الترا تونس - فريق التحرير
أعلنت مجموعة من الجمعيات والمنظمات التونسية، الاثنين 18 جويلية/يوليو 2022، عن تأسيس "الائتلاف المدني من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة"، بمبادرة من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وذلك من أجل "مجابهة التحديات التي تواجهها تونس في علاقة بمسار معطوب للاستفتاء على دستور ممنوح تمّ وضعه خلال فترة الاستثناء التي لم يتم تحديد سقف زمني لها"، وفقها.
وذكرت الجمعيات والمنظمات، في لائحة مشتركة لها أصدرتها إثر اجتماع لها بتاريخ 14 جويلية/يوليو 2022، أنها "ترفض مشروع الدستور في نسخته الأولى والثانية المنشورة في الرائد الرسمي عدد 74 و77 وللمسار برمّته الذي همّش الجمعيات والمنظمات والقوى الوطنية الاجتماعية والديمقراطية ويسعى تدريجيًا إلى ضرب التعددية والتنوّع وكافة الأجسام الوسيطة، وتقسيم التونسيين إلى ثنائيات متضادة، وتنصيب الرئيس لنفسه كمجسدٍ شاملٍ وجامعٍ"، حسب تقديرها.
أكثر من 40 منظمة وجمعية تونسية تؤكد رفضها مشروع الدستور في نسخته الأولى والثانية وللمسار برمته الذي قالت إنه "همّش الجمعيات والمنظمات والقوى الوطنية الاجتماعية والديمقراطية ويسعى لضرب التعددية"
وأشارت إلى أنه "بعد سنة كاملة منذ فرض حالة الاستثناء، تبيّن بالكاشف التوجه الانفرادي في السلطة والقرار، واعتماد سياسة "التمكين" وضرب قيم المواطنة وتكافؤ الفرص والتناصف، وتفكيك المؤسسات والهيئات الدستورية وتمهيد الطريق لمشروع هلامي متمثل في البناء القاعدي تمّ التأسيس له من خلال مشروع دستور جديد تتمركز فيه السلطة في يد الحاكم الشعبوي-رئيس الجمهورية وينتفي فيه التوازن بين السلط، وتتشتت فيه سلطة مجلس نواب الشعب وتدجّن خلاله السلطة القضائية لتصبح أداة طيّعة في يد من يحكم"، وفق تعبيرها.
وسجّلت الجمعيات الموقعة على نص البيان، في ذات الصدد، أنه "من الناحية القانونية، قد ذهبَ الرئيس التونسي قيس سعيّد في تنقيح فردي للمنظومة الانتخابية بمقتضى مراسيم وأوامر تتمثل أبرزها في:
- "تنقيح القانون الانتخابي بما يتلاءم مع تحقيق أهداف محددة للرئيس الذي استثنى الفصل 113 في دعوته للاستفتاء في إنكار تام لحق التونسيين في الاطلاع على مشروع الدستور الذي سيتم تنظيم الاستفتاء حوله، كما اتجه إلى تغيير تركيبة هيئة الانتخابات وتعيين أعضائها مباشرة من قبله، وبهذا تنتفي صفة الاستقلالية عن هيئة الانتخابات بحكم تعيين أعضائها من قبل رئاسة الجمهورية حصرًا، ولا يتم العزل والافتاء إلاّ بمصادقته، مما ينفي تمامًا استقلاليتها وحيادها.
منظمات تونسية تطالب بـ"رفع قضية ضد هيئة الانتخابات والعدول عن الاستفتاء وفتح حوار شاملٍ"، معبرة عن "استعدادها لتنظيم احتجاجات سلمية وممارسة كافة آليات الرقابة لرصد خروقات هذا المسار"
وذكرت الجمعيات والمنظمات أنه "في إطار نفس التمشّي أقرت رئاسة الجمهورية وهيئة الانتخابات مسارًا انتخابيًا لا يضمن الحقوق الأساسية:
- "بإقرار مراقبة ما قبلية للحملات الدعائية، وإجبار الجمعيات حتى في حملاتها على الانخراط ضمن سجل لا نعرف مآله، وهكذا تمت مصادرة حرية التفكير وحرية التعبير.
