الترا تونس - فريق التحرير
أيام معدودة تفصلنا على انقضاء كامل الآجال القانونية للإيقاف التحفظي للمعارضين الموقوفين فيما يعرف بالقضية الأولى المتعلقة بـ"التآمر على أمن الدولة" والمقدرة قانونيًا حسب ما ينص عليه الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية بـ14 شهرًا.
مع اقتراب موعد استكمال الآجال القانونية للإيقاف التحفظي للمعارضين الموقوفين في قضية "التآمر" والمقدرة بـ14 شهرًا جدّت تطورات في السير الإجرائي للقضية اعتبرتها هيئة الدفاع "تلاعبًا إجرائيًا"، وذلك بإرجاع الملف لقاضي التحقيق دون توجيهه لمحكمة التعقيب
وفي الأثناء، مع اقتراب موعد استكمال الآجال القانونية للإيقاف التحفظي جدّت تطورات في السير الإجرائي للقضية اعتبرتها هيئة الدفاع عن المعارضين الموقوفين "تلاعبًا إجرائيًا"، وذلك بإرجاع الملف لقاضي التحقيق دون توجيهه لمحكمة التعقيب، رغم تقدم الهيئة بطلب إحالته إلى محكمة التعقيب في الآجال القانونية، وذلك في خرق لأحكام الفصل 261 من مجلة الإجراءات الجزائية.
-
علامَ ينصّ الفصلان 85 و261 من مجلة الإجراءات الجزائية؟
وينص الفصل 85 من مجلة الإجراءات الجزائية على أنّه: "يمكن إيقاف المظنون فيه إيقافًا تحفظيًا في الجنايات والجنح المتلبس بها، وكذلك كلما ظهرت قرائن قوية تستلزم الإيقاف باعتباره وسيلة أمن يتلافى بها اقتراف جرائم جديدة أو ضمانًا لتنفيذ العقوبة أو طريقة توفر سلامة سير البحث. والإيقاف التحفظي (..) لا يجوز أن يتجاوز الستة أشهر".
ويضيف أنه "إذا اقتضت مصلحة البحث إبقاء المظنون فيه بحالة إيقاف، يمكن لقاضي التحقيق بعد أخذ رأي وكيل الجمهورية وبمقتضى قرار معلل، تمديد فترة الإيقاف بالنسبة إلى الجنحة مرة واحدة لا تزيد مدتها على ثلاثة أشهر وبالنسبة إلى الجناية مرتين لا تزيد مدة كل واحدة على أربعة أشهر".
ويحيل هذا الفصل إلى أنّ الآجال القانونية لفترة الإيقاف التحفظي بعد التمديد فيها لمرتين لا تتجاوز 14 شهرًا، بما يستوجب الإفراج عن الموقوفين على ذمة الملف.
فيما ينص الفصل 261 من المجلة ذاتها على أنه "يرفع الطعن بالتعقيب بعريضة كتابية تقدم مباشرة أو بواسطة محام إلى كتابة محكمة التعقيب والكاتب الذي يتلقاها يوقع عليها وينص على تاريخ تقديمها ويقيدها بالدفتر حالًا ويسلم وصلًا فيها متضمنًا لتاريخ تقديمها ويعلم بها حالًا المعقب ضده".
-
هيئة الدفاع: المعارضون الموقوفون يعتبرون في حالة احتجاز تعسفي بداية من يوم 19 أفريل
وقد أكدت هيئة الدفاع عن السياسيين المعارضين الموقوفين فيما يعرف بالقضية الأولى تحت عنوان شبهة "التآمر"، مساء الأحد 14 أفريل/نيسان 2024، أنّها تعتبر أنّ المعارضين الموقوفين في حالة احتجاز تعسّفيّ بدايةً من انقضاء أجل الأربعة عشر شهرًا دون إحالة على الدّائرة الجنائيّة بالمحكمة الابتدائيّة بتونس.
