تترشح القيادية عن التيار الديمقراطي سامية عبو للمرة الثالثة للانتخابات النيابية المنتظرة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل عن دائرة العاصمة "تونس 1"، وستواصل، حال فوزها، مسيرتها تحت قبة قصر باردو التي بدأتها منذ المرحلة التأسيسية عام 2011 مع مهمة صياغة الدستور وثم استمرت مع تحوّلات المشهد السياسي بعد انتخابات 2014 وصولًا إلى الإستحقاق الانتخابي الحالي.
تصدرت سامية عبّو "الباروماتر السياسي" لأكثر الشخصيات السياسية الموثوق بها في عديد المناسبات ويرجع مراقبون الفضل لأدائها البرلماني طيلة السنوات الماضية في الدفع بصورة حزبها وإشعاعه
وسامية عبّو عُرفت بالخصوص بشراستها في مكافحة الفساد عبر كشفها لملفات فساد واجهت بها عدة وزراء تحت قبة البرلمان، كما قدمت عدد منها إلى القضاء. وقد تصدرت سامية عبّو "الباروماتر السياسي" لأكثر الشخصيات السياسية الموثوق بها في عديد المناسبات، ويرجع مراقبون الفضل لأدائها البرلماني طيلة السنوات الماضية في الدفع بصورة حزبها وإشعاعه.
حول ما تعرفه تونس من تحديات لإنجاح المسار الانتخابي، وحول حظوظ مرشح التيار محمد عبو في الرئاسيات، وأيضًا حظوظ الحزب في التشريعيات، وكذا حول تقييمها لعملها في البرلمان، أجرى "ألترا تونس" الحوار التالي مع البرلمانية والقيادية في التيار الديمقراطي سامية عبو.
- كيف ترين مشهد الترشحات للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها؟
كل ما حدث فيما يتعلق بالترشحات للانتخابات يدخل في إطار الديمقراطية التي تقول إن لكل مواطن الحق في الترشح، لكن اللافت في هذه الانتخابات هو وجود العديد من المترشحين من نفس العائلة السياسية.
- ماهي حظوظ المرشح محمد عبو في الانتخابات الرئاسية؟
لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال بكل بساطة لأنني زوجته، فمهما حاولت التجرد من هذه العلاقة والالتزام بالموضوعية لن يقبل المتلقي رأيي. لكن إذ أصريت على السؤال، أقول نعم لديه حظوظ كبيرة في الفوز.
- لكن ترتيب المرشح محمد عبو في نتائج سبر الأراء دائما ما تكون متأخرة؟
بصراحة نحن لا نعتمد نتائج سبر الأراء حتى وإن تضع أحيانًا التيار الديمقراطي في مراتب متقدمة، وذلك لأنه لدينا مؤاخذات عليها منها غياب نص قانوني ينظم عمل مؤسسات سبر الأراء. وهي تعمل دائمًا على توجيه الرأي العام إضافة إلى أنه لا يوجد أي رقابة عليها، كما لا توجد شفافية في تمويلها. لكن في المقابل، تؤثر أرقام سبر الأراء على أراء المواطنين.
سامية عبو: محمد عبو أكثر الشخصيات التي تمتلك خاصيات رجل دولة داخل حزب التيار الديمقراطي وحظوظه كبيرة في الفوز في الانتخابات
اقرأ/ي أيضًا: نجيب الشابي: النهضة محاصرة والرئاسة قد تؤول إلى شخصية شعبوية بلا تاريخ (حوار)
- لماذا اختار التيار الديمقراطي محمد عبو للانتخابات الرئاسية؟
بكل بساطة لأن محمد عبو هو أكثر الشخصيات التي تمتلك خاصيات رجل دولة داخل حزب التيار الديمقراطي.
- لماذا لم يقع الاختيار على سامية عبو؟
الحقيقة طرحت هذه الفكرة في البداية لكن المشكلة أنني لا أرى نفسي مستعدة لهكذا منصب، أنا أستغرب من المترشحين الذين يترشحون تحت الطلب.
لا أعتقد أنني في هذه المرحلة أمتلك الصفات التي تؤهلني للترشح للرئاسة، لا أستطيع المجاملة و ليس لدي أسلوب المناورة، رئيس الجمهورية يجب أن يكون رئيس كل التونسيين وله دور جامع و أنا لا أمتلك هذه الخاصية.
- لماذا لم يدعم التيار الديمقراطي ترشح المنصف المرزقي مثلما فعل في انتخابات 2014؟
أعتقد أنه كان على المنصف المرزوقي أن يدعم ترشح محمد عبو و يتنازل له إن أمكن لأن ترشح عبو كان سابقًا لترشح المرزوقي.
