تحصلتا على جائزة مسابقة ليلة الأفكار التي نظمها المعهد الفرنسي من ضمن حوالي 200 مشارك. هما الدكتورتان والباحثتان في معهد باستور ليليا رمضان ونسرين مزي، وذلك عن منصتهما التونسية برميديت "PREMEDIT"، المختصة في تشخيص الأمراض النادرة.
بين الدكتورتين أبحاث وتعاون ثم تتويج، لكن لقصة النجاح هذه خفايا إنسانية ودروس في الإرادة ومسيرة كفاح.
الدكتورتان والباحثتان في معهد باستور ليليا رمضان ونسرين مزي، تحصلتا على جائزة مسابقة ليلة الأفكار التي نظمها المعهد الفرنسي من ضمن حوالي 200 مشارك
-
الدكتورة ليليا رمضان: مرضي الوراثي النادر دفعني إلى البحث في علم الوراثة البشري
"أنا الدكتورة ليليا رمضان متحصلة على شهادة الدكتوراه في علم الوراثة البشري وشهادة التأهيل الجامعي في اختصاص البيولوجيا وأستعد لاجتياز مناظرة انتداب برتبة أستاذ محاضر في اختصاص (علم الوراثة)"، هكذا قدّمت محدثتنا نفسها لـ"الترا تونس".
وتضيف الدكتورة ليليا رمضان: "تتمحور أبحاثي حول علم الوراثة البشري ولم تكن من باب الصدفة بل لأنني أعاني من مرض وراثي نادر وهو ضمور العضلات الذي جعلني مقعدة على كرسي متحرك"، وفقها.
تقول الدكتورة: "كان حلمي منذ البداية أن أدرس وأبحث في مرضي وأجد علاجًا له. لقد كان ضمور العضلات وجلوسي على كرسي متحرك يدفعني للبحث والمعرفة، وبعد أن تحقق الحلم، وجدت نفسي أبحث في كل الأمراض الوراثية النادرة في تونس".
استطاعت الدكتورة ليليا رمضان سنة 2011 ومن خلال بحثها لنيل شهادة الدكتوراه، أن تتوصل إلى 346 مرضًا وراثيًا في تونس تم نشرها في مقالات بحثية علمية، لتواصل بعد 10 سنوات الأبحاث كمشرفة على رسالة الدكتوراة للباحثة نسرين مزي، التي أشادت الدكتورة ليليا رمضان بتميزها وتفوقها في الجامعة والتي أنتجت أبحاثها رقمًا جديدًا وصل لـ 589 مرضًا وراثيًا بزيادة حوالي 200 مرض وراثي جديد.
الدكتورة ليليا رمضان لـ"الترا تونس": كان ضمور العضلات وجلوسي على كرسي متحرك يدفعني للبحث والمعرفة، ووجدت نفسي أبحث في كل الأمراض الوراثية النادرة في تونس
"كل هذه الأرقام تبقى تقديرية وقابلة للتغيير ومرتبطة بتقدم الأبحاث" وفق تأكيد الدكتورة ليليا رمضان لـ"الترا تونس".
لم تتوقف الأبحاث بين الطالبة والمشرفة، فبعد حصول نسرين مزي على الدكتوراه اشتركت الدكتورتان في تأسيس شركة ناشئة "إينورفا" ومنصتها "PREMEDIT".
الدكتورة ليليا رمضان لـ"الترا تونس": منصة "PREMEDIT" هي وسيلة إعلامية من أجل التسريع في تشخيص الأمراض الوراثية النادرة والتعريف بها واكتشاف الأدوية من أجل تحسين حياة المصاب
"إنها وسيلة إعلامية من أجل التسريع في تشخيص الأمراض الوراثية النادرة والتعريف بها واكتشاف الأدوية من أجل تحسين حياة المصاب بهذه الأمراض، وعندما علمنا بمسابقة ليلة الأفكار شاركنا بمشروعنا وتحصلنا على الجائزة الأولى"، على حد تعبيرها.
وتبيّن الدكتورة أن منصة "PREMEDIT"، موجهة للجميع، "فدورنا هو توعية المواطن بهذه الأمراض بمن فيهم الذين يعانون من أمراض وراثية أو يقومون برعاية مرضى في عائلاتهم، إلى جانب المختصين طبعًا من أطباء ومخابر لصناعة الأدوية وجامعات خاصة طلبة الطب والباحثين".