هيئة الدفاع عن المعارضين الموقوفين في قضية "التآمر": منوبونا في حالة احتجاز تعسّفي بدايةً من انقضاء أجل 14 شهرًا دون إحالة على الدّائرة الجنائيّة بالمحكمة الابتدائية بتونس
وتحدثت الهيئة، في بيان لها، عن "حصول تلاعب بالإجراءات" في القضيّة، وهو ما كانت حذّرت منه في بلاغها العاجل الصّادر بتاريخ 5 أفريل/نيسان 2024".
وأضافت أنها عاينت مماطلةً كبيرة وتعلّلاً بنقص الموظّفين لتبرير عدم القيام وبشكل فوري باسترجاع الملف من قاضي التّحقيق الذي وُجِّه إليه في إطار "خطأ مقصود" خارج التوقيت الإداري على خلاف ما تقتضيه الإجراءات العادية المتّبعة كلّما كان هناك طعن بالتّعقيب، وذلك "رغم إقرار الجهات القضائيّة التي تواصلت معها بأنّ الملف الذي تمّ تعقيب قرار دائرة الاتّهام الصّادر فيه، ما كان له أن يوجّه لقاضي التّحقيق خارج التوقيت الإداري في خرق فاضح للفصل عدد 261 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي يوجب توجيهه لمحكمة التّعقيب" وفق نص البيان.
هيئة الدفاع عن المعارضين الموقوفين في قضية "التآمر": "أيّ حلّ ترقيعي يتمّ اللّجوء إليه سيكون باطلاً بطلانًا مطلقًا وسيمثّل خرقًا إجرائيّا فظيعًا وغير قابل للتّبرير، ومواصلةً للدّوس على الإجراءات وعدم احترام حق الدفاع"
ونبهت الهيئة إلى أنّ "أيّ حلّ ترقيعي يتمّ اللّجوء إليه سيكون باطلاً بطلانًا مطلقًا وسيمثّل خرقًا إجرائيّا فظيعًا وغير قابل للتّبرير، ومواصلةً للدّوس على الإجراءات وعدم احترام حق الدّفاع".
كما اعتبرت أنّ "أيّ عمل يقوم به قاضي التّحقيق هو عمل باطل بطلانًا مطلقًا، وهو عمل غير قانوني بشكل متعمّد بعد أنّ تمّ التّنبيه عليه كتابيًّا بتاريخ 5 أفريل/نيسان 2024 بالامتناع عن أيّ عمل من أعمال التّحقيق، وعن إصدار أيّ قرار في الملفّ تبعًا لخروج الملفّ عن أنظاره بموجب الطّعن بالتّعقيب في التاريخ نفسه، والموجب حسب الفصل 261 من مجلّة الإجراءات الجزائيّة لتوجيه الملفّ فورًا إلى محكمة التّعقيب".
وشدّدت الهيئة على أن "إضافة أيّ وثيقة للملفّ أو اتّخاذ أي قرار فيه بتاريخ لاحق ليوم 5 أفريل/نيسان 2024 هو في حكم التّدليس المعنوي الموجب للتّشكّي الجزائي وهو ما ستباشر الهيئة تتبّع المسؤول عنه بمجرّد حصوله".
وحمّلت الهيئة الوكالة العامّة لدى محكمة الاستئناف مسؤوليّة ما يطال هذا الملفّ ممّا أسمته "تلاعبًا إجرائيًّا"، مذكّرةً الوكيل العام بالواجب المحمول عليه بنص الفصل عدد 24 من مجلة الإجراءات الجزائية والمتمثل في تكليفه بالسّهر على تطبيق القانون الجنائي بكافة المحاكم التابعة له، واعتبرت أنه "من باب أولى ألاّ يتورّط هو كوكيل عام في خرق الإجراءاتّ"، حسب ما ورد في نص البيان.