- لم تلتزم كلّ من رئاسة الجمهورية وهيئة الانتخابات بالرزنامة التي وضعت منذ البداية، والتي لم تكن في استجابة لواقع الأشياء، لأنها أمر مباشر من الرئيس وفقًا لرؤيته الخاصة، مما يؤكد غياب الاستقلالية وارتهان نزاهة الانتخابات لقرارات فردية.
- لم تكتفِ رئاسة الجمهورية بذلك فقط، بل ذهبت في تغيير لمحتوى النص الموضوع للاستفتاء، دون استشارة لهيئة الانتخابات، وفي تجاوزٍ صارخ لصلاحياتها، وفي مغالطة تاريخية للناخبات والناخبين
ولفتت، في هذا الإطار، إلى أنه "في سياق حملة الاستفتاء قد تم نسف التعددية السياسية وإرساء بروبغندا مُهيمنة ناطقة بـ"نعم" للاستفتاء، مُحتكرة بذلك إرادة الشعب"، معتبرة أن ما يجري هو:
- "مصادرة لحق الأجيال القادمة في ديمقراطية إدماجية، ونسف لكلّ مكتسباتنا المتعلقة بالدولة المدنية
- ضرب لكلّ مكتسبات الثورة التونسية و نضالات المجتمع المدني
- تكريس لرؤية ذكورية أبوية تسلطية على المواطنين وكلّ الهويات الجندرية اللاّ معيارية
- استفتاء على صاحب المشروع وليس على الدستور
- استفتاء نتائجه معلومة مسبقًا ولا شرعية له، وذلك لغياب آليات ضامنة لمساءلة هيئة الانتخابات وغياب تام أيضًا لميكانيزمات المحاسبة من طعنٍ، ورفضٍ، ومراقبة، والتضييق على الإعلام بشكلٍ بينٍ".
منظمات تونسية تطالب سعيّد بـ"وضع حد للأجواء المتأججة والعدول عن الاستفتاء والابتعاد عن الاتهامات غير المبررة وعدم شيطنة كل من خالفه الرأي والإصغاء للقوى المدنية المتشبثة بالنظام الجمهوري الديمقراطي"
وإزاء ذلك، طالبت الجمعيات والمنظمات الموقعة على نص البيان بـ"رفع قضية ضد هيئة الانتخابات، والعدول عن الاستفتاء، وفتح حوار شاملٍ"، معبرة عن "استعدادها التام لتنظيم كافة أشكال الاحتجاجات السلمية وممارسة كافة آليات الرقابة التي لديها لرصد خروقات هذا المسار".
كما طالبت الرئيس التونسي قيس سعيّد بـ"إيقاف هذا النزيف ووضع حد لهذه الأجواء المتأججة والعدول عن هذا الاستفتاء وتغليب منطق العقل والابتعاد عن الاتهامات غير المبررة وعدم شيطنة كل من خالفه الرأي والإصغاء للقوى المدنية المتشبثة بالنظام الجمهوري الديمقراطي وتعزيز حرية التعبير والرقي بكل فئات الشعب وتشريكها في بناء القرار وتطوير الاستثمار".
وشدّدت على "التزامها بقضايا الشعب وحقه في الحرية والكرامة والمساواة"، مجددة تمسكها بمسار ثورة 17-14 جانفي وبتراكمات نضالاتها منذ عقود من أجل دحض كل مظاهر الاستغلال والاستبداد ودفاعها عن الحقوق والحريات"، مؤكدة أن "مسيرتها متواصلة من أجل الدفاع عن الحرية والكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية والمساواة الحقيقية"، وفق ما جاء في نص اللائحة.
ومن المنتظر أن تعيش تونس، يوم 25 جويلية/يوليو 2022، على وقع استفتاء على مشروع الدستور التونسي الذي كان قد نشره الرئيس التونسي قيس سعيّد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في 30 جوان/يونيو 2022، ثم أدخل عليه تعديلات بأمر رئاسي يوم 8 جويلية/يوليو 2022.
وبالاطلاع على الأمر الرئاسي، بلغ عدد التعديلات 46 وقد تم تفصيلها في ذات الأمر والتنصيص على إعادة نشر مشروع الدستور في الرائد الرسمي بعد التغيير. وبالنظر في هذه التعديلات، يتعلق معظمها بأخطاء إملائية ولغوية، مع بعض التعديلات "المضمونية"، تجدون أبرزها فيما يلي: صدور نسخة معدّلة من مشروع الدستور في تونس.. أبرز التغييرات.