25-يناير-2022

توقع استمرار الانخفاض التدريجي في عجز الميزانية على المدى المتوسط (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبر البنك الدولي، الاثنين 24 جانفي/يناير 2022، أن بطء تعافي الاقتصاد التونسي من مخلفات جائحة كورونا يضرب آفاقه، متوقعًا أن يحقق الاقتصاد التونسي نمواً بنسبة 3%، وهي نسبة تقل كثيراً عن التوقعات في بداية العام.

وأضاف، في تقرير أصدره عن تونس تحت عنوان "الإصلاحات الاقتصادية للخروج من الأزمة"، أنه "بعد الانخفاض الحاد الذي شهده الاقتصاد التونسي في عام 2020، سار التعافي الاقتصادي بمعدل بطيء في عام 2021. وقد أدى بطء التعافي إلى زيادة معدل البطالة المرتفع بالفعل بمقدار 3.3 نقاط مئوية ليبلغ 18.4% في الثلاثي الثالث من عام 2021. 

  • تفاقم الضغوط المالية بسبب ضعف التعافي

وأشار البنك الدولي إلى أن "ضعف وتيرة التعافي تسبب في تفاقم الضغط على المالية العمومية على الرغم من انخفاض عجز الميزانية (من 9.4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى 7.6% في عام 2021)، وفاقت الزيادة التي تحققت في المداخيل الجبائية -مدفوعة بالضريبة على القيمة المضافة- الزيادة في نفقات ميزانية الدولة، بسبب كتلة الأجور والتحويلات (بما في ذلك دعم الطاقة المتزايد) وخدمة الدين".

البنك الدولي: ضعف وتيرة التعافي تسبب في تفاقم الضغط على المالية العمومية على الرغم من انخفاض عجز الميزانية من 9.4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2020 إلى 7.6% في عام 2021

وأضاف أن "حالات عجز الميزانية الذي تراكم منذ عام 2011 أدت إلى زيادة حادة في الدين العمومي كنسبة من إجمالي الناتج المحلي من 52% في عام 2015 إلى 84% في عام 2021"، لافتًا إلى أن "الديون الخارجية تشكل الجزء الأكبر من هذا العجز".

اقرأ/ي أيضًا: قانون مالية 2022: الميزانية بعقلية "العطريّة" والمستهلك دومًا ضحية

واعتبرت المؤسسة المالية الدولية أن "ارتفاع نسبة الديون وغياب الإصلاحات والتأخر في إجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، تسببوا في إبعاد الحكومة التونسية فعلياً عن أسواق رأس المال الدولية وما صاحب ذلك من انخفاض التصنيفات السيادية في عام 2021"، حسب تصوره.

واستطرد أنه "نتيجة لذلك، لجأت الحكومة إلى الاستعانة بالبنك المركزي لتوفير التمويل من أجل تغطية جزء كبير من سداد ديونها في عام 2021"، مؤكدًا أن ذلك "يؤدي إلى مزاحمة الائتمان المقدم للقطاع الخاص، بل وساهم بالفعل في زيادة وتيرة التضخم، الذي يبلغ حالياً 6.4 %".

من ناحية أخرى، أشار البنك الدولي إلى أن الضغط على ميزان المدفوعات في عام 2021 انخفض على الرغم من تفاقم العجز التجاري الذي بلغ 17% والانخفاض الكبير في صادرات الخدمات، وفقه.

  • ضرورة احتواء الجائحة والقيام بإصلاحات هيكلية للخروج من الأزمة

وتوقع البنك الدولي أنه في حال لم يتم تنفيذ إصلاحات هيكلية حاسمة تعالج أوجه الجمود، فإن التعافي سيظل بطيئًا في 2022 - 2023، مرجحًا أن "يستمر الانخفاض التدريجي في عجز الميزانية على المدى المتوسط، إذ سيبلغ ما بين 5% و7% من إجمالي الناتج المحلي في 2022–2023، بالنظر إلى الانخفاض المتوقع في الإنفاق المتعلق بالصحة، بشرط الحفاظ على مسار النفقات والمداخيل الإيجابي إلى حد ما"، حسب تصوره.

