أثار تصريح للناطق باسم هيئة الانتخابات محمد التليلي المنصري، خلال ندوة صحفية الأحد 15 جانفي/يناير 2023، جدلًا في الأوساط الإعلامية في تونس حين نقلت وسائل إعلام محلية عنه قوله إن مناظرة ستجمع بين المترشحين للدور الثاني من الانتخابات التشريعية في تونس وإن "الهيئة ستحرص على أن تكون الأسئلة والمواضيع التي يتم التناظر حولها تحت إشرافها"، وهو ما اعتبر "رقابة مسبقة على حرية الإعلام"، من قبل الكثيرين، وتتالت حول التصريح ردود الفعل من مختصين في القانون وصحفيين وفاعلين في الشأن الإعلامي.
أثار تصريح حول "إشراف هيئة الانتخابات على الأسئلة والمواضيع التي سيتم التناظر حولها بين المترشحين للدور الثاني من الانتخابات التشريعية" جدلًا واسعًا واعتبره البعض "رقابة مسبقة على حرية الإعلام"
في هذا السياق، علّق الأستاذ المساعد في القانون العام أيمن الزغدودي، في فيسبوك، "ما صرحت به هيئة الانتخابات خلال الندوة الصحفية هو انتهاك صارخ للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه من طرف بلادنا والفصل 37 من الدستور التونسي.. يشكل هذا التصريح انتكاسة جديدة للمسار الانتخابي المتعثر والمرتبك واعتداء إضافيًا على حرية الإعلام".
وأوضح "من ناحية أولى يعتبر هذا الإجراء غير دستوري لأن الدستور يمنع في فصله 37 الرقابة المسبقة على حرية الإعلام في حين أن التدخل في تحديد الأسئلة والمواضيع هو شكل من أشكال الرقابة المسبقة وتدخل واضح في الاستقلالية التحريرية لوسائل الإعلام وبالتالي يتعارض مع الدستور".
الأستاذ المساعد في القانون العام أيمن الزغدودي: يعتبر هذا الإجراء غير دستوري لأن الدستور يمنع الرقابة المسبقة على حرية الإعلام في حين أن التدخل في تحديد الأسئلة والمواضيع هو شكل من أشكال الرقابة المسبقة وتدخل واضح في الاستقلالية التحريرية لوسائل الإعلام
وتابع "تم تأكيد مبدأ الاستقلالية التحريرية لوسائل الإعلام من طرف اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 34 المتعلق بالمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي أكدت أن من واجب الدول "أن تضمن عمل خدمات البث الإذاعي العامة بصورة مستقلة، وأن تكفل في هذا الخصوص استقلالية تلك الخدمات وحريتها في تحرير مادتها".
وبعيدًا عن المعطيات القانونية، توجه الزغدودي إلى الصحفيين والصحفيات بالتلفزيون التونسي (القناة الوطنية ـ عمومي)، بتذكير "بالسياسة التحريرية للمؤسسة والتي جاء في النقطة الثالثة المتعلقة بالاستقلالية ما يلي "للمحررين والصحفيين والمنتجين حرية اختيار ومعالجة المضامين الإعلامية في إطار الالتزام بالخط التحريري ومدونة السلوك المهني وما تفرزه اجتماعات التحرير من قرارات داخلية. وفي هذا الإطار رفـض أي تدخل خارجي مهما كان للتأثير على المضمون الإعلامي".
الأستاذ المساعد في القانون العام أيمن الزغدودي: ندعو الصحفيين بالتلفزيون العمومي إلى "رفض تدخل هيئة الانتخابات في اختيار الأسئلة أو المواضيع أو أي مسألة متعلقة بالجانب التحريري"
ودعا الأستاذ المساعد في القانون العام الصحفيين بالتلفزيون العمومي إلى "رفض تدخل هيئة الانتخابات في اختيار الأسئلة أو المواضيع أو أي مسألة متعلقة بالجانب التحريري".
في سياق متصل، تساءلت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أميرة محمد، على فيسبوك، "أ لا يوجد صحفيون وكفاءات في التلفزيون التونسي لكي تعد هيئة الانتخابات أسئلة المناظرات؟".
نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، متسائلة: "أ لا يوجد صحفيون وكفاءات في التلفزيون التونسي لكي تعد هيئة الانتخابات أسئلة المناظرات؟"
ودعت أميرة محمد من أسمتهم "الزملاء الأحرار في التلفزة العمومية التونسية غير المنخرطين"، وفق تعبيرها، "إلى عدم القبول بهذه المهزلة وهذه الإساءة في حقهم.."، خاتمة تدوينتها بسخرية "لم يبق إلا أن يقوم صاحب هيئة الانتخابات بتقديم المناظرات بنفسه"، دون توضيح لمن كانت تقصد تحديدًا.
وتفاعلت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، في فيسبوك، أيضًا بالقول "هيئة الانتخابات ستنظم مناظرة بين المترشحين للدور الثاني للانتخابات.. أمر عظيم لكن تبيّن أنها من ستعد الأسئلة التي ستعرض على المترشحين.. هل تمزحون".
وتابعت في ذات التدوينة التي كانت بالدارجة التونسية "للعلم الإعلام العمومي هو عمومي بمعنى أنه لكل التونسيين وهو ليس إعلامًا حكوميًا.. ولذلك على التلفزة الوطنية رفض بث هذه المناظرات التي فيها ضرب لنزاهة العملية الانتخابية"، وفق توصيفها.
أما نقابة الصحفيين التونسيين، فقد تفاعلت رسميًا مع تصريح الناطق باسم هيئة الانتخابات، عبر بيان حمل إمضاء رئيسها، الثلاثاء 17 جانفي/يناير 2023، وحمل عنوان "الهيئة العليا للانتخابات تحاول وضع اليد على مؤسسة التلفزة التونسية".
نبهت نقابة الصحفيين التونسيين من "خطورة الخلط بين الصحافة والعمل الاتصالي باعتبار أن العمل الصحفي وإنتاج المضامين الإعلامية يختلف تماماً عن الحملات الاتصالية والتحسيسية"
وورد فيه "في مواصلة لمحاولة وضع اليد وتوجيه التغطية الإعلامية للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية، تتوجه هيئة الانتخابات إلى التدخل المباشر في المحتويات الإعلامية في "مؤسسة التلفزة التونسية" العمومية ضاربة عرض الحائط بكل القواعد الدستورية والقانونية التي تنص على الاستقلالية وحظر الرقابة المسبقة على عمل المؤسسات الإعلامية، إذ تسعى هيئة الانتخابات عبر شراكتها مع مؤسسة "التلفزة التونسية" العمومية لتأمين برامج التناظر بين المترشحين للدور الثاني للانتخابات التشريعية وإخضاع "نوعية الأسئلة والمواضيع" لإشرافها المباشر وفق تصريح الناطق الرسمي للهيئة".
وحذرت نقابة الصحفيين التونسيين، في هذا البيان، من "خطورة التصريحات الأخيرة للهيئة والتوجه الانفرادي الذي تعتمده والذي يعتبر انتكاسة جديدة للمسار الانتخابي ومؤشرًا خطيرًا يهدد المسار الديمقراطي"، وفقها، منبهة هيئة الانتخابات من "خطورة الخلط بين الصحافة والعمل الاتصالي باعتبار أن العمل الصحفي وإنتاج المضامين الإعلامية يختلف تماماً عن الحملات الاتصالية والتحسيسية".
