14-أغسطس-2022
المنستير

يشكو متساكنو المنستير من معاناة متجددة مع كل صائفة تتمثل في أزمة توفر الماء والخبز (سيف الدين اليعقوبي/ EyeEm)

 

تتغنى بها المقالات وتمدح جمال شواطئها وروعة البنية السياحية فيها؛ هي المحافظة التي يعتبر كثير من التونسيين أنها "مدللة" لأنها مسقط راس "مؤسس الدولة التونسية الحديثة" الحبيب بورقيبة. لكن وراء تلك الصور التي ترصد أجمل غروب في شواطئها وسحر طلوع شمسها تختفي الصورة الأخرى لمدينة المنستير. الصورة التي لا يبحث كثيرون فيها ولا يعلم حقيقتها إلا سكانها.

فمدينة المنستير تعيش منذ انطلاق الموسم السياحي انقطاعًا يوميًا للمياه يمتد من الساعة الثامنة ليلًا إلى حدود السادسة صباحًا، وفق ما يؤكده متساكنوها.

يقول الناشط بالمجتمع المدني بالجهة أسامة سكمة إن "هذه الانقطاعات تتم حتى في فصل الشتاء لكنها باتت يومية خلال فصل الصيف حارمة سكان المدينة من المياه ليلًا ومواجهة حرارة الجو".

أسامة سكمة (ناشط بالمجتمع المدني): مدينة المنستير تعيش منذ انطلاق الموسم السياحي انقطاعًا يوميًا للمياه يمتد من الساعة الثامنة ليلًا إلى حدود السادسة صباحًا فضلًا عن تغيّر لون وطعم ورائحة المياه

وأشار سكمة إلى أن "قنوات المياه لم تتغير منذ عقود ولم تقع مراعاة ارتفاع العدد السكاني وخصوصية المنطقة في فصل الصيف لأن عدد المقيمين فيها يتضاعف إلى جانب النزل والمنتجعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه".

"ويعاني سكان مدينة المنستير من نوعية مياه رديئة تنبعث منها رائحة كريهة ولونها وطعمها متغيران ونحن نخشى من أن نصاب بأمراض جلدية جراء هذه المياه"، يقول محدثنا أسامة سكمة.

ويضيف "كما أستغرب عدم توفر كميات الخبز اللازمة في المدينة وإجبار المواطن على اقتناء الخبز الرفيع الذي بالكاد يوجد أيضًا، إلى جانب حالة الاكتظاظ الخانق والفوضى في طل غياب الشنقال"، على حد قوله.

أسامة سكمة: سياسة التمييز الإيجابي أضرت بالمنستير التي حرمت بسببها من التمويلات اللازمة على مدى سنوات وأصبحت بدورها جهة تعاني التهميش

وانتقد الناشط في المجتمع المدني ما اعتبرها "سياسة التمييز الإيجابي التي تم اعتمادها وعلى ضوئها اعتبرت ولاية المنستير من الجهات المحظوظة، والتي حرمت من التمويلات اللازمة على مدى سنوات لتتحول هي بدورها إلى مدينة تعاني، وفي المقابل الجهات التي تمتعت بالتمييز الإيجابي لم نر أي تطور أو تقدم فيها"، خالصًا إلى أن "هذه السياسة حطمت كل المدن التونسية وصارت جميعها تعاني التهميش وعديد الإشكاليات الأخرى"، وفقه.

  • "الصوناد": مضطرون لاعتماد سياسة قطع المياه

من جانبه، أكد المدير الجهوي لاستغلال وتوزيع المياه بالوسط والساحل عادل بلعيد، لـ"الترا تونس، أن "الانقطاعات اليومية التي تشهدها المنستير تعود أساسًا إلى شح الموارد المائية، فالجهة ليست لها مصادر مائية ويتم اعتماد مياه الشمال في تزويدها وأمام حرارة الجو وانخفاض نسبة المياه في السد وتضاعف الاستهلاك في الصيف بالنسبة للمنشآت السياحية، فإن الشركة تعتمد سياسة قطع المياه خلال هذه الساعات حتى تستطيع تلبية الحاجيات، حسب قوله.

المدير الجهوي لاستغلال المياه بالساحل: المنستير ليست لها مصادر مائية ويتم اعتماد مياه الشمال في تزويدها وأمام حرارة الجو وتضاعف الاستهلاك في الصيف بالنسبة للمنشآت السياحية، فإن الصوناد تعتمد سياسة قطع المياه

ولم ينفِ بلعيد وجود رائحة كريهة وتغير مذاق الماء ولونه، مشيرًا إلى أن هذه المياه لا تشكل خطرًا على حياة الإنسان وأنها معالجة ولن تتسبب في أي أمراض لكن مفعول الحرارة وانخفاض المنسوب يجعلها تصل المواطن على تلك الشاكلة، على حد قوله.

واعتبر المدير الجهوي لاستغلال وتوزيع المياه بالوسط والساحل أن الحل سيكون خلال سنة 2023 بعد إتمام إنجاز محطة تحلية مياه البحر بسوسة وهي التي ستساهم في تفادي هذه الوضعية، حسب تصوره.

  • أزمة الخبز

وعلى صعيد آخر، انتقد رئيس غرفة الجهوية للمخابز بالمنستير محمد صالح ترجمان استمرار وزارة التجارة التونسية في اعتماد طرق تزويد بالفارينة دون رؤية واستراتيجية ناجعة وواضحة، متسائلًا عن الشروط التي تعتمدها في مد ثلاثة أشخاص فقط بهذه المادة، على حد روايته.

رئيس غرفة المخابز بالمنستير: وزارة التجارة لا تأخذ بعين الاعتبار تضاعف السكان في الصيف بالمنستير نظرًا لخصوصيتها السياحية في تزويد المخابز بالفارينة مما خلق أزمة خبز 

واعتبر أن وزارة التجارة "لا تأخذ بعين الاعتبار تضاعف السكان خلال فترة الصيف في مدينة المنستير نظرًا لخصوصيتها السياحية"، محمّلًا الوزارة المسؤولية الكاملة في دفع أصحاب المخابز لبيع الخبز الرفيع رغم أنه "لا يستجيب بتاتًا لهذه الخاصية"، وفق تقديره.

وتابع قائلًا: "وبناء على ذلك يتم بيع الخبز بأسعار مضاعفة"، مؤكدًا أن "المواطن التونسي هو الذي يدفع الثمن لأنه لا يجد الخبز العادي المدعم، وحتى الخبز الرفيع صار بدوره مفقودًا نظرًا لارتفاع الاستهلاك مقابل محدودية العرض".

وتساءل ترجمان عن غياب وزارة الإشراف، مؤكدًا أنه اتصل مرارًا وتكرارًا بالإدارة الجهوية للتجارة طالبًا الاجتماع من أجل دراسة الوضع وإيجاد الحلول الناجعة لكن "لا حياة لمن تنادي"، على حد تعبيره.