04-يوليو-2023
الصافي سعيد

الصافي سعيد: ما يحدث في صفاقس الآن هو صورة مصغرة مما يحدث في فرنسا

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد الناشط السياسي الصافي سعيد، الثلاثاء 4 جويلية/ يوليو 2023، أنّ هناك "سيناريوهات مخيفة" إذا لم نجد حلًا لظاهرة الهجرة، "لكن لا تحل المشاكل بالخطابات، إذ على السلطة التنفيذية أن تفعل قبل حتى أن تتكلم" وفق تقديره، وقال: "أخشى أن نذهب في سيناريو الحرب الأهلية دون أن نعي ذلك، فلا يوجد أسهل من إشعالها، لكن إيقافها هو الصعب" على حد تعبيره.

الصافي سعيد: لا يجب أن نذهب بظاهرة الهجرة إلى مفاوضات ضعيفة، والمفروض أن يقع التفاوض فيها تحت الاتحاد الإفريقي وتحت الأمم المتحدة

وأبدى الصافي سعيد لدى حضوره بإذاعة "الجوهرة أف أم" (محلية)، مساندته لفكرة تنظيم مسألة الهجرة غير النظامية، لا رفضها أو قبولها بشكل كامل، فقال: "لا يجب أن أذهب بهذه الظاهرة إلى مفاوضات ضعيفة، فهي قضية العالم كله، والمفروض أن يقع التفاوض فيها تحت الاتحاد الإفريقي وتحت الأمم المتحدة".

وتابع سعيد أنّ "تونس كدولة تملك قطاعات تحتاج إلى عمالة، وبالتالي يمكن تنظيم بوابات دخول وخروج الهجرة، والقيام بتعاقدات لتشغيلهم في الزراعة مثلًا، إذ لدينا رصيد غير مستغلّ ولا نستفيد منه، وهناك عديد المهن لم يعد يشتغلها التونسي" وفقه، مستنكرًا "عدم تشغيل هؤلاء المهاجرين ولا تعليمهم ولا مدّهم بإقامات ولا امتلاك القدرة حتّى على ترحيلهم"، حسب وصفه.

الصافي سعيد: تونس كدولة تملك قطاعات تحتاج إلى عمالة، وبالتالي يمكن تنظيم بوابات دخول وخروج المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، والقيام بتعاقدات لتشغيلهم

وقدّر الصافي سعيد بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية، معلّقًا على الأحداث الأخيرة التي تعرفها ولاية صفاقس: "ربما هذا جزء من مخطط، ولنا أن نتساءل لماذا صفاقس بالذات؟ الإجابة أنّ موقعها استراتيجي فهي في وسط تونس، وقريبة للسواحل المقابلة، وهي بوابة لعدة ولايات أخرى برًا وبحرًا" وفقه. 

وذهب الصافي سعيد في تخمين سيناريو يهجم فيه التونسيون على هؤلاء المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، فقال: "حينها، سيطالب هؤلاء وحتى الاتحاد الإفريقي بحماية دولية.. وقد قلتُ سابقًا إنّ البحر والهجرة هي التي ستُغرق قيس سعيّد إذا لم ينتبه لها جيدًا، فالأمر بدأ من أزمة جرجيس، وستتكرر الأزمة في مناطق أخرى من الساحل" وفق تصوّره.

الصافي سعيد: أزمة الهجرة غير النظاميةبدأت من جرجيس وانتقلت إلى صفاقس، وستتكرر الأزمة في مناطق أخرى من الساحل 

وقال سعيد: "نحن نسير بلا رؤية أو برامج، وتغلب علينا النزعة التحزبية والتنافسية والتصارعية المقيتة"، مشيرًا إلى أنّ ما يحدث في صفاقس الآن، هو "بروفة" صغيرة لما سيحدث بعد 10 سنوات، وهو إلى ذلك، صورة مصغرة مما يحدث في فرنسا التي حلولها للهجرة منذ الستينات هي حلول أمنية، وفق وصفه.

