22-أغسطس-2020

تتزامن العودة المدرسية مع انطلاق الموجة الثانية من كورونا (فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

 

جرت العادة في مثل هذه الفترة أن تنطلق العائلات التونسية في الاستعداد لعودة أبنائها إلى الدراسة لا سيّما خلال فترة التخفيضات الموسمية لاقتناء ما يلزم من أدوات مدرسية أو ملابس وغيرها بأقل الأثمان. وتشهد الأسواق حركيتها المعتادة هذا العام ولكن في أجواء تشوبها المخاوف والهواجس من خطر انتشار فيروس كورونا خاصة بعد انطلاق الموجة الثانية وتسجيل ارتفاع مطرّد في عدد الإصابات.

كيف ستضمن وزارة التربية قاعدة التباعد الاجتماعي والحال أنّ بعض الأقسام تضم أربعين تلميذًا؟

وتتبادر لدى الرأي العام عدّة أسئلة عن كيفية تعامل الإدارات التعليمية مع مخاطر تفشي الفيروس؟ وهل سيصبح الأطفال نقطة انطلاق لموجة متصاعدة من الإصابات بالوباء؟ وكيف ستضمن الوزارة قاعدة التباعد الاجتماعي والحال أنّ بعض الأقسام تضم أربعين تلميذًا؟ أو كيف لتلك المدارس التي تفتقر للمياه الصالحة للشرب أن تضمن القدر الأدنى من قواعد النظافة لحماية التلاميذ؟ وغيرها من الأسئلة التي تثير أساسًا مخاوف الأهالي قبيل العودة المدرسية المقرّرة منتصف شهر سبتمبر/أيلول المقبل.

اقرأ/ي أيضًا: حينما يكشف فيروس "كورونا" هنات المنظومة التربوية في تونس

رسائل طمأنة وبروتوكول صحي خاصّ

خلص اجتماع وزاري مضيق، بتاريخ 18 أوت/أغسطس 2020، تناول ملف العودة المدرسية 2020-2021 لإقرار اتخاذ كافة الإجراءات الصحية والوقائية والتسريع في إعداد البروتوكولات الصحية الخاصة لتأمين العودة المدرسية والجامعية في أحسن الظروف. وذكر رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ أن كل من وزارتيْ التربية والصحة بصدد الإعداد لبروتوكول صحي وقائي لتأمين التلاميذ والإطار التربوي والحفاظ على سلامتهم، مذكرًا بالإجراءات الوقائية التي اتخذتها الوزارة في الامتحانات الوطنية والتي كللت بالنجاح رغم أنها كانت في ظروف استثنائية بسبب الجائحة، وفق بلاغ لرئاسة الحكومة.

وشدّد، في نفس الإطار، على ضرورة اتخاذ أقصى درجات الحذر واليقظة والالتزام بالشروط الصحية اللازمة مشيرًا إلى أنّ تونس كانت من بين الدول القلائل التي نجحت في تأمين سير الامتحانات الوطنية والتي كللت بالنجاح بالنظر للإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزارة التربية خلال ذروة انتشار جائحة الكورونا.

عبد الحفيظ البوزيدي (ولي): مخاوفنا ليست دافعًا لتأجيل العودة المدرسية، ولكن نبحث عن أكثر تطمينات لضمان سلامة أبنائنا

من جهته، أكد وزير التربية محمد الحامدي ،خلال ندوة صحفية بتاريخ 19 أوت/أغسطس، أنّ الوزارة ستراعي الوضع الصحي في علاقة بانتشار فيروس كورونا في بعض الجهات خلال العودة المدرسية مبينًا أنّ الوزارة تمتلك آليات تمكّنها من اتخاذ إجراءات استثنائية واعتماد نظام يجمع بين اللامركزية والمرونة، وفق قوله.

فيما أفادت المديرة العامة للطب المدرسي والجامعي أحلام قزارة في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (رسمي) أنّه تم الشروع في التشاور في إطار لجنة مشتركة مع وزارات الصحة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني والتشغيل والشؤون الاجتماعية وغيرها لتحديد برتوكول صحي جديد يتماشى مع تطورات الوضع الوبائي. وبينت، في هذا الجانب، أنه تم تقديم محاور بروتوكول صحي، في جلسة مشتركة، يتضمن عديد المقترحات التي لا تجبر الأطفال في مستوى ما قبل الدراسة ارتداء الكمامات أو التقيد بإجراء التباعد الجسدي، لأنّ عديد الدراسات العلمية أظهرت أنه نادًرا ما يكون الأطفال عناصر ناقلة لفيروس كوفيد 19 مثل الكبار، وفق تأكيدها.