سامية عبو: أعتقد أنه كان على المنصف المرزوقي أن يدعم ترشح محمد عبو و يتنازل له إن أمكن لأن ترشح عبو كان سابقًا لترشح المرزوقي
من جهة أخرى وبالرجوع إلى دعم المرزوقي في انتخابات 2014، أعتقد أنه اليوم في 2019 اختلفت الأمور واختلفت التحديات وجاءت تفاصيل أخرى كثيرة تتعلق بخصوصية المرحلة التي تعيشها تونس وبنوعية المترشحين.
المرزوقي قال قبل انتخابات 2014 إنها الانتخابات الأخيرة التي سيخوضها بحكم تقدم سنه، وأعتقد أنه آن الأوان ليفي بوعده. في المقابل، أعتقد أن المرزوقي يستطيع أن يكون نقطة دعم قوية جدًا لمحمد عبو من خلال دوره الجامع.
- هل يمكن أن نفهم من إجابتك دعوة للمرزوقي للتنازل لفائدة محمد عبو؟
لا أستطيع دعوته للتنازل لفائدة محمد عبو بكل بساطة لأن المرزوقي لا يحتاج إلى دعوة للتنازل بل يحتاج إلى القناعة بذلك.
- هل حزب التيار الديمقراطي جاهز اليوم لخوض الانتخابات التشريعية؟
نعم بكل تأكيد، لدينا 33 قائمة في 33 دائرة إنتخابية، ونحن اليوم في اللمسات الأخيرة لإنهاء البرنامج الانتخابي وتوجهه العام هو المنحى الديمقراطي الاجتماعي حيث تؤدي الدولة دورًا مهمًا في الحياة العامة، وهو يركز على القطع مع اقتصاد العائلة. نحن لدينا ثقة كبيرة وجاهزون لخوض غمار التشريعيات.
- كيف تردين على من يقول إن التيار الديمقراطي هو حزب ينمو ببطء شديد؟
من يقول عن التيار الديمقراطي هذا الحديث هم الأشخاص الذي يؤمنون بما يسمى "حزب الصندويتش". ليس هناك حزب يريد أن يدير دولة ينمو بسرعة، من ينمو بسرعة يسقط بسرعة، والحزب هو بناء متواصل، وهياكل محلية و جهوية، ومناضلين يؤمنون بأفكاره ومبادئه، والحزب هو انسجام بين جميع المنتمين إليه، وتحتاج إلى وقت لبناء كل ما ذكرته. تأسس التيار عام 2013 وفاز بـ3 مقاعد في البرلمان في انتخابات 2014، وهذه تعتبر نتيجة ممتازة.
سامية عبو: التيار الديمقراطي متواجد اليوم في كل الولايات والجهات وأصبح يحظى بشعبية جيدة، ولدينا حظوظ كبيرة للفوز بالانتخابات التشريعية
ومقارنة بسنة 2014، التيار الديمقراطي متواجد اليوم في كل الولايات والجهات، وأصبح يحظى بشعبية جيدة، ولدينا حظوظ كبيرة لللفوز بالانتخابات التشريعية لسنة 2019.
- كيف تقيمين عمل البرلمان التونسي من 2011 إلى اليوم؟
لا يمكن تقييم برلمان ما بعد الثورة دون التمييز بين المحطتين:
أولاً في محطة المجلس الوطني التأسيسي، كان يوجد نفس ثوري في الشارع التونسي، وأغلب من دخل البرلمان جاؤوا تحت غطاء الثورة. كانت توجد وقتها معركة فكرية وتحديات كبيرة كالدستور وأسس الدولة المدنية، وقد تمت المصادقة على قوانين كانت تهدف إلى بناء مؤسسات.
أما في محطة مجلس نواب الشعب منذ 2014، كانت المعركة بالأساس معركة رجال أعمال ولوبيات، ومعارك على مصالح إقتصادية، فأغلب الذين فازوا بمقاعد في البرلمان لا يؤمنون بالثورة، وتصدوا للعدالة الانتقالية، ومرروا قانون المصالحة، وراجعوا قانون الانتخابات الذي يمنع مسؤولي النظام السابق من عضوية مكاتب الإقتراع. ولم تستطع هذه الأغلبية في النهاية من إرساء المحكمة الدستورية. هو مشهد مؤلم بالنسبة لي ولكل المؤمنين بأهداف الثورة.
اقرأ/ي أيضًا: بسام معطر (عتيد): سنراقب "فيسبوك" خلال الانتخابات واتحاد الشغل يناور (حوار)
- كيف تقيمين سامية عبو في عملها البرلماني من 2011 إلى 2019؟
في إنتخابات 2014 مثلي مثل بقية المترشحين لا تزال وعودي مسجلة في أرشيف التلفزة الوطنية في فيديو مدته 3 دقائق، لم أطلق وعودًا تتعلق بالتشغيل والمشاريع، فمهمتي في البرلمان هي الدفاع عن المواطنة والمواطن وإعطاء معنى جديد للمسؤول في موقعه الذي يجب أن يًحاسب. وكنت متأكدة أنني سأكون في المعارضة وبناء على ذلك كانت تعهداتي للناخبين. واليوم بعد 8 سنوات قضيتها تحت قبة البرلمان، أستطيع القول إنني راضية تمام الرضا عمّا قمت به وقد بقيت وفية لمبادئي.