-
أحزاب تندد
وفي تعليقها على التطورات الحاصلة في الملف، قالت تنسيقية القوى الديمقراطية التقدمية (أحزاب التيار الديمقراطي والعمال والتكتل والقطب)، مساء الاثنين 15 أفريل/نيسان 2024، إنّ "مهزلة ملف التآمر متواصلة"، مستطردة أنّ "مدة الإيقاف التحفظي شارفت على نهايتها قانونيًا حيث استمر القضاء كامل مدة الإيقاف لـ14 شهرًا كاملة في المماطلة والعبث والتهرب من النظر في الملف والخوض فيه واستنطاق المعتقلين وغير ذلك من إجراءات التحقيق".
تنسيقية القوى الديمقراطية: "مدة الإيقاف التحفظي شارفت على نهايتها قانونيًا حيث استمر القضاء كامل مدة الإيقاف لـ14 شهرًا كاملة في المماطلة والعبث والتهرب من النظر في الملف إضافة إلى التلاعب بملف القضية حيث لم يتم احترام إجراءات التعقيب
وأضافت التنسيقية، في بيان لها، أنّ "هذه العبثية امتدّت لتشكّل خروقات قانونية وإجرائية أخرى للتلاعب بملف القضية حيث لم يتم احترام إجراءات التعقيب على إثر تقدم هيئة الدفاع بمطلب للطعن في قرار دائرة الاتهام برفض مطلب الإفراج وتمت العودة بالملف لقاضي التحقيق في حين كان من المفروض أن تعهد به محكمة التعقيب بشكل فوري، إلا أنّ قاضي التحقيق حال دون ذلك وأصدر الاثنين قرارًا في ختم التحقيق وإحالته لدائرة الاتهام بتهم إرهابية للمعتقلين".
وشددت الأحزاب الموقعة على البيان، في هذا الصدد، على أنّ "الشرعية الإجرائية هي من أهمّ ضمانات الحق في المحاكمة العادلة، وهي مسائل تتعلق بالنظام العام ولا مجال للمساس منها لكنها اليوم يضرب بها عرض الحائط على مرأى ومسمع الجميع"، حسب تقديرها.
وفي ذات الصدد، شددت تنسيقية الأحزاب على أنّ "الحق في المحاكمة العادلة واحترام الإجراءات والحق في التقاضي على درجتين، جميعها تمثل ضمانات لكل المواطنين والمساس منها يمثل خطرًا حقيقيًا يهدد سلم المجتمع وأمنه وتوازنه".
تنسيقية القوى الديمقراطية تطالب بـ"إطلاق سراح المعتقلين والكف عن التلاعب والتحيل على القانون وتطويعه للاستبداد وتصفية المعارضة، والكف عن مهزلة الشيطنة والتخوين ووقف سياسة فتح السجون لكل صوت معارض للمنظومة وناقد لها"
كما أكدت أنّ "استقلالية القضاء هي الضمانة الوحيدة لأسس المحاكمة العادلة"، مستدركة أنه "لم يبق للجهاز القضائي اليوم إلا رفض أن يكون أداة للسلطة عوض أن يكون عدلًا وإنصافًا لمن انتهكت حقوقه وكرامته".
وطالبت تنسيقية القوى الديمقراطية والتقدمية بـ"إطلاق سراح المعتقلين والكف عن التلاعب والتحيل على القانون وتطويعه للاستبداد وتصفية المعارضة، والكف عن مهزلة الشيطنة والتخوين ووقف سياسة فتح السجون لكل صوت معارض للمنظومة وناقد لها".
كما دعت كلّ التونسيين إلى اليقظة والانتباه إلى "خطورة ما تنتهجه السلطة من عبث بالقضاء وبالحق في التقاضي"، مشددة على أنّ "في ذلك مساس بأبسط ضمانات العيش بكرامة في تونس.
بدوره، قال الحزب الجمهوري، في بيان أصدره مساء الاثنين، إنه "في طور جديد من أطوار خرق الإجراءات القانونية والدوس السافر على أبسط مقومات دولة القانون، وبعد أن أصبحت تفصلنا بضعة أيام على استيفاء مدة الإيقاف التحفظي المحددة بـ14 شهر في حق كل من عصام الشابي، عبد الحميد الجلاصي، رضا بالحاج، جوهر بن مبارك، غازي الشواشي وخيام التركي، وبعد تضمين طلب التعقيب وحصولهم على عدد القضية التي نشرت لدى محكمة التعقيب، تفاجأ بإرجاع الملف لقاضي التحقيق دون توجيهه لمحكمة التعقيب في خرق جسيم لأحكام الفصل 261 من مجلة الإجراءات الجزائية"، وفقه.