الدكتورة ليليا رمضان لـ"الترا تونس": يجب على كل مقدم على الزواج، إبلاغ طبيبه بوجود مرض وراثي في العائلة وذلك لتحديد احتمالية أن يوجد المرض في طفل المستقبل
وعلى صعيد آخر، دعت الدكتورة ليليا رمضان إلى ضرورة دعم الأبحاث العلمية وتوفير الظروف لتقدمها، مشيرة في الوقت نفسه إلى السعي من أجل تثقيف التونسيين ودعوتهم إلى عدم الاستخفاف بفحوصات ما قبل الزواج.
تقول: "لا بدّ أن ينتبه كل مقدم على الزواج إلى ضرورة إبلاغ طبيبه بوجود مرض وراثي في العائلة الذي يمكنه توجيهه ومعرفة الطفرة الجينية، وهو قادر على تحديد احتمالية أن يوجد المرض في طفل المستقبل".
-
الدكتورة نسرين المزي: تشخيص مرض وراثي نادر يمكن أن يمتد على مدى 5 سنوات
وقد بيّنت الدكتورة في العلوم البيولوجية اختصاص علم الوراثة والباحثة في معهد باستور ومؤسسة شركة "إينورفا" نسرين المزي، من جانبها، أنّ حصولهما على الجائزة في مسابقة ليلة الأفكار هي فرصة تؤكد أهمية ما توصلا إليه من نتائج من خلال أبحاثهم في مجال الأمراض الوراثية وتفتح آفاق التعاون الدولي من أجل شراكات جديدة معهما.
الدكتورة نسرين المزي لـ"الترا تونس": منصتنا تسعى لتوفير كل المعطيات التي تم التوصل إليها بخصوص 589 مرضًا نادرًا في تونس
وبّينت محدثتنا أن المنصة "PREMEDIT" هي واحدة من ضمن عدة خدمات أخرى تسعى شركة "إينورفا" لتقديمها، فالأمراض الوراثية النادرة ونظرًا لخصوصيتها فإن البحث عن أدوية تتعلق بها ليس أمرًا متاحًا وهيّنًا على اعتبار أن عدد المصابين بها محدود مقارنة بأمراض أخرى منتشرة وهو ما يصعب عملية الاستثمار شركات صناعة الأدوية فيها، وفقها.
وتتابع: "كما أن التشخيص ليس سهلًا لندرة الحالات التي تصاب بها وهو ما يجعل التعامل الطبي معها صعبًا لذلك فإن شركتنا تسعى لتوفير كل المعطيات التي تم التوصل إليها في 589 مرضًا نادرًا في تونس"، وفق تصريحها لـ"الترا تونس".
وأبرزت أن تشخيص مرض نادر يمكن أن يمتد على مدى 5 سنوات قبل أن تتم معرفته وتحديده وهو ما يجعل المريض وعائلته في حيرة طوال هذه المدة وما يسببه ذلك من تأثيرات على المريض الذي تتطور حالته.
واعتبرت أن المنصة بمثابة قطب معلوماتي موجه لكل من يبحث عن المعلومة العلمية الدقيقة وكل الأطراف المتداخلة في هذا الموضوع.
الدكتورة نسرين المزي لـ"الترا تونس": عندما أرى الدكتورة ليليا رمضان مفعمة بالإرادة والطموح، فإنني لا أتعلم منها اختصاصًا علميًا فقط، بل إنها درس في الحياة
نسرين مزي، الشابة التي تدعو إلى مزيد دعم البحث العلمي في تونس، تشير إلى أنّ مجال الأبحاث العلمية تحسن بعد جائحة فيروس كورونا، لكنه مازال يحتاج الكثير.
الدكتورة الشابة لا تفكر حاليًا في مغادرة البلاد رغم ما يوفره الخارج من إمكانيات لأنها سعيدة بالعمل في تونس ولأنها تتلقى الدعم والتشجيع. تقول: "عندما أرى الدكتورة ليليا رمضان مفعمة بالإرادة والطموح والمثابرة مقدمة لي الدعم والتشجيع فإنني لا أتعلم منها اختصاصًا علميًا فقط، بل إنها درس في الحياة، ولهذا أنا مصرة على البقاء معها ومواصلة الطريق"، وفق ما تحدّثت به الدكتورة نسرين مزي لـ"الترا تونس".