سامية عبو: أستطيع القول إنني راضية تمام الرضا عمّا قمت به في البرلمان وقد بقيت وفية لمبادئي
قمت بدور رقابي في البرلمان من خلال الأسئلة الشفاهية والكتابية التي قدمتها على مدى هذه المدة، وأيضًا كنت مع زملائي مبادرين في مقترحات تعديل القوانين وقمنا بالطعن في عدد منها وأسقطناها مثل قانون الرخام. وذلك إلى جانب الدور التشريعي الذي قمنا به في حدود ثقلنا في المجلس الذي لا يتعدى 3 نواب، إذ عملنا بشكل دؤوب، وكنا نراجع القوانين والفصول لاكتشاف السلبيات والايجابيات و نجحنا في تغيير عدد من القوانين، ولدينا بصمات عديدة في تعديلات قوانين المالية.
لقد مكنتني 8 سنوات من العمل من رؤية نظرات الرضا في عيون المواطنين وهي غاية صعبة جدًا.
- مالذين دفعك للترشح مرة أخرى؟
في بداية الأمر قررت عدم الترشح والسبب عائلي بحت، قررت الالتفات إلى حياتي الخاصة التي ابتعدت عنها لمدة 8 سنوان والاهتمام بأطفالي والعودة إلى عملي السابق كمحامية، إلا أن عددًا كبيرًا من المواطنين لديهم ثقة كبيرة في عملي وفي شخصي وفي حضوري كنائبة في مجلس نواب الشعب هم الذي دفعوني إلى الترشح. مواطنون قالوا لي أنهم سيشعرون بأمان أكثر حين أكون متواجدة في البرلمان، ولذلك قررت الترشح من أجل ثقة التونسيين ومن أجل استكمال ما بدأناه ومن أجل المحافظة على المسار الثوري والتصدي لمحاولات جرّنا إلى المربع الأول.
سامية عبو: قررت الترشح من أجل ثقة التونسيين ومن أجل إستكمال ما بدأناه ومن أجل المحافظة على المسار الثوري
- هل تعتبرين ترشحك للانتخابات البرلمانية لسنة 2019 هو دليل على نجاحك كبرلمانية منذ سنة 2011؟
النجاح نسبي، لا أقول ناجحة ولكن أقول إنني أشعر بأنني عملت كل ما في وسعي من أجل الوفاء بما وعدت به، وثقة المواطنين هي أكبر دليل على خيارك الصحيح . لكن في هذا المشهد السياسي، السؤال الأهم هو كيف لنائب يؤمن تمام الإيمان بأنه لم يكن صادقًا ولم ينجز أي من وعوده ويعرف أن فترته النيابية كانت سيئة ومع ذلك يترشح لفترة نيابية أخرى؟ كيف يملكون الجرأة للترشح مرة أخرى؟
عندما أرى المترشحين على رأس القائمات الانتخابية، أشعر بأن القادم سيء جدًا لأنه يوجد مترشحون متهربون من دفع الضرائب، ويوجد من تورط في عمليات سرق ونهب دون محاسبة، بل يوجد اليوم من على رأس كتلة حاليًا ومترشح على حزب آخر. ولذلك كل هذه الأسباب كانت كافية بالنسبة لي كي أترشح مرة أخرى.
سامية عبو: عندما أرى المترشحين على رأس القائمات الانتخابية في التشريعيات أشعر بأن القادم سيء جدًا
- بعد 8 سنوات، هل مازالت الثورة تمثل شيئًا في تونس؟
الثورة أولًا هي ثورة على منظومة فاسدة وعلى مستبد بقي في الحكم طيلة 23 سنة. هي ليست حدثًا بسيطًا وعابرًا، بل مسار وتواصل ونحن نناضل من أجل مواصلة مسار الثورة رغم الأعداء المحيطين بها.
- هل تونس حادت تونس عن طريق الثورة وأهدافها؟
تونس لا تزال في مسار الثورة وفي كل ثورة هناك أعداء وخاسرون، هم أعداء يتشكلون ويتحالفون من أجل التصدي للمسار الثوري، لكن هناك أيضًا من يدافعون عن الثورة. ورغم أن الثورة التونسية عاشت كبوات، إلا أنني أرى أن تونس لاتزال مفعمة بالنفس الثوري.
اقرأ/ي أيضًا:
عضو هيئة مكافحة الفساد محمد العيادي: لا نتحمّل مسؤولية تباطؤ القضاء (حوار)
منسّق المرصد التونسي للمياه: الدولة تتجه لخوصصة قطاع المياه (حوار)