الحزب الجمهوري: تفاجأنا بإرجاع الملف لقاضي التحقيق دون توجيهه لمحكمة التعقيب في خرق جسيم لأحكام مجلة الإجراءات الجزائية بهدف منع الإفراج عن المعتقلين في نهاية هذا الأسبوع، بشكل تعسفي وغير قانوني بعد انتهاء فترة الاحتفاظ القانونية
واعتبر الحزب أنّ ذلك "بهدف منع الإفراج عن المعتقلين في نهاية هذا الأسبوع، بشكل تعسفي وغير قانوني بعد انتهاء فترة الاحتفاظ القانونية"، مشددًا على أنّ "أحكام الفصل 261 من مجلة الإجراءات الجزائية تجعل من كل الأعمال التي يقوم بها قاضي التحقيق باطلة ولا عمل عليها، ومنها القرار القاضي بختم البحث نظرًا لسبق تعهد محكمة التعقيب بالملف، خاصة وأن هيئة الدفاع طلبت من الوكيل العام توجيه الملف إلى محكمة التعقيب وأعلمت قاضي التحقيق بتعقيب الملف في الآجال القانونية".
واعتبر الحزب أنّه لم يعد هناك "مجال للشك كون هذه القضية المَظلمة أصبحت عنوانًا بارزًا لاستبداد منظومة قيس سعيّد ونزوعها للاستحواذ على مفاصل الدولة كمقدمة لإرساء نظام شمولي يرفض وجود معارضة سياسية".
الحزب الجمهوري: "تواصل اعتقال السياسيين يومًا واحدًا في السجن بعد يوم 19 أفريل 2024 يعد احتجازًا قسريًا وجريمةً ترتكبها الدولة في حق مواطنيها"
وأكد، في هذا الصدد، أنّ "تواصل اعتقال السياسيين يومًا واحدًا في السجن بعد يوم 19 أفريل/نيسان 2024 يعد احتجازًا قسريًا وجريمةً ترتكبها الدولة في حق مواطنيها"، مشددًا على أنّ "هذه الجريمة، إن حصلت، لا يمكن أن تسقط بالتقادم، وسيتحمل كل من تسبب فيها المسؤولية القانونية والجزائية طال الأمد أم قصر"، حسب ما ورد في نص البيان.
كما أكد أن هذه القضية "أصبحت بشكل واضح عنوانًا بارزًا للفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لهذه المنظومة وعجزها عن توفير متطلبات العيش الكريم للشعب التونسي"، داعيًا عموم التونسيين لـ"فضح هذه المظلمة"، وفق ما جاء في البيان ذاته.
يذكر أنه قد مرّ حوالي 14 شهرًا على انطلاق حملة الإيقافات التي طالت معارضين سياسيين في تونس في القضية الأولى فيما يعرف بـ"التآمر على أمن الدولة" التي تمت إثارتها على خلفية لقاءات جمعت المعارضين المعنيين من أجل البحث عن حلول في علاقة بالأزمة السياسية بالبلاد، وفق ما أكدته هيئة الدفاع عنهم في أكثر من مناسبة.
وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت منذ شهر فيفري/ شباط 2023، بإيقاف المتهمين على ذمة إحدى قضايا ما يعرف بـ "التآمر على أمن الدولة"، وشملت الإيقافات سياسيين بارزين من بينهم: خيام التركي، عصام الشابي، جوهر بن مبارك، غازي الشواشي، رضا بلحاج، عبد الحميد الجلاصي وغيرهم، أين تمت إحالتهم على قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب الذي أصدر في حقهم بطاقات إيداع بالسجن.