البنك الدولي:  ارتفاع نسبة الديون وغياب الإصلاحات والتأخر في إجراء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، تسببوا في إبعاد الحكومة التونسية فعلياً عن أسواق رأس المال الدولية وما صاحب ذلك من انخفاض التصنيفات السيادية في 2021

كما أكد أن هذه التوقعات تأتي مصحوبة بمخاطر تطورات سلبية كبيرة، إذ سيعتمد التعافي على عدة عوامل، لا سيما قدرة الحكومة على:

  1. احتواء تطور وضع الجائحة عن طريق استمرار جهود التلقيح وأيضاً فعالية جهود التصدي للمتحورات الجديدة المحتملة، بما في ذلك المتحور أوميكرون
  2. إدارة عجز المالية العمومية وسداد الديون والحفاظ على استقرار الاقتصاد  الكلي، الأمر الذي يتطلب مناخاً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً يفضي إلى تعبئة الموارد وتعزيز ثقة المستثمرين، ويكون ذلك من حيث الوضع الأمثل عن طريق برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي
  3. التصدي للمعوقات الرئيسية التي تحول دون تخصيص الموارد بكفاءة

البنك الدولي:  في حال لم يتم تنفيذ إصلاحات هيكلية حاسمة تعالج أوجه الجمود، فإن التعافي سيظل بطيئًا في 2022 - 2023 ويستمر الانخفاض التدريجي في عجز الميزانية على المدى المتوسط، إذ سيبلغ ما بين 5% و7% من إجمالي الناتج المحلي

وأوضح البنك الدولي أن هذه المعوقات، التي تفسر تزايد انخفاض مستوى المنافسة بين القطاعات وأيضاً تراجع إحداث شركات تتسم بالديناميكية في تونس بعد عشر سنوات من الثورة، حتى مقارنة بفترة ما قبل عام 2011، تندرج ضمن ثلاث مجموعات، وهي كما يلي:

  1. تتسبب الدولة في تشوه الأسواق عن طريق تطبيق تشريعات تقوم على المراقبة المسبقة. وتقيد التشريعات التي تطبقها تونس المنافسة في كل من القطاعات الداعمة والقطاع الحقيقي، مما يحد من دخول شركات جديدة، ويسهل حدوث تواطؤ فيما بين الشركات القائمة.
  2. تقوم الدولة بإزاحة القطاع الخاص من المشهد من خلال ملكيتها المباشرة للشركات والمعاملة التفضيلية للشركات التي تمتلكها. وتمتلك الحكومة التونسية شركات عمومية أو تبدي محاباة لها في مجموعة كبيرة من القطاعات التجارية، بما في ذلك ثلاثة من القطاعات الأربعة التي تغطيها الدراسة التشخيصية المنهجية للقطاع الخاص في تونس.
  3. على الرغم من التقدم المحرز في الآونة الأخيرة، لا يزال الإطار المؤسسي والتنظيمي لمكافحة الاحتكار قيد الإعداد ولا يوفر الحماية للمشاركين في السوق من السلوكيات التجارية المناهضة للمنافسة. ومن الضروري التصدي للمعوقات التي تعترض المنافسة وضعف إنفاذ الممارسات السليمة بغية مساعدة الاقتصاد التونسي على الخروج من الأزمة والعودة إلى مسار مستدام وتحقيق الاستفادة للأسر عن طريق فرص عمل بدخل أعلى وخفض الأسعار. وقد تكون ثمة حاجة إلى اتباع نهج شامل بدلًا من نهج يتعامل مع كل قطاع على حدة لإزالة القيود المفروضة على المنافسة على نحو ما توضحه تجربة إصلاح نظام التراخيص في عام 2018. بالإضافة إلى ذلك، يعد تدعيم مجلس المنافسة أمرًا بالغ الأهمية لضمان إنفاذ ممارسات المنافسة العادلة على مستوى القطاعات المختلفة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"المالية": مديونية المنشآت العمومية فاقت ملياريْ دينار وهي خطر على الميزانية

المنتدى الاقتصادي العالمي: تونس تواجه مخاطر انهيار الدولة والتداين والبطالة