الترا تونس ـ فريق التحرير
بعد إعلان وزارة التجارة تجميد الزيادات في أسعار بعض المنتجات في تونس، أصدرت منظمة "ALERT" (آلارت) التي تُعنى بمحاربة ظاهرة الاقتصاد الريعي في تونس، بيانًا بتاريخ الخميس 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أكدت فيه أنّ "تسقيف الأسعار بمجرد قرار إداري هو تمش خاطئ"، وفقها.
منظمة "آلارت": تسقيف الأسعار بمجرد قرار إداري هو تمش خاطئ، وتونس تنتقل من نظام الفشل إلى نظام خلق الفشل
وتابعت الجمعية في بيانها الذي حمل عنوان "تونس تنتقل من نظام الفشل إلى نظام خلق الفشل"، أنّ الأسعار يجب أن ترضخ لقاعدة العرض والطلب، فتسقيف الأسعار بمجرد قرار إداري هو تمش خاطئ يهدد صغار المنتجين مما يمنح للمجامع الكبرى هيمنة أكبر على السوق، التي سينجر عنها حتمًا ارتفاعًا أكبر في الأسعار وتراجعًا في النمو كما شهدناه في سنة 2023.
وأوضحت الجمعية أنّه "في اقتصاد سوق يضمن المنافسة الشريفة بين كل المتدخلين، تنخفض الأسعار بصفة طبيعية في ظل توفير مناخ يشجع على العرض أي يشجع على الاستثمار والإنتاج"، مؤكدة أنّ تسقيف الأسعار بصفة إدارية عبر ضبط نسب الأرباح القصوى للتوزيع بالجملة أو بالتفصيل يفترض أن يكون لكل الموزعين نفس الحجم ونفس هيكلة الكلفة".
منظمة "آلارت": تسقيف الأسعار يهدد صغار المنتجين ويمنح المجامع الكبرى هيمنة أكبر على السوق، بما سينجر عنه حتمًا ارتفاع أكبر في الأسعار وتراجع في النمو
كما يتجاهل هذا المنوال الكلفة القارة التي تتغير بتغير حجم المتدخلين، وقد يكلف تسقيف اعتباطي لنسبة الأرباح عند التوزيع، إفلاس العديد من صغار التجار والموزعين، مما سيؤدي إلى فقدان العرض في العديد من المناطق وخاصة المناطق المهمشة، وفق البيان.
وقالت الجمعية إن تحديد سقف أقصى لخدمات التعاون التجاري بين الموزعين والمزودين بـين 5 و10% من رقم المعاملات قد يكون غير كاف للمحافظة على شبكات التوزيع ويربك سلاسل العرض خاصة في ظل ارتفاع أسعار الكلفة بصفة عامة في كل الميادين.
منظمة "آلارت": التسقيف الاعتباطي لنسبة الأرباح عند التوزيع، قد يؤدي إلى إفلاس عديد صغار التجار والموزعين، وفقدان العرض في العديد من المناطق وخاصة المهمشة
وشدّدت "آلارت" على أن دراسة كلفة الإنتاج بالنسبة للعديد من المواد هو اختصاص محاسبي، وأشارت إلى أنّ وزارة التجارة لا تملك الكلفة الحقيقية للمنتجات للتثبت من حقيقة أسعارها، "خاصة حين يتجمع أهل المهنة عبر الغرف المهنية للتصريح بكلفة واهية قد تكون في شكل وفاق غير قانوني يصعب تفكيكه"، حسب الجمعية.
واعتبرت الجمعية أنّ وزارة التجارة تفتقد إلى الإمكانيات التقنية والبشرية لمراقبة حقيقة أسعار كل المنتجات، وخلُصت إلى أنّ "صغار المنتجين وصغار التجار سيكونون ضحايا هذا القرار مثلما جرت العادة"، لافتة إلى أنّ "العمل الجدي على توفير حقيقة الأسعار يكون عبر توفير العرض بتوفير مناخ المنافسة الشريفة بين كافة الأطراف".
منظمة "آلارت": القرار سيؤدي إلى انخفاض الكميات المعروضة للبيع أو فقدانها، وندعو وزارة التجارة إلى التراجع الفوري عن قراراتها قبل أن تتسبب في كارثة
وتحدثت الجمعية عن أنّ "الطرف الضعيف المؤمن للإنتاج هو من سيتحمل تبعات مثل هذه القرارات الاعتباطية حيث سيجبر الفلاح على تخفيض سعره لدى الإنتاج في البيض مثلًا حتى تتمكن المنظومة من تحقيق السعر الأقصى المنصوص عليه وهو ضرب لمنظومة الإنتاج مما سيكون له مفعول معاكس تمامًا مع انخفاض الكميات المعروضة للبيع أو فقدانها".
وسجّلت "آلارت" أن تجارب تسعير الموز، وغلق المخابز غير المنظمة، وغلق الأسواق العالمية أمام المؤسسات الصغرى والمتوسطة، "نماذج حية وحديثة لفشل هذا التمشي، فقد كانت ولا زالت هذه القرارات تمثّل كارثة على العرض وتسببت في فقدان بعض المنتجات وارتفاع أسعار البعض الآخر".
منظمة "آلارت": مثل هذه القرارات الانتخابوية ستزيد الطين بلة، حيث سيتراجع الاستثمار والإنتاج وتُفقد المواد وتُخلق أسواق سوداء جديدة ستُرفّع بدورها في الأسعار
وفي السياق نفسه، اعتبرت المنظمة أنّ "المشكلة الحقيقية مشكلة عرض حيث أن فقدان العديد من المواد الأولية الموردة بصفة احتكارية من طرف أقلية تتحكم في دواوين الدولة (خاصة مادة السكر) والتعقيدات الكثيرة لمنظومة الاستيراد، ساهمت بشكل كبير في فقدان العديد من المواد المصنعة أو ارتفاع أسعارها".
وعبّرت المنظمة عن أنّ "مثل هذه القرارات الانتخابوية ستزيد الطين بلة، حيث سيتراجع الاستثمار والإنتاج وتفتقد المواد وتخلق أسواق سوداء جديدة التي سترفع بدورها في الأسعار"، مطالبة وزارة التجارة بالتراجع الفوري عن قراراتها "قبل أن تتسبب في كارثة أخرى تهدد قوت المواطن"، وفق نص البيان.
وكانت وزارة التجارة التونسية، قد أعلنت الأربعاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أنها قررت تجميد الزيادات في أسعار بعض المنتجات الاستهلاكية وتحديد سقف الأسعار القصوى لمنتجات أخرى بداية من يوم الخميس 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.