"لن أشتري حقيبة مدرسية لابنتي للسنة الثانية على التوالي وسأكتفي بترقيع القديمة لأنّ الأسعار أصبحت جنونيّة".. هكذا صرّحت (ص.س) لـ"ألترا تونس" في حديثها عن استعداداتها للعودة المدرسية شهر سبتمبر/أيلول القادم، مؤكّدة أنّها لن تلتزم بطلبات الإطار التربوي المبالغ فيها، على حدّ تعبيرها.
أحد الأولياء لـ"الترا تونس": "لن أشتري حقيبة مدرسية لابنتي للسنة الثانية على التوالي وسأكتفي بترقيع القديمة لأنّ الأسعار أصبحت جنونيّة"
ولا تختلف محدّثتنا عن غالبيّة أولياء التلاميذ حيث يعجّ الفضاء الأزرق بتدوينات تعبّر عن تذمّرهم وعن عجزهم عن مجاراة هذا النسق المتصاعد لتكاليف الدراسة في تونس.
وتفسّر (ص.س) أنّ الأمر يتجاوز المكتبات وبائعي الجملة بل أنّه مرتبط أساسًا بالأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، موجّهة اللّوم للإطار المدرسي بسبب عدم حرصهم على ترشيد القائمات المدرسية وفرض أدوات معيّنة باهضة الثمن، وفقها. وأشارت إلى الضغط التي يسبّبه الأطفال لآبائهم من أجل الحصول على محافظ مدرسية تصل أحيانًا أسعارها إلى 350 دينارًا لمجرّد تقليد أقرانهم فيجد الولي نفسه مضطرًّا لتلبية مطالبهم وهذا ما اعتبرته سلوكًا خاطئًا.
- "التعليم والنجاح في تونس أصبح لمن استطاع إليه سبيلاً"
أثارت تصريحات رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي، المتعلّقة بالتكلفة المتوقعة للعودة المدرسية 2022-2023، جدلاً واسعًا في الحقل التربوي، إذ قال في تصريحه لـ"الترا تونس"، الاثنين 22 أوت/ أغسطس 2022، إنّ هذه التكلفة تقدّر بـ850 دينارًا للتلميذ الواحد، كمّا وجّه نداء إلى وزير التربية لترشيد القائمات من المعدات التي يطلبها المدرّسون من تلاميذهم.
وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني أنّ العودة المدرسية مكلفة وتثقل كاهل المواطن التونسي الذي لم يعد يتحمّل أعباءها في ظلّ تدهور المقدرة الشرائية، مشيرًا إلى أنّ المسألة تتجاوز ظرفيّة العودة المدرسية فهي في ارتفاع مستمر على امتداد السنة الدراسية حيث أنّ الولي مطالب بتوفير الميدعة و"اللمجة" وثمن الدروس الخصوصية وغيرها من المصاريف، وفق قوله.
رئيس الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ لـ"ألترا تونس": العودة المدرسية مكلفة وتثقل كاهل المواطن التونسي الذي لم يعد يتحمّل أعباءها في ظلّ تدهور المقدرة الشرائية
وأكّد الزهروني في تصريحه لـ"ألترا تونس" أنّ العائلات الفقيرة لم يعد بإمكانها مجاراة النسق المتواصل للمصاريف خاصّة وأنّ نسبة الجانب المدعّم الذي توفّره الدولة (كتب، كرّاسات) لا يتجاوز 40% من جملة الاقتناءات.
وأكّد محدّثنا أن التكلفة المشطّة لإعداد تلميذ واحد للدراسة ليست هي المشكل الأساسي، معتبرًا أنّ تكافؤ الفرص أمام التلميذ التونسي في مختلف ولايات الجمهورية أمر قد نسف فـ"التعليم والنجاح أصبح لمن استطاع إليه سبيلاً ومجانيّة التعليم في تونس أصبحت من قبيل الوهم" حسب تعبيره.
وعن الحلول لتجاوز الأزمة، يقول رئيس الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ: "هناك حلول ترقيعية كإرساء عقلية تضامنية ومدّ يد المساعدة للدولة ولكننا اليوم نحتاج إلى تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية وإصلاح المنظومة التربوية في إطار رؤية استشرافية تشمل كلّ مكوّنات التعليم والتكوين المهني".