مخاوف رغم التطمينات

تتصاعد، في الأثناء، مخاوف العائلات التونسية من سيناريو تفشي الفيروس في الأوساط التربوية خصوصًا في المدارس والمعاهد التي تشهد كثافة كبيرة أو التي تفتقر إلى أبسط شروط العناية الصحية.

اقرأ/ي أيضًا: بكالوريا 2020.. متفوقون وحاصل "خارق"

إذ تشير فاطمة، والدة تلميذ، لـ"ألترا تونس" إلى أنّها متخوفة من العودة المدرسية رغم تطمينات المسؤولين قائلة "ربّما تمت السيطرة على انتشار الفيروس خلال الموجة الأولى من انتشار الوباء، بفضل الحجر الصحي الشامل، وإيقاف كافة الدروس في وقت مبكر قبل تسجيل حالات عدوى داخل المعاهد أو المدراس، لكنّ الآن لا شيء واضح البتة ولا نتوقع أن تلجأ الدولة إلى فرض حجر صحي شامل آخر في صورة تصاعد وتيرة انتشار العدوى في عدّة جهات". وأضافت أن بعض المخاوف لا تتعلّق فقط بعودة الدراسة في حدّ ذاتها بل تتعلّق أكثر بالاكتظاظ داخل الأقسام وبعدم وعي صغار السنّ بأساليب الوقاية، وفق تأكيدها.

حسن عبد العزيز الشك (تنسيقية "أولياء غاضبون") لـ"ألترا تونس": لدينا عمومًا ثقة في تعامل أجهزة الدولة مع العودة المدرسية

من جهته، أشار عبد الحفيظ بوزيدي والد أحد التلاميذ، لـ"ألترا تونس"، إلى أنّ الحالات المحلية فاقت الوافدة مع تسجيل حالات عدوى مجهولة المصدر وانتشار الحالات الجديدة في كلّ الولايات تقريبًا وهو أمر يدعو إلى التخوف، وفق قوله. ويتحدث أن المسألة تتعلق، في هذا الجانب، بالمعاهد والمدارس وهي بين أكثر الأماكن التي تشهد اختلاط أعداد كبيرة، إضافة إلى عدم القدرة على فرض التباعد خاصة في المدارس المكتظة. وأضاف "مخاوفنا ليست دافعًا لتأجيل العودة المدرسية، ولكن نبحث عن أكثر تطمينات لضمان سلامة أبنائنا".

في المقابل، أكد حسن عبد العزيز الشك المنسق الوطني لتنسيقية "أولياء غاضبون" لـ"ألترا تونس" أنّ الأولياء ككل فئات المجتمع لديهم هاجس وخوف من هذه الجائحة مستدركًا: "لكن لا أتوقع أن الدولة أو الإدارة غير محتاطة أو لم تتخذ إجراءات مسبقة لحماية التلاميذ".

وشدد أن تنسيقية الأولياء بمتابعتها للوضع الوبائي وإجراءات الوقاية المتخذة، ورغم الهاجس، فهي على ثقة تامة في قرارات المسؤولين، مشيرًا إلى تجاوز خطر انتشار الوباء في مرة أولى بفضل اجراءات السلامة المتخذة واتباع كل الاحتياطات اللازمة لا سيما في علاقة بالدراسة، وهو ما سمح بتجاوز أضرار كبيرة محتملة خاصة بفضل الهيئة العلمية المكلفة بمتابعة الوضع الوبائي في البلاد. وأضاف: "أعتقد أنّ الحكومة ستواصل في نفس الإجراءات. وسنكون متابعين وسنبدي رأينا إذا لاحظنا أي شيء. ولكن لدينا عمومًا ثقة في تعامل أجهزة الدولة مع العودة المدرسية. فبعيدًا عن أي مزايدات سياسية، فقرارات الأجهزة الرسمية إلى حدّ الآن متخذة وفق معطيات علمية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"مدرسة العطلة".. طقوس ثقافية زمن الكورونا

صفحات قدماء المعاهد بتونس.. حديث حنين وغبن وجدل