يشار إلى أنّ الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية صفاقس 1 فوزي المصمودي، كان قد أفاد الثلاثاء 4 جويلية/يوليو 2023، بأن المناوشات تجددت للّيلة الثالثة على التوالي في عدد من المناطق بصفاقس جنوب تونس، بين مواطنين تونسيين ومهاجرين غير نظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء.

وكشف، في مداخلة له على إذاعة موزاييك (محلية)، أن هناك نسقًا تصاعديًا للعنف ما أدى إلى إزهاق روح بشرية لمواطن تونسي من مواليد 1981 بعد تعرضه لعملية طعن بآلة حادة، وفقه.

الناطق باسم محكمة صفاقس: نسق تصاعدي للعنف ما أدى إلى قتل مواطن تونسي من مواليد 1981 بطعنه بآلة حادة وتم فتح تحقيق والاحتفاظ بـ3 أشخاص

وقال الناطق باسم محكمة صفاقس1 إنه "حسب شهود عيان هناك شبهات لتورّط مهاجرين أفارقة من جنوب الصحراء في عملية الاعتداء"، مضيفًا أنه تم فتح بحث تحقيقي من أجل "القتل العمد مع سابقية القصد" وأن قاضي التحقيق تعهد بالأبحاث وأعطى نيابة عدلية لفرقة الشرطة العدلية بصفاقس الشمالية للبحث وتم الاشتباه في 3 أشخاص من إفريقيا جنوب الصحراء وتم بالتالي الاحتفاظ بهم على ذمة جريمة القتل في انتظار استكمال الأبحاث.

وكانت مدينة صفاقس قد شهدت، ليل الأحد 2 جويلية/ يوليو 2023، حالة من الاحتقان، وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، صورًا وفيديوهات تُظهر بعض المناوشات والاشتباكات بين السكان ومهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، ما استدعى تدخّل قوات الأمن التونسي.

وتعيش صفاقس، جنوب تونس، وهي تحتضن أكبر عدد من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، على وقع مناوشات متعددة بين سكانها وهؤلاء المهاجرين مؤخرًا. وتختلف الروايات حول الأسباب وقد تطورت إلى احتجاجات منذ حوالي أسبوع للمطالبة بترحيل هؤلاء المهاجرين. 

وكانت عدّة منظمات وجمعيات موقّعة على بيان مشترك، صادر بتاريخ 29 ماي/ أيار 2023، قد حمّلت المسؤولية السياسية لما أطلقت عليه "انتهاكات ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس، لرئاسة الجمهورية التي لم تبد أي تراجع إزاء ما ورد في بلاغ 21 فيفري/ شباط الماضي"، وهو البلاغ الذي تحدث فيه الرئيس عن "مخطط لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس عبر توطين الأفارقة من جنوب الصحراء فيها"، مجددة دعوتها إلى سحبه.

تعيش صفاقس التي تحتضن أكبر عدد من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء على وقع مناوشات متعددة بين سكانها وهؤلاء المهاجرين مؤخرًا وتختلف الروايات حول الأسباب

وشدّد الممضون على البيان أنّ "خطابات الكراهية والتخويف من المهاجرين المنتشرة على الشبكات الاجتماعية تساهم في التجييش ضد الفئات الأكثر هشاشة منهم وتغذي السلوكيات العنيفة ضدهم، كما يشجّع مناخ الإفلات من العقاب والتطبيع مع العنف وسياسة إنكار الاعتداءات العنصرية في دفع المتعصبين للقيام بمثل هذه الاعتداءات".

ويعاني مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس ظروفًا عصيبة، بعد الحملة التي وُصفت بـ"العنصرية" ضدّهم وما تعرضوا إليه من انتهاكات وطرد من مساكن إقامتهم، وفق شهادات حقوقيين ومحامين.

في المقابل، تؤكد الرئاسة التونسية أن معاملتهم في تونس "أفضل من وضعهم في عديد الدول الغربية" وتدعو لمعالجة تدفقهم المتزايد إلى تونس رغبة في الالتحاق بأوروبا، عبر حلول جماعية مع مختلف المتدخلين في ظاهرة الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط.