق في مطلع 2012 في فترة حكم المنصف المرزوقي، وكانت أولى الدول التي قطعت العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، كرد فعل على ممارساته إزاء شعبه.

بينما قررت الحكومة التونسية سنة 2015، برئاسة مهدي جمعة، فتح مكتب في دمشق لإدارة شؤون التونسيين في سوريا، لكن دون إعادة كاملة للعلاقات في أعلى مستوياتها.