يحتفل العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك وهو أحد أهم عيدين عند كل المسلمين ويوافق 10 من ذي الحجة من كل سنة، غير أن العادات والتقاليد المرتبطة بهذا العيد تختلف من بلد إلى آخر.
ففي تونس يُطلق على عيد الأضحى، العيد الكبير، وتستعد له العائلات قبل قدومه بدءًا بانتشار نقاط بيع الخرفان وازدهار عدة مهن كسن السكاكين وبيع الأواني الفخارية الخاصة بالعيد. وتستنفر ربات البيوت من أجل تخزين لوازم العيد وإعدادها من خضر وبهارات وخاصة تحضير "الهريسة العربي" بالطريقة التقليدية داخل البيوت.
خلال ذبح الأضحية، تعلّق "المرارة" على حائط البيت كفال حسن يجلب الخير والخصوبة أما قرون الكبش فتعلق في سطح المنزل لإبعاد العين الشريرة
كما تحرص العائلة التونسية على أن يجتمع شملها خلال العيد الكبير فهو المناسبة التي تجمع أجيالاً في بيت واحد ويحرص الجميع على ذلك خصوصًا يوم "الذبيحة"، كما يُطلق عليه.
ولعل ما يميز عيد الأضحى في تونس عن غيره من الدول الإسلامية هو ارتباط العيد بمعتقدات شعبية تتوارثها الأجيال وتختلف من محافظة إلى أخرى ويتمسك التونسيون بتطبيق طقوسها.
وتبدأ هذه الطقوس لحظة استقبال الأضحية في البيت فيتم صبغ رأسها بالحناء تعبيرًا عن الفرح وليكون دخولها للبيت مباركًا إلى جانب تزيين الخروف بالأشرطة الملونة.
وتقوم بعض العائلات صباح العيد وقبل أداء الصلاة بوضوء الأضحية فيتم استنجاء الشاة وتبخيرها ويعتقد التونسيون أن في ذلك تبركًا وحتى تكون "طاهرة"، وفق تعبيرهم.
وبعد الصلاة، يقوم كبير العائلة، الأب أو الجد عادة، بذبح الأضحية تحت أقدام كل الأبناء مجتمعين "ليسيل الدم وهو ما سيدفع عنهم الشر والمصائب"، كما تقول الذاكرة الشعبية لعديد التونسيين.
في حين تسرع الأم بنثر الملح على هذه الدماء لإبعاد الحسد والعين في انتظار أن تعلّق "المرارة" على حائط البيت كفال حسن يجلب الخير والخصوبة أما قرون الكبش فتعلق في سطح المنزل لإبعاد العين الشريرة.
في الشمال الغربي، يُستعمل جلد الأضحية لتمسح به الفتاة وجهها للتعجيل بـ"مكتوبها" أي زواجها بشرط أن يكون ساخنًا
وفي بعض الولايات، وخاصة الشمال الغربي، فإن جلد الأضحية يُستعمل لتمسح به الفتاة وجهها للتعجيل بـ"مكتوبها" أي زواجها بشرط أن يكون ساخنًا، كما يقولون، ويعتقدون أن المادة الرطبة من الشحوم الموجودة فيه تعطي نضارة للجلد وجمالاً وتقضي على حب الشباب.
وليس الجلد وحده وصفة للشفاء بل يتم إفراغ أحشاء الخروف في وعاء كبير وغمس الأيدي والأرجل من قبل الذين يعانون من مشاكل الصدفية ويؤكد البعض أن فرث الخروف وهو ساخن يقضي عليها.
أما رأس الأضحية فيتم شويه على النار أو كما يسميه التونسيون "تشوشيط" ويغسل بعد ذلك ولتسريع بروز أسنان الرضع فإنه يُشق إلى نصفين ويفتح فوق رأس الرضيع حتى تخرج أسنانه بسهولة وسرعة، كما تقول الأسطورة الشعبية.
أما الطفل الذي تأخر في النطق فان في خروف عيد الكبير حل له , يطبخ له اللسان ويطعمونه إياه فذلك يجعله طليق اللسان هكذا تقول العادة ويقسم الأهالي على أن القصة صحيحة وعن تجربة.
لتسريع بروز أسنان الرضع، يُشق رأس الأضحية إلى نصفين ويفتح فوق رأس الرضيع حتى تخرج أسنانه بسهولة وسرعة
ولا تزال العائلات التونسية تعتبر غسل الدوّارة (أحشاء الخروف) اختبارًا لكل عروس جديدة لتكشف مدى مهارتها بل إن "معدة" الخروف تسمى في الذاكرة الشعبية "طلاقة النساء" لأن العروس التي لا تنجح في غسلها كانت تُطلق من زوجها.
ولا يزال سكان الجنوب التونسي خاصة يحافظون على عادة ترك الأضحية معلقة ليلة كاملة حتى يجف لحمها ويسمى "حج" الشاة ولا يأكلون منها إلا في ثاني صباح العيد ويسمى "يوم التقطيع".
وتقسم الأضحية على النحو التالي: الكتف الأيمن من نصيب الفقير والفخذ الأيمن من نصيب الخطيبة يُحمل لها مغلفًا بشرائط الزينة والكتف الأيسر من نصيب الأب اما "الذراع" فهو للإبن البكر فيما الضلوع للأم وبناتها.
طقوس شعبية وعادات تونسية قد تبدو غريبة لطرافتها لكن عديد التونسيين يتمسكون بها إلى اليوم ويطبقونها، جميعها أو بعضها، ليس من باب الإيمان قطعيًا بها أو تصديقها ولكنها موروث يربطهم بالذاكرة الشعبية، التي تحيي فيهم حنينهم لأهلهم وأجدادهم ويرون في الحفاظ عليها وفاء لهؤلاء الذين كانوا يعيشون على فطرتهم.