رئيس الجمعية التونسية لأولياء التلاميذ لـ"ألترا تونس": تكافؤ الفرص أمام التلميذ التونسي أمر قد نسف فالتعليم والنجاح أصبح لمن استطاع إليه سبيلاً ومجانيّة التعليم في تونس أصبحت من قبيل الوهم
- "القطاع المكتبي يعاني وعلى الدولة تشديد الرقابة على المكتبات العشوائيّة"
تقع مكتبة ابتسام العسكري في أحد الأحياء الشعبية التونسية، وهي تعمل في هذا المجال منذ 15 عامًا ونظرًا لانّ مكتبتها محاذية لمدرسة ومعهد فهي كثيرة التواصل بالأولياء وبالإطار التربوي، كما يرتادها العديد من الأولياء نظرًا لتعاونها في عمليّات الدفع وتعاملها بـ"الكريدي".
"الترا تونس" تواصل معها في إطار الحديث عن الاستعدادات للعودة المدرسية 2022 ـ 2023، تقول العسكري إنّ الكتب حافظت على أسعارها ولكن الإشكال يكمن في الكرّاس المدعّم غير المتوفّر والذي يقع اقتناؤه حسب نسب معيّنة متعلّقة بأنواع أخرى من الكراسات (المحفوظات، الأشغال التطبيقيّة الخ).
المكتبية ابتسام العسكري لـ"الترا تونس": الكتب حافظت على أسعارها ولكن الإشكال يكمن في الكرّاس المدعّم غير المتوفّر والذي يقع اقتناؤه حسب نسب معيّنة
وتضيف المكتبيّة أنّ أسعار الكرّاس الرفيع ارتفعت منذ رأس السنة بنسبة 20%، من ثمّ شملتها زيادة أخرى بنسبة 15% في شهر مارس/آذار 2022، مشيرة إلى أنّ هذا الارتفاع لم يقع ملاحظته سوى مع الاستعدادات للموسم الدراسي الجديد لأنّ الجميع مضطرّ للشراء بكميّات كبيرة، حسب تعبيرها.
وتؤكّد ابتسام لـ"ألترا تونس" أنّها تتعامل مع عديد المزوّدين لتستطيع توفير حاجيات زبائنها ومع ذلك فهي لا يمكنها تحصيل سوى 20% من مستلزماتهم من الكرّاس المدعّم، مضيفة أنّ الأولياء مضطرّون بدورهم للتعامل مع عديد المكتبات.
المكتبية ابتسام العسكري لـ"الترا تونس": أسعار الكرّاس الرفيع ارتفعت منذ رأس السنة بنسبة 20%، من ثمّ شملتها زيادة أخرى بنسبة 15% في مارس 2022، والارتفاع لم يقع ملاحظته سوى مع الاستعدادات للموسم الدراسي الجديد
أمّا في علاقة ببقيّة الأدوات المدرسيّة، تقول محدّثتنا: "الأسعار في بقيّة المواد مرتبطة أساسًا بالنوعيّة لذا يستطيع الجميع، بشرائحهم المختلفة، اقتناء ما يريدون سواء من المواد الرخيصة أو باهظة الثمن. وقد شملتهم أيضًا الزيادة بنسبة 20% كما أنّ المحافظ المدرسية باهظة الثمن وتتراوح أسعار تلك التي من النوع المتوسّط بين 70 و128 دينارًا حسب أسعار الجملة".
وتضيف العسكري أنّ بعض الأولياء بدؤوا في اقتناء الأدوات منذ 15 جويلية/يوليو الماضي وأنها ستمتنع عن البيع بالتقسيط هذه السنة، نظرًا لأنّ العديد من الزبائن لم يدفعوا مستحقّاتهم منذ السنة الفارطة "أفضّل أن تبقى سلعتي على الرفوف ولا أجد نفسي في وضعيّة ألهث فيها وراء الزبائن لدفع المستحقات".
المكتبية ابتسام العسكري لـ"الترا تونس": على الدولة تشديد الرقابة خاصة على المكتبات العشوائيّة التي يلتجئ إليها المواطن نظرًا لأسعارها المنخفضة أمّا نحن فرغم التزامنا بدفع الأداءات إلّا أنّنا نعاني من مخلّفات الأسواق الموازية
وفي ختام حديثها لـ"الترا تونس"، تقول العسكري:" الوليّ يعاني، والمكتبيّ يعاني، وحتى المزوّد يعاني فهذه الأزمة لا تقتصر على القطاع المكتبيّ فقط وعلى الدولة تشديد الرقابة خاصة على المكتبات العشوائيّة التي يلتجئ إليها المواطن نظرًا لأسعارها المنخفضة ورغم أنّها مجهولة المصادر إلّا أنّها تستقطب فئة كبيرة من الأولياء أمّا نحن فرغم التزامنا بدفع الأداءات إلّا أنّنا نعاني من مخلّفات الأسواق الموازية".
أسعار الأدوات المدرسية في المكتبات التونسية بمناسبة العودة المدرسية 2022 ـ 2023 (إيمان السكوحي/ ألترا تونس)