اعتبرت نقابة الصحفيين أن "إخضاع "مؤسسة التلفزة التونسية العمومية إلى إملاءات هيئة الانتخابات انتهاك صارخ لاستقلالية الإعلام العمومي وتدخل فج في الخط التحريري لتطويعه خدمة للسلطة"
وفي سياق متصل، اعتبرت النقابة أن "إخضاع "مؤسسة التلفزة التونسية" العمومية إلى إملاءات هيئة الانتخابات انتهاك صارخ لاستقلالية الإعلام العمومي وتدخل فج في الخط التحريري لتطويعه خدمة للسلطة والمساس بجوهر الدور الموكول له لخدمة المصلحة العامة والمساهمة في تركز الديمقراطية في تونس"، داعية التلفزيون التونسي العمومي إلى "مراجعة شراكته مع هيئة الانتخابات وضمان استقلالية خطه التحرير التي تقرها النقطة الثالثة من السياسة التحريرية المعلن عنها والتي تضمن للعاملين فيها حرية اختيار ومعالجة المضامين ورفض أي تدخل خارجي مهما كان للتأثير على المضمون الإعلامي، كما دهت كل الصحفيين والصحفيات بالمؤسسة إلى رفض أي تدخل في التحرير أو محاولة توجيه والدفاع عن استقلاليتهم واستقلالية مؤسستهم عن أي جهة كانت والتبليغ عن كل ضغط يمارسه عليهم والذي يجرمه القانون"، وفق ذات البيان.
ولم يرد، إلى تاريخ كتابة هذا التقرير الصحفي، أي توضيح إضافي من هيئة الانتخابات إثر تصريح ناطقها الرسمي أو أي معطيات إضافية من التلفزيون التونسي العمومي حول الطريقة التي ستكون معتمدة لإعداد أسئلة المتناظرين وتفاصيل هذه المناظرات التي تٌجرى في تونس لأول مرة على مستوى المرشحين للانتخابات التشريعية، بينما تم اعتمادها سابقًا في الانتخابات الرئاسية للسنة 2019 بعدد أقل بكثير على مستوى المترشحين.
يُذكر أن هيئة الانتخابات في تونس قد أعلنت يوم الأحد 29 جانفي/ يناير 2023، اليوم المحدد للاقتراع في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية. وقدّمت أهم مواعيد روزنامة الدور الثاني وهي كالتالي:
كانت هيئة الانتخابات في تونس قد أعلنت يوم الأحد 29 جانفي الجاري اليوم المحدد للاقتراع في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية
- الأحد 29 جانفي/ يناير 2023: يوم الاقتراع
- الاثنين 16 جانفي/ يناير 2023: انطلاق الحملة الانتخابية
- الجمعة 27 جانفي/ يناير 2023: انتهاء الحملة الانتخابية
- السبت 28 جانفي/ يناير 2023: يوم الصمت الانتخابي
- الأربعاء 1 فيفري/ شباط 2023: أقصى أجل للإعلان عن النتائج الأولية
- السبت 4 مارس/ آذار 2023: أقصى أجل للإعلان عن النتائج النهائية
أهم مواعيد روزنامة الدور الثاني للانتخابات التشريعية في تونس
ووفق هيئة الانتخابات دائمًا، يبلغ عدد المترشحين للدور الثاني من الانتخابات التشريعية 262 مترشحًا، يتوزعون إلى 87% من الذكور، و13% من الإناث.
هيئة الانتخابات: يبلغ عدد المترشحين للدور الثاني من الانتخابات التشريعية 262 مترشحًا، يتوزعون إلى 87% من الذكور، و13% من الإناث
مع العلم أن الانتخابات التشريعية في الدور الثاني في تونس لا تتم في كل الدوائر الانتخابية، إذ لم يتم تسجيل ترشحات مقبولة في البعض منها منذ الدور الأول، ومنها معظم الدوائر الانتخابية بالخارج مما يعني ضرورة إجراء انتخابات جزئية إبان التئام البرلمان الجديد، وكذلك مر بعض المرشحين منذ الدور الأول في بعض الدوائر خاصة تلك التي عرفت ترشحًا واحدًا أو اثنين لا غير.
إحصائيات الدور الثاني من الانتخابات التشريعية في تونس (المصدر هيئة الانتخابات)
- تحيين:
أكد رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر، الأربعاء 18 جانفي/يناير 2023، في تصريح إعلامي، أن "الهيئة لا تتدخل مطلقًا في الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية وفي عمل الصحفيين، من حيث المضامين والأسئلة لكنها تقوم بمراقبة الحملة الانتخابية في وسائل الإعلام، بمعنى الإشراف اللوجستي والفني فحسب، وذلك بمقتضى القرار 31".